|
|
Date: Jun 15, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
العثور على مقبرة جماعية لمجزرة مجنّدي الخدمة العسكرية في عهد البشير |
نبش 9 جثامين تعود إلى عام 1998 ومواصلة الحفر بحثاً عن آخرين |
الخرطوم: محمد أمين ياسين
بدأت السلطات السودانية في نبش رفات قتلى مجزرة معسكر «العيلفون» التي حدثت قبل 22 عاماً، وخلفت عشرات القتلى والمفقودين من المجندين قسرياً للخدمة العسكرية، فيما تتواصل عمليات الحفر لمعرفة أعداد الجثث بالمقبرة الجماعية.
وشكل النائب العام السوداني، تاج السر الحبر، في يناير (كانون الثاني) الماضي، لجنة خاصة للتحقيق وتقصي الحقائق وكشف ملابسات القضية، التي راح ضحيتها أعداد من القتلى والمفقودين، والتي هزت الشارع السوداني.
وكانت حكومة الجبهة الإسلامية (الإخوانية) الحاكمة تقبض على الشباب في شوارع المدن والقرى، وتدخلهم المعسكرات ليتلقوا تدريبات عسكرية لمدة 3 أشهر، قبل الدفع بهم إلى أتون الحرب في جنوب السودان ضد قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وتعود تفاصيل المجزرة إلى عام 1998 عندما طلب المجندون قسرياً بمعسكر «العيلفون» شرق العاصمة الخرطوم، أحد المعسكرات التابعة للقوات المسلحة السودانية، السماح لهم بقضاء إجازة عيد الأضحى مع أهاليهم، إلا أن قيادة المعسكر رفضت ذلك.
وأدلى شهود عيان في إفادات موثقة، بأن بعض المجندين حاولوا التسلل من المعسكر بالقوارب عبر نهر النيل الأزرق، حيث إن بعضهم لقي حتفه غرقاً، وقُتل آخرون برصاص جنود حراسة المعسكر، فيما لا يعرف العدد الفعلي للمفقودين.
وقال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن الجهات المختصة استطاعت استخراج رفاة 9 جثث من مقابر الصحافة بالخرطوم، تم دفنها في مطمورة كبيرة.
وأضاف المصدر، الذي فضل حجب اسمه في التحقيقات الجارية حول الجريمة البشعة، أن الجهات المعنية بصدد التوسع في الحفر، إلا أنهم يواجهون بوجود قبور لموتى دفنوا بالقرب من المقبرة الجماعية التي دفنت بها جثث مجزرة العيلفون. وكشف المصدر عن اجتماع يعقد اليوم بين النيابة العامة والطب العدلي، للتقرير في جدوى الأدلة التي سيتم العثور عليها بعد تشريح الجثث، مؤكداً أن مسؤوليتهم هي التعرف على هويات القتلى، سيما وأن بعضهم من مجهولي الهوية.
وأكد المصدر النيابي أن هنالك بينات أولية تشير إلى أن الغرق ليس السبب الوحيد للوفاة في الأحداث، بيد أنه أمسك عن ذكر المزيد من التفاصيل، مشيراً إلى أن التحقيق في حالات العنف الجنائي في الأحداث مستمر. وأصدرت النيابة العامة في مطلع يناير 2019 إعلاناً عبر الصحف السيارة، لأسر الضحايا والمفقودين، وجميع المواطنين للإدلاء بأي معلومات عن أحداث معسكر العيلفون.
وأشار المصدر إلى أن بعض أسر الضحايا والمفقودين في مجزرة العيلفون أدلوا بإفادات ومعلومات عند مقابلتهم اللجنة الخاصة بالتحقيق في الأحداث.
وأوضح المصدر عدم وجود إحصائية رسمية لأعداد القتلى في مجزرة العيلفون، وأن الإحصائية الأولية المؤكدة التي حصلت عليها اللجنة تبلغ 52 قتيلاً، بحسب ما تم تدوينه في محاضر قسم الشرطة بمنطقة العيلفون، إلا أنه عاد ليقول: «أعداد القتلى أكبر من الأرقام المدونة».
وذكر بيان صادر عن الجيش السوداني في أبريل (نيسان) 1998 انتشال 31 جثة من النهر، فيما سجلت وثائق قيادة المعسكر، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام وقتها، غياب 206 من المجندين كانوا يتلقون تدريباتهم في المعسكر.
وراج بين المعارضين أن القيادي بالحركة الإسلامية «كمال حسن علي»، سفير السودان السابق بالقاهرة ضالع في الجريمة ومسؤول عنها، بإصداره لقرار إطلاق الذخيرة الحية على المجندين، إلا أنه نفى في بيان سابق صلته بالأحداث، وقال إنه لم يزر المعسكر إلا بعد الحادثة بصفته منسقاً للإعلام.
وكانت الحركة الإسلامية تعين منسوبيها منسقين في معسكرات التدريب للخدمة العسكرية الإجبارية، لاستقطاب الشباب وتجنيدهم للتنظيم «الإسلامي»، والدفع بهم إلى أتون الحرب الأهلية في جنوب السودان.
ونددت منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بالمجزرة البشعة التي حدثت في معسكر للقوات المسلحة السودانية، وطالب مجلس الأمن الدولي وقتها حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، بإجراء تحقيقات في الأحداث، لكن الحكومة لم تجر أي تحقيق.
وقدرت وسائل إعلام المحلية حينها، أعداد الضحايا بأكثر من 100 قتيل وعشرات المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن.
مشاكل {مادية وإدارية} تؤخر التحقيق في فض اعتصام قيادة الجيش
السبت 13 يونيو 2020 مـ
الخرطوم: أحمد يونس
أكد المحامي أحمد الطاهر النور، عضو لجنة التحقيق في جريمة فض اعتصام القيادة العامة الذي عرفته السودان السنة الماضية، أن استقالته من عضوية اللجنة جاءت «بسبب عدم توفير بيئة مادية وإدارية تمكن لجنته من أداء مهمتها، وتقديم تقرير مهني يتطابق مع صحيح القانون، وقواعد العدالة والوجدان السليم»، مبرزاً أن أوضاع اللجنة المادية والإدارية الحالية لن يمكنها من إنجاز عملها في أقل من سنة على الأقل.
وقال النور لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن لجنته أهدرت شهرين من الزمن المحدد لإنجاز تقريرها (ثلاثة أشهر) في البحث عن مقر وتأثيثه، لكن بعد شهر واحد من بداية العمل طلب منها إخلاء المقر، والانتقال لمقر جديد، دون توفير ميزانية خاصة تساعد في إنجاز أعمالها في الوقت المحدد، وهو ما أربك عملها.
وفي 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أصدر رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، مرسوماً بتعيين «اللجنة الوطنية المستقلة» للتحقيق في جريمة فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم في 3 يونيو (حزيران) 2019، من أجل التحقيق في الأحداث والوقائع، التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة، وقيادات الجيش بالولايات، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينها قابلة للتجديد.
وهزت جريمة فض الاعتصام السلمي ضمير المجتمع السوداني، بعد أن راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى والمفقودين، وشهدت عمليات اغتصاب وانتهاكات جسيمة بحق المعتصمين السلميين. وتشير أصابع الاتهام إلى عناصر في الجيش والشرطة والدعم السريع والأمن والمجلس العسكري الانتقالي وقتها.
وأضاف النور موضحاً: «نحن مكلفون بعمل قانوني بحت، يؤدي لإدانة أشخاص وتقديمهم للمحاكمة أو براءة آخرين، لذلك يجب أن يكون محايداً»، مبرزاً أن حجم العمل المطلوب لا يتناسب مع الزمن الذي تم تحديده، مقارنة بالأوضاع التي تعمل فيها اللجنة.
وكشف استجواب اللجنة لثلاثة آلاف شاهد متطوع، دونت إفاداتهم في 6 آلاف صفحة، وتسلمت 180 فيديو تحتاج لمشاهدتها وكتابة الملاحظات عنها بعد التحقق من صحتها، ثم نقلها بعد ذلك للفنيين لاستخراج «صور فوتوغرفية» للأشخاص الذين ظهروا في تلك الفيديوهات، بيد أنهم فوجئوا بأن البلاد لا تملك القدرات الفنية، ولا الأجهزة التقنية اللازمة لإجراء هذه العملية.
وانتقد النور بشدة التلكؤ في توفير مقر بديل للجنة بقوله: «قبيل عيد الفطر الماضي، حددوا لنا مكاتب بديلة في منطقة كافوري، ثم حلت جائحة كورونا والحظر الذي فرض بموجبها، فأخبرنا مقرر اللجنة أن المكان بحاجة لنظافة محترفة، لكن لم تبدأ عملية تنظيفه بعد»، مشيراً إلى صعوبات تواجه عمل اللجنة بعد التحقيق في عمليات فض اعتصامات ولايات البلاد ومدنها المختلفة، وأبرزها قلة الإمكانات.
في سياق ذلك، كشف النور أن اللجنة تلقت أيضاً 160 عريضة دعوى مدنية، يطالب أصحابها بتعويضها على خسائر لحقت بممتلكاتهم أثناء عمليات فض الاعتصام، وهو أمر يستغرق، حسبه، كثيراً من الوقت في التدقيق والتحقيق حتى لا يتم الدفع من المال العام سدى.
ووفقاً للنور، فإن اللجنة بحاجة لسنة على الأقل لإنجاز عملها، والخروج بقرار «يتطابق مع صحيح القانون وقواعد العدالة والوجدان السليم»، وقال بهذا الخصوص: «لن أخدع الناس والشارع المعبأ بتحديد موعد لصدور القرار، وحين تهتز قناعة القاضي يتنحى، لذلك تنحيت وقدمت استقالتي».
ونفى النور أن يكون الأمر قد تم بسوء قصد لذاته، بيد أنه قال: «طلبت من اللجنة العمل دون توفير أي إمكانات، رغم أن قرار تعيينها نص على توفير كل الإمكانات، ولأن اللجنة لم تحصل على الميزانية اللازمة للعمل، فإنه لن ينجز العمل خلال الموعد المضروب».
وتوقع النور أن تمنح اللجنة ثلاثة أشهر إضافية، بقوله: «على مجلس الوزراء تحمل مسؤولية منح اللجنة فترة من ثلاثة إلى ستة أشهر جديدة... لم أواجه أي ضغوط تؤثر على عملي، ولا يستطيع أحد الضغط علي».
وحذر عضو اللجنة من محاولات تحميل رئيس اللجنة، المحامي نبيل أديب، المسؤولية، وقال: «أنا لا أحمله أي مسؤولية، فهو يتعرض لتهديدات وشتائم، وإذا حملناه المسؤولية في الإعلام سنكون سبباً في إيذائه»، وتابع: «للشارع الحق في الضغط على اللجنة، لأننا لم نقدم لهم خلال 9 أشهر أي نتيجة، والناس ينتظرون نتائج جيدة، وكل المؤسسات العدلية الدولية عينها على تقرير هذه اللجنة، ولذلك أنا لن أقبل قرارات غير مؤسسة». |
|