Date: Jun 10, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
«التقدم والاشتراكية» المغربي المعارض يقترح مذكرة «من أجل تعاقد سياسي جديد»
الرباط: «الشرق الأوسط»
قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أمس (الاثنين)، إن تداعيات جائحة (كورونا) ستزداد حدتها في المغرب بالنظر لتزامنها مع الجفاف وآثاره، الشيء الذي يتطلب خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد الوطني، تقوم على أسس تتمثل في تحريك الاقتصاد والرفع من وتيرة النمو، يكون هدفها الإنسان.

واستعرض بنعبد الله، الذي كان يتحدث في لقاء إعلامي عن بعد، تفاصيل مذكرة «ما بعد جائحة كورونا»، التي قدمها حزبه للحكومة، تحت عنوان «من أجل تعاقد سياسي جديد»، وجاءت كخلاصة لتفكير جماعي باشره الحزب منذ ظهور الجائحة، عبر منهجية تشاركية، تقوم على 20 إجراء، تنتظم ضمن ثلاثة محاور رئيسية.

وشدد بنعبد الله، خلال هذا اللقاء الإعلامي، في تفاعله مع أسئلة عدد من الإعلاميين، على أن الخروج من الأزمة لن يتم في 6 أشهر أو حتى في سنتين، مشيراً إلى أن الجائحة أظهرت «هشاشة» الاقتصاد و«طغيان» القطاع غير المهيكل، داعياً إلى تحديد الأولويات واتخاذ إجراءات لدعم وإعادة انطلاق عدد من القطاعات، كالسياحة والعقار والصناعة التقليدية.

وركزت المذكرة على «بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش والإقلاع»، و«حيوية المسألة الاجتماعية والثقافية»، و«ضرورة تعميق الديمقراطية»، بحيث لا يمكن الفصل بين الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمسألة السياسية، ضمن ربط جدلي ينعكس أي تعثر في أحدها سلباً على المستويات الأخرى، فيما تتأسس المقترحات على «قناعة راسخة» مفادها ضرورة «وضع الإنسان في قلب العملية التنموية»، و«إعادة ترتيب أولويات السياسات العمومية الوطنية»، و«اضطلاع الدولة بأدوار جديدة على مستوى التوجيه والضبط والتدخل المباشر في مجال توفير خدمات اجتماعية أساسية جيدة وضمان الولوج إليها وفي الأنشطة الإنتاجية ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي»، مع التأكيد على «الدور الذي يمكن أن يلعبه قطاع خصوصي منتج وناجع، مسؤول اجتماعياً وبيئياً، في هذا المجهود التنموي بتكامل وتناغم مع الأولويات الوطنية المحددة من طرف الدولة».

ودعا بنعبد الله، في سياق استعراضه للخطوط العريضة لمذكرة حزبه، إلى إجراءات مستعجلة وأخرى على المديين القصير والمتوسط، ثم المدى البعيد. كما تحدث عن إجراءات لها طابع رمزي، من قبيل حديثه عن الضريبة على الثروة والإرث والأملاك الفلاحية الكبرى والأجور العالية. كما تحدث عن محاربة الغش والتملص الضريبي وضرورة هيكلة القطاع غير المهيكل.

كما أكد بنعبد الله ضرورة مراجعة اتقاقيات التبادل الحر، مشيراً إلى أنها منافية لمصالح المغرب، فضلاً عن دعوته لمحاربة الريع والفساد والمنافسة غير المشروعة.

وأشار بنعبد الله إلى الحاجة لمنافسة شفافة على مستوى تسويق الطاقة، والرفع من ميزانية الصحة ومستوى التأطير بها، ومن موازنة الثقافة مع الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية والفنية باعتبارها قطاعاً منتجاً.

ولم يفوت بنعبد الله فرصة انتقاد الحكومة الحالية، خصوصاً على مستوى نقص التماسك والحضور السياسي، مشدداً على أنه ليست هناك حاجة لتأخير الانتخابات أو الخوض في اختيارات أخرى، قبل أن يتساءل، في سياق استحضار النقاش بخصوص «حكومة الكفاءات»: «أين هي هذه الكفاءات؟»، مشيراً إلى أن الحديث عن «حكومة كفاءات» يتعين أن يكون مؤطراً بتصور سياسي، مع دعوته إلى الاستمرار في المسار الديمقراطي وتوسيع المجال الحقوقي، مع ترسيخ تلازم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مشدداً على ضرورة تقوية دور الفاعلين السياسيين عبر المصداقية والقدرة على إنتاج الأفكار والتصورات وليس بالشعارات.

وركز بنعبد الله، في تقديمه لمذكرة «من أجل تعاقد سياسي جديد»، في المحور الأول، على بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، يقوم على الارتكاز على دور الدولة واعتماد مقاربات مالية وموازناتية وجبائية متجددة، ومباشرة إصلاح جبائي منصف وإخراج إطار للضربية، ودعم وتمويل المقاولة الوطنية والحفاظ على مناصب الشغل في إطار ميثاق اجتماعي، والاعتماد على الإنتاج الوطني وتفضيله، والحد من الاستيراد المفرط وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالي التصنيع والفلاحة، واعتماد البعد الإيكولوجي في المسلسل التنموي للحفاظ على الثروات الطبيعية وتطوير الاقتصاد البديل المحترم للبيئة، وتموقع اقتصادي جديد للبلد وتعزيز مؤهلاته في مهن المستقبل، وإعمال الحكامة في المجال الاقتصادي.

وتحدث بنعبد الله في المحور الثاني، على القضاء على الهشاشة والفقر وإعمال العدالة الاجتماعية والنهوض بالثقافة، عبر إقرار عدالة اجتماعية ومجالية وتوزيع منصف لخيرات البلاد والاستثمار في المدرسة العمومية والتكوين المهني والبحث العلمي، والارتقاء بالصحة العمومية والمستشفى العمومي، والاستثمار في الثقافة والإبداع والنهوض بأوضاع الشباب.

فيما تم التركيز، في المحور الثالث، على تعميق المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي، عبر «تفعيل المبادئ والمقتضيات الدستورية الديمقراطية»، وتوسيع مجال الحريات وتقوية المجال الحقوقي، والنهوض بالمساواة، والارتكاز على الديمقراطية الترابية والنهوض باللامركزية والجهوية المتقدمة وتسريع صلاح الإدارة، وكذا تسريع إصلاح القضاء.