|
|
Date: Apr 30, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجزائر: سجن قاض يفجر صراعاً بين نقابة القضاة والحكومة |
حزب معارض يطالب السلطات بالإفراج عن المعتقلين |
الجزائر: بوعلام غمراسة
تتابع الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر أطوار مواجهة حادة بين نقابة القضاء ووزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي تتهمه بـ«الانتقام» منها بسبب إضراب مثير للجدل شنته قبل ستة أشهر، وذلك بسجن قاض، و«مضايقة» آخرين بعضهم ينتمون لهياكلها المحلية.
وبلغت المواجهة ذروتها عندما نشرت النيابة التابعة لمحكمة الاستئناف بأم البواقي (شرق)، الاثنين الماضي، بيانا ذكرت فيه أن قاضي نيابة بمحكمة تابعة لها تم إيداعه رهن الحبس الاحتياطي، بسبب تزوير عقد ميلاد زوجته لإحداث تغيير في نسبها. وتقول مصادر مطلعة على القضية إن للتزوير علاقة بميراث.
وأخلي سبيل القاضي في وقت سابق، لكن تعرض بعد ذلك لإجراءات متابعة من جديد، ولمحت النقابة في بيان شديد اللهجة أصدرته أول من أمس إلى أن ذلك تم بأمر من وزير العدل، الذي تتبع له النيابة بشكل مباشر حسب القانون، وقالت إن القاضية التي أمرت بالإفراج عن القاضي المعني تم تنحيتها من منصبها كعقوبة لها.
واحتجت النقابة، التي يرأسها يسعد مبروك، في بيانها على «خرق سرية التحقيق»، و«المس بقرينة البراءة» عندما نشرت النيابة تفاصيل دقيقة عن «أعمال التزوير»، التي نسبت للقاضي المتهم. وأكدت أنها ثبتت ضده التهمة قبل أن يحاكم، وبأنها أصدرت أحكاما قيمية على وقائع الملف.
ومما جاء في ردها أن القضاة «ليسوا فوق القانون، وهم خاضعون له دون تمييز أو تفضيل، لكن بالمقابل يجب ألا تتحول تلك الصفة سببا لخرق حقوقهم، لا سيما حقهم في محاكمات عادلة، بعيدا عن كل أشكال الانتقام والانتقاء والتشفي لأغراض شخصية ضيقة، لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن». في إشارة، ضمنا، إلى الوزير زغماتي المعروف بحدة طبعه، والذي ينسب له تحريك عدة ملفات مرتبطة بفساد مسؤولين كبار في الدولة، سُكت عنها في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ولأول مرة يطالب تنظيم يدافع عن القضاة بـ«محاكمة عادلة» لزميل متابع بارتكاب جريمة. فقد جرت العادة أن يتلقى القضاة مطالبات بالعدل والإنصاف، وعدم التشدد في إصدار الأحكام ضد المتابعين، ومعالجة الملفات بعيدا عن التدخلات السياسية. وفي هذا السياق قال عبد الله هبول، وهو قاضي نيابة استقال منذ 12 سنة بسبب مشاكل مع الوزارة إن «مطالبة نقابة القضاة بمحاكمة عادلة لقاض تكشف عن خطورة أزمة العدالة في الجزائر، وانعدام الثقة بها».
وأفاد بيان النقابة بأنها «عازمة على الاستمرار في النضال من أجل تأسيس قضاء حر مستقل، يكون في مستوى طموحات شعبنا»، ودعت الرئيس عبد المجيد تبون، بصفته «القاضي الأول في البلاد» حسب الدستور، «التدخل لرفع الغبن عن القضاء»، مؤكدة استعدادها المساهمة في تجسيد وعوده للجزائريين بإدخال إصلاحات عميقة على القضاء، في إطار مشروع الجزائر الجديدة. في إشارة إلى وعود تبون بـ«بناء جزائر جديدة»، منذ حملة «رئاسية» نهاية العام الماضي.
وقال مبروك لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد أي حوار مع الوزير منذ التحاقه بالحكومة الصيف الماضي. وكانت النقابة قد نظمت إضرابا في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، احتجاجا على تحريك أربعة آلاف قاض من محاكم إلى أخرى دون رضاهم.
وساءت العلاقة مع زغماتي بعد هذه الحادثة، وتم تنفيذ حركة النقل رغم رفض النقابة، التي عبرت منذ أيام قليلة عن استيائها من عدم استشارتها في تعديلات أدخلها زغماتي على القانون الجنائي، والتي صادق عليها البرلمان. وعدت التعديلات «معادية للحريات»، كونها تشدد من العقوبات بخصوص ما ينشر في شبكات التواصل الاجتماعي، من مواقف سياسية وانتقادات للحكومة.
ويواجه القضاة منذ زمن بعيد مآخذ كثيرة على أدائهم، وخاصة منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 من فبراير(شباط) 2019، حيث أصدروا أحكاما بسجن مئات المتظاهرين على أساس تهم متصلة بحرية الاحتجاج والحق في التعبير المكفولين دستوريا. ولم يسبق أن أعيب عليهم بأنهم «خاضعون لإملاءات السلطة»، كما هو الحال في متابعة المناضلين السياسيين ونشطاء الحراك.
حزب معارض يطالب السلطات بالإفراج عن المعتقلين
الأربعاء 29 أبريل 2020
طالب حزب سياسي جزائري معارض بالإفراج عن معتقلي الحراك والمعتقلين المتابَعين بسبب «حرية الرأي والتعبير»، وهم بالعشرات في السجون.
ويواجه المتظاهرون منذ تعليق احتجاجاتهم الأسبوعية، مع بداية الأزمة الصحية، ضغطاً شديداً من طرف قوات الأمن والقضاء، بعد أن أضحت الاعتقالات والمتابعات وإجراءات إيداع الحبس الاحتياطي ممارسة شبه يومية، حسب بيان الحزب.
وقال حزب «طلائع الحريات» في بيان أمس، إن إطلاق سراح المعتقلين «قد يخفف من آلام ومعاناة عائلاتهم في هذا الشهر الفضيل، الذي تعيشه تحت الحجر الصحي»، وأكد أن هذه التدابير «بقدر ما هي إشارة إيجابية تجاه العائلات المتضررة، فهي من شأنها تأكيد التزام السلطات في أعلى هرم الدولة، بضمان ممارسة كل جزائري لحقوقه الدستورية، وعلى رأسها حرية التعبير».
وأسس «الطلائع» رئيس الوزراء السابق علي بن فليس، وترأسه لمدة 5 سنوات، لكنه استقال بعد هزيمته في انتخابات الرئاسة، التي جرت نهاية العام الماضي، وخلَفه القيادي عبد القادر سعدي كرئيس بالنيابة.
وبخصوص الوضع الاقتصادي، أفاد البيان بأن «انهيار أسعار البترول (يمثل 95% من مداخيل الجزائر)، والآفاق المظلمة التي تنتظر قطاع المحروقات بسبب انخفاض الإنتاج، تفرض وضع خطة لتنويع الاقتصاد، ويكون ذلك بداية بإطلاق إصلاحات هيكلية ومالية... وإن الفرصة سانحة وفريدة للتخلص من اقتصاد الريع، من خلال البدء جدياً في بناء اقتصاد بديل، يقوم على الصناعة الصغيرة والمتوسطة، والزراعة والطاقات المتجددة».
في سياق ذلك، أبدى «الطلائع» قلقاً من ارتفاع معدل البطالة منذ تفشي وباء «كورونا»، الذي خلّف، حسبه، «إفقاراً جماعياً يستنهض السلطات العمومية والقطاع الخاص، والمجتمع عموماً، بغرض تجنيد كل آليات التضامن للتقليل من الفوارق الاقتصادية».
إلى ذلك، رفضت محكمة بعنابة (شرق)، أمس، طلب محامين الإفراج مؤقتاً عن الناشط المعروف محلياً زكرياء بوساحة، وذلك بعد قرابة شهر من إيداعه الحبس الاحتياطي بتهم ذات صلة بانخراطه في الحراك، وبمنشوراته في شبكة التواصل الاجتماعي.
ويرى بعض المتابعين للشأن المحلي أن ما ينشره النشطاء على «فيسبوك» من تعليقات وانتقادات للسلطة، بات مرادفاً للسجن، وكان آخر من دخله الشاب العشريني وليد قشيدة من مدينة سطيف بالشرق، الذي اتُّهم بـ«إهانة رئيس الجمهورية»، وبـ«الازدراء بالدين»، على أساس منشورات ساخرة في منصة رقمية تابعة للحراك.
وقال يسعد مبروك، رئيس نقابة القضاة في اتصال هاتفي، إن قضاة المحاكم «يفرطون في إصدار أوامر إيداع الحبس»، مؤكداً أنهم «يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم». في إشارة إلى أن ما يعتقد على نطاق واسع أن أجهزة الأمن هي التي «توجه القضاة ضد المتظاهرين»، غير صحيح.
وأضاف القاضي النقابي أن القانون ينص على أن الحبس الاحتياطي «استثناء وليس قاعدة»، وذلك لوجود بدائل غير سالبة للحريات، كالرقابة القضائية والإفراج المشروط.
ويطالب محامو «الحراك» الشعبي بإلغاء كل إجراءات المتابعة ضد النشطاء، بحجة أن أساسها سياسي لأن الحراك، حسبهم، سياسي في جوهره، إذ يطرح مطلب التغيير، الذي ترفضه السلطة المنبثقة عن الانتخابات الرئاسية.
وبينما صرح الرئيس عبد المجيد تبون في مناسبات عديدة بأن «حرية التعبير لا حدود لها، إلا ما تجاوز منها القانون والأخلاق»، يلاحظ مراقبون أن المضايقات والملاحقات وإجراءات السجن، التي عرفها المشهد السياسي والحقوقي في البلاد خلال الأشهر الأولى من حكمه، لم تحدث من قبل. فيما تنفي السلطات أن يكون لمتابعة النشطاء والصحافيين، طابع سياسي.
وقال وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، في تصريحات للصحافة الأسبوع الماضي، إن كل الملاحقات القضائية «تمت بناءً على جنح يتضمنها القانون العام». |
|