|
|
Date: Apr 30, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
حاكم مصرف لبنان: الدولة أنفقت الأموال ولا تقوم بالإصلاحات ودياب يتحدث عن «خطة خبيثة» |
رد على رئيس الحكومة وأكد إن الودائع في أمان ولا ضرورة للاقتطاع منها |
بيروت: علي زين الدين
خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عن التحفظ المألوف الذي يغلب على تصريحات محافظي البنوك المركزية، مقدماً مطالعة دفاعية مطوّلة ذات أبعاد قانونية وإجرائية ونقدية رداً على حملات «التشكيك الممنهجة التي تستهدفه»، ومستجيباً للرد علناً على تهمة «الغموض المريب» التي وجهها إليه رئيس الحكومة حسان دياب.
وفي بيان متلفز موجّه مباشرةً إلى الرأي العام عبر القنوات المحلية ونقلت أجزاء منه قنوات عربية وأجنبية، فنّد سلامة آليات العمل واستهدافات القرارات والتعاميم التي اتخذتها السلطة النقدية. وأكد أن حسابات مصرف لبنان خاضعة لقانون النقد والتسليف ولمراقبة شركتين دوليتين. وقال إن سياسة الاستقرار النقدي حظيت دوماً بإجماع سياسي ووطني، وهي متواصلة في تغطية واردات السلع الاستراتيجية التي تشمل خصوصاً المحروقات والقمح والدواء، فضلاً عن توجيه موارد لتغطية حاجات الصناعة المحلية من المواد الأولية.
وحسم سلامة موقفه من إصرار الحكم والحكومة على المشاركة في صوغ التدابير وإعداد الإجراءات ذات الصلة بتنفيذ السياسة النقدية المتّبعة في إدارة شؤون القطاع المصرفي والأسواق المالية والنقدية، مؤكداً: «مارسنا سياسات عن قناعة وعن إخلاص، وهمّنا الدفاع عن استقلالية المصرف المركزي، وليس هناك في القانون ما يفرض علينا التنسيق مع جهات حكومية في أي تعميم».
وإذ شدد على أن ميزانية البنك المركزي متطابقة مع المعايير الدولية للمصارف المركزية في الخارج، ذكر أنه سلّم رئيس الحكومة حسان دياب في 9 مارس (آذار) الماضي حسابات البنك المركزي وحسابات التدقيق. وبذلك «لا معلومات مكتومة ولا أحادية في قرارات الإنفاق يمكن أن يتمتع بها حاكم مصرف لبنان، والقول بالعكس افتراء يهدف إلى تضليل الرأي العام من أجل تعزيز الحملة المبرمجة على الحاكم شخصياً».
وفي رد على اللغط القائم بشأن حجم الاحتياط القائم بالعملات الصعبة وتدنيه إلى حدود مقلقة، أكد سلامة توفر نحو 20.9 مليار دولار لدى البنك المركزي، كما تم إقراض المصارف نحو 8 مليارات دولار. وكشف عن صرف 863 مليون دولار على استيراد المواد الأولية و843 مليون دولار على مستوردات المحروقات.
وكشف سلامة أن إجمالي عجزالموازنة وعجز الميزان التجاري بلغا نحو 81 مليار دولار في الأعوام الأربعة الماضية ويحتاج لبنان إلى 16 مليار دولار سنوياً للاستمرار في تلبية متطلباته التمويلية. وأوضح أن 5.9 مليار دولار خرجت فعلاً من المصارف في الشهرين الأولين من هذا العام، كما صرح رئيس الحكومة، منها 3.7 مليار لتغطية قروض، وملياران و200 مليون دولار سُحبت نقداً من حسابات الزبائن في المصارف.
وركز على أن المصرف المركزي موّل الدولة، ولكنه ليس هو من أنفق الأموال. الدولة بوضع عجز مالي ولا تقوم بإصلاحات، و«المركزي» التزم القوانين التي فُرضت عليه التمويل الذي طلبته الدولة في موازنات السنوات الأخيرة، مبرراً بأنه «مطلوب من مصرف لبنان عند إصرار الحكومة على التمويل القيام بذلك، ويحق لنا طلب السندات بالمقابل، حيث نسيطر على 60% من الدين بالليرة اللبنانية، وأسهمنا بتخفيض كلفة الدين العام من خلال إقراض الدولة بفوائد أدنى من فوائد السوق، وأصبح لدينا 16 مليار دولار دفعناها عن الدولة على أمل أن نستردها».
وأضاف: «أُجبرنا على القيام بالهندسات المالية لنربح الوقت كي تتمكن الدولة من إصلاح نفسها، ولكن ذلك لم يحصل. والهندسة التي نفّذناها في العام أوصلت لبنان إلى مؤتمر سيدر، وإن لم يتم تحقيق نتائج المؤتمر فهذا ليس ذنب المصرف المركزي»، علماً بأن هذه العملية موّلتها المصارف المحلية وخضعت حصيلتها الربحية البالغة نحو 5.6 مليارات دولار إلى الاقتطاع الضريبي المعتمد لصالح الخزينة.
وعن سعر صرف الدولار، قال: «سعر الصرف يتأثر بقاعدة العرض والطلب، ونحن لم نتفرج بل حاولنا أن نضبط تحرك سعر الدولار عند الصرافين. أما بالنسبة لشركات تحويل الأموال، فهي كانت تعمل على أساس أن الدولارات التي تتلقاها تدفعها بالليرة، ولكن هذا الأمر أصبح مجحفاً، وهنا تدخلنا لتحويل الدولار بسعر السوق. وما يهمنا هو الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ونعمل للنجاح في هذا الأمر في ظل ظروف صعبة ومعاكسة».
وأكد لأصحاب الودائع أن «ودائعهم موجودة في المصارف»، مبيناً أنه «لا ضرورة للاقتطاع منها (Haircut) وهذا لم يحصل حتى في حالة قبرص التي شهدت إفلاس مصارف وحماية المودعين عبر تعويضهم بالأسهم. وأكد: «لن نقبل بإفلاس المصارف حمايةً للمودعين، وطلبنا من المصارف زيادة رساميلها بنسبة 20% توازي نحو 4 مليارات دولار حتى منتصف العام الحالي، وهي تقوم بذلك». ونوه بأنه هناك إعادة تكوين للودائع الجديدة، التي يجب أن تتدفق إلى البلد للحفاظ على حركة الدوران التي تؤمّن السيولة.
وفيما بدا عدم قطع حبل الود مع الحكومة، قال سلامة: «همنا الأساسي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، كي تغطي حاجاتهم الضرورية. ويهمنا دائماً أن نكون بتنسيق مع الحكومة اللبنانية، ومصرف لبنان سيبقى متعاوناً مع الحكومة ورئيسها، ولن يكون أداة للتحريض على عدم الاستقرار. ونأمل أن لبنان سيتحسن وتعود الأمور إلى مجراها، بمجرد وجود رؤية ومشروع اقتصادي واضح».
ولاحظ أن «الاقتصاد المنتج من أهم الحلول المستقبلية للبنان، ومارسنا ذلك عبر دعمنا للاقتصاد المعرفي وقطاعات السياحة والزراعة والصناعة. ونحاول تفعيل الأسواق المالية من خلال منصة إلكترونية ستنظّم سوقاً ثانوية للأسهم».
دياب يتحدث عن «خطة خبيثة» للتحريض على الشغب
بيروت: «الشرق الأوسط»
رأى رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أن الشغب الذي يحصل في الاحتجاجات الشعبية، ومحاولة وضع الناس ضد الجيش اللبناني، «هي مؤشرات على خطة خبيثة»، متحدثاً عن معطيات لديه عن الجهات التي تحرّض على الشغب، وحرق المتاجر والأملاك العامة والخاصة، وستتم إحالتهم إلى القضاء.
وأنجز مجلس الوزراء، أمس، بحث الخطة المالية للحكومة تمهيداً لعرضها في جلسة مجلس الوزراء المقررة، اليوم (الخميس)، في «قصر بعبدا». وقبل استئناف مناقشة خطة الإصلاح المالي، توقف دياب عند ما يحصل في الشارع، واعتبر أن «انتفاضة الناس ضد الفساد والفاسدين الذين أوصلوا البلد إلى هذا الانهيار، هي انتفاضة طبيعية، لكن الشغب الذي يحصل، ومحاولة وضع الناس ضد الجيش اللبناني، هي مؤشرات على خطة خبيثة»، منوهاً بأداء الجيش والقوى الأمنية في التعامل مع التطورات.
وأكد دياب أن الأزمة معقّدة، لافتاً إلى أن الواقع الاجتماعي والمعيشي صعب جداً. لكنه قال إن «الحكومة تبذل جهداً كبيراً لمحاولة التخفيف من هذه الأزمة، وهي توزّع مساعدات مالية على الناس، وستستمر في دفع المساعدات أشهراً عدة للعائلات المحتاجة في كل المناطق، وستوسّع دائرة المستفيدين».
وقال: «نعرف أن هذه المساعدات غير كافية، ولذلك نقوم بكل ما هو ممكن حتى نخفّف من حجم الأزمة المعيشية، وستكون هناك إجراءات عديدة في وقت قريب».
ولفت دياب إلى أن «صرخة الناس طبيعية بعدما اكتشفوا أن السياسات الماضية أدت إلى انهيار اقتصادي ومالي واجتماعي ومعيشي». وقال: «ليس غريباً أن ينزل الناس إلى الشارع حتى يرفعوا صوتهم. لكن الغريب أن هناك جهة أو جهات تحاول التحريض وركوب الموجة، وتشوّه التحرّكات الشعبية، وتحرق البلد».
وقال: «ما يحصل غير بريء. هناك تدمير ممنهج ومدروس للمؤسسات. هناك مَن يسعى إلى الفتنة بين الجيش والناس. وهناك مَن يسرق صرخة الناس الصادقين. وهناك مَن يتعمّد حرق وتدمير الشوارع. هناك مَن يريد الفوضى ويسعى إليها لأن الفوضى تحميه ويستفيد منها».
وأشار إلى أن «لدينا تقارير كاملة عن الجهات التي تحرّض على الشغب، والأجهزة عندها أسماء كل الأشخاص الذين يحرقون المؤسسات والمحلات ويدمّرون الأملاك العامة والخاصة، وسيتم تحويلهم إلى القضاء». وتوعّد بأنه «إذا استمرت الجهات بالتحريض، فسنقول الأشياء بأسمائها».
وقال: «الذي يحصل يزيد من معاناة الناس. هناك مَن لديه رغبة في أن يجوع الناس أكثر». وإذ شدد على أن «هذه الأيام صعبة»، قال إن «الرهان اليوم على الوعي لنستطيع أن نتجاوز هذه المحنة».
تحركات الشارع اللبناني بلا دعم سياسي... والفوضى «تملأ فراغ» الدولة
بيروت: «الشرق الأوسط»
حضر الغضب في شوارع لبنان خلال اليومين الماضيين فجأة، مدفوعاً بالحاجة والجوع والفقر، وبغياب أي جهة سياسية داعمة عملياً لتلك التحركات، بحسب ما تقول مصادر أمنية وسياسية، فيما تشير الأخيرة إلى أن التوترات التي ملأت الشارع، وطالت فروع المصارف والأملاك العامة، خارج أي توجيه سياسي بسبب غياب أحزاب المعارضة عن مشهد عفوي يملأ الشوارع، «ولا يمكن معالجته إلا بالحل السياسي».
وسيطر الهدوء الحذر على مدينة طرابلس أمس، بعد مواجهات محتدمة اندلعت ليل الثلاثاء بين متظاهرين والقوى الأمنية، وأسفرت عن سقوط 47 جريحاً، بينهم 4 عسكريين. واستمرت المواجهات حتى منتصف الليل، حيث تواصل إحراق فروع المصارف وتكسير واجهاتها، كما جرى رشق منزل رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بالحجارة. كما تعرّضت واجهات فروع المصارف في صيدا في جنوب لبنان للتكسير.
وأوضحت مصادر في طرابلس أن هناك مجموعة عوامل انكشفت إثر الأزمة الأخيرة، أولها ألا أمن اجتماعياً في المدينة، وهو العمود الفقري للأمن والاستقرار فيها، ويساعد القوى الأمنية والجيش في الحفاظ على النظام العام وحماية الأملاك العامة والخاصة. أما العامل الثاني فهو غياب المرجعية السياسية في المدينة. وأشارت المصادر إلى أن الوزير الأسبق رشيد درباس بادر إلى اجتماع لجمع فعاليات المدينة، وجرى الاجتماع وتم تكليف اللواء أشرف ريفي بمتابعة الاحتياجات وخطة دعم الناس وتمكينها لرفع الحرمان، لكن المقررات بقيت حبراً على ورق ولم يتم تنفيذ أي شيء منها.
أما العامل الثالث فيتمثل في غياب الدولة التي لم تقدم أي مشاريع ولا أي خطة إنقاذ بعد سنوات على الحرب والتوترات والتجاوب مع الخطة الأمنية التي نفذت في عام 2014، وبقي الجميع يتعاطون مع طرابلس على أنها أشبه بريف وليس عاصمة لبنان الثانية.
وتؤكد المصادر أن غياب كل تلك العوامل المساعدة على النهوض بالمدينة، سهل «حضور الفوضى» التي ملأت هذا الفراغ، لكن المصادر أكدت أن الذين تحركوا هم مجموعات جائعة ومحبطة، لا تمتلك فرص عمل، تحركت من غير أن تسيّرها أي جماعة، مشددة على أنه «لا أجندة لتلك المجموعات»، نافية أن تكون الأحزاب المعارضة وراء التحركات لتوجيه الرسائل ضد الحكومة. وقالت المصادر إن طرابلس بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي (تاريخ اندلاع الاحتجاجات) «لا تمثلها أجندة واحدة، فهناك مشاركة عفوية واسعة، ولا وجود لتوجيه حزبي حتى الآن» من غير أن تستبعد محاولة بعض الأحزاب ركوب الموجة لاحقاً.
وظهر من المعالجة الأمنية والعسكرية للتطورات، أن هناك خطوطاً حمراء فرضتها قوى حفظ النظام تتمثل في منع إقفال الطرقات وعدم التعدي على الممتلكات، لكن في سياق آخر استخدمت القوى الأمنية القوى الناعمة ومحاولات الإقناع، وهو ما ظهر في توزيع الكمامات في منطقة الرينغ في بيروت من قبل قوى الأمن على المتظاهرين، ولفتت المصادر إلى أن القوى الأمنية «نفذت خطة لاستيعاب الحدث واحتوائه، من غير الاصطدام مع المحتجين». فالقوى الأمنية على قناعة بأن الحل سياسي وليس أمنياً. |
|