Date: Mar 20, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
ترشيح الزرفي لرئاسة الحكومة يصطدم بمحور إيران في العراق
الحراك يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل
بغداد: حمزة مصطفى
بعد مرور ثلاثة أيام على ترشيح محافظ النجف السابق عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، لا يوجد في الأفق ما يدل على نهاية الأزمة بعد تصاعد الرفض له من قبل كتل شيعية بارزة، فضلا عن الفصائل المسلحة القريبة من إيران.
وبينما بدأ الزرفي مشاورات غير رسمية مع العديد من الأطراف السياسية، فإن همه الأول يبدو، وطبقا لسياسي عراقي مطلع، أبلغ «الشرق الأوسط»، أن «يفتح خطوط تواصل عبر وسطاء مع الأطراف الرافضة لترسيخه، والتي ينتمي قسم منها إلى المحور القريب من إيران».

وقال المصدر إن «الزرفي فوجئ بهذا الرفض مع أن النواب الذين حضروا مراسم تكليفه ينتمون إلى كتل شيعية مختلفة قسم منها ينتمي إلى الجهات التي رفضت أو تحفظت عليه؛ نظرا لكون الزرفي كان أحد المرشحين للمنصب منذ فترة ولم يسجل أحد اعتراضه عليه».

وأكد السياسي المطلع أن خطاب الزرفي الذي ألقاه بعد التكليف بدا طبيعيا سواء فيما يروم القيام به من إجراءات أو تعهدات بعكس خطاب سلفه، الذي اعتذر، محمد توفيق علاوي والذي كان حادا جدا ومع ذلك كان رفضه طبيعيا ضمن السياقات الدستورية في البرلمان.

وردا على سؤال فيما إذا كان سيعمل الزرفي على نوع من تعبئة القوى المؤيدة له سواء من الكتل الشيعية، وفي المقدمة منها «سائرون» أو السنة والكرد المؤيدون له، يقول السياسي العراقي إن «من الصعب على السنة والكرد الذهاب نحو حكومة أزمة وبالتالي فإنه يتوجب على الزرفي حسم موقفه داخل البيت الشيعي قبل أي تفاهم مع السنة والكرد لأن ذلك يعد مضيعة للوقت في وقت يعاني فيه العراق من أزمات خانقة منها انهيار أسعار النفط وأزمة كورونا». وتابع السياسي المطلع أن «السنة والكرد لن يمضوا في حكومة أزمة لأنه من دون حل الأزمة داخل البيت الشيعي فلن يكون هناك حل داخل الفضاء الوطني».

إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية أن «هناك مساع لاستبدال مرشح تسوية آخر بعدنان الزرفي، وهو المرشح السابق نعيم السهيل الذي كاد الرئيس برهم صالح يرشحه لولا ظهور خلافات في اللحظات الأخيرة بين القيادات الشيعية». وطبقا لما تداولته وسائل إعلامية محلية عراقية فإن «اجتماعا عقد الليلة الماضية لهذا الغرض من أجل دعم إعادة ترشيح السهيل».

إلى ذلك، وبينما أكد ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي وينتمي إليه الزرفي أن الأخير كان مرشح رئيس الجمهورية برهم صالح بعد حصول توافق عليه من قوى شيعية عديدة ونواب من مختلف الكتل فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أعلن عن توفر قائمة بأسماء 170 نائباً ترفض تولي المكلف عدنان الزرفي لرئاسة مجلس الوزراء. وقال المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون بهاء الدين النوري في تصريح صحافي أمس الخميس إن «الكتل السياسية في تحالف البناء بالإضافة إلى كتلة الحكمة عقدت اجتماعاً قبل يومين أعلنت عن موقفها الرسمي الرافض بشأن المكلف لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي، اعتراضا على آلية ترشيحه وتكليفه هذا المنصب».

وأضاف أن «تحالف البناء باعتباره الكتلة الكبرى طالب رئيس الجمهورية برهم صالح، بالكشف عن الآلية التي استند إليها خلال تكليف الزرفي»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية تجاوز الدستور وأدخل البلاد في أزمة سياسية بدلا من أن يكون حامي الدستور والقانون». ولفت النوري، إلى أن «كتلة البناء التي يتجاوز عدد نوابها 170 نائبا - من أصل 329 نائباً في البرلمان - ترفض تكليف الزرفي ولن يشاركوا في حكومته المقبلة في حال حصولها على ثقة مجلس النواب العراقي».

تأتي هذه التطورات في وقت بدأت واشنطن انسحابا من بعض القواعد العسكرية العراقية غرب العراق وتسليم مهامها للقوات العراقية في وقت تزداد مخاطر عودة تنظيم «داعش». وقال المتحدث الرسمي للعمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن «انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم، هو انسحاب كامل وليس إعادة انتشار».

وأضاف أن «انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم التي تضم فريقاً من الاستشاريين والخبراء والفنيين، تم ضمن جدول زمني لغرض الانسحاب الدائم». وبين الخفاجي، أنه «في الأسبوع المقبل سيحصل انسحاب أميركي من قاعدة القيارة، وبعدها قاعدة k1 في كركوك، وهناك جدول زمني أعد من قبل الحكومة العراقية بالتعاون مع العمليات المشتركة»، مؤكداً أن «قوات التحالف الدولي ستنسحب جميعها من العراق». وأوضح الخفاجي أنه «بعد انسحاب القوات الأميركية من قاعدة القائم، قامت قيادة عمليات الجزيرة المتمثلة بقائدها بتحريك فوج أخذ محل القوات المنسحبة وباشر عمله بشكل فوري».

الحراك يرفض تكليف الزرفي ويدعو لتغيير سلمي شامل
معتصمو التحرير يعلّقون تواجدهم في الساحة للوقاية من «كورونا»

الخميس 19 مارس 2020 
بغداد: فاضل النشمي

رفضت غالبية الاتجاهات داخل جماعات الحراك الاحتجاجي العراقي، تكليف عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي. الأمر الذي قد يرجح فرضية فشل الزرفي في تشكيل الحكومة وتعرضه لمصير سلفه محمد توفيق علاوي، حين أخفق في مهمته وقدم اعتذاره لرئيس الجمهورية مطلع مارس (آذار) الحالي.

ويعزز من تكهنات فشل الزرفي تطابق وجهات نظر جماعات الاحتجاج، ولأول مرة، مع طيف واسع من الأحزاب والكتل الشيعية بشأن المكلف الجديد. وأصدر معتصمو ساحة التحرير وسط بغداد، وبعد ساعات من تكليف الزرفي بياناً دعوا فيه إلى التغيير السلمي الشامل عبر الانتخابات والتعليق الجزئي للتواجد في الساحة إلى حين احتواء «كورونا»، كما قرروا إطلاق حملة تطوعية لتعقيم الساحات وخيم الاعتصام.

ومن بين ما قاله بيان المعتصمين، إن «هذا النظام الذي فشل طوال عقد ونصف العقد في كل اختبار وطني، أمنياً كان أم صحياً أم سياسياً، يثبت يوماً بعد آخر أن ليس أمام العراقيين سوى التغيير الشامل السلمي». وأضاف «حتى هذه اللحظة فشل هذا النظام بالتوافق وإنتاج شخصية إيجابية بديلة لرئيس الوزراء المكلل بالدماء عادل عبد المهدي، وأعاد إنتاج شخوصه بكل اعتباطية وفشل».

وتحمل جماعات الحراك رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي مسؤولية قتل أكثر من 700 متظاهر وجرح نحو 27 ألفاً منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كان المحتجون في ساحات التظاهر المختلفة وضعوا مجموعة شروط لمرشح رئاسة الوزراء، ويشددون منذ أشهر على ضرورة توافرها فيه، وضمنها عدم شغله مناصب عليا في الدولة سابقاً، واستقلاليته عن الكتل والأحزاب السياسية، بجانب عدم حصوله على جنسية أجنبية.

وفي هذا الاتجاه، يقول الإعلامي والناشط سعدون محسن ضمد، إن «أغلب الناشطين في ساحات الاحتجاج أعلنوا رفضهم تكليف الزرفي، وهذا ناجم عن مخالفة تكليفه لشروطهم التي طرحوها، فهو شاغل لمناصب تنفيذية وتشريعية، وحامل لجنسية أخرى». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «تجاهل هذه الشروط أمر تعودت عليه الكتل السياسية، فجميع من تم ترشيحهم للتكليف أو من تم تكليفهم لا تنطبق عليهم الشروط».

ويرى ضمد، أن «لعبة التكليف تجاهلت الساحات منذ البداية، ولا يتحمل مسؤوليتها غير الكتل السياسية، السؤال الأهم هو: هل سيمر تكليف الزرفي؟ أعتقد لا؛ لأن إرضاء جميع الأطراف غير ممكن. ومنذ ليلة التكليف والتهديدات تعلو وتنخفض بحسب قدرة المكلف على إطلاق وعود مرضية».

ويؤكد الناشط والأكاديمي في مدينة الناصرية عبد الوهاب الحمداني، أن «قرار ساحات التظاهر وموقفها من ضرورة أن يكون المرشح لرئاسة الوزراء شخصية مستقلة، ثابتاً وحقيقياً». لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «ثمة مشكلة في طريقة رفض هذا المرشح أو ذاك، فالظرف الحالي لا يسمح بالتجمع والتحشيد، وسبق أن جربنا الرفض مع محمد علاوي ولم ينفع الأمر؛ لذلك بدأت الناس تعي أن الأمر غير مجدٍ ومضيعة للوقت، الأهم هو الإصرار على قانون انتخابات منصف ومحاسبة قتلة المتظاهرين».

وحول البقاء في ساحات التظاهر مع التحديات الصحية الناجمة عن فيروس كورونا، فيقول الحمداني، إن «غالبية الساحات أيدت فكرة بقاء الاعتصام والخيم، والتصرف مع الأمر مثلما يتصرف الناس في بيوتهم لجهة التعقيم والحذر الشديد. لكن القرار ليس مع استمرار الحشود والمظاهرات منعاً للاحتكاك وانتقال العدوى».

صالح يدافع عن موقفه... والصدر ينتقد المعترضين
خلافات «البيت الشيعي» تربك مهمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

الخميس 19 مارس 2020 
بغداد: حمزة مصطفى

أعلنت الولايات المتحدة دعماً مشروطاً لمهمة رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي، فيما انتقد زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر ما أسماه «تغيير آليات الاختيار» من قبل قادة «البيت الشيعي» الذين جاءوا بمرشح لا يبدو مقرباً منه ومنهم، في إشارة إلى كون الزرفي مقرباً من الأميركيين.

الزرفي أعلن في بيان بعد تكليفه رسمياً من قبل الرئيس العراقي برهم صالح، أنه سيعمل على إجراء انتخابات مبكرة في غضون سنة بعد نيله الثقة، فضلاً عن سلسلة إجراءات أخرى، بينها حزمة إجراءات اقتصادية وأخرى صحية، ثم وجد نفسه في اليوم التالي من ترشيحه مغضوباً عليه مما بدا أنها غالبية شيعية تحشد لإسقاطه بالأساليب السياسية والشعبية، طبقاً للبيان الصادر عن عدد من الكتل، بينها «دولة القانون» و«الفتح».

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي كان منتظراً منه تقديم دعم غير مشروط للزرفي المتهم بقربه من أميركا التي يحمل جنسيتها، قال في تغريدة إن بلاده ستدعم الزرفي إذا تمكن من محاربة الفساد والقيام بإجراءات أخرى ينتظرها الشارع العراقي.

هذه المرة، بدا الموقف الأميركي مختلفاً، إذ لم يسبق لواشنطن أن رهنت دعمها لأي رئيس وزراء عراقي بشروط مسبقة. ولم يسارع الزرفي الذي لم يبدأ مشاوراته الرسمية بعد، مكتفياً بجس النبض، إلى التخلي عن جنسيته الثانية بخلاف ما عمله سلفه الذي لم يكمل مهمته، محمد توفيق علاوي، الذي تخلى عن الجنسية البريطانية، فاهتزت ثقة البريطانيين به، ولم ينل في المقابل ثقة البرلمان.

الزرفي الذي يصفه المقربون منه بأنه «مراوغ وذكي»، يبدو مثلما يقول السياسي العراقي حيدر الملا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قادراً على «تفكيك الأزمة الحالية التي يواجهها عبر رفض كتل شيعية رئيسية له». الملا وإن أقر بـ«صعوبة الوضع الحالي للزرفي»، رأى أن «الأمور ليست خارج السيطرة؛ خصوصاً أنه قادر على استيعاب المعترضين». ويضيف أن «طبيعة الأزمة السياسية في العراق لا تحتمل كسر الإرادات، ولذلك يتوجب على الزرفي العمل على احتواء الموقف واستيعاب المعترضين قبل البحث في مسألة الكابينة الحكومية».

من جهته، أعلن مقتدى الصدر الداعم لكتلة «سائرون» المؤيدة لترشيح الزرفي لرئاسة الحكومة في تغريدة له على موقع «تويتر» أنه «سواء أكان المرشح وفق الضوابط أم لم يك كذلك، فهذا أمر راجع لنا نحن العراقيين لا غير، وسواء أكانت آلية اختياره صحيحة أم لم تك كذلك، فهذا شأن عراقي بحت، فلا داعي لتدخل أصدقائنا من دول الجوار أو غيرها، ولا سيما المحتل».

وأضاف: «لتعلموا أن صراع السياسيين الشيعة الذي ما عاد يطاق هو من غير آلية الاختيار»، مشيراً إلى أن «اختياراتهم لأناس غير أكفاء أو اختلافهم وعدم توافقهم على مرشح، هو ما استدعى اختيار شخص غير مقرب لنا ولكم. وعموماً فلست بصدد إعطاء رأي بهذا المرشح أو غيره، بل جل ما يهمني هو سيادة العراق».

وأبدى كل من السنة والأكراد ترحيبهم بتكليف الزرفي لرئاسة الوزراء، لكن «تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم أبدى اعتراضه على الآلية التي اعتمدها رئيس الجمهورية برهم صالح في تكليف الزرفي. وقال بيان إن «تيار الحكمة يؤكد حرصه الكامل على تجاوز المنعطف الذي تشهده البلاد في ظرفٍ دقيق وسعيه الحثيث إلى لملمة المواقف وإنضاجها وتقريب الوجهات باتجاه الخروج من الأزمة السياسية القائمة»، مؤكداً في الوقت نفسه على «أهمية احترام المباني الأساسية التي يقوم عليها الدستور والعملية السياسية في العراق والالتزام بما يعزز التلاحم ويعقد الشَمل الوطني».

وأضاف أن «التيار تابع الآلية التي اعتمدها رئيس الجمهورية في التكليف الجديد لمهمة تشكيل الحكومة الانتقالية المقبلة»، مبيناً أننا «نبدي اعتراضنا على تلك الآلية وتحفظنا على الطريقة التي اعتمدت في هذا التكليف بنحوٍ يعكس عدم الاكتراث لعدد مهمٍ من القوى الأساسية في الساحة السياسية، على رغم ثقتنا بحسن النوايا وتقدير المصلحة العامة».

في المقابل، دافع الرئيس العراقي برهم صالح عن موقفه لجهة تكليف عدنان الزرفي لتشكيل الحكومة المقبلة. وتمثل دفاع صالح عن موقفه بعد ظهور الاعتراضات من خلال الرسالة التي وجهها إلى الزعامات الشيعية قبل يوم من نهاية المهلة الدستورية بضرورة حسم الأمر قبل آخر يوم من تلك المهلة.

كما أنه دافع عن موقفه عبر الرسالة التي وجهها إلى المحكمة الاتحادية بشأن أحقيته بتكليف مرشح جديد، طبقاً للمادة 76 من الدستور، وهو ما أجازته المحكمة الاتحادية فعلاً، بينما اعترض مجلس القضاء الأعلى على قرار «الاتحادية» لجهة اعتراض سابق على أحد أعضاء المحكمة العليا التسعة لعدم اكتمال شروط عضويته في هذه المحكمة.