Date: Feb 6, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
استمرار خرق «هدنة طرابلس»... والميليشيات تتهم الجيش بقصف المدنيين
اتفاق على تحويل الهدنة إلى «وقف دائم لإطلاق النار»
القاهرة: خالد محمود
تواصل أمس خرق الهدنة الهشة في العاصمة الليبية طرابلس، في وقت بدأ فيه صبري بوقادوم، وزير الخارجية الجزائري، زيارة مفاجئة إلى ليبيا أمس، استهلها بعقد سلسلة اجتماعات في المنطقة الشرقية، واجتمع مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» بعدما بحث في مدينة بنغازي مع عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة الموالية للجيش، العلاقات بين البلدين والوضع الراهن.

وقال حفتر في بيان وزعه مكتبه إنه ناقش بمقره في الرجمة، خارج بنغازي بشرق البلاد، مع بوقادوم «آخر الأوضاع حول ليبيا، والعلاقات بين الدولتين الشقيقتين الليبية والجزائرية، ودور الجزائر الداعم لإعادة الاستقرار في ليبيا، والجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب والجريمة».

وبحسب البيان، فقد ثمن حفتر «دور الدولة الجزائرية الإيجابي، الساعي لإيجاد حل للأزمة»، وأثنى على موقفها الثابت من القضية الليبية»، مؤكداً «دور الشعب الجزائري المهم، ووقوفه إلى جانب الشعب الليبي».

وقالت مصادر بمكتب حفتر إنه تلقى خلال الاجتماع دعوة رسمية لزيارة لجزائر في وقت قريب، وذلك في إطار ما وصفته بالعلاقات الطيبة بين الطرفين.

ووصل المسؤول الجزائري في وقت سابق أمس إلى بنغازي في زيارة لم يسبق الإعلان عنها، حيث استقبله عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية بحكومة الثني، وسط معلومات عن إبلاغ «الجيش الوطني» معلومات أمنية تخص وجود إرهابيين جزائريين على الأراضي الليبية.

وتسعى الجزائر، التي استضافت مؤخرا الاجتماع الأخير لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، إلى تنظيم حوار جديد بين أطراف الأزمة الليبية، سبق أن أعلن عنه رئيسها عبد المجيد تبون خلال قمة برلين الدولية الشهر الماضي.

وكان الثني، وفي بادرة على انفتاح الإدارة الأميركية على حكومته، التي تدير شؤون شرق ليبيا، وتعد موازية لحكومة «الوفاق» المعترف بها دوليا في طرابلس، قد تلقى دعوة من مجلس النواب الأميركي لزيارة العاصمة واشنطن، بهدف الاستماع لرؤية حكومته لحل الأزمة الليبية، وفقا لما أعلنه الناطق الرسمي باسمه في تصريحات صحافية.

ميدانيا، أعلنت أمس مصادر عسكرية إسقاط «الجيش الوطني» طائرة مسيرة تابعة لميليشيات حكومة السراج في محور عين زارة جنوب العاصمة، بينما كشف مصدر مسؤول بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن انسحاب الميليشيات المسلحة المنتمية إلى مدينة مصراتة (غرب) من مواقعها بطرابلس للتصدي لقوات الجيش، المتقدمة غرب سرت باتجاه تاورغاء.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «لقد تركت الميليشيات طرابلس للمرتزقة الأتراك والسوريين»، لافتا إلى أن ميليشيات مصراتة سحبت أيضا بقايا مجالس شورى بنغازي ودرنة من طرابلس، والتي تضم إرهابيين مطلوبين دوليا كزياد بلعم، وصلاح بادي. موضحا أن الأتراك قاموا بإنزال مدافع عبر شاحنات تجرها عربات مغطاة، قامت بنشرها في محاولة لمنع تقدم قوات الجيش صوب العاصمة طرابلس، عبر اتباع ما سماه سياسة الأرض المحروقة.

كما أبرز المسؤول أن عناصر ما يسمى «لواء سليمان شاه»، أو «فيلق السلطان مراد» هي «مجرد ميليشيات سورية غير منضبطة، وسيئة السمعة بدأت في مضايقة الأهالي، وانتهاك الأعراض والخطف والسرقة». وقال إن هذه الميليشيات «يقودها ضباط أتراك قاموا بتوزيعهم لتعويض النقص من القتلى والجرحى، وانسحاب ميليشيات مصراتة»، مشيرا إلى أن جل المرتزقة السوريين، الذين وزعوا على الزاوية وزوارة، هربوا عبر البحر إلى أوروبا.

في المقابل، واصلت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، توجيه الاتهام للجيش الوطني بقصف أحياء ومناطق مدنية، وقالت أمس في بيان لها إن قذيفة عشوائية أطلقتها قوات الجيش سقطت بالقرب من كليتي الزراعة والصيدلة بجامعة طرابلس، مشيرة إلى توجه فريق تفكيك المتفجرات للمكان لنقل القذيفة وتفكيكها.

من جهة أخرى، أعلنت مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج عن ارتفاع خسائر الإنتاج، جراء استمرار إغلاق المنشآت النفطية في شرق البلاد، إلى نحو مليار دولار.

وقالت المؤسسة في بيان أول من أمس إن الإنتاج تراجع من 1.2 مليون برميل، إلى 187 ألف برميل يوميا، وذلك منذ إعلان حالة القوة القاهرة، وهو ما يعني تراجع الإنتاج إلى أكثر من 80 في المائة من مستوياته السابقة. فيما بلغت الخسائر المالية المترتبة على الإغلاق 931 مليون دولار.

اتفاق ليبي على تحويل الهدنة إلى «وقف دائم لإطلاق النار»
المسماري: حكومة السراج دفعت مليون دولار لكل قائد فصيل سوري يقاتل معها

الأربعاء 05 فبراير 2020 
القاهرة: خالد محمود

بدا غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، أمس متفائلا بنتائج اجتماعات «اللجنة العسكرية المشتركة» في مدينة جنيف السويسرية، بين الطرفين المتناحرين بالبلاد، معلناً أن المشاركين «وافقوا على مبدأ تحويل الهدنة الهشة إلى وقف دائم لإطلاق النار». وفي غضون ذلك، قال «الجيش الوطني» إن مقاتلاته شنت سلسلة غارات جوية أمس على مواقع «استراتيجية» بالقرب من مدينة مصراتة (غرب)، تابعة لميليشيات حكومة فائز السراج.

وأبلغ المبعوث الأممي لدى ليبيا الصحافيين خلال اليوم الثاني من المحادثات، التي عقدت أمس بين ممثلين عن «الجيش الوطني» وحكومة السراج، أن هناك «إرادة حقيقية لبدء التفاوض» بينهما، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وقال: «لقد تم تبني المبدأ من الجلسة الأولى. ويتعلق الأمر الآن بتحديد شروطه... بدأنا أمس المناقشات معهم... سعيا لجعل الهدنة قابلة أكثر للصمود، وأقل عرضة للانتهاك من الطرفين».

وبعدما اعتبر أن «هناك إرادة حقيقية لأن يجلس الطرفان سويا ويبدأ التفاوض»، أضاف موضحا «حتى الآن عقدنا جلسات منفصلة لكلا الطرفين. لكني متأكد أن الوقت سيحين كي يجلس الطرفان سويا». لكن سلامة لفت مع ذلك إلى أن الطرفين ينتهكان حظر السلاح، وأن المرتزقة لا يزالون يتدفقون على ليبيا بحرا وجوا.

ونقل مصدر لـ«الشرق الأوسط» عن أحد المشاركين في اجتماعات جنيف أن الطرفين ناقشا في اللقاءات الجانبية العمل على تعزيز وقف إطلاق النار، واستمرارية جهود توحيد الجيش الليبي، بالإضافة إلى رفض وجود أي قوة أجنبية على الأراضي الليبية.

وقال مصدر قريب من المحادثات أيضا لـ«الشرق الأوسط» إن وفد «الجيش الوطني» طالب بإنهاء أي وجود عسكري، أو أمني لتركيا في العاصمة طرابلس، وإعادتها للمرتزقة الموالين لها، والتي أرسلتهم للقتال إلى جانب حكومة السراج.

وكشف محمد البرغثي، وزير الدفاع الليبي الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن فرض السرية على الاجتماعات يرجع إلى رغبة وفد حكومة السراج في تفادي التعرض لأي ضغوط من زعماء الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس لإفشال الاجتماعات، وعدم التوصل إلى اتفاق. وقال بهذا الخصوص: «شخصيا لا أتمنى أن تحدث هدنة قبل السيطرة على الميليشيات ونزع أسلحتها. لكن ربما يتم اتفاق بتوحيد الجيش، وحل الميليشيات ونزع أسلحتها، مع التنازل بإعطاء ضمانات بعدم ملاحقتهم»، معتبرا أن ذلك ما يتمناه الجميع لحقن الدماء، ووقف الاقتتال بين الليبيين.

لكن التفاؤل بمصير محادثات جنيف سرعان ما اصطدم بالتطورات الميدانية على الأرض، حيث شنت أمس قوات الجيش الوطني سلسلة غارات جوية على مواقع في بلدة أبو قرين الاستراتيجية قرب مدينة مصراتة (غرب)، تابعة لميليشيات حكومة السراج، التي عززت قواتها ومواقعها.

وأكد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني» التزامه بوقف إطلاق النار في غرب ليبيا، مشدداً على أن «القوات على أهبة الاستعداد» للرد على أي خرق في أي ساعة، متهما تركيا مجددا في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، بإرسال نحو 6 آلاف مرتزق من سوريا إلى ليبيا، في خطة تهدف إلى إرسال 18 ألف مرتزق.

وطبقا للمسماري توجد عشرة فصائل سورية في طرابلس، تضم «مرتزقة سوريين وعراقيين وليبيين وأفارقة وأجانب، إضافة إلى ضباط مخابرات أتراك». وقدم المسماري قائمة بأسماء قادة المرتزقة السوريين في ليبيا، موضحا أن حكومة السراج دفعت مبلغ مليون دولار لكل قائد فصيل سوري مقاتل في ليبيا.

وبعدما عرض أدلة قال إنها تدل على «تورط» الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في دعم الإرهاب بالبلاد، عبر دعم وإنشاء مجموعات إرهابية وشركات أمنية، قال المسماري إن إردوغان أنشأ شركة أمنية تحولت إلى ذراع لتنظيم الإخوان من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في ليبيا، مشيرا إلى أن إردوغان «أصبح يدير شبكة إرهابية دولية من خلال هذه الشركة».

ومع أنه قال إن قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس تحولت إلى قاعدة تركية بشكل شبه كامل، وتمثل الإرهاب والجريمة، بعد أن كانت قاعدة تمثل الشرف والعزة الليبية، أكد المسماري أن التزام «الجيش الوطني» بوقف إطلاق النار يأتي لإعطاء فرصة للحل السلمي، وتعرية تركيا أمام المجتمع الدولي.

وقالت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني، في بيان مقتضب، أمس، إن مقاتلاته استهدفت آليات عسكرية تابعة لميليشيات مصراتة في منطقة البغلة، الواقعة جنوب منطقة زمزم، وتحديداً في الطريق الرابط بين منطقة زمزم والجفرة، دون توضيح حجم الخسائر البشرية والمادية.

وقبل هذه الغارات، تحدثت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن وصول تعزيزات عسكرية من طرابلس ومصراتة على حدود منطقة أبو قرين، التي يسودها الهدوء الحذر بعد اشتباكات متقطعة أول من أمس، وفقا لما أعنه مسؤول ميداني لوسائل إعلام محلية.