|
|
Date: Feb 6, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
قتلى في النجف بمواجهات بين المحتجين وأنصار الصدر |
علاوي يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية |
بغداد: فاضل النشمي
رغم التأكيدات والإيضاحات المتواصلة التي تصدر عن التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر بشأن الدور الذي يمارسه أفراد مجموعات «القبعات الزرق» التابعة للتيار في ساحات التظاهر والاعتصام، تواصل جماعات الحراك الشعبي والشخصيات الثقافية والمدنية توجيه سهام الانتقادات الحادة لعناصر «القبعات» وتتهمهم بالاعتداء على المتظاهرين والسعي إلى إنهاء الاعتصامات والحراك الاحتجاجي. ونشطت، أمس، الاتحادات الطلابية في الدعوة إلى تظاهرات حاشدة اليوم (الخميس) رداً على الاعتداءات التي تعرض لها بعض الطلبة في ساحة التحرير ببغداد على أيدي عناصر «القبعات» قبل يومين. وجاء ذلك فيما بث ناشطون بعد الظهر مقاطع فيديو لمواجهات واسعة جرت بين عناصر «القبعات الزرق» والمحتجين في مدينة النجف، حيث قام الطرف الأول بإحراق خيم للمحتجين. وسُمع صوت إطلاق نار فيما ترددت معلومات عن سقوط ثمانية قتلى وعشرات الجرحى من بين المحتجين.
وبعد سلسلة تغريدات أطلقها مقتدى الصدر لتقليل الضغوط والانتقادات الموجهة إليه بسبب جملة من المواقف الأخيرة التي أغضبت جماعات الحراك والداعمين له من خارج تياره، عاد الصدر، أمس، وأطلق تغريدة أخرى تحدث فيها عن عدم تفريقه بين المكونات العراقية كافة. وقال: «لا تمييز بين ثوّار تشرين (السلميين) وبين ثوّار الإصلاح إلا من له أجندات خارجية أو مندس يريد الفتنة أو يحمل السلاح ضد العراقيين أو من يريد تعطيل التقدم العلمي من خلال غلق الصروح الدراسية أو من يريد تعطيل الحياة اليومية، فكل هؤلاء ليس منا». وسبق للصدر أن وجّه عناصر «القبعات الزرق» بمساعدة القوات الأمنية الحكومية وكشف من سمّاهم بـ«المخربين» بين صفوف المتظاهرين.
بدوره، قال صفاء التميمي، المتحدث باسم «سرايا السلام»، الجناح العسكري لتيار الصدر، إن «أصحاب القبعات الزرقاء موجودون منذ أربعة أشهر لحماية المتظاهرين، ولم تحدث أي مشاكل طيلة الفترة الماضية بين المتظاهرين وبينهم». وأضاف، في تصريحات صحافية، أن «ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية (هو أن) هناك من يحاول شق الصف (...) وزرع الفتنة بين المتظاهرين وأصحاب القبعات الزرقاء». وأكد التميمي أن «الوظيفة الأساسية لأصحاب القبعات الزرقاء هي حماية التظاهرات والمتظاهرين، وليس التصادم معهم»، وهو الأمر الذي ترفضه جماعات الحراك التي يصر معظم المتحدثين باسمها على أن «عناصر القبعات يمارسون أعمال البلطجة ضد المتظاهرين ويسعون لفض الاعتصامات».
ولم تعد المياه إلى مجاريها بين جماعات الحراك والصدر منذ إيعاز الأخير لأتباعه بالانسحاب من الساحات، الشهر الماضي، والخروج بتظاهرة مناهضة للوجود الأميركي في العراق بمشاركة جمهور الفصائل المسلحة الموالية لإيران.
من جهة أخرى، أصدرت تنسيقيات التظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد، أمس، بياناً أدانت فيه استهداف خيمة الناشط الصيدلاني علاء الركابي في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية. وقال بيان التنسيقيات: «في ظل الظروف الراهنة ومع تصاعد الأزمة في العراق ورغم ما يعانيه المتظاهرون في ساحات التظاهر عموماً وساحة التحرير خصوصاً، وبما شهدته الأيام الأخيرة، إلا أننا نجدد عزمنا الوقوف والاستمرار بالتظاهر السلمي الساعي للتغيير ومحاربة الفساد بروح وطنية يشترك بها جميع المتظاهرين في محافظات الوسط والجنوب».
وأضاف البيان: «ندين ونستنكر بشدة العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف خيمة الدكتور علاء الركابي، ونحمل القوات الأمنية في محافظة الناصرية مسؤولية التقصير بأداء واجبها تجاه حماية المتظاهرين وأن ما حدث هو خلاف ما وعد به رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة الانتقالية المكلف محمد توفيق علاوي». ويعد الصيدلاني علاء الركابي من بين أبرز قادة التظاهرات في مدينة الناصرية، وسبق أن طرح مجموعة مبادرات للضغط على السلطات وإجبارها على الاستجابة لمطالب المتظاهرين، ومن بينها دعوته لقطع الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات وبغداد.
وحول حادث استهداف الركابي، قال الناشط رعد الغزي لـ«الشرق الأوسط»: «خيمتي تبعد بضعة أمتار عن خيمة الركابي، وفي حدود الساعة 12 ليلاً، رمى مجهولون قنبلة صوتية بالقرب من خيمته، ولم تسفر عن أي إصابات». وأكد الغزي أن «هذا النوع من الأعمال يستهدف تهديد المتظاهرين عموماً وإخافتهم، وتهديد الركابي بشكل خاص لدفعه إلى ترك التظاهرات نظراً إلى الدور القيادي الذي اضطلع به خلال الأشهر الأخيرة». وذكر الغزي أن «الأمور طبيعية في ساحة الحبوبي. المعتصمون في خيامهم، ويتوافد إليها الآلاف بعد فترة الظهيرة كل يوم».
من جهة أخرى، أعلنت مصدر أمنية في محافظة ميسان الجنوبية، أمس، وفاة القيادي في التيار الصدري أبو مقتدى الازيرجاوي بعد تعرضه لمحاولة اغتيال على يد مجهولين أول من أمس. وقالت المصادر إن «الازيرجاوي «توفي اليوم (أمس الأربعاء) متأثراً بجروحه بعد تعرضه لمحاولة اغتيال بإطلاق نار قرب منزله في منطقة أبو رمانة بالمحافظة». وأضافت أنه «أصيب بجروح خطيرة، نقل على أثرها إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج، ليفارق الحياة بعد ذلك». ولم تكشف المصادر عن دوافع الاغتيال أو الجهات المحتمل أنها تقف خلفه.
علاوي يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة العراقية من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية
بغداد: حمزة مصطفى
بدأ رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد توفيق علاوي، مشاورات تشكيل حكومته المرتقبة، لكن بدءاً من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية، في ظل دعوات له لاختيار «كابينة وزارية بعيداً عن الأحزاب».
ويبدو أن علاوي الذي كلّفه الرئيس العراقي برهم صالح تشكيل الحكومة الجديدة في الأول من فبراير (شباط) الحالي، سيواجه أصعب تحدٍ له بعد نحو أقل من شهر، وهو نيل الثقة من البرلمان العراقي المنقسم على نفسه، سواء حيال ترشيح شخصية مستقلة لا تنتمي إلى أي حزب أو كتلة أو لجهة الموقف من المظاهرات الجماهيرية التي تنهي نهاية هذا الشهر شهرها الرابع وتدخل الخامس دون وجود مؤشرات على نهايتها.
وقالت شخصية سياسية عراقية لـ«الشرق الأوسط»، إن محمد توفيق علاوي «على وشك تشكيل فريقه المفاوض مع الكتل السياسية، وكذلك مع ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية من أجل بلورة رؤية متكاملة حول الآليات التي يتم بموجبها تشكيل الحكومة، وكذلك الشخصيات المقترحة لدخولها، وما إذا كان للكتل والأحزاب السياسية دور مباشر في ترشيح الأسماء أو تترك الخيار لرئيس الوزراء المكلف، شرط أن يلتزم أولاً بالمواصفات التي يفترض أن يتحلى بها الوزراء، وهي النزاهة والكفاءة والاستقلالية، وألا يغبن حق الكتل التي تملك استحقاقات انتخابية». وأضافت هذه الشخصية السياسية: «في الوقت الذي تعلن الكتل الشيعية أنها مع مبدأ ترك حرية الخيار لرئيس الوزراء المكلف في اختيار كابينته الحكومية، فإنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تترك الحبل على الغارب في وقت يعلن كل من الكرد والسنة تمسكهم باستحقاقاتهم من الحقائب الوزارية». ولفت إلى أن «الأكراد وإن كانوا قد أعلنوا دعمهم لعلاوي، لكنهم كانوا داعمين جداً لسلفه عادل عبد المهدي، وبالتالي فإن دعمهم له حتى على صعيد نيل الثقة داخل قبة البرلمان سيكون مرهوناً بمدى التزامه بما يسمونه حقوق الأكراد».
وبشأن العرب السنة، تقول الشخصية السياسية، إن «السنة يرون أنهم ليسوا مشاركين في صناعة القرار السياسي في العراق، وبالتالي فإن المناصب الوزارية تعد هي الحد الأدنى من الاستحقاق الطبيعي لهم ولا يمكنهم التنازل عنها».
وتأتي هذه المخاوف في وقت يحاول رئيس الوزراء المكلف توزيع خريطة الوزارات والهيئات المستقلة على أساس حصص المكونات وليس بالضرورة وفق الاستحقاق الانتخابي، فضلاً عن أنه يريد إشراك الحراك الجماهيري بنسبة كبيرة من حكومته المقبلة، وربما بنسبة تزيد على 51 في المائة في مختلف المواقع الوزارية والإدارية، بالإضافة إلى إشراك العنصر النسائي بقوة. وطبقاً لمعلومات «الشرق الأوسط»، شكّل رئيس الوزراء المكلف فرق عمل لمتابعة الحراك الجماهيري في مختلف المحافظات، فضلاً عن إجرائه لقاءات مع قادة في الحراك الجماهيري؛ وهو ما قد يمهّد لتطبيع العلاقات للمرة الأولى بين المتظاهرين وبين جهة رسمية حكومية. وباستثناء الأكراد والسنة الذين أعلنوا مشاركتهم في الحكومة مع التأكيد على ضرورة احتفاظهم بحقائبهم الوزارية، سواء السيادية منها أم الخدمية، لم تحسم الكتل السياسية الأخرى موقفها بعد لجهة المشاركة من عدمها. ففي حين يعلن التيار الصدري أنه لن يرشّح وزراء ينتمون إلى التيار، تاركاً الحرية لرئيس الوزراء في اختيار أعضاء حكومته، فإن ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي، وهو ابن عم محمد توفيق علاوي، لم يعلن بعد هل سيشارك في الحكومة أم لا، وهل سيكون داعماً لها أم لا. والأمر نفسه ينطبق على ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الفتح» بزعامة هادي العامري.
إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف «سائرون»، رعد المكصوصي، وجود أغلبية برلمانية لمنح الثقة لمحمد توفيق علاوي. وقال المكصوصي في تصريح صحافي أمس، إن «على القوى السياسية كافة، عدم الحديث عن الاستحقاقات الانتخابية في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وترك كل الحرية لعلاوي لاختيار وزرائه بنفسه؛ حتى يتحمل هو مسؤولية عمل الحكومة بشكل كامل». وتابع أن «محمد توفيق علاوي جاء لرئاسة الوزراء بشكل توافقي، وبدعم من قوى سياسية مختلفة؛ ولهذا فإن هناك غالبية برلمانية لمنحه الثقة من قبل مجلس النواب، وعليه استغلال تلك الغالبية واختيار كابينته الوزارية بعيداً عن الكتل والأحزاب السياسية، ومنع أي جهة من التدخل في عمله حتى يحقق نجاحات ويلبي متطلبات الشعب العراقي».
من جهته، طالب النائب عن ائتلاف «دولة القانون» منصور البعيجي رئيس الوزراء المكلف باختيار «كابينته الوزارية بعيداً عن الأحزاب وضغوط الكتل السياسية عليه، ويجب ألا يذعن لأي ضغوط قد تمارس عليه بفرض شخصيات متحزبة لشغل أي حقيبة وزارية في حكومته المقبلة، وعليه يجب أن يختار شخصيات مستقلة تكنوقراط حتى يكتب له النجاح خلال المرحلة المقبلة». وأضاف أن «رئيس الوزراء المكلف جاء إلى هذا المنصب نتيجة دماء سفكت من أجل الإصلاح والقضاء على الفساد المستشري؛ لذلك يجب عليه أن يلتزم بوعوده التي قطعها لأبناء الشعب ويختار كابينة وزارية غير متحزبة؛ حتى يستطيع أن يعبر بالبلد إلى بر الأمان خلال الفترة الانتقالية لحين إجراء انتخابات عادلة». وأوضح أن «المرحلة الحالية التي يمر بها البلد مرحلة خطيرة جداً ولا تقبل المماطلة والاتفاقات في الغرف المظلمة كما كان يحدث سابقاً، ورئيس الوزراء المكلف يدرك هذا الأمر جيداً؛ لذلك يجب عليه أن يختار كابينة وزارية قوية يستطيع من خلالها قيادة البلد ونحن سنكون داعمين له».
وتابع النائب عن «دولة القانون»، أن «الكابينة الوزارية المقبلة في حال نجحت تحسب لمحمد توفيق علاوي، وفي حال أخفقت ستحاسب وبشدة داخل قبة البرلمان؛ لأنه اختار وزراءه بعيداً عن ضغوط الكتل والأحزاب، وفي حال فرضت عليه الأحزاب (وزراء) فعليه أن يخرج للشعب ويسمّي الأمور بمسمياتها ليعرف الكل من فرض وزراء ويكون بمواجهة الشعب». |
|