|
|
Date: Feb 1, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
أنقرة تؤكد بقاءها في ليبيا «حتى يتحقق الاستقرار» |
استمرار خرق حظر السلاح يطرح تساؤلات حول محاسبة الجهات المتورطة |
أنقرة: سعيد عبد الرازق
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا تدعم الحكومة الشرعية في ليبيا، ولم تقدِم على خطوة غير قانونية فيها، مشدداً على أنها ستواصل التواجد فيها حتى يتحقق الاستقرار... وفي غضون ذلك، تتواتر أنباء عن إرسال تركيا مرتزقة أفارقة إلى جانب عناصر من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها، وشحنات من الأسلحة لدعم حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر برلين.
وواصل إردوغان هجومه على قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، قائلاً: «حفتر يحصل على الأموال... ومستمر في هجومه على طرابلس، وهناك دول... لا تزال تدعمه بالسلاح والعتاد والأموال والمرتزقة».
وشدد إردوغان في كلمة خلال اجتماع لرؤساء فروع حزبه (العدالة والتنمية الحاكم) ، أمس، على أن تركيا ستبقى في ليبيا حتى تجد استقراراً كاملاً فيها، «ولن تدخر جهداً في دعمها للحكومة الشرعية»، قائلاً: «الذين يدعمون الجنرال الانقلابي (في إشارة إلى حفتر)، بالمرتزقة من جميع أنحاء العالم، ويقدمون له مختلف أنواع الأسلحة ينتقدون تركيا بلا خجل». مبرزاً أن تركيا «لن تترك الانقلابيين يفعلون ما يريدون في ليبيا... الوقوف إلى جانب (الانقلابي حفتر) بدلاً عن الوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية والشعب الليبي هو خيانة للديمقراطية».
جبريل: الأمل لا يزال موجوداً بإنهاء الصراع شرط توفر الإرادة
رئيس الوزراء الأسبق قال إن التدخل التركي «ربما قد تم بمباركة أميركا المنزعجة من التدخل الروسي»
القاهرة: «الشرق الأوسط»
قال رئيس الوزراء الأسبق السياسي الليبي البارز الدكتور محمود جبريل إن الأمل لا يزال موجوداً، رغم كل الدمار والتخبط الراهن في بلاده، شريطة توفر الإرادة لدى طرفي الصراع الراهن لإقرار السلام، معتبراً أن «الهدف الأساسي لمؤتمر برلين كان هو الخروج بتعهد بعض الدول بعدم التدخل بالشأن الليبي، وهو هدف غير منطقي، وغير واقعي في عالم السياسة، إذ كيف نتصور أو نصدق أن دولاً تقوم بالاستثمار في ليبيا منذ عام 2011، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، بل وبشرياً أيضاً، ثم ترحل هكذا ببساطة؟».
وأضاف جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في «المجلس الوطني الانتقالي» السابق رئيس تحالف «القوى الوطنية»، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «للأسف، رعاة المؤتمر لم يتطرقوا لإشكالية التدخل غير المباشر، فهناك اليوم في بلادنا كثير من المرتزقة من جنسيات عدة، والدول التي ينتمي إليها هؤلاء، أو تلك المسؤولة عن جلبهم، تقول إنه لا علاقة لها بهم، وإنهم مجرد متطوعين، لكن هذا الكلام لا يصدقه أحد».
وتابع: «لذلك نؤكد أن الدول التي لديها شركات وقنوات ومصالح لسنوات طويلة بأرضنا، بل باتت تتصارع وتعقد صفقات التسوية علينا، لن ترحل أو تلتزم بعدم التدخل، لكن ربما ستحاول فقط تفادي الاتهام بالاختراق عبر الاستعانة بأطراف ثالثة، أي أن المؤتمر لن يعيق التدخلات الخارجية، بل قد يزيدها. وبالفعل، فإن البعثة الأممية رصدت استمرار تدفق المرتزقة والسلاح لغرب البلاد وشرقها، قبل حتى أن يجف الحبر الذي وُقع به تعهد برلين».
وبخصوص التدخل التركي في الشأن الليبي خلال الفترة الأخيرة، اعتبر جبريل أنه «تطبيق لسياسة الدفع نحو الهاوية، بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب»، مشيراً إلى أن هذا التدخل «ربما يكون قد تم بمباركة أميركية»، مستبعداً أن يكون التدخل التركي في ليبيا، ومساندة حكومة الوفاق الوطني «قد حدث دون تنسيق مع الولايات المتحدة التي لم يرُق لها التدخل الروسي في الملف الليبي».
وأضاف موضحاً: «تركيا استفزت أطرافاً ودولاً كثيرة بالمنطقة، ودفعت بالأوضاع إلى حافة المواجهة المباشرة للضغط عليهم، قصد تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية... لكن ذلك يعتبر في الوقت نفسه مغامرة ومخاطرة كبيرة جداً من قبلها، خاصة لو أن الأطراف المعارضة للتدخل التركي بادرت بإطلاق النار، فهنا قد تندلع حرب إقليمية».
وحول الدور الروسي في الأزمة الليبية، أوضح جبريل أن الروس «استطاعوا بالفعل تهدئة الوضع، عبر دعوة طرفي الصراع لإعلان هدنة... وقد تفاوضوا هم أيضاً مع الأتراك، وأقنعوهم بإمكانية استنساخ اتفاقياتهم وصفقاتهم المشتركة في سوريا ببلادنا، لكن ما يعيق للآن تنفيذ تلك الصفقة، وما يفسد أي مبادرة للحل داخل ليبيا، هو عدم توافر الإرادة لدى طرفي الصراع كي يقررا الدخول في مفاوضات سياسية».
وفي سياق ذلك، لمح جبريل إلى أن عدم توقيع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، مبادرة وقف إطلاق النار في موسكو «ربما يعود لرغبته في استكمال العمل العسكري». وقال بهذا الخصوص: «الرجل يرى أنه على بعد كيلومترات من مركز العاصمة، فلماذا يقبل بالتحول لمجرد لاعب ضمن لاعبين كثر في عملية الحل السياسي، بدلاً من أن يكون اللاعب الوحيد، أو ربما تخوف من أن يُفسر قبوله للحل السياسي بكونه هزيمة وفشلاً لعمليته العسكرية التي انطلقت لتحقيق ما وصفه بالفتح المبين ودخول العاصمة».
كما أوضح جبريل أن تحالفه (تحالف القوى الوطنية) دعا مؤخراً إلى «عقد ملتقى جامع لشخصيات تمثل كل التيارات السياسية وفئات المجتمع، ومن كل المناطق الليبية، بهدف صياغة رؤية شاملة لمستقبل البلاد تعكس إرادة الليبيين، وتوضع على طاولة التفاوض، إذا ما تمكن مسار جنيف من الاستمرار».
ورغم تأكيده وجود مطالب عادلة لأهل الشرق والجنوب، فيما يتعلق بتوزيع عائدات الثروة النفطية، وصف جبريل قيام القبائل بإغلاق حقول النفط الليبي منذ أسبوعين بكونه «عملية انتحار جماعي، وتطبيق للمثل الشهير (عليّ وعلى أعدائي)».
ورغم اتفاقه مع الآراء التي تعتبر قضية تفكيك التشكيلات العسكرية ونزع سلاحها بمثابة برميل بارود قد يفجر أي اتفاق، فإن جبريل يرى أن «هناك كثيراً من التحديات والأزمات التي ستنفجر بوجه الجميع إذا لم يتوقف الصراع العبثي، ويبدأ الجميع على الفور بمعالجة هذه التحديات».
استمرار خرق حظر السلاح يطرح تساؤلات حول محاسبة الجهات المتورطة
القاهرة: جمال جوهر
تعكس اللقطات المصورة، المنقولة من جبهات القتال بالضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، عدم اكتراث المقاتلين لنفاذ ذخيرتهم، أو تحطيم آليتهم العسكرية، التي تبدو «جديدة في كل مرة وبحالة جيدة»، وسط تساؤلات عن إمكانية إخضاع الجهات المتورطة في خرق حظر التسليح للمساءلة.
ومنذ اندلاع الحرب على طرابلس، بدأت قوات «الجيش الوطني» و«بركان الغضب»، الناطقة باسم قوات «الوفاق»، تعلن باستمرار عن ضبط كميات من الصواريخ والآليات العسكرية، كلما تمكنت إحداهما من «تحقيق نصر» على الأخرى، ويلي ذلك استعراضه في وسائل الإعلام التابعة لكل منهما، حيث تظهر المقاطع المصورة الصواريخ أو المدرعات وصناديق الذخيرة، وعليها اسم بلد المنشأ الأصلي، والمصدّر لها، وتاريخ التصنيع، وأدلة أخرى توضح أحياناً طريقة وكيفية نقل هذه المعدات إلى البلاد، فضلاً عن بقايا الطائرات المسيرة والمحترقة التي تشير إلى ذلك أيضاً، لدرجة دفعت المواطنين للتندر بأنها «باتت أكثر من الحمام في سماء البلاد على كثرتها».
ووسط تبادل الاتهامات بين القوتين المتحاربتين بخرق حظر التسليح، المعلن منذ عام 2011، قال مصدر عسكري تابع لـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الأجهزة المعنية لديهم تُوثق كل المعلومات التي تدل على أن دولا بعينها، ومن بينها تركيا، وشركات أوكرانية تمد حكومة الميليشيات بالأسلحة المختلفة». في إشارة إلى حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً. وأشار المصدر العسكري إلى التقرير الأممي الذي تناول معلومات عن سيدة أعمال أوكرانية (قتلت في حادث الطائرة فوق إيران مؤخراً)، وقال إن شركاتها «تورطت على مدار أشهر في نقل السلاح إلى طرابلس، وهناك معلومات تؤكد ذلك».
والسيدة المعنية التي أتى تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على ذكرها، تدعى أولينا مالاخوفا، وقال إنها مديرة شركة «Sky AviaTrans» الأوكرانية، والشريك في مجموعة «Volaris».
وأضاف المصدر العسكري، الذي ينتمي إلى جهة رفيعة تابعة للجيش، أن «البعثة الأممية في ليبيا تعلم هذه الحقائق، لكنها لا تريد تسمية هذه الدول بالاسم»، لافتاً إلى أن «أنقرة لا تتوقف عن الدفع بالأسلحة إلى جبهات الميليشيات في طرابلس».
ومع كثرة التقارير التي تتحدث عن تورط شركات ودول في تصدير السلاح إلى ليبيا، ظهر اسم السيدة الأوكرانية في تقرير خبراء الأمم المتحدة حول خروقات قرار حظر التسليح، وذلك عقب إسقاط مقاتلات «الجيش الوطني» لطائرة من طراز «Ilyushin Il - 76TD» بمحيط الكلية العسكرية في مدينة مصراتة في أغسطس (آب) من العام الماضي، و«هي طائرة الشحن الوحيدة التي تمتلكها شركة (فولاريس) وتديرها شركة (سكاي إيفيا ترانس) الأوكرانية»، وفقاً للتقرير.
ورغم أن حكومة «الوفاق» قالت إن الطائرة كانت تحمل قطع غيار للسيارات. لكن تبين بحسب التقرير الأممي أنها كانت محملة بأجزاء لطائرات مسيرة «سيتم تجميعها لاحقاً»، بحسب المصدر العسكري.
وبخصوص تزايد عمليات إسقاط الطائرات «المسيرة»، وخاصة التي دفعت بها تركيا إلى البلاد، قال عثمان البوهي، وهو ناشط مدني: «هذه حرب طائرات (الدرون) لم يشهدها سابقا بلد مثل ليبيا... فالأطفال أصبحوا يلهون ببقايا قطع هذه الطائرات التي تتناثر على رؤوسهم، فيما المجتمعي الدولي يواصل التنديد».
ودائماً ما تستعرض القوتين المتحاربتين كميات من المدرعات التي (غنمتها) من الطرف الآخر، ويبدو عليها صور وعلامات وكتابات تشير بوضوح للجهة المسؤولة عنها، وعن جلبها إلى البلاد. ومن بين المقاطع المصورة التي سبق أن عرضتها حكومة «الوفاق» عند استيلائها على مدينة غريان صورايخ «جافلين» الأميركية الصنع، والتي وصلت إلى ليبيا عن طريق فرنسا. وبعد مرور قرابة شهرين على الواقعة اعترفت وزارة الجيوش الفرنسية بأن صواريخ «جافلين»، التي عثر عليها في غريان «تعود في الواقع للجيش الفرنسي الذي اشتراها من الولايات المتحدة»، ونفت أن تكون قد سلمتها إلى «الجيش الوطني»، أو خرقت حظر التسليح، لافتة إلى أن هذه الصواريخ «غير صالحة للاستعمال». |
|