Date: Jan 13, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
لبنان: سلامة يطلب صلاحيات استثنائية لتنظيم إجراءات المصارف
المؤسسات تسعى إلى استئناف عملها وسط تعثر تشكيل الحكومة وانتقادات لأداء حكومة تصريف الأعمال
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، أنه طلب صلاحيات استثنائية من الحكومة لتنظيم القيود التي طبقتها المصارف العاملة في البلد على المودعين وتوحيدها لضمان تطبيقها بشكل عادل ومتساو على البنوك والعملاء. وفرضت المصارف التجارية قيوداً شديدة على السحب من الودائع ومنعت بعض التحويلات للخارج منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أجل منع نزوح رأس المال، لكن السلطات اللبنانية لم تفرض قيوداً رسمية على رأس المال لتنظيم هذه الإجراءات.

وأكد سلامة لوكالة «رويترز» إرساله خطابا لوزير المالية اللبناني في التاسع من يناير (كانون الثاني) لطلب «الصلاحيات الاستثنائية اللازمة». وأضاف أنه لا يسعى لاستخدام الصلاحيات الاستثنائية في استحداث إجراءات جديدة. ولم تصدر حكومة تصريف الأعمال أي بيان بشأن طلب سلامة في خطابه لوزير المالية المؤقت، علي حسن خليل. وفي الخطاب كتب سلامة أن قيود البنوك التجارية «أدت في مناسبات متعددة إلى إجحاف بحقوق بعض العملاء، سيما لجهة المقاربة غير المتساوية مع عملاء آخرين». وحث سلامة الوزير على العمل مع الحكومة «لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة... لتكليف مصرف لبنان بالصلاحيات الاستثنائية اللازمة». وفي تبريره لهذا المطلب قال إنه ثمة حاجة لهذه الإجراءات «تأميناً للمصلحة العامة وحفاظاً على الاستقرار النقدي والمصرفي وحماية للمصالح المشروعة للمودعين والعملاء».

المؤسسات تسعى إلى استئناف عملها وسط تعثر تشكيل الحكومة
الخلاف بين باسيل ودياب بلغ مرحلة جديدة «أكثر تعقيداً»


بيروت: «الشرق الأوسط»
تستأنف المؤسسات اللبنانية عملها بدءاً من متابعة تصريف الأعمال في الحكومة المستقيلة، وانعقاد مجلس النواب اللبناني في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري لإقرار موازنة المالية لعام 2020، إثر دخول البلاد في مرحلة جديدة من التأزّم السياسي الذي أعاد مهام تشكيل الحكومة إلى المربع الأول.

وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن التأزم السياسي على خلفية الصراعات بين القوى السياسية والفرقاء المعنية بتشكيل الحكومة، وخصوصاً بين وزير الخارجية جبران باسيل والرئيس المكلف حسان دياب، بلغ مرحلة جديدة «أكثر تعقيداً من مرحلة ما قبل تكليف دياب بتأليف الحكومة»، لافتة إلى أن الاتجاهات تسير نحو تصريف الأعمال الذي اتسم بالتراجع، خلافاً لتجارب تصريف الأعمال في الحكومات السابقة، وإلى الاتجاه لإقرار موازنة المالية العامة.

ويأتي ذلك في ظل دخول البلاد مرحلة جديدة من التأزم السياسي أكثر تعقيداً من المرات السابقة، ما عرقل إقرار الحكومة برئاسة حسان دياب وأعاد مباحثاتها إلى المربع الأول. وقالت مصادر مطلعة على مسار التأليف لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اشتباكاً مفتوحاً بين دياب وباسيل، إضافة إلى اشتباك غير مباشر بين دياب والرئيس اللبناني ميشال عون عبرت عنه تصريحات وبيانات وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي حول الصلاحيات وغيرها، وهو ما تنظر إليه المصادر على أنه «يخوض معركة الرئيس عون إدارياً، بينما يخوض معركة باسيل سياسيا». إضافة إلى ذلك، هناك تباين يجري العمل على تذليله بين دياب وبري، فضلاً عن ممانعة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عن المشاركة، إذا كانت حصته أقل من وزيرين.

وأوضحت المصادر أن الاشتباك مع باسيل «يعود إلى أن التيار الوطني الحر يتحدث بمقاربات متضاربة حول الحكومة، بينما يعتبر فرنجية أن باسيل يريد السيطرة على الحكومة بأسماء مقنعة»، لافتة إلى أن فرنجية وبري «يتصديان لمحاولات باسيل السيطرة على الحكومة». وقالت المصادر: «يحاول باسيل التصرف على أن الحكومة هي حكومته برئاسة دياب، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف».

واستدلت المصادر إلى موقف دياب الذي عبّر فيه عن رفضه لأن يكون مكسر عصا، وهو بذلك «يخاطب السنة بأنه ليس ضعيفاً أمام شروط باسيل، ويحافظ على موقع رئاسة الحكومة وصلاحيات رئيسها ولا يتنازل ولا يخضع للابتزاز»، علما بأن اتصالاته بدار الفتوى مقطوعة، ولم يُسجّل أي لقاء له مع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، في وقت تتحدث معلومات عن جهود واتصالات تُبذل لتصحيح العلاقة بين الطرفين.

وفي المقابل، رأت المصادر أن دياب يحاول تصحيح علاقته مع بري بعد تصعيد الأخير لجهة التهديد بالإحجام عن المشاركة في الحكومة كردّ على شروط تُرفع بوجهه، قائلة إن تصريحات دياب الأخيرة توحي بعزمه على تصحيح العلاقة، علما بأن الاتصالات مقطوعة بين الطرفين ولم يُسجل أي لقاء بينهما بعد اللقاء البروتوكولي في مجلس النواب إثر تكليف دياب. وقالت المصادر إن دياب يحاول تصحيح علاقته مع بري، في وقت يعمل «حزب الله» على تجنب اتخاذ موقف مواجهة مع أي طرف، مع أنه مؤيد لبري وطروحاته. وأضافت المصادر «إذا كان بري وفرنجية وطبعاً (حزب الله) سينضمون إلى موقف بري، ويمانعون المشاركة في الحكومة، فكيف ستتشكل؟» وأمام هذه التعقيدات التي تنسحب على اختيار الأسماء، وخصوصاً الوزراء السنة واسم وزير الخارجية المقبل، لم يتحقق أي خرق، وهو ما يدفع متابعة تصريف الأعمال بعد إجازة الحريري الخارجية، وإقرار الموازنة.

وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري قائمة، وأفضى ذلك التواصل إلى تعهد الحريري بالعودة إلى بيروت والمشاركة في جلسة إقرار موازنة المالية لعام 2020 التي يُرجح انعقادها في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، بهدف منع الإنفاق في المال العام وفق القاعدة الاثني عشرية، التي يُقصد بها الإنفاق خارج الموازنة العامة بناء على أرقام الموازنة السابقة، ويسمح القانون بالإنفاق وفق هذه القاعدة في الشهر الأول من السنة فقط، ريثما يقر البرلمان الموازنة الجديدة التي تحيلها إليه الحكومة، وذلك قبل نهاية الشهر الأول من السنة.

وكانت الحكومة المستقيلة قد أقرت الموازنة وأحالتها إلى البرلمان الذي درست لجنة المال والموازنة فيه مشروع الموازنة تمهيداً لإرسال ذلك إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقرار الموازنة. وقالت المصادر إن إقرار الموازنة «يعد ضرورة بالغة في ظل هذه الظروف» بالنظر إلى أن موازنة 2020 تتضمن عصراً كبيراً للنفقات وتتسم بأنها موازنة تقشف، وذلك في ظل تراجع موارد الدولة ووارداتها إثر الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاحتجاجات في الشارع. وعليه، لا يمكن الاستمرار بالصرف وفق موازنة 2019، وقالت المصادر إن الإنفاق يجب أن يتقلص ويوضع سقف له، بحسب ما تقتضي موازنة 2020، وتلتزم البلاد بالإنفاق تحت سقف مقررات مؤتمر سيدر وتخفيض العجز المتنامي في ظل تراجع الواردات المالية للدولة.

من جهته اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان أن «معركة الرئيس المكلف أو أي حكومة جديدة هي أن تنال ثقة الناس، فيما لا نستطيع بالعقلية السائدة وبنفس الأشخاص أن نصل إلى نتائج مختلفة»، مضيفاً أن «التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة غير مفهوم في ظل الظروف الحاصلة في البلاد»، مشيراً إلى أنه «يدل على تخبط للعودة إلى الواقع الذي كنا عليه سابقاً». وقال عدوان في حديث تلفزيوني: «كقوات لبنانية لا نريد أن نحكم على النوايا، وحكمنا على الرئيس المكلف سيكون عند إعلان تشكيلة حكومته»، لافتاً إلى «أننا كنا نحاول قبل 17 تشرين أن نأخذ الآخرين إلى التوجه الصحيح لإنقاذ الوطن».

انتقادات لأداء حكومة تصريف الأعمال... وأنصار الحريري يطالبون بالتركيز على تأليف الوزارة
بيروت: «الشرق الأوسط»
اندلع سجال حول تصريف الأعمال في الحكومة المستقيلة، بعد اتهامات وجهت لرئيسها سعد الحريري بإهمال تصريف الأعمال، وهو ما دفع مصادر قريبة منه للرد بأنه «سيواصل العمل بما يجب عليه، وخطوطه مفتوحة مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمتابعة تصريف الأعمال مع الوزارات المختصة».

وبعد انتقادات طالت هذا الجانب من قبل سياسيين، تساءل البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، في عظة الأحد: «هل تدرك حكومة تصريف الأعمال التي تهمل واجبها، وهل يدرك معرقلو تشكيل الحكومة الجديدة وولادتها، وهل تدرك القوى السياسية والأحزاب والكتل النيابية المتباعدة والمعطلة لأي حوار مسؤول... هل يدرك هؤلاء جميعاً حجم الخسارة المالية والاقتصادية والتجارية والمعنوية التي يتكبدها لبنان، شعباً وكياناً ومؤسسات؟».

وأضاف: «أهكذا تمارس السياسة كفن شريف لخدمة الخير العام عندنا؟ هل تعطيل شؤون الدولة والشعب أضحى وسيلة للكيدية السياسية؟».

وأشار الراعي إلى أنه «منذ 3 أشهر وانتفاضة الشباب اللبناني تخاطب ضمائر المسؤولين»، آملاً في «أن يصغوا إليهم قبل أن تتحول انتفاضتهم إلى ثورة هدامة، فلا بد من مصارحة ومصالحة عامة لاستعادة الوحدة الوطنية بكل مكونات المجتمع اللبناني، بحيث لا يشعر أحد بأنه مقصى».

وجاء انتقاد الراعي بعد عدة انتقادات سياسية دفعت أوساط «تيار المستقبل» للرد قائلة إن «الدعوات المتتالية إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال، وتحميلها تبعات المرحلة الاقتصادية والسياسية، يفترض أن تركز على وجوب تأليف الحكومة من المعنيين بتأليفها وإصدار مراسيم تشكيلها».

وقالت المصادر لـ«مستقبل ويب»، التابع لتيار المستقبل: «إن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لم يتخلف عن تحمل مسؤولياته الدستورية والوطنية في أي لحظة، وقد غادر في إجازة عائلية، بفرضية أن الحكومة ستولد عشية رأس السنة، كما أعلن الرئيس ميشال عون بعد قداس الميلاد في بكركي، لتكون هدية اللبنانيين في السنة الجديدة».

وأشارت الأوساط إلى أن الحريري عائد حتماً، وسيواصل العمل بما يجب عليه، وخطوطه مفتوحة مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمتابعة تصريف الأعمال مع الوزارات المختصة، مؤكدة أنه «ليس من الفائدة بمكان تسليط الأضواء على الحكومة، واتهامها بإهمال واجباتها، فيما الواجب الوطني والدستوري يقتضي التركيز على تأليف حكومة جديدة تتحمل مسؤولية التصدي للانهيارات الاقتصادية المتواصلة».

وعدت أن رمي الكرة في ملعب حكومة تصريف الأعمال «خطوة في الاتجاه الخطأ، لأن الملعب الحقيقي موجود حيث يتقرر مصير الحكومة العتيدة، وليس في بيت الوسط».