|
|
Date: Dec 19, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
النيابة السودانية تتوعد بملاحقة «النظاميين» المتورطين في جرائم |
قوى «التغيير» ترفض طلب المسلحين إرجاء تشكيل «التشريعي» |
الخرطوم: محمد أمين ياسين
تعهّدت النيابة العامة، في السودان، بإجراء محاكمات عاجلة وعادلة لكل من يثبت تورطه من منسوبي القوات النظامية المختلفة، في أي أحداث وقعت بالبلاد خلال 30 عاماً الماضية، وقالت إنها ستخاطب مجلس السيادة الانتقالي، إذا رفضت وحداتهم رفع الحصانة عنهم.
وأشار النائب العام المكلف، مبارك محمود عثمان، إلى أن الوثيقة الدستورية المبرمة بين المجلس العسكري المحلول و«قوى إعلان الحرية والتغيير» في 17 أغسطس (آب) الماضي، أكدت على عدم الإفلات من العقاب.
وقال لدى لقائه عضو «مكتب العدالة الجنائية بالخارجية الأميركية»، كيلي سيري، بالخرطوم، أمس، إن النائب العام كون عدداً من لجان التحقيق في كل الأحداث التي شهدتها البلاد، منذ مجيء نظام المعزول إلى السلطة في 1989.
وأضاف أن اللجان منحت سلطة النيابة العامة الواردة في قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991.
وأوضح النائب العام المكلف أن النيابة العامة بصدد إنشاء عدد من المفوضيات تتصل بحقوق الإنسان ومكافحة الفساد واسترداد الأموال، وقال: «سيكون لهذه المفوضيات دور كبير في الإصلاح القانوني».
وبدورها، قالت كيلي إن مكتب العدالة الأميركي، يركز على القانون الجنائي والدولي والعدالة في الدول التي تمر بفترات انتقالية.
وأضافت أن زيارة السودان للتعرف على الإجراءات المتخذة بشأن إصلاح القوانين والتركة الثقيلة التي خلَّفها النظام المعزول من جرائم وفساد وقتل خارج القانون، مشيرةً إلى أن اختصاص المكتب يقوم على العدالة والمحاسبية لكل ما حدث سابقاً، وما سيحدث مستقبلاً.
وأكدت كيلي استعداد المكتب لتقديم جميع المساعدات الفنية والمعلوماتية عن السياسات المتبعة في الولايات المتحدة، والتنسيق مع المجتمع الدولي لدعم السودان في هذه المجالات.
من جهتها، دعت منظمات حقوقية أمس، السلطات الانتقالية في السودان إلى وضع حد لـ«ثقافة الإفلات من العقاب» عبر محاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في دارفور، وذلك بعد 16 عاما من اندلاع النزاع الدامي.
وفي تقرير بعنوان «دارفور، ثقافة الإفلات من العقاب يجب أن تتوقف»، اعتبر الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية أنّ المسؤولين عن الجرائم لم يحاكموا بعد «بسبب غياب الإرادة السياسية الوطنية والإقليمية». واعتبر أرنولد تسونغا، مدير أفريقيا في لجنة الحقوقيين الدوليين والنائب السابق لرئيس الاتحاد، أن على السلطات الجديدة في الخرطوم «إظهار أنّ العملية الانتقالية لن تغفل الجرائم المرتكبة» وأنّها ستأخذ «في الحسبان مطالبة (الشعب) بالعدالة وبالسلم الدائم».
وأسفت المنظمات غير الحقوقية على واقع أنّه «بعد أكثر من عشر سنوات من إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر بالقبض على عمر البشير وثلاثة مسؤولين آخرين بتهمة ارتكاب جرائم (...) بينها جرائم جنسية على نطاق واسع، فإنّه لم يتم توقيف أحد». وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت بحق البشير الذي أدين السبت بالفساد، مذكرتي توقيف بحقه في 2009 و2010 لاتهامه بـ«جرائم حرب» و«جرائم ضدّ الإنسانية» و«الإبادة» في دارفور. ولم تسمح الحكومة الانتقالية حتى الآن بنقل الرئيس السابق إلى لاهاي حيث مقر المحكمة الجنائية.
وحذرت المنظمات غير الحكومية من أنّه «من دون تحقيق العدالة ومن دون تعويض الضحايا، فإنّ الجرائم الدولية وبينها الجرائم الجنسية، ستستمر في السودان، بما يمنع أي انتقال سياسي حقيقي نحو الديمقراطية». كما أعربت عن أسفها على كون «الناجين في دارفور لا يزالون يعانون تداعيات نزاع بدأ في 2003».
في غضون ذلك، حثّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أطراف التفاوض (الحكومة والحركات المسلحة) على اغتنام الفرصة التاريخية والوصول إلى اتفاق سلام مرضٍ لجميع الأطراف.
وقال البرهان لدى مشاركته في احتفال تخريج دورتي الدفاع والحرب بالأكاديمية العسكرية العليا، إن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى تعمل في تناغم تام لبسط الأمن وفرض هيبة الدولة والقانون.
وحيّا البرهان الدور الذي تلعبه القوات المسلحة السودانية على الصعيد الإقليمي العربي والأفريقي، ومشاركتها ضمن فعاليات الاتحاد الأفريقي العسكرية والنشاطات التدريبية الإقليمية والعالمية، وفقاً للبروتوكولات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة.
أثناء ذلك أصدرت لجنة إزالة التمكين ومُحاربة الفساد واسترداد الأموال، قراراً بتشكيل لجنة لحصر وتسلُّم أصول الاتحادات المهنية والنقابات ونقابة المحامين السودانيين واتحاد أصحاب العمل.
وقالت، في تعميم صحافي، إن اللجنة باشرت عملها بتسلُّم المستندات والأختام وجميع الوثائق الخاصة بالاتحادات ونقابة المحامين واتحاد أصحاب العمل.
وأوضحت أن مهمة اللجنة حصر المقار وجميع الأصول الثابتة والمنقولة من دور وعقارات وأراضٍ وآليات، وتسليمها إلى لجان تسييرٍ لحين تسليمها إلى النقابات المنتخبة.
ودعت الثوار للتعاون مع اللجنة، لتحقيق أهداف الثورة، وعلى رأسها تصفية جميع أشكال وجود النظام البائد على المستويات المختلفة.
من جهة ثانية، أكد «حزب المؤتمر السوداني»، دعمه رؤية «الحركة الشعبية شمال»، بقيادة عبد الحلو، التي تطالب في طاولة المفاوضات بعلمانية الدولة، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه يعبر عن مشروع وطني للقوى السياسية الرافضة فرض الدولة الدينية في البلاد.
وأضاف في بيان: «هذه القضية يمكن الاتفاق عليها إذا توفرت الإرادة السياسية، ويجب ألا تكون سبباً لتقسيم البلاد أو استمرار الحروب فيها».
ودعا «المؤتمر السوداني» إلى تصميم مصفوفة واضحة متفق عليها، لترتيب أجندة الحوار وآليات التدول لحسم الخلافات في القضايا العالقة بين الفرقاء في المفاوضات، مشيراً إلى أن التعقيدات التي تواجه ملف السلام تصعب الوصول إلى النتائج المرجوة وفق النهج الحالي.
وشدّد على ضرورة توسيع المشاركة السياسية فيما يتعلق بمفاوضات شرق السودان لتشمل جميع المكونات السياسية والاجتماعية في الإقليم.
وحث «قوى الحرية والتغيير» والحركات المسلحة على التعجيل بإحداث التوافقات المطلوبة التي تلبي تطلعات السودانيين، واغتنام هذه الفرصة التاريخية لصناعة سلام شامل ومستدام.
قوى «التغيير» ترفض طلب المسلحين إرجاء تشكيل «التشريعي»
الأربعاء 18 ديسمبر 2019
الخرطوم: محمد أمين ياسين
أكدت قوى إعلان الحرية والتغيير، أنه لا مجال لتأجيل تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين، لإكمال هياكل السلطة الانتقالية في البلاد، التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، أثناء ذلك وضعت قوات الشرطة يدها على دور النقابات والاتحادات الموالية للنظام المعزول.
وكشف قيادي بارز بقوى «التغيير» عن أن الوفد الحكومي المفاوض تلقى طلباً جديداً من الحركات المسلحة خلال جولة المفاوضات الجارية بجوبا حاليا، بإرجاء الخطوتين إلى 20 من فبراير (شباط) المقبل. وقال القيادي الذي فضل حجب اسمه: «لن نؤجل اتخاذ الخطوة أكثر من ذلك»، مشيرا إلى أزمات وإشكالات تعاني منها الولايات بسبب وجود منسوبي النظام المعزول في الحكومات الولائية «وهذا الأمر يتطلب منا الإسراع في حسم تعيين الولاة لمواجهة تلك الإشكالات». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين الولاة سيكون مؤقتا، ومن ثم معالجة الأمر مع الحركات المسلحة حال التوقيع على اتفاق سلام نهائي.
ومن ناحية ثانية، أكد المصدر أن تنسيقات قوى الحرية والتغيير بالولايات أكملت ترشيحاتها للولاة، عدا المرشحين لولاية الخرطوم (العاصمة) التي سيتم حسمها من قبل المجلس المركزي وهو أعلى هيئة لتحالف قوى الحرية والتغيير، مشيراً إلى تكوين لجنة للنظر في الطعون التي ستقدم في الأسماء المرشحة. وقال إن «قوى إعلان الحرية والتغيير هي من ستختار قائمة المرشحين للولاة، قبل الدفع بها إلى رئيس الوزراء لاعتمادها، لتجاوز الإشكالات التي صاحبت اختيار الوزراء في الحكومة في الانتقالية».
وكانت قوى التغيير قد أرجأت تشكيل المجلس التشريعي، المقرر بنص الوثيقة الدستورية في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني)، الماضي، إلى نهاية الشهر الحالي.
في غضون ذلك نفذت الأجهزة الشرطية قرار لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، القاضي بحل نقابات واتحادات تابعة للنظام المعزول. وأغلقت أمس دور نقابة المحامين، واتحاد أصحاب العمل، وعمال السودان واتحاد الصحافيين السودانيين، والمعلمين والمهندسين وأطباء السودان، وتحفظت على وثائقها وممتلكاتها، وذلك بعد ساعات من إصدار بنك السودان المركزي قراراً بحجز حساباتها المصرفية وتجميد أرصدتها المالية.
وكانت لجنة إزالة التمكين برئاسة عضو مجلس السيادة الانتقالي، ياسر العطا، أصدرت قرارا بحل المكاتب التنفيذية ومجالس النقابات المنشأة بموجب قانون 2010، وحجز العقارات والآليات والسيارات المسجلة باسمها وحظر التصرف فيها. وأجاز مجلسا السيادة والوزراء في السودان، في 29 نوفمبر الماضي، قانون تفكيك نظام المعزول عمر البشير، وحل حزب المؤتمر الوطني، وجميع الأجسام والواجهات السياسية الموالية للنظام.
وفي منحى آخر، أكد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، لدى مخاطبته الجالية السودانية بتشاد أول من أمس أنه «لا سقف للحكومة الانتقالية من أجل الوصول إلى سلام حقيقي ومستدام».
ونقلت وكالة السودان للأنباء قوله إن مفاوضات السلام الجارية حاليا بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة تستصحب رؤى كافة المتضررين من الحرب في مناطق النزاعات بالبلاد. وأشار حمدوك إلى أن الحكومة شرعت في استرداد الأموال المنهوبة، وأردف بالقول: «لن ندخر جهدا في تحقيق ذلك خاصة أن هناك تجارب كثيرة تشابه ما نقوم به من استرداد أموال الشعب»، مشيرا إلى أن الأموال المستردة ستوجه لتحقيق التنمية في البلاد. |
|