Date: Nov 28, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
تبون: ترشحت للرئاسة بطلب من قطاع واسع من الجزائريين
مرشّح يهدد بالانسحاب من الرئاسية
الجزائر: بوعلام غمراسة
أكد عبد المجيد تبون، المترشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 12 من الشهر المقبل، أنه ليس مرشح المؤسسة العسكرية «ولا أي جهة أخرى... وقد أكد الجيش أنه لم يرشح أحداً».

وقال تبون لـ«الشرق الأوسط» بخصوص الاعتقاد السائد في البلاد بأن الجيش هو مَن يختار الرؤساء، وأنه وفّر الدعم السياسي لعبد العزيز بوتفليقة عندما ترشّح لأول مرة في انتخابات 1999، إن «الفَرْق هذه المرة أن المترشحين يعترفون بوقوف المؤسسة العسكرية على مسافة واحدة من الجميع، وإلا لما قبلوا البقاء في السباق الانتخابي».

كما يوجد اعتقاد في الداخل والخارج بأن الرئاسية مرفوضة شعبياً، على أساس أنها تجري في ظروف لا ترضي قطاعاً واسعاً من الجزائريين، وعليه، فترشُّح تبون وبقية المتنافسين الأربعة «ضد الإرادة الشعبية». وعن ذلك يقول رئيس الوزراء السابق (2017): «يجب أن تبيّن من هذا الذي تسميه (الخارج). هل هم جزائريو الخارج، أم قوى سياسية خارجية لها نظرة استعمارية أو نظرة وصاية أو نظرة حماية على الجزائر؟ الشعب الجزائري وحده السيد، وهو من يحدد مصير الجزائر في كل المراحل التي تمر بها. والانتخابات ستجري لا محالة، فنحن نعيش حالة ديمقراطية غير مسبوقة، ولكل رأيه».

وأفاد تبون (74 سنة) بأن شوارع البلاد «تشهد مظاهرات سلمية تدعو للانتخابات، مع اقتراب هذا الموعد الانتخابي، وقد ترشحت للرئاسة لأن قطاعاً من الجزائريين طلبوا مني ذلك، ولا يمكنني أن أرفض الواجب الوطني، خاصة في هذا الظرف الحساس... ثم هل تستطيع أن تذكر لي بلداً واحداً صرحت سلطاته رسمياً بأنه يرفض الانتخابات في الجزائر؟ طبعاً لا، أقول لك إن ذلك لم يحدث ولن يحدث، لأن الانتخابات هي الآلية الديمقراطية الوحيدة المتفق عليها كونياً للشروع في بناء بلد، وها هي الجزائر تتجه رأساً نحو الشرعية الانتخابية بحول الله».

وغادر تبون نظام الرئيس السابق «في ربع الساعة الأخير»، كما يقول خصومه، وهي طريقة لمهاجمته بحجة أنه كان مسؤولاً حتى وقت قريب عن ممارسات حكم ثار ضده الجزائريون، وأنه لا يمكن أن يتنصل من ذلك. وبهذا الخصوص قال تبون: «أنا لم أغادر ما تسميه نظام الرئيس السابق، وإنما تمت إقالتي. أما عن قولك (في ربع الساعة الأخير)، فكأنك كنتَ أنت أو غيرك تعلمون قبل عامين أن هناك حراكاً عظيماً سيطيح بالسلطة السابقة، وأنه لا بد للبعض أن يغادر السفينة قبل أن تغرق!».

وأضاف تبون موضحاً: «عندما غادرت الحكومة في أغسطس (آب) 2017 لم يكن أحد يعلم بأن الشعب الجزائري سيخرج عن بكرة أبيه لرفض العهدة الخامسة (ترشح بوتفليقة لفترة خامسة). وقد كانت كل المؤشرات تشير إلى عكس ذلك تماماً. وإذا كنتَ من المتتبعين للشأن السياسي، فإنك حتماً سمعتني في تصريحات سابقة أقول إنني لم أكن خادماً لشخص ما في السلطة، وإنما خدمتُ بلدي».

وبخصوص دوافعه للترشح، قال تبون: «لم أترشح للرئاسة تملصاً من أي مسؤولية سابقة. فعبد المجيد تبون كان وزيراً قبل 1999 (سنة وصول بوتفليقة إلى الحكم)، وعمل إطاراً في الدولة منذ عهد الزعيم الراحل هواري بومدين (1965 - 1978)، واشتغل مع الرئيس الشاذلي بن جديد (1979 - 1992)، والرئيس الراحل محمد بوضياف (سنة 1992، وقُتِل على يدي ضابط عسكري)، فلماذا الربط بفترة معينة يا ترى؟! أليس في هذا محاولة لإلصاق الصورة السيئة لفترة ما بشخصي، بينما تعرفون جيداً أن الإطار السامي في الحكومة كان مكبلاً في صلاحياته؟ لكن كل الجزائريين شاهدون على دفاعي عن ثروة الشعب ومحاسبة الفاسدين، وقد وجدت نفسي يومها وحيداً ومعزولاً في مواجهة عصابة بأكملها»، في إشارة إلى أول تصريحاته لما تسلم رئاسة الوزراء في يونيو (حزيران) 2017. جاء فيها أنه يعتزم إعلان حرب على رجال أعمال نافذين في شؤون الحكم. وكان ذلك سبباً في إبعاده بعد شهرين فقط، بحسب ما يقوله هو بنفسه. ويعتقد تبون من جهة أخرى أن مصير معتقلي الحراك، وهم بالمئات «بين يدي القضاء، وهو وحده المخول بتقرير مصيرهم، ألم يطلب الحراك استقلال القضاء؟! وأنا طلبت رئاسة الجمهورية لأنفذ مطالب الحراك».

وبعكس ما يراه الكثيرون «تتوفر عناصر النزاهة والشفافية في انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل»، بحسب تبون، و«الإقرار بذلك كان ثورة حقيقية في المشهد الانتخابي، وذلك من خلال استحداث هيئات رقابية مستقلة للانتخابات (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات)، وفي ظل نقاش مجتمعي ديمقراطي سلمي، يبهر العالم لحد الآن».

وعما إذا كان سيقبل بمنصب الرئيس في حال كانت نسبة التصويت ضعيفة، قال تبون: «لا يوجد في قوانيننا ما يحدد قبول أو عدم قبول منصب الرئاسة بناء على نسبة المشاركة في الانتخاب. فالعبرة بالعمل بعد الانتخابات، ولا يوجد في التاريخ رجل حقق الإجماع بمعناه الحقيقي. هذه سُنّة الله في خلقه»، مضيفاً: «لا يوجد ما يمنع أي رئيس من قبول منصبه عقب فوزه بالانتخابات، ما دام الناس كانوا أحراراً في خياراتهم ومواقفهم يوم الانتخابات. وما دامت العملية الانتخابية ستكون نزيهة، في عمومها وفي غالبية مراكز التصويت صحيحة، يكون هذا هو المبدأ الأساسي والمقياس الذي يجعلك تقبل أو لا تقبل المنصب، وليس نسبة المشاركة».

مرشّح يهدد بالانسحاب من {الرئاسية} الجزائرية
بدء محاكمة رموز نظام بوتفليقة أوائل الشهر المقبل

الجزائر: «الشرق الأوسط»
هدد عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطنية»، أمس، بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقررة في الجزائر في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، منتقداً بشدة قرار الحكومة القاضي بترقية بعض المناطق إلى مصف ولايات (محافظات).

ووصف بن قرينة، في تجمع انتخابي له ببلدة العمارية بولاية المدية (جنوبي العاصمة)، التقسيم الإداري الذي أعلنته الحكومة، أول من أمس، بترقية 10 مدن إلى ولايات بأنه «عملية خفية» لدعم منافس له في الاستحقاق الرئاسي. وقال إن «هذا القرار (التقسيم الجديد) ليس من حق عبد القادر بن صالح، رئيس الدولة المؤقت، ولا من حق نور الدين بدوي (رئيس الوزراء)، بل إنه من صلاحيات الرئيس القادم الذي سيفرزه الصندوق». مشدداً على أنه لا يرحب بالتقسيم الجديد «إذا كان من أجل ترقية رؤساء دوائر كولاة كانوا من تنصيب العصابة. وترقية تلك المناطق في هذا التوقيت لن يكون من أجل رفاهيتها أو استقلالية المبادرة التنموية بها، بل جعلها وسيلة للإقبال على الانتخابات».

وكشف بن قرينة في تصريحات نقلت وكالة الأنباء الألمانية مقتطفات منها أمس، أنه في حال تأكدت شكوكه حول هذا التقسيم، وبأن جهات تعمل لفائدة مرشح معين، فإنه سيعترض على ذلك للفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الجزائري الذي تعهد بحماية نزاهة الانتخابات. معرباً عن استعداده للانسحاب من الانتخابات إذا تطلب الأمر ذلك. وينافس بن قرينة، على منصب رئيس الجمهورية، كلٌّ من علي بن فليس عن حزب طلائع الحريات، وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل، وعبد المجيد تبون، وعز الين ميهوبي، الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي.

من جهة أخرى، كشف وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي، أمس، عن أن المحاكمة العلنية الأولى لرموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في قضايا فساد ستبدأ في الثاني من ديسمبر المقبل.

وقال زغماتي، خلال رده على مداخلات أعضاء مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري)، إن المحاكمة تتعلّق بنهب المال العام، مبرزاً أن «أول ملفات الفساد الثقيلة والمفزعة سيتم برمجته يوم الاثنين المقبل بمحكمة سيدي أمحمد، وهي تتعلق بتركيب السيارات في المرحلة الأولى... وستكون علنية، وليس هنالك شيء نخفيه، والشعب وحده من سيحكم علينا إنْ كنا نمتلك إرادة سياسية في محاربة الفساد». وأضاف زغماتي: «ستشاهدون المفاجأة، وما يمكن للقضاء أن يفعله».

يشار إلى أن ملف تركيب السيارات يتابَع فيه كلٌّ من الوزيرين الأولين السابقين (رئيسي حكومة) أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، بالإضافة إلى مجموعة وزراء سابقين ورجال أعمال في عهد بوتفليقة.

في غضون ذلك، أكد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الجزائري، أمس، أن بلاده «مستقلة في قرارها، ولا تقبل أي تدخل أو إملاءات». وقال صالح، خلال زيارة له، أمس، لقيادة القوات الجوية، إن «الجزائر لن تخضع لأي مساومات من أي طرف مهما كان»، مضيفاً أن «شرذمة من العصابة، وبعدما فشلت جميع خططها، ها هي تلجأ إلى الاستنجاد بأطراف أجنبية، لكن الشعب الجزائري سيُفشل محاولات هذه الشرذمة التي لا تحب الخير للجزائر».

وأضاف صالح موضحاً: «هناك رجال ونساء وشباب وشيوخ أبدوا دعمهم للجيش وقيادته العليا، وأصرّوا على المشاركة بقوة في رئاسيات 12 ديسمبر المقبل، وهذا ما يبرهن على أصالة هذا الشعب الفريد من نوعه ونقاء معدنه، والذي يعرف دوماً كيف يتخطى الصعاب والعقبات، ويخرج منها منتصراً».

وجاءت كلمة قايد صالح متناغمة مع كلمة رئيس الدّولة المؤقت عبد القادر بن صالح، رداً على ما نشره النائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان، الخميس الماضي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».

كان النائب الفرنسي قد كشف عن «فتح نقاش وإصدار لائحة مستعجلة من البرلمان الأوروبي حول الأزمة الجزائرية الأسبوع القادم». وفي هذا السياق قال الرئيس الجزائري المؤقت، أول من أمس، إن «القناعة الراسخة هي أن الجزائر وفيّة لرفضها المبدئي لأي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية مهما كانت الأطراف، التي تقف خلف ذلك، ومهما كانت نياتها التي تكون غالباً، إن لم تكن دائماً، تلتحف بغطاء حقوق الإنسان، التي لطالما تم تسييسها بطرق غريبة».

مظاهرات لطلاب الجامعات الجزائرية رفضاً للانتخابات الرئاسية
محتجون أغلقوا مقار حكومية بالإسمنت لمنع إجرائها في منطقتهم

الأربعاء 27 نوفمبر 2019 
الجزائر: بوعلام غمراسة

«لا نريد انتخابات تنظمها العصابات» كان هذا أبرز شعار لمظاهرات طلاب الجامعات الجزائرية، الذين خرجوا أمس إلى شوارع كبرى مدن البلاد، وذلك للأسبوع الأربعين على التوالي.

وهاجم المتظاهرون المرشحين الخمسة لـ«الرئاسية» المقررة بعد 17 يوما، وأكدوا عزمهم عرقلة الحملة الانتخابية، التي انطلقت قبل 10 أيام وتجري في ظروف يميزها توتر حاد.

وانطلقت المظاهرات من «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة، ومرت بأهم الشوارع ليصل المئات من طلاب الجامعات إلى «البريد المركزي»، أيقونة فضاءات الحراك الشعبي. وانضم للمحتجين أساتذة الجامعات وناشطون بالحراك، رفعوا شعارات معادية للانتخابات، وطالبوا بتأجيلها «لأنها لا تحقق التغيير الذي يريده الجزائريون، بل تمدد في عمر النظام»، بحسب رشيد طايبي، وهو طالب بكلية الهندسة المعمارية، الذي كان يحمل لافتة كتب عليها: «لم يعد ممكنا أن تستغفلونا بعد اليوم».

كما جرت مظاهرات الطلاب في وهران (غرب) وقسنطينة (شرق) وتيزي وزو (وسط)، في نفس الظروف، ورفعت فيها نفس الشعارات المعارضة للسلطة، ومطالبتها «التخلي عن خطتها التي يرفضها الشعب».

ويقول المؤيدون لمسعى الانتخاب إن مؤسسة الجيش «حققت للحراك أهم مطالبه، وعلى رأسها إسقاط العهدة الخامسة». في إشارة إلى إجبار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على سحب ترشحه لفترة خامسة، في انتخابات كانت مقررة في 18 من أبريل (نيسان) الماضي. واستعان قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بالشارع الذي كان يغلي، فضغط على بوتفليقة بغرض الاستقالة في الثاني من أبريل الماضي. فيما فشل صالح في تنظيم «رئاسية» كانت مقررة في الرابع من يوليو (تموز) الماضي بسبب عدم توفر مرشحين، لكنه مصمم على إجرائها في 12 من الشهر المقبل، ووصف معارضي مسعاه بـ«أذناب العصابة»، وأنهم «خدام الاستعمار».

وفي سياق الانتخابات المفتوحة على انزلاقات، قال 33 ناشطا سياسيا، وصحافيون ونقابيون في بيان أمس إن النظام «مصمم على تجاهل إرادة الشعب في التغيير، ولما تأكد الجزائريون من غياب الظروف الموضوعية الضرورية لانتخابات نزيهة (غلق الإعلام وعدم إطلاق سراح سجناء الرأي، والتضييق على المسيرات السلمية والمدوّنين ورفض إقالة حكومة بدوي...)، فإن انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) ستكون رهان السلطة، تستنسخ به الوضع السياسي الحالي المتأزم. لكنها بالنسبة للشعب مجرّد محطّة عابرة في مسار النضال». وبحسب الناشطين، فإنه «من الحكمة ومن مصلحة الشعب تأجيل الانتخابات إلى أن يتوفر لها الجو المناسب الذي يضمن نزاهتها».

وأكد أصحاب البيان أن «حفاظ الحراك الشعبي على طابعه السلمي يمثل قوته المركزية، التي شلت قوة القمع لدى السلطة، وعليه فإن أي محاولة لإخراجه عن خطه السلمي هو تصرف مخالف للمبادئ، التي تأسست عليها هذه الحركة الوحدوية، وتقع المسؤولية التاريخية على الجزائريين المشاركين في فعاليات الحراك للحفاظ على ضبط النفس والتزام النهج السلمي حتى تتم الاستجابة لكل المطالب».

وتعرض أمس عشرات الناشطين للاعتقال من جديد، بسبب محاولات لمنع المترشحين لـ«الرئاسية» من عقد تجمعات في إطار الدعاية الانتخابية.

وبلغ التوتر أقصاه بولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، عندما أغلق متظاهرون أبواب مقار دوائر إدارية (أجهزة تابعة لوزارة الداخلية) بجدار من الإسمنت، تأكيدا على إصرارهم منع إجراء «الرئاسية» بمنطقتهم، المعروفة بمعارضة السلطة المركزية منذ سنين طويلة.