| | Date: Nov 23, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | استقلال لبنان: المحتجون يحيون الذكرى بعرض مدني مذهل | بيروت: بولا أسطيح
للمرة الأولى منذ استقلال لبنان في العام 1943، تولت مجموعات وهيئات شعبية تقود الحراك المستمر منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تنظيم عرض مدني لإحياء الذكرى 76 للاستقلال في ساحة الشهداء في وسط بيروت بعدما درج إحياء المناسبة بعرض عسكري ضخم في وسط العاصمة.
وبعدما اعتاد اللبنانيون أن يشاهدوا أفواج الجيش اللبناني وبعض القوى الأمنية الأخرى تستعرض يوم العيد بحضور رسمي كبير من على شاشة التلفزة، كانوا هم هذه المرة من يستعرضون في الساحة، في احتفال هو الأول من نوعه نظمته مجموعات الحراك الشعبي حمل اسم «العرض المدني» تخلله مسيرات لأفواج مدنية تابعة لأكثر من قطاع ومنطقة وقضية اجتماعية في إطار مسيرة سلمية وحضارية، على حد تعبير المنظمين.
وبحسب العميد المتقاعد جورج نادر ممثل العسكريين المتقاعدين في «هيئة تنسيق الثورة» فإن الفكرة انطلقت من واقع عجز الدولة عن الاحتفال بالمناسبة كما كل عام من خلال عرض عسكري بسبب الأوضاع وبعدما فقدت شرعيتها، فالحكومة مستقيلة ومجلس النواب لم يعد يستطيع الاجتماع، من هنا كان على الحراك الشعبي أن يستعيد المبادرة من خلال العرض المدني المنوي القيام به في ساحة الشهداء، والذي تشارك فيه كل قطاعات العمل في لبنان. ويشير نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لجنة من مجموعات الحراك هي التي تولت تنظيم الاحتفال الذي أردنا من خلاله التأكيد سعينا لاستقلال حقيقي عن الفساد والتمويل الخارجي والإقطاع وكل ما مارسته قوى السلطة بحقنا كشعب منذ العام 1943».
ووفق بيان وزعته مجموعات الحراك حمل عنوان «عيد الاستقلال المدني» فإن «العرض هو مدني من تنظيم الشعب اللبناني للاحتفال باستقلالنا عن الطائفية والانتفاض على الفساد»، يهدف للتعبير عن «وقوف مختلف فئات الثورة من أجل الحرية والعدالة والثقافة والسلام عبر السير في أفواج تمثل المناطق والقطاعات وقضايا المجتمع المدني».
وشارك في العرض الذي انطلق بعد ظهر يوم أمس 41 فريقا من مناطق مختلفة، واستهل بلحن الموت «تخليدا لأرواح الشهداء» والنشيد الوطني، ثم بعرض على الخيل، تلته الفرق التي تقدم كل منها لافتة باسمها مسبقة بكلمة «فوج» وهي: الدراجات النارية والهوائية، الإرادة، العسكريون المتقاعدون، المعلمون، البيئة، المحامون، الطلاب، الأمهات، الأشبال، الآباء، أطباء، إعلام، خبراء ومكافحة، زراعة، مهندسون، إيقاع، عمال، صناعيون، مواصلات، اندفاع، حقوق النساء، حرفيون، تجارة، فنانون، نساء ورجال أعمال، مبدعون، طاقة، رياضة، سياحة، طناجر، حقوق الإنسان، مشاة، مغتربون، موسيقيون، ناشطون، جنوب، شمال، بقاع، جبل لبنان، وبيروت.
وقدم كل فوج أفكاره بطريقة خاصة، عبر ابتكار شعارات مطلبية مناسبة لفوجه، وذلك على وقع الأغاني الوطنية والثورية التي عزفتها إحدى الفرق الموسيقية.
وكان عدد من العسكريين المتقاعدين دربوا الأفواج المدنية على العرض المدني. وقد نصبت الحواجز الحديدية على جوانب الأرصفة حتى يتسنى لمن يريد مشاهدة العرض الوقوف خلفها، في مشهد يحاكي العرض العسكري للجيش.
ويوضح الناشط في مجموعة «بيروت مدينتي» الدكتور وليد العلمي أن «إجراء العرض المدني كبديل عن العرض العسكري الذي اعتدنا عليه إنما يُظهر أن السلطة في إقامة جبرية، فأركانها غير قادرين أصلا بعد اليوم على التجول في الشوارع وبين اللبنانيين وقد استعاضوا عن الاحتفال الضخم الذي كانوا يقومون به باحتفال رمزي صغير.
ووصلت «شعلة الاستقلال» إلى ساحة الشهداء بعد ظهر يوم أمس بعدما كانت انطلقت صباحا من المحمرة في قضاء عكار، مرورا بطرابلس والبترون وجبيل والزوق. واحتفل «المحتجون» الذين يشاركون في الحراك المستمر منذ 17 أكتوبر في أكثر من منطقة بذكرى الاستقلال، وكانت الاحتفالات الأبرز في صيدا وطرابلس.
وبحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، احتشدت جموع غفيرة في سوق راشيا الأثري من مختلف المناطق لمناسبة عيد الاستقلال، بدعوة من الحراك الشعبي في راشيا وهيئات المجتمع المدني المؤيدة له، وتوجهت في مسيرة إلى قلعة الاستقلال، أو ما يعرف بحصن 22 تشرين، حيث اعتصم المحتشدون في باحة مدرج القلعة، وأطلقوا الهتافات المؤيدة للحراك وشعارات رافضة للمحاصصة والفساد، كما حيوا الجيش لمواكبته المعتصمين وتوفير الأمن لهم.
فيلتمان: أكثرية اللبنانيين رفضت الاستماع لمطالب نصرالله
قال لـ «الشرق الأوسط» إن سمعة «حزب الله» تآكلت خلال المظاهرات الأخيرة
واشنطن: رنا أبتر
قال جيفري فيلتمان السفير الأميركي السابق لدى لبنان إن سمعة «حزب الله» تآكلت خلال المظاهرات التي يشهدها لبنان. واعتبر فيلتمان في تصريحات خاصّة لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب لم يعد نظيفاً لأنّه أصبح جزءاً من المشكلة السياسية في البلد.
وتحدث الدبلوماسي الأميركي السابق عن الأمين العام للحزب حسن نصرالله: «لقد رأينا واستمعنا إلى خطابات نصرالله، أربع خطابات طالب فيها المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم لكنهم لم يعودوا، وعندما طلب من الشيعة مغادرة الطرقات، بعضهم استمع إليه لكن كثيرا منهم لم يعيروه أي اهتمام، وهذا أمر لم يشهده لبنان من قبل». وقال فيلتمان إن تغلغل الحزب في المؤسسات السياسية اللبنانية أدى إلى فقدانه شرعيته السابقة في الشارع اللبناني.
وقال فيلتمان إن محاولة «حزب الله» التشكيك بالمتظاهرين ونياتهم قوّضت السمعة التي عمل عليها سنين طويلة. وأصبح اليوم مثل بقية الأحزاب السياسية في لبنان التي فقدت مصداقيتها مع الشعب.
ووصف المظاهرات بالملهمة، معتبراً أنها مختلفة عن مظاهرات الرابع عشر من مارس (آذار) 2005 التي تم تسييسها بحسب قوله. وأضاف أن المظاهرات الحالية أسبابها إنسانية ومعيشية بحتة، ومن هنا تنبع قوتها، وأعرب عن أمله في أن تستمع الطبقة السياسية اللبنانية إلى دعوات المتظاهرين وتباشر بالإصلاحات المطلوبة ومكافحة الفساد والمحاسبة كي ينهض لبنان من أزمته الاقتصادية من خلال جذب المستثمرين.
ودعا فيلتمان الإدارة الأميركية إلى الإفراج عن المساعدات العسكرية للقوى الأمنية اللبنانية لأن تجميدها يخدم «حزب الله» والمصالح الروسية والإيرانية في لبنان. وتابع أنه يتوجب على الحكومة الأميركية أن تقدم حزمة مساعدات دولية للبنان بهدف الإصلاح. وحرص على الإشارة إلى أنه لا يمثل الرأي الرسمي الأميركي، وأنه يتحدث بصفة خبير فحسب، ودعا اللبنانيين ووسائل الإعلام اللبنانية إلى قراءة إفادته التي أدلى بها أمام الكونغرس يوم الثلاثاء كاملة، وتابع أن على اللبنانيين أن يتذكروا أن السياسة الأميركية مهمة لأن الولايات المتحدة تستطيع أن تساعد لبنان لإنهاضه من أزمته الاقتصادية. وشدد: «هذا تحرك لبناني بحت ولا يجب أن يأخذه أحد من يد اللبنانيين. لكن الشعب اللبناني شعب ذكي وهو يستمع ويجمع المعلومات بحذر».
وكانت تصريحات فيلتمان أثارت ردود فعل شاجبة في لبنان، واتهمه البعض بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وكان فيلتمان شدد خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا الفرعية في مجلس النواب يوم الثلاثاء على أن من مصلحة الولايات المتحدة الاستمرار بدعم الجيش اللبناني، وقال في الجلسة التي عُقدت تحت عنوان: «ماذا يحمل المستقبل للبنان؟ النظر في انعكاسات المظاهرات الحاليّة» إنّ أكثرية اللبنانيين فقدوا الثقة بـ«حزب الله» وهناك غضب عارم بحق وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لأنه وفّر الغطاء المسيحي لـ«حزب الله».
واعتبر أعضاء اللجنة أن المظاهرات في لبنان تعكس ضعف قاعدة «حزب الله» وإيران في لبنان. ودعا رئيس اللجنة الديمقراطي تيد دويتش الإدارة الأميركية إلى الإفراج عن المساعدات العسكرية التي جمدتها للقوى الأمنية اللبنانية. وأضاف أن الإدارة تجاهلت الرسالة التي أرسلها عدد من النوّاب الديمقراطيين إلى البيت الأبيض لمطالبته بتفسير قرارها القاضي بتجميد جزء من المساعدات العسكريّة للبنان.
وكان دويتش ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت أنغل كتبا في رسالة أرسلاها إلى مدير مكتب الإدارة والموازنة ميك مولفاني: «نحن مرتبكان من قرار الإدارة تجميد هذه المساعدات». وقال النائبان إن مكتب مولفاني هو الّذي اتخّذ قرار تجميد 105 ملايين دولار من الأموال المخصّصة لبرنامج التمويل العسكري الخارجي بتوجيه من البيت الأبيض. | |
|