Date: Nov 17, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
جنوب سوريا على «صفيح ساخن» مع تصاعد الاغتيالات والمظاهرات
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
لا تزال منطقتا درعا والقنيطرة جنوب سوريا، في حالة أمنية غير مستقرة وعلى صفيح يراه مراقبون أنه يكاد أن يشتعل في أي وقت، خاصة مع قرب انتهاء صلاحية أوراق التسوية الوطنية نهاية الشهر المقبل، التي منحت لأبناء المنطقة المناهضين للنظام السوري والتي بموجبها سمحت لحاملها التنقل ولمرور عبر حواجز النظام دون التعرض له.

وتزايدت عمليات الاعتقالات ومحاولات في عودة التشديد الأمني على المنطقة من خلال التدقيق الأمني الذي انتشر مؤخراً للبحث عن مطلوبين على حواجز المنطقة الرئيسية، أو الاستهداف المتكررة لمواقع تمركز قوات النظام في مناطق التسويات، إضافة إلى أن المنطقة تشهد تصاعد متسارع في حوادث الانفلات الأمني، حيث وثق ناشطون من المنطقة أكثر من 15 حادثة اغتيال وقعت خلال الشهر المنصرم استهدفت قادة وعناصر سابقين في فصائل المعارضة، وشخصيات مدنية مقربة من النظام السوري (رؤساء بلديات ووجهاء محليين)، وأخرى كانت بحق شخصيات مروجة لإيران و«حزب الله» في المنطقة.

وخلال الأيام القلية الماضية، شهدت منطقة جنوب سوريا خروج متظاهرين في عدة مناطق من ريف درعا الغربي في بلدات العجمي وتل شهاب واليادودة والمزيريب وزيزون ومدينة طفس، هتفت ضد وجود الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» ومحاولاتها التمدد في المنطقة الجنوبية، وطالب المتظاهرون بالإفراج عن المعتقلين كما رفعوا شعارات مناهضة للنظام السوري، ولافتات تطالب بخروج ميليشيات إيران و«حزب الله» من المحافظة. كما انتشرت شعارات وعبارات في عدة مدن وبلدات في مناطق خاضعة لاتفاق التسوية تذكر بشعارات الثورة السورية وأخرى مناهضة للنظام، وقال أحد السكان المحليين من ريف درعا الغربي إن مثل هذه المظاهرات تمثل رسالة للأطراف التفاوض، لا سيما الجانب الروسي بضرورة الالتزام بالتعهدات التي قدمت للمناطق وأهلها بالحفاظ على استقرار المناطق وإنهاء التوتر الأمني ومنع تجاوزات قوات النظام السوري.

وقام مجهولون أيضاً بمهاجمة مراكز تجمع قوات النظام السوري في ريف القنيطرة ومثلها في مدينة جاسم بريف درعا الغربي، المدينة التي شهدت توتراً أمنياً في منتصف الشهر الماضي وحالات اعتقال على خلفية حادثة استهداف الدورية الروسية التي وقعت على الطريق الواصل بين مدينتي جاسم وأنخل، واعتقلت على إثرها قوات النظام السوري عدة أشخاص من مدينة جاسم، وشددت أمنياً على حواجزها المنتشرة بين المناطق هناك.
أيضاً قبل يومين هاجم مجهولون حاجزاً تابعاً لفرع المخابرات الجوية يتمركز في منطقة غرز على الطريق الواصل لمناطق درعا البلد وطريق السد والمخيم من ريف درعا الشرقي، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من عناصر الحاجز نعتهم صفحات موالية للنظام عبر وسائل التواصل الاجتماعي بينهم ضابط برتبة نقيب، وإصابة آخرين.

وتضاربت أراء ناشطين من درعا حول الاستهدافات المتكررة التي تتعرض لها قوات النظام السوري في مناطق التسوية جنوب سوريا منهم من ردها إلى وجود ما تطلق على نفسها اسم المقاومة الشعبية، وهي مجموعة نشأت بعد اتفاق التسوية في الجنوب ونفذت عدة هجمات ضد مواقع قوات النظام السوري في المنطقة أو بخلايا تابعة لتنظيم «داعش»، وأخرين ربطوا الهجمات بصراع النفوذ الذي تشهده المنطقة الجنوبية منذ دخولها اتفاق التسوية الذي يشترط إزالة الحواجز الأمنية من المناطق التي خضعت لاتفاق التسوية، ومحاولة روسيا السيطرة على أكبر قدر جغرافي وبشري في الجنوب، ووجود تلك الهجمات يؤثر على تطبيق اتفاق انسحاب الحواجز من المنطقة، وتغير الوضع الأمني في مناطق التسويات، ليصبح نظاماً أمنياً مشدداً بتأييد روسي، بذريعة تلك الهجمات.

وقالت مصادر مقربة من لجنة التفاوض في درعا إن مناطق جنوب سوريا الخاضعة لاتفاق التسوية «تشهد تصاعداً في حالة عدم الاستقرار بشكل شبه يومي، نتيجة الانفلات الأمني الكبير الذي تشهده المنطقة دون تحرك من الجهات المعنية للحد من تفاقم هذه الظاهرة، وتزايد حالات الاعتقال بحق المدنيين والعناصر السابقين في المعارضة، حيث وصل عدد تلك الحالات لأكثر من 500 شخص منذ بدء اتفاق التسوية في المنطقة في تجاوز واضح لاتفاق التسوية والتهدئة في المنطقة الجنوبية من قبل قوات النظام السوري».

ورغم الضغوطات من قبل لجان التفاوض في حوران على الجانب الروسي فإنه لم يتم الإفراج إلا عن أعداد قليلة من المعتقلين حديثاً، بينما سجل في ملف المعتقلين العام في المنطقة الجنوبية بأكثر من 4 آلاف حالة اعتقال منذ بدء الحرب في سوريا. وقالت مصادر: «تتقاعس الجهات الأمنية لدى النظام عن تطبيق أحد بنود اتفاق التسوية بالإفراج عنهم أو توضيح مصيرهم، كما أن الإجراءات الأخيرة في عودة التشديد الأمني على المنطقة قبيل انتهاء مدة التسوية الشهر القادم بنشر التدقيق الأمني على بعض الحواجز الرئيسية بحثاً عن مطلوبين في منطقة خاضعة لاتفاق التسوية ومعظم سكانها يحملون التسوية خوفاً من المطالب الأمنية أمر أثار القلق بين المواطنين».

وكان يشترط في اتفاق التسوية أن يتم إنهاء سجل أي شخص مطلوب بناء على التسوية التي منحت له، ورغم إزالة أعداد كثيرة من سجل المطلوبين، فإن هناك أشخاصاً يشتكون من عدم إزالة المطالب الأمنية بحقهم، رغم مرور أكثر من عام على بدء اتفاق التسوية و«كانت أسباب أثرت على ثقة الأهالي بعودة الحياة الطبيعية إلى المنطقة بعد اتفاق التسوية نتيجة لاستمرار التجاوزات والخروقات والتراخي في تنفيذ بنود الاتفاق، مما جعل المنطقة تعيش حالة غير مستقرة أمنياً ومخاوف مستمرة من عودة التوتر إلى المنطقة أو انهيار اتفاق التسوية إذا ما استمرت التجاوزات والخروقات المتكررة لبنود اتفاق التسوية الذي وقعته المعارضة من الجانب الروسي قبل عام ونيف في شهر يوليو (تموز) من عام 2018».