Date: Nov 6, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
موسكو تصعّد ضد الوجود الأميركي شرق الفرات
القوات الحكومية السورية تنتشر شرق القامشلي للمرة الأولى منذ عام 2012
موسكو: رائد جبر
تزامن إعلان وزارة الدفاع الروسية، أمس (الثلاثاء)، عن البدء بالمرحلة الثانية من تسيير الدوريات المشتركة مع تركيا في شمال سوريا وفقاً لاتفاق سوتشي، مع تصعيد اللهجة الروسية ضد التحركات الأميركية في منطقة شرق الفرات بعد الإعلان عن عزم واشنطن إقامة قاعدتين عسكريتين جديدتين هناك. وفي إشارة لافتة، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تشاؤم حيال إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن لتسوية هذا الملف.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن موسكو وأنقرة أطلقتا ظهر أمس مساراً جديداً للدوريات المشتركة على امتداد 160 كيلومتراً قرب بلدة عين العرب (كوباني) في شمال شرقي سوريا. وأفاد بيان عسكري بأن وحدات الشرطة العسكرية والقوات التركية وضعتا مساراً للدوريات على بعد كيلومترات قليلة إلى الشمال من كوباني، ويمر ببلدتي بندر خان وشيوخ فوقاني.

وتعد دورية أمس والتي سيكون مسارها منتظماً لقوات الطرفين، الثانية بعد أن سيّرت موسكو وأنقرة، مطلع الشهر الجاري، دورية مشتركة عند الشريط الحدودي مع تركيا في ريفي عامودا والدرباسية.

وكان الطرفان توصلا خلال محادثات عقدها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي، الشهر الماضي، إلى اتفاق ينص على تسيير دوريات مشتركة على طول الحدود السورية - التركية باستثناء القامشلي ومنطقة العمليات العسكرية التركية التي تمتد بين رأس العين وتل أبيض.

ونص الاتفاق على إخلاء الشريط الحدودي بعمق يصل إلى 30 كيلومتراً من المسلحين الأكراد وسحب الأسلحة الثقيلة والآليات منها. واللافت أنه خلافاً لتأكيدات تركية برزت خلال اليومين الماضيين حول {استمرار وجود أعداد من المقاتلين الأكراد في المنطقة}، أكدت موسكو انه تم تنفيذ الشق الأول من الاتفاق {كاملاً} قبل الموعد المحدد، وان المنطقة باتت خالية من الوجود المسلح للأكراد.

وكرر لافروف، أمس، الاعراب عن الارتياح لسير تنفيذ الاتفاق الروسي - التركي، وقال إن {بنود الاتفاق يجري تطبيقها بشكل جيد}.

في المقابل، واصلت موسكو التركيز على التحركات الأميركية في منطقة شرق الفرات، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، أن بلاده تعتبر محاولات واشنطن التمركز في شمال شرقي سوريا بمنطقة حقول النفط {أمراً لا يمكن القبول به}.

وكانت موسكو شنّت حملة قوية على واشنطن بعد إعلان الأخيرة إعادة وحدات عسكرية إلى المنطقة بذريعة حماية النفط السوري ومنع سيطرة تنظيم {داعش} أو الروس عليه. واتهمت وزارة الدفاع الروسية الأميركيين بالقيام بعملية {سرقة} للنفط السوري بذرائع مختلفة. وصعّدت موسكو لهجتها أكثر أمس بعد إعلان واشنطن عزمها اقامة قاعدتين عسكريتين جديدتين في المنطقة، إذ شدد فيرشينين على أن {أي تصرفات من مثل محاولة الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري غير الشرعي (في سوريا) هي من وجهة نظرنا مخالفة للقانون الدولي ولا يمكن القبول بها}.

وكانت وكالة أنباء {الأناضول} التركية قد أفادت سابقاً بأن العسكريين الأميركيين يقومون ببناء قاعدتين جديدتين في محافظة دير الزور شرق سوريا. وأوضحت مصادر الوكالة أن القاعدة الأولى تجري إقامتها في بلدة الصور بريف المحافظة الشمالي، وتبنى القاعدة الثانية في مقر اللواء 113 الذي كان يتبع للجيش السوري بريف دير الزور الشمالي الغربي. وأشارت الوكالة إلى أن الجيش الأميركي أرسل، بعد إطلاق عملية {نبع السلام} التركية ضد {وحدات حماية الشعب} الكردية تعزيزات إلى دير الزور بلغ قوامها نحو 250 جندياً، بالإضافة إلى آليات ومصفحات وراجمات صواريخ.

ورداً على ذلك، شكك وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في إمكانية التوصل إلى اتفاقات مع الولايات المتحدة بخصوص الوضع في شمال شرقي سوريا. وقال خلال مؤتمر صحافي أمس: {ليس لدي شعور بأنه يمكن الاتفاق مع الولايات المتحدة على شيء ما اليوم}. وكان الوزير الروسي قد قال في وقت سابق إن بلاده {ستواصل الدفاع عن موقفها حيال هذه المسألة}، في إشارة إلى عزم موسكو تصعيد تحركاتها ضد تعزيز الوجود الأميركي في شرق سوريا من خلال مجلس الأمن والهيئات الدولية الأخرى.

تجدر الاشارة إلى أن موسكو أعلنت في وقت سابق أن قنوات الاتصالات السياسية مع الولايات المتحدة {لم تعد تعمل}، وأشارت إلى أن القناة الوحيدة التي ما زالت تمارس نشاطها من دون انقطاع هي القناة العسكرية التي يسعى الطرفان من خلالها إلى تجنّب وقوع احتكاكات أو صدامات غير مقصودة بين قوات البلدين في سوريا.

دوريات الأميركيين مع الأكراد تثير توتراً جديداً مع الأتراك
واشنطن: إيلي يوسف
ظهر توتر جديد بين واشنطن وأنقرة على خلفية ادعاءات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات الأميركية فشلت في تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في خصوص «المنطقة الآمنة» شمال شرقي سوريا، وبأنها لا تزال تسيّر دوريات مشتركة مع القوات الكردية فيها.

وبينما أوحت تصريحات إردوغان بوجود هذه التوتر، بدت أجواء واشنطن وكأنها لا تزال محكومة بالتفاهم الضمني الذي توصل إليه الرئيس التركي مع الرئيس دونالد ترمب، وهو تفاهم ترى بعض الأوساط أنه «المحرك الفعلي» وراء إصرار أنقرة على تحقيق غالبية طلباتها من واشنطن، رغم الاعتراضات والتهديد بفرض العقوبات عليها من قبل الكونغرس الأميركي، بمجلسيه الشيوخ والنواب.

وحتى التصويت الذي جرى الأسبوع الماضي في مجلس النواب الأميركي والاعتراف بوصف المجازر التي تعرض لها الأرمن على أيدي السلطنة العثمانية، بأنها عمليات إبادة، اعتبر أنه من باب «تحصيل الحاصل» ولا يلزم تركيا باتخاذ إي إجراء. بل وقد يستخدمه الرئيس التركي لزيادة طلباته وضغوطه. وهو ما لوّح به عبر إعلانه أمام نواب من حزبه، الثلاثاء، بأنه لا يزال يقيّم جدوى زيارته إلى واشنطن التي من المقرر أن تتم بعد أسبوع من الآن.

وبينما لم تتلق «الشرق الأوسط» رداً من وزارة الدفاع الأميركية على أسئلتها حول الاتهامات التركية، قال باراك بارفي الخبير في الشأن التركي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه لا يوجد بالفعل أي اتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا، وإنه لم يتم توقيع أي شيء بشأن تسيير الدوريات المشتركة مع الأكراد. وأضاف بارفي أن ترمب قال إن القوات الأميركية ستبقى لحماية النفط. لكن النفط السوري في تلك المنطقة ليس له قيمة تذكر. وبدلاً من ذلك، فقد تكون هي الطريقة التي أراد من خلالها الإبقاء على القوات الأميركية في سوريا. وقال بارفي: «عندما يتحدث ترمب عن النفط، فهو يستخدم مجرد كلمة طنانة ليس لها معنى».

في المقابل تهيمن أجواء من عدم الارتياح على ممثلي الأكراد في واشنطن، جراء سياسات إدارة ترمب التي لا تزال حتى الساعة تؤجل أي لقاء مهم من قبل مسؤولين أميركيين كبار بوفد «مجلس سوريا الديمقراطية» الموجود في واشنطن برئاسة إلهام أحمد، وترفض بحث تداعيات سحب القوات الأميركية من منطقة الشريط الحدودي مع تركيا وانعكاساته عليهم.

ومن المقرر أن تغادر أحمد واشنطن إلى أوروبا في جولة تسبق اجتماع وزراء خارجية دول التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، الذي يعقد في 14 من الشهر الحالي في واشنطن برعاية وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي دعا إليه الشهر الماضي في أعقاب مقتل «أبو بكر البغدادي» والتطورات الميدانية التي رافقت تطبيق الاتفاق الأميركي - التركي في منطقة شمال شرقي سوريا.

وفي هذا الإطار، يقول الباحث باراك بارفي إنه «من المستحيل التأكد من تأثير قرار ترمب على العلاقات المستقبلية مع الأكراد. ما هو واضح هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني لا يستطيع الاعتماد على الروس للحصول على أي مساعدة. لقد حاولوا إقامة توازن بين الأميركيين والروس، لكن هدف موسكو الرئيسي هو استعادة النظام لسيطرته بشكل كامل». وأضاف: «بالنسبة للنظام ورغم علاقاته الحميمة وتعاونه العرضي مع الأكراد، فإنه أيضاً ليس حليفاً لهم. ومع ذلك، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي يدرك أنه رغم خيانة واشنطن للأكراد، فإنها لا تزال تشكل أفضل حليف لهم ضد الروس والسوريين والأتراك».

القوات الحكومية السورية تنتشر شرق القامشلي للمرة الأولى منذ عام 2012
انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض


دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
انتشرت وحدات من القوات النظامية السورية، أمس (الثلاثاء)، في المناطق الحدودية مع تركيا بالريف الشرقي لمدينة القامشلي (محافظة الحسكة)، في أول انتشار من نوعه في هذه المنطقة منذ عام 2012.

وأوضحت وكالة «سانا» الحكومية السورية، أن تحرك الجيش النظامي شرق القامشلي يأتي «استكمالاً لعملية الانتشار» التي بدأتها القوات النظامية في محافظة الحسكة قبل أيام، في إطار اتفاق رعته روسيا مع تركيا التي كانت تهدد باجتياح المنطقة لطرد «وحدات حماية الشعب» الكردية منها. وأشارت الوكالة إلى أن وحدات الجيش النظامي «انتشرت على الشريط الحدودي مع تركيا بدءاً من مدينة القامشلي غرباً إلى مدينة المالكية شرقاً، وعلى امتداد نحو 60 كيلومتراً، وأقامت نقاط تمركز في المنطقة لتوفير الأمان والحماية لأهلها»، بحسب ما ذكرت الوكالة الحكومية. ولفتت الوكالة أيضاً إلى أن وحدات الجيش بدأت صباحاً «الانتشار في الريف الشرقي لمدينة القامشلي مروراً ببلدتي القحطانية والجوادية قاطعة مسافة أكثر من 120 كلم انطلاقاً من مدينة الحسكة»، مضيفة أن هذا الانتشار يهدف إلى «حماية الأهالي» من هجمات تشنها «مجموعات إرهابية مدعومة من النظام التركي»، بحسب ما جاء في وصف «سانا».

وكانت القوات النظامية السورية انتشرت في الأيام الماضية بريف الحسكة الشمالي ودخلت مدينتي الدرباسية وعامودا، وقرى وبلدات دودان في تل عفر وخراب كورد بريف القامشلي الغربي وقرى وبلدات أخرى بريف الحسكة الشمالي الشرقي على الحدود السورية - التركية من ريف رأس العين الشرقي غرباً وصولاً إلى القامشلي شرقاً، بحسب «سانا».

أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فأشار، من جهته، إلى «انتشار جديد لقوات النظام ضمن مناطق شمال وشمال شرقي سوريا»، موضحاً «أن آليات عسكرية تابعة لقوات النظام تحمل جنوداً ومعدات عسكرية ولوجيستية انتشرت في الضواحية الشرقية لمدينة القامشلي، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2012». وتابع: «إنه جرى إبلاغ وجهاء في المنطقة حول اتفاق روسي - تركي - أميركي يفضي إلى انتشار قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري عند الشريط الحدودي ضمن المنطقة الواقعة بين القامشلي والقحطانية، على أن يكون هناك تواجد للقوات الأميركية في عمق هذه المنطقة».

ولفت «المرصد»، في هذا الإطار، إلى حصوله على معلومات تؤكد «أن القوات الأميركية تقوم بتحضيرات لإنشاء قاعدة عسكرية جديدة تابعة لها في قرية زغات - ينبوع الواقعة بريف المالكية على طريق معبر سيمالكا عند مثلث تركيا – العراق – سوريا».

في غضون ذلك، أعلن معارضون سوريون أن سيارة مفخخة انفجرت بمدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ظهر أمس. وقال قائد في «الجيش الوطني» التابع لـ«الجيش السوري الحر» المعارض لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «انفجرت سيارة مفخخة في ساحة لصيانة السيارات وسط مدينة تل أبيض، واقتصرت الأضرار على الماديات، لعدم تمكن من يقودها من الدخول إلى الشارع الرئيسي، بعد منع الجيش الوطني تحرك السيارات في الشارع الرئيسي اليوم (أمس)».

ونقلت الوكالة أيضاً عن مصدر في «الجيش الوطني»: «بعد تكرار حوادث التفجير، تم تعزيز الحواجز على مداخل مدينة تل أبيض، ومنع دخول الدراجات النارية إلى المدينة. كما تم وضع حواجز مشتركة مع الجيش التركي وعلى مداخل المدينة وبداخلها».

وشهدت مدينة تل أبيض، السبت الماضي، تفجير سيارة مفخخة وسط السوق الرئيسية؛ ما أدى إلى مقتل 18 شخصاً وإصابة 30 آخرين بجروح. وسيطر الجيش التركي وفصائل «الجيش الوطني السوري» على مناطق ريف الرقة الشمالي بعد إطلاق عملية «نبع السلام» في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد معارك مع «وحدات حماية الشعب» الكردية.

إلى ذلك، أعلن مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية سقوط تسعة جرحى بينهم اثنان في حالة حرجة جراء غارات للطيران الحربي الروسي على مدن وبلدات في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، أمس الثلاثاء. وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية إن «التحذيرات التي عممتها المراصد على الأهالي دفعتهم للتوجه إلى الأراضي الزراعية والدخول إلى الملاجئ». وأشار إلى أن نزوح أغلب سكان تلك المناطق قلل من أعداد الجرحى رغم الدمار الكبير الذي خلفه القصف.

ونقلت «الوكالة الألمانية» أيضاً عن قائد عسكري في فصيل «الجبهة الوطنية للتحرير» أن «الطائرات الحربية الروسية أطلقت أكثر من 20 صاروخاً على مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وبلدات النفير وكفرسجنة والشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي مخلفة دماراً واسعاً». وأكد القائد العسكري أيضاً أن القوات الحكومية السورية قصفت «بلدة كفرنبل بأكثر من 35 صاروخاً من نوع أرض – أرض، وأكثر من 50 قذيفة مدفعية، مما أدى إلى دمار في أغلب أحياء المدينة المدمرة (أصلاً)».

وأكد مصدر قريب من القوات الحكومية السورية للوكالة الألمانية أن «الطيران الحربي السوري والروسي استهدف أكثر من 9 مواقع لمسلحي المعارضة في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي مخلفاً قتلى وجرحى».