Date: Oct 31, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
المغرب: «مجلس حقوق الإنسان» يوصي بتعديل فصول من القانون الجنائي
الرباط: لطيفة العروسني
أوصى المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان، أمس، بتعديل الفصول المتعلقة بالإجهاض في القانون الجنائي، وذلك بالسماح للسيدة الحامل بوضع حدّ لحملها في حالة ما إذا كان فيه تهديد لصحتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، كما أوصى بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين.

ومن المتوقع أن تثير توصيات المجلس جدلاً نظراً لانقسام المجتمع بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، أسوة بما حدث عندما طالب المجلس بالمساواة في الإرث.

وكان النقاش حول «الحريات الفردية» قد احتدم بشكل كبير في المغرب بعد اعتقال الصحافية هاجر الريسوني بتهمتي الإجهاض وإقامة علاقة غير شرعية، وأدينت بسنة سجناً نافذاً، قبل أن تستفيد من عفو ملكي، وهي القضية التي أثارت ضجة حقوقية واسعة داخل المغرب وخارجه.

وبرّر المجلس في مذكرة حول مشروع القانون رقم 10.16، المتعلق بتعديل القانون الجنائي، وجّهها إلى رئيسي مجلسي البرلمان والفرق البرلمانية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، السماح بالإجهاض وفق بعض الضوابط، بضرورة «المواكبة التشريعية الحمائية لواقع الإجهاض السري بالمغرب، والتصدي للظاهرة بطريقة عقلانية، والعمل على تجنيب النساء (عددهن مرتفع، وبينهن مراهقات وشابات) مخاطر الإجهاض السري، ومكافحته مع لوبيات المتاجرين بأجساد النساء المغربيات (وغيرهن) في الظروف القاسية والمؤلمة، التي تصاحب الإجهاض السري للنساء الحوامل».

وأفاد المجلس في مذكرته أن «الاعتراف بأن مواصلة حمل غير مرغوب فيه لأسباب تتعلق بالصحة بمفهومها الشامل الجسدي الاجتماعي والنفسي فيه تعدٍ على حرمة كيان السيدة الحامل، ومن ثم خرق لحقوق الإنسان».

ولفت المجلس في المقابل إلى أن الإجهاض لا يمكن أن يصبح حدثاً مبتذلاً لا يستحق وقفة متأنية قبل اللجوء إليه، نظراً لتعلقه أيضاً بحياة جنين، تعتبر موجودة بالقوة أو بالفعل، وهو ما يستلزم إحاطة تحريره بضوابط تحصن اللجوء إليه من الزلل.

وأوضح المجلس أنه استند في توصيته إلى مفهوم منظمة الصحة العالمية في تعريف الصحة، الذي يقرر أن «الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز». إلى جانب احترام وتفعيل مضمون التوصيات التي وجّهتها للمغرب لجنتان وازنتان من لجان الأمم المتحدة، وهي لجنة حقوق الإنسان ولجنة حقوق الطفل، ما يعني حقوقياً تنفيذ المغرب للالتزامات، التي قبلها بموجب مصادقته على المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان. وهناك أيضاً التطور الملموس للقانون المقارن بالتعامل الحمائي العقلاني مع ظاهرة الإجهاض السري في جلّ الدول المتقدمة، التي تحرص على احترام حقوق الإنسان، وخاصة الحقوق المتعلقة بالمرأة.

وبخصوص رأيه حول تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج في القانون الجنائي المغربي، أوصى المجلس في مذكرته بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الرشداء، وحذف الفصول 489 إلى 493 من القانون الجنائي. كما أوصى المجلس في هذا السياق بحذف باب «انتهاك الآداب»، واستبداله بحماية الحريات الشخصية. وبرر المجلس توصيته بـ«ضرورة عدم تدخل القانون الجنائي في العلاقات الشخصية الحميمية، إلا بصفة استثنائية عندما يلابسها عنف غير مشروع، أو ظروف تفرض حماية خاصة (كما هو الأمر في الاغتصاب أو ربط علاقة جنسية مع قاصر، أو المفروضة بطريقة أو بأخرى على من لا يستطيع عملياً أن يعبر عن رضائه الصحيح بها، أو الاستغلال الجنسي للنساء وللقاصرين)، واعتبار الرضا حجر الزاوية في العلاقات الجنسية بين الرشداء»، وعدم إضرار العلاقات المذكورة بالنظام العام، ولا بالنظام الخاص أو بالغير، ومستلزمات الارتقاء بالجهاز القضائي وبالاجتهاد القضائي وعقلنتهما.

وضمّت مذكرة المجلس توصيات أخرى، تتعلق بالتعذيب والاختفاء القسري والتحريض على العنف والكراهية والتمييز وإلغاء عقوبة الإعدام.