|
|
Date: Oct 26, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
تونس: «النهضة» تبدي استعدادها للتشاور مع الرئيس الجديد حول تشكيل الحكومة |
منظمة حقوقية تطلق منصة إلكترونية لمراقبة تنفيذ قيس سعيد لوعوده الانتخابية |
تونس: المنجي السعيداني
أعلن المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» عن استعداده للتشاور حول تشكيل الحكومة التونسية المقبلة مع جميع الأطراف السياسية المعنية، وفي مقدمتها الرئيس الجديد المنتخب قيس سعيد، وهو ما اعتبره جل المراقبين بمثابة «اعتراف» من «النهضة»، التي بدأت قبل نحو أسبوعين مشاوراتها مع الأطراف المرشحة للانضمام إلى الائتلاف الحكومي، بأنها باتت مستعدة للتخلي عن شروطها السابقة، لتفادي اصطدامها ببعض شروط عدد من الأحزاب الوازنة في تونس، والتي وصفها مراقبون بأنها «مجحفة»، وتعوق تشكيل حكومة مستقرة تحظى بثقة أكبر عدد من نواب البرلمان الجديد.
وفي حال عجزت حركة «النهضة» عن ضمان توافقات بشأن تشكيلة الحكومة المقبلة، بما يضمن الأغلبية البرلمانية (تقدر بـ109 أصوات من إجمالي 217 عضواً في البرلمان)، فإنها ستلجأ بالضرورة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد لإنعاش مسار المفاوضات، وتقريب وجهات النظر بينها وبين بقية الأحزاب؛ خصوصاً حزب «حركة الشعب»، وحزب «التيار الديمقراطي»، على اعتبار أن هذين الحزبين كانا من بين الداعمين لقيس خلال الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
ويتيح الدستور التونسي لرئيس الجمهورية أن يتدخل في عملية تشكيل الحكومة، من خلال عرض التركيبة الحكومية عليه، والتشاور مع رئيس الحكومة حول الأسماء المرشحة من وزراء ووزراء دولة، خصوصاً وزيري الخارجية والدفاع، اللذين يقترحهما بنفسه.
وحتى أمس لم تفصح حركة «النهضة» (الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السادس من الشهر الجاري) عن قرار تخليها بصفة رسمية عن تمسكها برئاسة الحكومة، واختارت التكتم على هذا القرار لإبقائه «كورقة تفاوضية»، حسب بعض المراقبين.
لكن، وبحسب تسريبات بعض المقربين من «النهضة»، فإن الحزب قد يتخلى في آخر لحظة عن شرط تعيين شخصية من صفوفه على رأس الحكومة الجديدة، وهو ما أعلنت حركة «الشعب» (حزب قومي) صراحة عن رفضه، خشية العودة إلى مربع الفشل الذي طبع نتائج الحكومة السابقة، التي حظيت بدعم حركة «النهضة». غير أن تخليها عن رئاسة الحكومة قد يكون مقدمة تكتيكية من قبل قياداتها لترشيح رئيسها راشد الغنوشي هذه المرة على رأس البرلمان، إذ إنه سيترأس أول جلسة للبرلمان الجديد، باعتباره أكبر النواب سناً، وسيتمكن كذلك من الترشح والمنافسة على رئاسة البرلمان.
وبخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، دعت حركة «النهضة» خلال الأيام القليلة الماضية كلاً من حركة «الشعب» (16 مقعداً برلمانياً) وحزب «التيار الديمقراطي» (22 مقعداً برلمانياً) إلى الدخول في مشاورات لتشكيل الائتلاف الحاكم الجديد، دون شروط مسبقة، وفي حال تخلي «النهضة» عن مقترح ترؤس راشد الغنوشي، أو أحد قياداتها للحكومة، فإنها ستطلب من هذين الحزبين التخلي عن شروطهما للانضمام إلى الائتلاف الحاكم، ومن أبرزها الحصول على حقائب وزارية بعينها، أو تعيين شخصية مستقلة على رأس الحكومة المقبلة.
وتحظى حركة «النهضة» بدعم «ائتلاف الكرامة» (21 مقعداً برلمانياً)، الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، وهو الحزب الوحيد الذي لم يبدِ أي تحفظات حول محادثات تشكيل الائتلاف الحاكم، كما أنه لم يعترض على ترؤس الغنوشي الحكومة المقبلة.
ومن الناحية القانونية، فإن رئيس الجمهورية يكلف مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي، الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة، وذلك وفق ما يقتضيه الفصل 89 من الدستور التونسي. وعند فشل الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية في تشكيل الحكومة، أو في حال عدم نيل ثقة البرلمان (109 أعضاء)، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات جديدة مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، لتكليف الشخصية الأقدر على تكوين حكومة، في أجل أقصاه شهر.
وفي حال مرور أربعة أشهر من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات دون تشكيل حكومة، فيمكن لرئيس الجمهورية في هذه الحالة حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوماً، وأقصاه تسعون يوماً.
على صعيد آخر، أعلنت منظمة «أنا يقظ»، وهي منظمة حقوقية مستقلة، عن إطلاق منصة إلكترونية مخصصة لمتابعة تنفيذ الرئيس الجديد للوعود والالتزامات الانتخابية، على أن تصدر أول تقرير لها بعد مرور مائة يوم من تسلمه السلطة؛ لكن الفريق المكلف بهذه المتابعة أقر بصعوبة تنفيذ هذا البرنامج، بسبب عدم تقديم الرئيس قيس سعيد أي وعود انتخابية ملموسة.
«حركة الشعب» تهدد بمقاطعة مفاوضات تشكيل حكومة تقودها «النهضة»
تونس: المنجي السعيداني
أكد راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس في السادس من الشهر الحالي، أن المشاورات حول تشكيل حكومة جديدة، تخلف حكومة يوسف الشاهد: «لا تزال في بدايتها، وليست هناك نتائج للمفاوضات التي انطلقت مع عدد من الأحزاب، التي وافقت مبدئياً على الانضمام إلى الائتلاف الحكومي»، الذي ترغب «النهضة» في تزعمه؛ لكنها تمسكت بعدد من الشروط الرئيسية.
وبسؤاله عن تاريخ محدد للانتهاء من تشكيل الحكومة، اعتبر الغنوشي في تصريح إعلامي أن «المشاورات متواصلة لبناء السلطة والحكومة، ولذلك فمن السابق لأوانه الحديث عن نتائج محددة».
وتعول حركة «النهضة» (52 مقعداً برلمانياً) على حزب «ائتلاف الكرامة»، الذي يقوده سيف الدين مخلوف (21 مقعداً برلمانياً)، وحزب «التيار الديمقراطي» (22 مقعداً) الذي يتزعمه محمد عبو، وحزب «حركة الشعب» الذي يقوده زهير المغزاوي، والفائز بـ16 مقعداً برلمانياً، بهدف تحقيق أغلبية تتجاوز 109 أصوات، وهي النسبة المطلوبة قانونياً للحصول على ثقة البرلمان؛ لكن حزب «حركة الشعب» (حزب قومي)، الذي عقد أول اجتماع له مع الرئيس المنتخب قيس سعيد، إثر تسلمه السلطة أول من أمس، اعتبر أن «تمسك حركة (النهضة) بتشكيل الحكومة يعد أمراً سليماً من الناحية الدستورية، باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ لكن ذلك سيؤدي إلى الفشل؛ لأن (النهضة) كانت جزءاً من منظومة الفشل، وستعمل على إعادة إنتاجه»، وفق تقدير قيادات الحزب.
في هذا السياق، أكد رئيس حزب «حركة الشعب» زهير المغزاوي، لـ«الشرق الأوسط» أن من حق حركة «النهضة» تشكيل الحكومة: «لكن تشكيلها على أساس المحاصصات الحزبية لا يعني (حركة الشعب) في شيء. وطبيعة المرحلة السياسية وخصوصياتها قد تكون مناسبة لطرح مقترح (حكومة الرئيس)، أي أن الرئيس قيس سعيد هو الذي يقترح حكومة تحظى بالإجماع، وتقودها شخصية سياسية مستقلة، تماماً مثلما هو الحال مع الرئيس المنتخب، وبذلك تتفادى الساحة السياسية خطر التصادم بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية)».
واعتبر المغزاوي أن نتائج الانتخابات «لم تعطِ أي حزب سياسي التفويض الكامل لتشكيل الحكومة، وكل حزب مطالب بالبحث عن ائتلاف حكومي لتحصيل الأغلبية البرلمانية قصد الحصول على ثقة البرلمان، وفي حال تمسكت حركة (النهضة) بمقترحها، فإن موقع (حركة الشعب) سيكون في المعارضة».
وكانت «حركة الشعب» قد طرحت بعد فوز سعيّد بالدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، مقترحاً يحمل عنوان «حكومة الرئيس»، يقضي بأن يتولى رئيس الجمهورية الإشراف على عملية تشكيل الحكومة، عوضاً عن حركة «النهضة»، الفائزة في الانتخابات البرلمانيّة، والتي يمنحها الدستور التونسي حق تشكيل الحكومة.
وبررت «حركة الشعب» مقترحها بأن تشكيل الحكومة تحت إشراف الرئيس «سيسهل عملها مستقبلاً»، على اعتبار أنها «ستجد لمشروعاتها وتصوراتها سنداً شعبياً، يساهم في إنجازها»، حسب تعبير جل قياداتها السياسية.
لكن المرور إلى «حكومة الرئيس» يتطلب بالضرورة إعلان حركة «النهضة» فشلها في تشكيل الحكومة، وهو ما لا يمكن أن توافق عليه قياداتها السياسية، ومن ثم المرور إلى تفعيل الفصل 89 من الدستور، الذي يمكن الرئيس من صلاحيات تكليف الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة.
على صعيد متصل، دعا نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال) إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، والشروع في تنفيذ البرامج، مبرزاً أن العمل الحكومي «يشهد منذ مدة حالة شلل تام، بسبب الاهتمام الجماعي بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
وكشف الطبوبي عن عدم رغبة اتحاد الشغل في الحصول على أي منصب في الحكومة المقبلة، مشدداً على «ضمان الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، وأن تعمل الحكومة على الاستجابة لتطلعات مختلف الشرائح الاجتماعية، وتحرص على تحقيق النقلة المنشودة في فك العزلة عن الجهات المحرومة، والدفاع عن الفئات الهشة والمحدودة الدخل».
وأضاف الطبوبي أن توقف العمل الحكومي كان له تأثير مباشر على تسيير دواليب الدولة، على اعتبار أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي، قدما أيضاً ترشحهما للانتخابات الرئاسية، إلى جانب خمسة وزراء من أعضاء الحكومة الحالية، الذين ترشحوا للانتخابات البرلمانية: «وهو ما أثر بشكل لافت على الأداء الحكومي، مما جعله يكاد يكون متوفقاً»، على حد قوله. |
|