Date: Oct 22, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
المغرب: «الأصالة والمعاصرة» يتجه للحفاظ على رئاسة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة
ملك المغرب يدعو القضاء إلى مواكبة الظرف الاقتصادي
الرباط: «الشرق الأوسط»
تنتهي المهلة التي حددتها وزارة الداخلية المغربية لتلقي الترشيحات لرئاسة مجلس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، بعد إعلان شغور المنصب الذي كان يشغله الأمين العام السابق لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض إلياس العماري.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن الاتجاه يسير نحو احتفاظ «الأصالة والمعاصرة» برئاسة مجلس الجهة، إذ توقعت أن تكون فاطمة الحساني مرشحة وحيدة لخلافة العماري، وسط توافق واضح بين مكونات التحالف الحزبي المسيّر للمجلس.

ورجحت مصادر من داخل المجلس أن تكون الحساني قدمت ملف ترشيحها لدى المكتب المخصص لذلك بمقر الولاية (المحافظة)، أمس، وسط تأييد الأحزاب المشكّلة لتحالف الغالبية محلياً وهي «التجمع الوطني للأحرار» و«الاستقلال» و«الحركة الشعبية».

وأكدت مصادر من داخل «التجمع الوطني للأحرار» أن الحزب ترددت داخله أنباء عن الترشح للمنافسة على خلافة العماري، لكنّ ذلك لم يتم في النهاية. ولفتت إلى أن زيارة رئيس الحزب عزيز أخنوش، لمدينة طنجة نهاية الأسبوع «حسمت الأمر بشكل كبير بعدما بارك تزكية بقاء رئاسة الجهة لحزب الأصالة والمعاصرة».

ودعا الكاتب الجهوي (الأمين العام) لـ«العدالة والتنمية» في طنجة - تطوان - الحسيمة نبيل أشليح، إلى «ضرورة التفعيل والتنزيل الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة، ووقف التراجعات السياسية المسجلة على مستوى ضرب أسس التدبير الديمقراطي الحر للجهات». وانتقد «الاستمرار في منطق خلق أغلبيات هجينة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا تكرار لنفس سيناريو 2015 مع ما ترتب عليه من هدر للزمن التنموي، خصوصاً أن هذا المسار يخالف مسار الديمقراطية الجهوية والمحلية ويضرب أسس بناء جهوية متقدمة حقيقية كما دعا إليها جلالة الملك في مختلف المناسبات».

وتجنب الرد بجواب صريح على سؤال عن نية الحزب تقديم مرشح باسمه للمنافسة على رئاسة مجلس الجهة. وقال أشليح إن «الحزب منفتح على جميع الخيارات، ولا شيء محسوماً قبل منتصف يوم الثلاثاء، ولا تهمنا الرئاسة بقدر ما تهمنا مصلحة سكان الجهة بمختلف مناطقها». وأعرب عن استغرابه من توقيت اتخاذ قرار استقالة العماري، متسائلاً: «لماذا اتخذ القرار الآن؟ وكيف نفسره للرأي العام؟ هذا التغيير سيسيء إلى سكان الجهة ويضيع عليهم مصالحهم».

ودعا «العدالة والتنمية» جميع الفاعلين الحزبيين والمؤسساتيين إلى «تقوية البناء الديمقراطي لبلادنا وترسيخ الجهوية المتقدمة عبر منع محاولات التحكم في الهياكل وعمليات الانتخاب، والتي تروّج بأشكال متعددة على مستوى جهتنا وباقي جهات المملكة من دون استثناء».

وكان محمد مهيدية، والي (محافظ) جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، قد أعلن في بيان الخميس الماضي، شغور منصب رئيس الجهة «بناءً على مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجهات... وعلى قرار وزير الداخلية القاضي بمعاينة انقطاع العماري عن مزاولة مهام رئيس مجلس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة». وخصصت الولاية مكتباً بمقرها لتلقي ترشيحات الراغبين في تولي رئاسة الجهة.

ملك المغرب يدعو القضاء إلى مواكبة الظرف الاقتصادي
مراكش: عبد الكبير الميناوي
قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن العدالة بقدر ما تعتبر «من المفاتيح المهمة في مجال تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة»، فإن «القضاء مدعو للقيام بدوره الأساس في مواكبة هذا المسار، واستيعاب تحديات الظرفية الاقتصادية العالمية، والمناخ الاقتصادي الوطني».

وأكد العاهل المغربي، في رسالة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة الذي افتتح في مراكش، أمس، تحت شعار «العدالة والاستثمار... التحديات والرهانات»، أن «توفير المناخ المناسب للاستثمار لا يقتضي فقط تحديث التشريعات المحفزة، بل يقتضي أيضاً توفير الضمانات القانونية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق الثقة في النظام القضائي وتوفير الأمن الكامل للمستثمرين».

وأبرزت الرسالة الملكية التي تلاها وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان المصطفى الرميد، «أهمية توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار، على الصعيد الوطني والجهوي والدولي، وتجاوز إشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال، عبر إقامة نظام قانوني ملائم، يتوخى تفادي المشكلات، والحد من المنازعات، وكذلك إنشاء هيئات متخصصة في فض هذا النوع من النزاعات، داخل الآجال المعقولة، وتراعي خصوصيات المنازعات المالية والتجارية، وتتسم بالسرعة والفعالية والمرونة».

واعتبر الملك محمد السادس أن «خلق فضاء آمن للاستثمار بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، يفرض علينا جميعا اليوم، بذل المزيد من الجهود في اتجاه ترسيخ دولة القانون، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأهيل الفاعلين في المجال القضائي، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها، من خلال مقاربة شمولية مندمجة، تتعامل مع قضايا الاستثمار في مختلف جوانبها، المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية، والضريبية والجمركية، والعقارية والتوثيقية والاجتماعية، وتستحضر الأبعاد الدولية والتكنولوجية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات».

وجدد العاهل المغربي تأكيده على «ضرورة وضع رؤية استراتيجية في مجال تحسين مناخ الأعمال»، وفق «رؤية قوامها توفير بيئة مناسبة للاستثمار، واعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة، تجعل من المقاولة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «أصدرنا توجيهاتنا للإسراع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، وإصلاح مراكزه الجهوية، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها على أكمل وجه، ووضع حد للعراقيل التي تحول دون أدائها للدور المنوط بها. كما ألححنا في أكثر من مناسبة على ضرورة تبسيط مساطر الاستثمار، وتحيين برامج المواكبة الموجهة للمقاولات، وتسهيل ولوجها للتمويل، والرفع من إنتاجيتها، وتكوين وتأهيل مواردها البشرية».

واستعرض جملة من الخطوات التي «ساهمت في تعزيز مكانة المغرب، كبلد يحظى بالثقة والمصداقية لدى المستثمرين الأجانب، ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والماليين»، مشيراً إلى «إقرار مجموعة من النصوص القانونية الحديثة والمهيكلة، الهادفة إلى تطوير منظومة المال والأعمال، وتشجيع الاستثمار، وتنشيط الدورة الاقتصادية، ودعم المقاولات الوطنية، وجعلها رافعة للتنمية الاقتصادية»، مثل «تعديل مدونة التجارة، وقوانين الشركات، وكذا القانون المتعلق بالضمانات المنقولة، فضلاً عن تكريس مقاربة تخرج القاضي من الأدوار الكلاسيكية إلى أخرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، وتضمن تحقيق أمن المقاولة والسلم الاجتماعي داخلها، عبر إقرار التوازن الموضوعي بين حقوق الأجراء وأرباب العمل».

ودعا الحكومة إلى «الإسراع بإقرار باقي النصوص القانونية ذات الصلة، وإعداد النصوص التنظيمية المتعلقة بالقوانين المصادق عليها». وأشار إلى أنه «استجابة للرغبة الملحة للمستثمرين، في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية، تم إعداد مشروع مدونة خاصة بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، في أفق عرضه على مسطرة المصادقة».

ورأى أن مرور ربع قرن على إحداث المحاكم التجارية في المغرب، يعد «مناسبة سانحة لتقييم هذه التجربة، والنظر في سبل تطويرها، بالعمل على تعزيز المكتسبات، واستشراف آفاق جديدة تستلهم أنجح التجارب عبر العالم، على غرار فكرة محاكم الأعمال، التي بدأت تتبناها بعض الدول».

ودعا إلى «استثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة، وذلك انسجاماً مع متطلبات منازعات المال والأعمال، مع الحرص على تقعيدها قانونياً، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي».

يُشار إلى أن الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة التي تنظمها، على مدى يومين، وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بالمغرب، يحضرها أكثر من 800 ممثل لأكثر من 80 دولة، بينهم نحو 40 وزيراً للعدل وعدد كبير من رؤساء مجالس عليا للقضاء، ومدعون عامون، إضافة إلى فاعلين أساسيين بمؤسسات دولية اقتصادية ومالية متخصصة.

وتهدف الدورة إلى تعزيز التطبيق الأفضل لآليات التعاون الدولي وتبادل الخبرات الناجحة لتحقيق أهداف، بينها «التعرف على الممارسات الجيدة، بغية الاستفادة منها، وتيسير انخراط الاقتصاد الوطني في نظام العولمة الذي يعتبر لا محيد عنه، وتعزيز قنوات التواصل والتقارب بين الأنظمة القانونية والقضائية، وتحقيق التبادل المستمر للمعرفة والمعلومات، وتقديم مقترحات مبتكرة وتوصيات عملية ليصبح المؤتمر، حاضراً ومستقبلاً، إطاراً ملائماً لتبادل التجارب والخبرات ورافعة لتطوير الأنظمة القانونية والقضائية».