Date: Oct 21, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الحكومة اللبنانية تسابق الحشود الضخمة بورقة الاقتراحات الاقتصادية
مطالب الاحتجاجات في لبنان تتباين بين التغيير الكلي والإصلاح
بيروت: «الشرق الأوسط»
تسابق الحلول السياسية في لبنان الاعتصامات التي تتوسع ويزداد عددها وحشودها بشكل غير مسبوق في بيروت ومناطق متعددة، وذلك قبل انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي أعطاها رئيس الحكومة سعد الحريري للأطراف السياسية المكونة للحكومة، بغية تنفيذ الإصلاحات، وسط معلومات عن انعقاد جلسة وشيكة للحكومة تقر فيها الموازنة المالية العامة لعام 2020 تمهيداً لإحالتها إلى البرلمان لإقرارها، وذلك بعد وضع اللمسات الأخيرة على ورقة الاقتراحات الاقتصادية بسرعة قياسية تحت ضغط الاحتجاجات في الشارع.

في غضون ذلك، ضاقت شوارع وسط بيروت ومدن أخرى في لبنان أمس برجال ونساء وشباب ناقمين على الطبقة السياسية التي يحملون عليها فسادها وسوء إدارتها لأزمة اقتصادية دفعت اللبنانيين إلى تخطي انتماءاتهم الحزبية والتظاهر لتحصيل حقوقهم. وازدادت أعداد المتظاهرين أمس، في اليوم الرابع من الاحتجاجات، بحيث وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. وخروج عشرات الآلاف من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية إلى الشوارع، مكررين شعار «ثورة» و«الشعب يريد إسقاط النظام». وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت، ونزل آخرون إلى الشارع في صور والنبطية وصيدا جنوباً، وطرابلس وعكار شمالاً وصولاً إلى بعلبك شرقاً.

من جانبه، ترأس الحريري الاجتماع الوزاري في بيت الوسط بعد ظهر أمس، ووعد خلاله المشاركين في الاجتماع بالاتصال بهم مجدداً ليبلغهم عن موعد ومكان انعقاد مجلس الوزراء الذي بات وشيكاً. حيث بدأ بوضع اللمسات الأخيرة على ورقة الاقتراحات الاقتصادية ويعتبر أن الأجواء إيجابية بعدما نال موافقة أطراف الحكومة على هذه الورقة. وتحدثت معلومات عن أن «الحريري سيطرح الورقة الإنقاذية على التصويت في جلسة الحكومة المرتقبة ويأمل إقرارها بالإجماع وسيعلن موقفه بعد انتهاء المشاورات مع الكتل السياسية». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر أن الحريري «قدّم ورقة من 10 بنود إصلاحية ومصرّ على تنفيذها، وتواصل مع القوى السياسية وهناك قبول مبدئي بها»، معرباً عن اعتقاده بأن اجتماع الحكومة سيقر الموازنة ويحيلها إلى مجلس النواب. وقال الجسر في حديث تلفزيوني: «كل أصدقاء لبنان في العالمين العربي والغربي تمنوا على الحريري عدم الاستقالة، لذلك أعطى مهلة 72 ساعة، لأن تداعيات الاستقالة أكبر من أن نتصورها. وهو قال إنه إذا لم نتوصل إلى حل تفضلوا لتحضير انتقال سلس للسلطة دون خضات، لأن وضع البلد لا يحتمل». وأشار إلى «استجابة للورقة الإصلاحية، وللناس أن ترفض الورقة إذا لم تقتنع بجديتها ومهلتها الزمنية»، مضيفاً: «إذا لم تتحقق بكليتها عندئذ سيخرج الحريري من السلطة ويصار إلى انتقال هادئ له».

وفيما تسابق الحكومة مهلة الـ72 ساعة التي منحها الحريري لمعرقليه وتنتهي مساء اليوم، يزداد الشارع زخماً وتضافرت الحشود بشكل قياسي إلى وسط بيروت أمس، استعداداً لمواكبة قرارات الحكومة اليوم.

وتشل الاحتجاجات مختلف المناطق اللبنانية، لليوم الرابع على التوالي، وإلى جانب المصارف والمدارس، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة تمديد الإضراب حتى مساء الاثنين. وقالت: «مواكبة منها للحراك الشعبي العارم، وانطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والنقابية التي تفرض عليها المشاركة الفاعلة في رفع الصوت إزاء سياسة الإفقار والتجويع المتمادية التي دأبت السلطة على انتهاجها وخاصة في تحميل آثار العجز إلى الموظفين (16000 موظف في الوزارات كافة) الذين تقاضوا سلسلة الرتب والرواتب التي هي حق لهم منذ سنوات». و«ترقباً لما سيصدر عن الحكومة من إجراءات موعودة لمعالجة الأزمة القائمة»، أعلنت الرابطة عن تمديد الإضراب العام في جميع الإدارات والمؤسسات العامة حتى مساء اليوم الاثنين إفساحا في المجال لكل الزملاء الموظفين، في إطار حقهم المشروع في التعبير الحضاري عن هموم الناس وقضاياهم العادلة، بالمشاركة في المسيرات الشعبية الرافضة للمس بقوت الفقراء ومحدودي الدخل.

وحذرت من «المساس بحقوق أصحاب الدخل المحدود، أو رواتب الموظفين ومستحقاتهم التقاعدية، أو أي من مكتسباتهم المحقة، أو زيادة محسوماتهم التقاعدية». وأكدت أنها «لن تتردد في مواجهة هذا الأمر باللجوء إلى جميع الخطوات التصعيدية المتاحة دستورياً وقانونياً، وأولها الإضراب المفتوح». بدوره، دعا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، ​حنا غريب​، إلى إضراب عام شامل رفضاً للورقة الإصلاحية التي قدمها الحريري ووافقت عليها كل الكتل النيابية في البرلمان اللبناني. وطالب بإسقاط الحكومة وتحديد قانون انتخاب عادل وعصري لينتخب الناس ممثليهم الحقيقيين إلى المجلس النيابي اللبناني وتشكيل حكومة اختصاصيين لإنقاذ ما تبقى من خلال استعادة الأموال المنهوبة.

مطالب الاحتجاجات في لبنان تتباين بين التغيير الكلي والإصلاح
الحشود بلا قيادة... والبعض يشبهها بـ«14 آذار 2005»

بيروت: نذير رضا
تنفرد مجموعة أصدقاء قدامى التقوا في ساحة الرياض الصلح، بمساحة أقل ضجيجاً، لمناقشة خيارات الحراك وآفاقه. بدا هؤلاء أكثر قلقاً من ردة فعل الحكومة على استمرار الاحتجاجات، طارحين مجموعة من الأسئلة الشائعة منذ ليل الخميس الماضي: «هل تستقيل الحكومة؟ ماذا بعد استقالتها؟ هل تتحقق أمنيات الشعب بإعادة الأموال المنهوبة؟ هل تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية؟»، وفوق كل ذلك «كيف سنعبر الأزمة ونحقق التغيير؟».

والسؤال الأخير، هو الأكثر تردداً. فالضبابية التي تحيط بالمشهد الذي يلف وسط بيروت وسائر المناطق، تستدعي هذه الأسئلة، ذلك أن الجموع التي تتداعى إلى وسط بيروت، تثبت بما لا يحمل الشكّ أن الحراك شعبيّ، لا تحركه أحزاب ولا فئات ولا نقابات ولا قوى ضغط، وتظهر الشعارات المرفوعة والمجموعات المشاركة، أن الحراك لا قيادة له على مستويات عالية، ولا حتى على مستوى المجموعات الصغيرة، ما يعطيه طابع الغضب الشعبي حتى الآن.

وتحوّلت منطقة وسط بيروت إلى مساحة حرة للتعبير عن الهواجس والغضب، فتقول جويل (27 عاماً) إنها تخرجت قبل 5 سنوات من واحدة من أغلى الجامعات في لبنان، ولا تجد وظيفة. «دمرونا»، تقول بحسرة، مشيرة إلى أنها تعاني من الكآبة، وتفكر في الهجرة: «تراجع عمل والدي، ولا أجد فرصة للعمل... أين نذهب؟»

ومثلها، يعبّر أمين (29 عاماً) الذي قدم على 5 وظائف في مجلس الخدمة المدنية عله يجد فرصة وظيفة حكومية قبل اتخاذ القرار الحكومي بمنع التوظيف في القطاع العام، وذلك بعد أن أيقن قبل عشر سنوات بأن فرصة الالتحاق بالكلية الحربية كانت شبه معدومة (قبل أن يتخذ قائد الجيش الحالي جوزيف عون قبل عامين قراراً بمنع التوسط في امتحانات الكلية الحربية). ويقول: «أحمل إجازة في إدارة الأعمال، وأعمل عامل توصيل نراجيل (ديلفري) كي أتمكن من العيش»، لافتاً إلى أن الظرف المعيشي «يزداد قسوة، ولا أمل إلا بالتغيير».

ويتسم الحراك بالغضب والاستياء من الأداء السياسي لجهة محاكاة هواجس الناس ومطالبهم، والتطلع بشؤونهم الاقتصادية إثر تراكم الأزمات وتضخمها منذ أسابيع، لجهة ارتفاع الأسعار وفقدان العملة الصعبة من السوق، والإجراءات التي تتخذها المصارف بفرض قيود على السحوبات بالدولار. وازدادت مع قرارات تجميد التوظيف في القطاع العام، وإغلاق عشرات المؤسسات الخاصة بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة، بموازاة الحديث عن سلة ضرائبية جديدة قد تطال بطريقة غير مباشرة الطبقات الفقيرة والمتوسطة. واللافت أن الغضب لم يوجه إلى فئة دون أخرى، بل طال الجميع دون استثناء، وتوحّدت الرايات في الاحتجاجات حيث انحصرت بالعلم اللبناني وحده، فيما طالت الشتائم قسماً من السياسيين.

وتتفاوت آمال المتظاهرين في مستوياتها بين السقف العالي والواقعية. لدى صغار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، يمكن رصد توق عالٍ للتغيير بلا أدنى حسابات سياسية. ينتظر هؤلاء إعلان استقالة الحكومة، وسقوط العهد، ووصول مجموعة جديدة من السياسيين الاختصاصيين إلى الحكم «لينقذوا البلاد»، كما تقول نوال (21 عاماً)، متسائلة: «ما المانع من التغيير؟ نحن هناك أكثرية تستطيع أن تضغط وتفرض شروطها، ولن يكون أمام السلطة إلا الاستجابة».

هذا الاندفاع «الثوري» لدى اليافعين، تقابله واقعية لدى الفئات الأكبر سناً. يطالب هؤلاء بالتغيير في المقاربة الاقتصادية للبلاد. يدركون أن التغيير السياسي ككل، مستحيل وينطوي على مخاطر تدهور الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في البلاد، كما أن تركيبة النظام تمنع ذلك، بالنظر إلى أن نظام الحكم في البلاد قائم على التشارك وفق معايير الديمقراطية التوافقية. لذلك، يرى هؤلاء أن الضغوط يجب أن تتركز على القوى السياسية لتغيير مقاربتهم تجاه الحكم. يقول علي (37 عاماً) وهم يحمل إجازة في الحقوق، إن التغيير «مستحيل ويندرج ضمن سياق الآمال الكبيرة غير القابلة للتحقق»، مضيفاً: «إذا أردت المُطاع فاطلب المستطاع... لذلك يجب أن تتوحد المطالب باتجاه إصلاح جدي وجذري، ومقاربة اقتصادية وسياسية جديدة تقوم على تحييد لبنان عن الملفات الإقليمية، وفي الوقت نفسه العمل حثيثاً على الإصلاح الاقتصادي ومنع الضرائب وإصدار قرارات تحفيزية للاقتصاد».

في الساحة هنا، يفرض التنوع حضوره على المحتجين السلميين. تنوع جندري وسياسي وطائفي، يتظللون جميعاً تحت راية العلم اللبناني وحده. ورغم الرهانات على تناقص العدد بعد فضّ الاعتصام ليل أول من أمس إثر أعمال شغب طالت الممتلكات العامة والخاصة، تزايد العدد بشكل مطرد، حتى ملأت الجموع ساحتي رياض الصلح والشهداء، وصولاً إلى منافذهما، حتى قال البعض إن هذه المظاهرة الكبيرة هي الأولى من حيث العدد والتوحد على المطالب بعد ثورة 14 آذار في العام 2005 بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، والتي طالبت بإخراج الجيش السوري من لبنان، وهي «تشبه ذلك الحضوري اللبناني الجامع».

وبموازاة تنوع الآمال والأمنيات، وتتنوع الأغنيات بين المجموعات التي يرقص البعض على أنغامها، تتوحد الهتافات ضد السلطة، وسط رهانات عامة على الاستمرار بالتظاهر خلال الأسبوع الحالي ومواجهة الإحباط. وما زال السؤال يتردد بين مجموعة الأصدقاء القدامى قرب تمثال رياض الصلح عن كيفية عبور الأزمة وتحقيق التغيير.

مصارف لبنان مقفلة لليوم الرابع ومخاوف من نفاد السيولة من الصرّاف الآلي
بيروت: حنان حمدان
لليوم الرابع على التوالي تقفل أبواب المصارف في لبنان، نتيجة المظاهرات التي عمّت البلاد منذ يوم الخميس الماضي، وشارك فيها مئات الآلاف، رفضاً لقرارات الحكومة فرض ضرائب جديدة في بلد يشهد أزمة اقتصاديّة خانقة.

يأتي ذلك في وقت أمهل فيه رئيس الوزراء سعد الحريري شركاءه في الحكومة مهلة 72 ساعة لدعم «الإصلاحات»، تنتهي مساء اليوم (الاثنين)، لكن المتظاهرين الّذين افترشوا الشوارع رفضوا الاستجابة لطلب المهلة محمّلين النخبة السياسية مسؤولية دفع الاقتصاد نحو الهاوية، رغم محاولات تهدئة غضب المحتجين، إذ شبه الحريري، العمل الجاري في بيت الوسط كـ«خلية نحل» لحل الأزمة، فيما أعلن وزير المال علي حسن خليل أن الموازنة النهائية «لا تتضمن أي ضرائب أو رسوم إضافية».

ولكن، في ظل استمرار الأوضاع المضطربة في البلاد، اختارت جمعية المصارف في لبنان أمس الأحد، الإعلان عن إبقاء أبواب المصارف مقفلة اليوم، مؤكدة أنّ «القطاع سيحرص على صون مصالح العملاء وتلبية حاجات الزبائن فور عودة الاستقرار»، وفق ما أكدت مصادر الجمعية لـ«الشرق الأوسط»، علما بأن هناك دعوات لإضراب عام في البلاد، يستمر إلى حين استقالة الحكومة. وقال وزير الاقتصاد السابق رائد خوري لـ«الشرق الأوسط» إنّ إعادة فتح أبواب المصارف وعودة الحياة الطبيعية إليها، مرهون بمدى الاستجابة لمطالب المتظاهرين المحقة. وبالتالي فإنّ احتمال إقفال المصارف لأيام مقبلة أمر وارد».

وأضاف خوري «هناك ضرورة لتفهم وجع الناس ومعاناتهم ويجب السعي من قبل الفرقاء السياسيين من أجل إجراء إصلاحات تكون على مستوى آمال وتطلعات اللبنانيين»، لافتاً إلى أن «تداعيات المشهد في الساحة اللبنانية على القطاع المصرفي ستتبلور حتماً في الأيام المقبلة، وذلك يرتبط ببقاء الناس في الشارع أو قراره الخروج منه»، آملاً أنّ تستتب الأمور في الأيام المقبلة. وقالت جمعية المصارف اللبنانية في البيان الذي نقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام: «مع استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من البلاد، وحرصا على أمن العملاء والموظفين وسلامتهم، ومن أجل إزالة آثار الأضرار التي أصابت بعض المراكز والفروع المصرفية، تعلن الجمعية أن أبواب المصارف ستبقى مقفلة يوم الاثنين». وأعربت عن أملها في أن «تستتب الأوضاع العامة سريعا في ضوء المساعي الحميدة والدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات لإشاعة الطمأنينة والاستقرار ولاستئناف الحياة الطبيعية في البلاد».

من جهته، ينفي الخبير المالي والاقتصادي غازي وزني في حديث مع «الشرق الأوسط» ما يتمّ تداوله عن ارتباط قرار إقفال المصارف بتهافت المودعين على سحب أموالهم، نتيجة ما آلت إليه الأمور في الأيام القلية الماضية، قائلاً إن « قرار الإقفال اتخذ لأسباب أمنية ليس أكثر أو أقل، وذلك بسبب الاحتجاجات في الشوارع، إذ تخاف المصارف من حدوث أي تعد عليها، من قبل المندسين الّذين يقومون بأعمال شغب خلال المظاهرات». مسألة أخرى، تحدث عنها وزني، وترتبط بمدى إمكانية توافر الأموال لدى البنوك في الصراف الآلي الـATM، إذ في طبيعة الحال «ستنفد هذه الأموال في حال استمرت البنوك في الإقفال خلال الأيام المقبلة»، الأمر الذي سينعكس بصورة، ولو غير مقصودة، على الناس الّذين يحتاجون لإجراء عمليات سحب أموال.

وإلى حين استئناف الحياة الطبيعية في البلاد، أكد وزني «عدم وجود أي تأثير للأوضاع الراهنة، ولا سيما لجهة استمرار إقفال المصارف أبوابها، على المصارف نفسها». ووفق ما يراه وزني فإنّه «ليس هناك مبرر لدى المودعين لسحب أموالهم من المصارف»، مؤكداً أنّ «التهافت عليها (أي المصارف) ضئيل جداً وغير مقلق ولن يكون هناك أي طوابير ولا سحوبات بحسب ما يحاول البعض ترويجه، بحجة تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد». وقال وزني: «بالمقابل لن يكون هناك أي تضييق من قبل المصارف على المودعين، إذ «في نهاية المطاف هناك استحقاقات ستلبيها الأولى، وهي لن تسعى لتغيير سياسة تثبيت سعر النقد التي يحددها مصرف لبنان». وأضاف وزني: «في حال تمّ التوافق على ورقة التفاهم السياسي، التي يجري الحديث عنها، وقرر المتظاهرون الانسحاب من الساحات، فإنّ سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في سوق الصيرفة سيعود كما قبل الأزمة، وفي حال لم يتم التوافق على الورقة سيرتفع سعر الدولار في سوق الصيرفة بسبب ارتفاع الطلب عليه».

ورقة الحريري لاحتواء الاحتجاجات... إلغاء زيادة الضرائب وخفض رواتب كبار المسؤولين

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»
ذكرت وسائل إعلام لبنانية، أمس (الأحد)، أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري طرح ورقة عمل اقتصادية، تتضمن 24 إجراءً للخروج من أزمة الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ الخميس الماضي.

وشملت هذه الإجراءات خطوات «غير مسبوقة»، بينها إلغاء كل أنواع الزيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وإلغاء كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة العمل بالقروض السكنية.

وذكرت الورقة ضمن بنودها أن تكون موازنة عام 2020 بلا عجز، فيما فسرته مصادر لقناة «العربية» عن اتفاق مع البنوك لخفض تكلفة الدين العام، ولفرض ضرائب على أرباح المصارف لمدة عام واحد.

وشملت بنود الورقة كذلك الإسراع في خصخصة قطاع الهاتف المحمول، والشروع في إصلاح قطاع الكهرباء، وإقرار مناقصات محطات الغاز، فضلاً عن - خفض جميع رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المائة، إلغاء جميع صناديق (المهجرين - الجنوب - الإنماء والإعمار).

وتراجع الحريري عن عدد من الإجراءات التي أعلنها في وقت سابق، حيث ألغى كل أنواع زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وكذلك كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب.

وجاءت بنود ورقة الحريري كالتالي:

- خفض جميع رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المائة.

- إلغاء جميع صناديق (المهجرين - الجنوب - الإنماء والإعمار).

- وضع سقف لرواتب ومخصصات اللجان كحد أقصى 10 ملايين ليرة لبنانية.

- خفض رواتب جميع المديرين على ألا تتجاوز 8 ملايين ليرة.

- وضع رواتب القضاة بحد أقصى 15 مليون ليرة.

- وضع ضرائب على المصارف وشركات التأمين 25 في المائة.

- أي مناقصة أو اتفاق يتجاوز 25 ألف دولار مطلوب موافقة مسبقة من ديوان المحاسبة والتفتيش، على أن يحق للوزير الموافقة على 200 ألف سنوياً والباقي يخضع لموافقة مجلس الوزراء.

- إلغاء جميع المخصصات للبعثات إلى الخارج بحد أقصى للسفرة 3 آلاف دولار مع موافقة مجلس الوزراء عليها.

- إلغاء جميع ما تم خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية.

- وضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء.

- تفعيل هيئة الرقابة الاقتصادية.

- دعم الصناعات المحلية ورفع الضريبة على المستوردات للأصناف المنتجة محلياً.

- مساهمة المصارف لإنشاء معامل كهرباء ومعامل فرز النفايات والمحارق الصحية مع خفض الضريبة على المبالغ المساهمة بها.

- يقدم مصرف لبنان وباقي المصارف 3 مليارات دولار.

- تحويل معامل الكهرباء إلى غاز خلال شهر.

- إلغاء بعض المجالس والوزارات كوزارة الإعلام.

- إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة ووضع آلية واضحة لمواجهة الفساد.

- إلغاء كل أنواع زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة.

- إلغاء كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب.

- إعادة العمل بالقروض السكنية.

- قرار حاسم بأن تكون موازنة عام 2020 بلا عجز بما يتطلب ضبط الواردات.

- زيادة الضريبة على أرباح المصارف.

- اقتراح بخصخصة قطاع الهاتف المحمول قريباً جداً.

- قانون رفع السرية المصرفية الإلزامي على جميع الوزراء والنواب والمسؤولين في الدولة.

وبدأت المظاهرات ليل الخميس بعد ساعات من فرض الحكومة رسماً بقيمة 20 سنتاً، سرعان ما تراجعت عنه، على المحادثات على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة «واتساب»، بين ضرائب أخرى تدرس فرضها تباعاً.

وتصاعدت نقمة الشارع خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة وسط مؤشرات إلى انهيار اقتصادي وشيك.

ويطالب المتظاهرون بعزل كافة الطبقة السياسية التي باتت تحت ضغط الشارع بحاجة إلى إيجاد حلول سريعة. وتلقت مكونات الحكومة، أمس (السبت) ورقة اقتصادية اقترحها رئيس الوزراء سعد الحريري للحد من الأزمة.

ومنح الحريري الجمعة «شركاءه» في الحكومة، في إشارة إلى «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون، مهلة 72 ساعة، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهّدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار.
التعليقات