Date: Oct 16, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
السودان: انطلاق المفاوضات مع الجماعات المسلحة ودقلو متفائل بالسلام
عضو في «السيادي» يؤكد أن الأجواء إيجابية واعتماد تعيين وزيري الثروة الحيوانية والبنى التحتية
الخرطوم: محمد أمين ياسين - لندن: مصطفى سري
بدأت في عاصمة جنوب السودان، أمس، المفاوضات الحاسمة والمباشرة، بين وفد يمثل مجلس السيادة الحاكم في السودان، والحكومة، وقادة المتمردين... محادثات قد تمتد لأسابيع بهدف تحقيق السلام، وإنهاء الصراعات المتعددة في البلاد، وهو شرط أساسي لرفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وتحظى المفاوضات بدعم أفريقي كبير بمشاركة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

ولدى وصوله إلى جوبا أمس، عبّر عضو مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، عن تفاؤله، مطالباً بضرورة بدء المفاوضات بقلوب مفتوحة، مؤكداً جدية الحكومة في تحقيق السلام بالسودان. وأضاف أن الوفد الحكومي المفاوض، الذي يرأسه، «يأتي إلى الحوار مع الإخوة في الحركات المسلحة بقلب مفتوح ونية صادقة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل».

وقال «دقلو»، لدى اجتماعه برئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، في جوبا: «سنعمل مع الوساطة لوضع الترتيبات اللازمة لاستئناف الحوار مع الفصائل المسلحة» التي وصفها بأنها شريك أصيل في «ثورة ديسمبر (كانون الأول)». وقال إنه لمس جاهزية لدى قادة الحركات المسلحة للمضي في مفاوضات تؤدي إلى تحقيق السلام الشامل في البلاد.

وقال نائب رئيس مجلس السيادة: «سنحتفل قريباً في جوبا بالسلام، ونودع الحرب اللعينة»، مؤكداً أن السلطة الانتقالية على استعداد لتقديم كل ما يلزم لإنجاح المفاوضات، «لأن السلام يمثل أولوية خلال الفترة الانتقالية».
وقُتل آلاف الأشخاص في معارك أهلية بالسودان؛ منها الصراع في إقليم دارفور غرب البلاد، حيث قاتل المتمردون حكومة الرئيس السابق عمر البشير بدءاً من 2003.

وفي أغسطس (آب) الماضي اتفق مسؤولون سودانيون ومتمردون على إجراء محادثات على مدى شهرين بدءاً من 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقال ياسر عرمان، نائب الأمين العام لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان»، إن هذه يجب أن تكون آخر جولة محادثات يتعين أن تبحث الأسباب الجذرية للحرب والتهميش. وأضاف عرمان أن هناك تصميماً على أن يكون 2020 عاماً للسلام في السودان.

ومن المتوقع أن تتناول المحادثات عدة قضايا؛ بينها كيفية مراقبة أي توقف للأعمال القتالية، وتحديد سُبُل لإيصال المساعدات الإنسانية لجميع مناطق دارفور ومنطقة النيل الأزرق.

من جانبه، قال مستشار رئيس جنوب السودان، توت قلواك، في تصريحات صحافية، إن الوساطة ستناقش مع وفدي المفاوضات تحديد الأجندة الخاصة بعملية التفاوض. وأضاف أن الرئيس سلفا كير أكد التزام منبر «جوبا» بقيادة عملية السلام في السودان، ورعاية المفاوضات التي توصل الأطراف السودانية إلى تحقيق السلام.

وعبر عضو مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان لـ«الشرق الأوسط» عن أن المفاوضات تحظى بدعم أفريقي كبير، وظهر ذلك بحضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وتابع: «حتى الآن بالنسبة لنا جوبا هي مقر المفاوضات، ونحن ملتزمون ذلك، وإذا كان هناك رأي آخر فإنه لم يعرض علينا»، عادّاً أن الأجواء بين أطراف التفاوض إيجابية ومعقولة. وقال: «ليس هناك توجس كما تناولت منابر التواصل الاجتماعي، ورغم أننا نقيم في فندقين مختلفين، فإننا نجلس معاً ونتناول الطعام معاً حتى قبل بدء الجولة الرسمية».

وأكد قادة الحركات المسلحة التزامهم بالتوصل إلى اتفاق سلام شامل مع الحكومة الانتقالية في البلاد، من خلال منبر «جوبا» والوساطة التي يرعاها رئيس جنوب السودان. وتضم الحركات المسلحة المنضوية تحت «تحالف الجبهة الثورية»، عدداً من المجموعات المتمردة إلى جانب «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة عبد العزيز الحلو. فيما يتكون الوفد الحكومي من 5 أعضاء من المجلس السيادي واثنين من مجلس الوزراء، وعدد من قيادات القوات المسلحة، وجهاز المخابرات. كما يشارك في المفاوضات عدد من رؤساء وحكام دول الإقليم وممثلون عن المجتمع الدولي.

وكان رئيس مجلس السيادة، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، أشار لدى اجتماعه بوفده المفاوض مساء أول من أمس، إلى أن كل الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات مقدور عليها، بيد أن الترتيبات الأمنية تحتاج إلى بعض الوقت. ونبه البرهانُ الوفدَ الحكومي إلى الاستفادة من تجارب المفاوضات السابقة لمعالجة قضايا المناطق المتأثرة بالحرب. وأشار إلى أن الحرب أخذت وقتاً طويلاً، وأنه آن الأوان لتصل إلى نهايتها عبر اتفاق سلام شامل يمضي السودانيون بعده إلى المساهمة في البناء والتعمير.

في غضون ذلك، أصدر الفريق البرهان مرسوماً دستورياً بتعيين وزيري الثروة الحيوانية والبنى التحتية ليكتمل التشكيل الوزاري للحكومة الانتقالية بعد تأخر تعيينهما لأكثر من شهر.

واعتمد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تعيين علم الدين عبد الله أبشر عبد الله وزيراً للثروة الحيوانية، وهاشم طاهر شيخ طه وزيراً للبنى التحتية والنقل، موجهاً الجهات المختصة بوضع المرسوم الدستوري موضع التنفيذ.
وأدى الوزيران اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة، ورئيس القضاء نعمات عبد الله محمد خير، بحضور رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

أثناء ذلك، سلمت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، رئيس الوزراء البرنامج الإسعافي للحكومة الانتقالية.

وقالت في بيان إن وفداً مفوضاً باسم «قوى التغيير» سلّم برنامجاً مرجعياً ينظم العلاقة مع الحكومة وجميع ممثليها بهياكل السلطة الانتقالية.

وأضاف البيان أن البرنامج الإسعافي يمثل مرجعية لتقديم الدعم لهذه المكونات والرقابة على الأداء، والمساءلة والمحاسبة، لأداء واجبات المرحلة الانتقالية.

وفي سياق آخر، أصدرت القوات المسلحة تعميماً يمنع نشر الأخبار المتعلقة بالمحاكمات العسكرية للمتورطين في المحاولة الانقلابية الأخيرة، وذلك لعدم الإضرار بالعدالة؛ حسب قرار المحكمة العسكرية.

وأكد بيان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد الركن عامر محمد الحسن، أن المحاكمات تجري بكامل صلاحيات المحاكم العامة تحقيقاً للعدالة، ومنح الحقوق كافة التي كفلها الدستور للمتهمين بموجب قانون القوات المسلحة الذي قدر أن تكون المحاكمات سرية.

وأوضح البيان أن موسى هلال، زعيم قبيلة المحاميد، يتبع القوات المسلحة ويخضع لقانونها، مؤكداً على توفر عناصر المحاكمة العادلة بالكامل.