Date: Sep 30, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
دمشق تتهم أنقرة بدعم «النصرة» وترفض «المنطقة الآمنة»
النظام يوافق على عودة دفعات جديدة من أهالي القصير المدمرة
أنقرة: سعيد عبد الرازق القاهرة: سوسن أبو حسين دمشق - نيويورك: «الشرق الأوسط»
شن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، هجوماً على الحكومة التركية واتهمها بعدم تنفيذ التزاماتها بموجب «تفاهمات آستانة» و«اتفاق سوتشي»، والاستمرار بدعم «جبهة النصرة» في إدلب بشمال غربي سوريا.

وقال المعلم في كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس، «إن محافظة إدلب باتت تشكل أكبر تجمع للإرهابيين الأجانب في العالم»، متسائلاً: «هل ستتخلى أي دولة في حال كانت تعاني مثل هذا الوضع عن حقها وواجبها في حماية شعبها وفي تحرير منطقة ما فيها من الإرهاب». ونقلت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، «إن سوريا تعاملت بإيجابية مع مبادرات حل الوضع في إدلب، ومنحتها أكثر من الوقت اللازم للتنفيذ أملاً في أن يسهم ذلك في استكمال عملية القضاء على الإرهاب فيها»، في إشارة إلى هجوم شنته قوات النظام السوري، بدعم من روسيا، لطرد جماعات متشددة تتخذ من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي قاعدة أساسية لها.

وقال المعلم «إن النظام التركي لم ينفذ التزاماته بموجب تفاهمات آستانة واتفاق سوتشي، واستمر بدعم تنظيم (جبهة النصرة) الإرهابي الذي سيطر على معظم مساحة إدلب، ويستميت مدعوماً من دول غربية في حماية التنظيمات الإرهابية في إدلب». واعتبر «أن الولايات المتحدة وتركيا تواصلان وجودهما العسكري غير الشرعي في شمال سوريا، ووصل بهما الأمر إلى الإعلان عن اتفاق لإقامة ما تسمى (منطقة آمنة) داخل الأراضي السورية في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة».

وتابع، حسب ما أوردت «سانا»، «أي قوات أجنبية تنتشر على الأراضي السورية، دون موافقة الدولة السورية، هي قوات احتلال، ولنا الحق في اتخاذ الإجراءات المكفولة بموجب القانون الدولي لإخراجها».

كما شن المعلم هجوماً عنيفاً على «قوات سوريا الديمقراطية»، واتهمها بممارسات «إجرامية وقمعية بحق أهالي محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب مدعومة من الولايات المتحدة».

وحول المبادئ الناظمة لتشكيل لجنة مناقشة الدستور، أوضح المعلم أنه «تم الاتفاق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة (غير بيدرسون) أن تكون العملية بقيادة وملكية سورية على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده دون تدخل خارجي مع الالتزام بعدم المساس بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً، وألا يتم فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة وتوصياتها».

وعن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، قال المعلم: «الأبواب مفتوحة أمام جميع اللاجئين السوريين للعودة الطوعية والآمنة إلى بلادهم، ونحن كدولة نقدم للراغبين بالعودة منهم كل التسهيلات التي يحتاجونها، ونعمل على إعادة بناء وتأهيل المرافق الخدمية والبنى التحتية في مناطقهم التي تم تحريرها من الإرهاب، ولكن العرقلة تأتي من الدول الغربية، وبعض الدول المستضيفة للاجئين». وجدد المعلم، حسب «سانا»، «وقوف سوريا وتضامنها الكامل» مع إيران «في وجه الإجراءات الأميركية غير المسؤولة تجاهها».

في غضون ذلك، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، على «أهمية العمل على مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في سوريا، والتصدي لمخاطر تسرب المقاتلين الأجانب من مناطق وجودهم وبخاصة في منطقة إدلب»، مشدداً في الوقت نفسه على «حتمية عدم التهاون في محاسبة الدول الإقليمية الراعية والداعمة للجماعات الإرهابية في سوريا».

جاءت تصريحات شكري، في أثناء لقائه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، على هامش أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأوضح أحمد حافظ، المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن شكري «أكد خلال اللقاء حرص مصر على تقديم كل أوجه الدعم لجهود تسوية الأزمة السورية، واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد، مُستعرضاً مُحددات الموقف المصري تجاه تطورات الوضع السوري».

كما أعرب شكري عن «ترحيب مصر بإعلان تشكيل اللجنة الدستورية مؤخراً نتيجة الجهود المستمرة والمُقدّرة للمبعوث الأممي في هذا الشأن»، مشدداً على «أهمية انعقادها في أقرب وقت ممكن، جنباً إلى جنب مع تكثيف الجهود على بقية عناصر التسوية السياسية في سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254».

وفي أنقرة، أفيد أمس بأن مروحيات تركية وأميركية نفّذت طلعة جوية سابعة مشتركة في أجواء شمال سوريا في إطار أنشطة المرحلة الأولى من إنشاء «المنطقة الآمنة» المقترحة في شرق الفرات.

وأقلعت مروحيتان تابعتان لسلاح الجو التركي وأخريان للقوات الأميركية، من قضاء أكتشا قلعة في شانلي أورفا (جنوب تركيا)، نحو الجانب السوري من الحدود، وعادت المروحيتان التركيتان إلى مقر مركز العمليات المشتركة التركي - الأميركي بعد انتهاء الطلعة الجوية.

وسبق أن نفّذ الجانبان التركي والأميركي 6 طلعات مشتركة بالمروحيات، ودوريتين بريتين، في إطار جهود تأسيس المنطقة الآمنة، التي لا تزال تثير تباينات في مواقف البلدين.

وواصل الجانب التركي إطلاق تصريحات متناقضة بشأن المنطقة الآمنة وعدم التزام واشنطن بما اتُّفق عليه، فبعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن اتفاق المنطقة الآمنة يسير وفق الجدول الزمني المحدد، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن بلاده غير راضية بما تم الوصول إليه مع الأميركيين في شأنها. وأضاف، على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بنيويورك، أن هدف تركيا من المنطقة الآمنة يتمثل في إخراج من سمّاهم «الإرهابيين»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، لافتاً إلى وجود تعهدات أميركية يجب الالتزام بها، مع وجوب تقديم المساعدة للراغبين في العودة إلى سوريا بعد تشكيل المنطقة الآمنة.

في سياق موازٍ، عقد حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، مؤتمراً دولياً أمس، حول سوريا بعنوان «الباب المفتوح إلى السلام في سوريا» ناقش قضية اللاجئين السوريين والوضع الراهن في سوريا، والتطورات في إدلب، والطرق السياسية لإنهاء الصراع في والسياسة التركية تجاه الملف السوري، وسط دعوات إلى إعادة العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وشارك في المؤتمر دبلوماسيون وأكاديميون وصحافيون ومختصون من 22 دولة و30 ممثلاً عن منظمات المجتمع المدني السورية والأجنبية.

ووجّه الحزب دعوات إلى مسؤولين وممثلين عن النظام السوري فضلاً عن بعض المؤيدين له بالإضافة إلى ناشطين في المعارضة السورية في تركيا، ولم يشارك في المؤتمر أي ممثل رسمي عن النظام السوري، رغم تقارير أشارت إلى مشاركة عضو القيادة القطرية لحزب البعث السوري، خلف المفتاح، الذي سبق وأكد تلقيه دعوة للمشاركة في المؤتمر.

ورفضت وزارة الخارجية التركية منح تأشيرات دخول للشخصيات القريبة من النظام أو ممثليه لحضور المؤتمر.

وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، ولي أغبابا، إن بعض المشاركين القادمين من دمشق لم يتمكنوا من الحضور بسبب مشكلات في الحصول على التأشيرات.

وهاجم أغبابا سياسات حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان تجاه الأزمة السورية، قائلاً إن الحكومة التركية لو استمعت إلى توصيات حزبه لما انهارت هياكل المؤسسات في سوريا، و«لم نكن قد وصلنا إلى الوضع الحالي». ولفت إلى أن الدمار الناجم عن «السياسات الخاطئة لا يمكن أن يعرقل إمكانية العيش بسلام مع سوريا، نحن نرى أن الشعب السوري وحده هو الذي يستطيع تقرير مستقبل سوريا».

وأوضح رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في كلمة في افتتاح المؤتمر، أن اللاجئين السوريين لا يؤمنون بهذه الحرب، وقد أتوا إلى تركيا لبناء مستقبل لهم، «لكن هناك بعض السياسيين يفضلون الحرب والنار، من المؤسف أننا لم نقم بجلب اللاجئين من بلد صديق فحسب، بل جلبناهم إلى هنا وتركناهم».

ولفت إمام أوغلو إلى أن السوريين يواجهون الكراهية في كل دول العالم، خصوصاً في أوروبا، وأن على بلاده تقبّل السوريين وحل أزمتهم. وأكد أن الوضع الإنساني للسوريين في تركيا سيئ وتجب معالجته.

وطالب رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، بإقامة علاقات صداقة مع سوريا في ظل نظامها الحالي، قائلاً: «أنا رئيس حزب سياسي أريد إقامة علاقات صداقة مع سوريا، حدودنا مع سوريا هي الأطول، تركيا كانت لديها القدرة على إخماد الحريق الحاصل في سوريا، وكانت لها سمعة طيبة، لكنها وبسبب السياسات الخاطئة أسهمت في إشعال الحريق مع جيراننا».

وأكد أن بداية الحل تكمن في فتح الطريق بين دمشق وأنقرة، واتخاذ سياسة جديدة في سوريا، مِن أجل تحقيق السلام وعودة السوريين.

النظام يوافق على عودة دفعات جديدة من أهالي القصير المدمرة
دمشق: «الشرق الأوسط»
وافقت الجهات الأمنية التابعة للنظام السوري، المعنية بدراسة طلبات النازحين السوريين للعودة إلى منازلهم، على عودة دفعة جديدة من نازحي منطقة القصير في محافظة حمص.

وكتب الناشط الإعلامي والصحافي المتابع لملف اللاجئين السوريين في لبنان، أحمد القصير، أمس، على حسابه في «فيسبوك»، أن النظام السوري وافق على عودة 1200 عائلة على دفعتين؛ الأولى 790 عائلة (3594) شخصاً والثانية 410 عوائل ستصدر قائمة بأسمائهم الأربعاء المقبل.

مصادر من أهالي القصير قالت لـ«الشرق الأوسط»، «إن غالبية النازحين من أهالي القصير داخل البلاد تقدموا بطلبات للعودة إلى مناطقهم، وقد حصل نحو ألف شخص منهم على الموافقة الأمنية في يوليو (تموز) الماضي، فيما حصل أكثر من 3500 شخص على موافقة أمنية، قبل يومين». وأوضحت المصادر أن «أغلب هؤلاء من الذين نزحوا بين عامي 2011 ـ 2012 إلى حمص والقلمون الغربي والشرقي وحسياء وشنشار وجندر في الريف الجنوبي لحمص». كما لفتت المصادر إلى أن أعداداً قليلة سمح لهم بالعودة في سنوات سابقة هم من الموظفين الحكوميين، أما النازحون من أهالي القصير إلى لبنان، ويقدر عددهم بعشرة آلاف لاجئ، ويتركزون في منطقتي عرسال والبقاع، فما زالوا يعانون هناك ظروفاً قاهرة في المخيمات، بانتظار تلبية مطلبهم بالحصول على ضمانات عدم ملاحقتهم من قبل النظام إذا عادوا إلى القصير، وتابعت المصادر: «النظام ما زال يمانع عودة النازحين من أهالي القصير في لبنان».

ولفتت المصادر إلى «تجميد المبادرة الروسية لإعادة اللاجئين السوريين، وقالت إن السوريين الذين عادوا من لبنان لم يتجاوز عددهم المائة وسبعين ألف لاجئ من أصل مليون (عدد اللاجئين السوريين في لبنان)، وعادوا إلى مختلف المناطق السورية»، وليس بينهم لاجئون من القصير.

كما تحدثت المصادر عن مشكلات حياتية صعبة تواجه العائدين إلى القصير «فمنهم من لم يجد أثراً لبيته، وغير قادر على تأهيل بيت مدمر جزئياً غاب أصحابه، إضافة إلى قلة عدد المدارس، ناهيك عن الدمار الواسع الذي شمل ثلثي المدينة وأسهم في انتشار القوارض والأفاعي والذئاب وتسللها إلى البيوت المسكونة، والأماكن غير الآمنة، بسبب وجود الألغام ومخلفات الحرب».

كان النظام السوري قد أعلن، في يوليو الماضي، عن عودة عدد من العائلات إلى مدينة القصير وقراها في ريف حمص الغربي، بعد 6 سنوات من النزوح القسري، بعدما سيطر عليها «حزب الله» اللبناني، واحتل كامل القرى والأراضي الزراعية التي يملكها أهالي القصير غرب نهر العاصي على الحدود السورية ـ اللبنانية.

كان محافظ حمص طلال البرازي، قد أعلن في وقت سابق عن «خطة» لإعادة الأهالي إلى المناطق التي سيطر عليها النظام في محافظة حمص، وتشمل القصير وتدمر وتلبيسة والحولة وحي الوعر. فيما دعا الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، أهالي القصير، للعودة إلى منازلهم، وقال في 20 سبتمبر (أيلول) الحالي: «لا مشكلة بالنسبة إلينا في عودة النازحين السوريين إلى منطقة القصير».

كان وفد وزاري من دمشق قد زار في الأيام الأخيرة مدينة القصير برئاسة وزير الصحة والسياحة ومرافقة محافظ حمص، ورأى الوفد أنه في ظل شح الاعتمادات المالية اللازمة، يجري العمل على تأمين الأولويات في الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي ومدارس ومراكز صحية، وتسيير خطوط نقل داخلي بين مدينة القصير وقراها ومدينة حمص، إذ تفتقر مدينة القصير لكل تلك الأولويات، علماً بأن الذين يقيمون فيها حالياً نحو 5 آلاف نسمة من أصل الـ60 ألفاً كانوا يعيشون فيها قبل عام 2011.