Date: Sep 26, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
إرجاء النظر في إطلاق القروي بسبب إضراب القضاة و«شورى النهضة» يدعم سعيّد
التلفزيون التونسي مستعد لإجراء مناظرة من داخل السجن والزبيدي يحمّل الشاهد مسؤولية الفشل
تونس: المنجي السعيداني
قال محامٍ من هيئة الدفاع عن المرشح الرئاسي التونسي نبيل القروي، أمس، إن المحكمة طلبت إرجاء النظر في طلب الإفراج عن موكله الموقوف بتهم فساد مالي، إلى الأربعاء المقبل، بسبب إضراب للقضاة في جميع محاكم البلاد، في حين أعلن التلفزيون الرسمي التونسي الذي يشارك في تنظيم مناظرة بين قيس سعيّد والقروي اللذين تأهّلا للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، استعداده لإجراء المناظرة داخل السجن، إذا لم يسمح القضاء للقروي، بالخروج.

وأوضح المحامي عماد بن حليمة، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أن هيئة الدفاع تقدمت بطلب الإفراج إلى دائرة الاتهام بمحكمة تونس العاصمة، وهو الطلب الثالث من أجل الإفراج عن نبيل القروي الموقوف منذ 23 أغسطس (آب) الماضي.

وتابع المحامي قائلاً: «لم يجتمع القضاة بسبب الإضراب. والمحكمة أرجأت الجلسة إلى الأربعاء المقبل. يرتبط الأمر كذلك بفك الإضراب». ويتنافس القروي مع المرشح الرئاسي الآخر قيس سعيد في الدور الثاني، لكنه يواجه خطر الغياب عن الحملة الانتخابية، كما غاب عنها في الدور الأول.

ويواجه القروي، قطب الإعلام، تهماً ترتبط بالتهرب الضريبي وتبييض أموال، لكن لم تثبت أي تهم ضده، ولم تصدر أحكام بشأنه. ورفض قاضي التحقيق طلب الإفراج عنه لعدم الاختصاص.

وتضغط الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من أجل الإفراج عن القروي، ما دامت لم تصدر أحكام ضده، من أجل إتاحة فرص متكافئة بين المرشحين للرئاسة في الدور الثاني.

من جهة ثانية، قالت هيئة الاتصال إنه لن تجري مناظرة تلفزيونية بين المرشحين، ما دام القروي في السجن، لكن التلفزيون الرسمي التونسي الذي يشارك في تنظيم مناظرة بين قيس سعيّد ونبيل القروي أعلن استعداده لإجراء المناظرة داخل السجن، إذا لم يسمح القضاء للقروي، الموقوف بتهم فساد مالي، بالخروج منه.

وقال محمد لسعد الداهش رئيس مجلس إدارة مؤسسة التلفزة التونسية: «إذا لم يقبل القضاء السماح للمرشح نبيل القروي بالخروج من السجن للمشاركة في هذه المناظرة، فنحن على استعداد للقيام بها داخل السجن».

وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «يجب أيضاً أن نحصل على موافقة المرشح الآخر؛ قيس السعيد».

ومن المتوقّع أن يصدر القضاء قراراً، الأربعاء المقبل، بشأن ما إذا كان سيوافق على إطلاق سراح القروي، رجل الأعمال وصاحب قناة «نسمة» التلفزيونية التي تبثّ من دون ترخيص، والملاحق منذ 2017 بتهم تهرب ضريبي وتبييض أموال.

ومن المقرّر إجراء مناظرتين، مدة كل منهما ساعة، خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي لم يحدّد موعد إجرائها بعد، ولكنّه سيكون على الأرجح في 13 أكتوبر (تشرين الأول).

وخلال الدورة الأولى أجرى التلفزيون التونسي، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، ثلاث مناظرات شارك فيها 24 من 26 مرشحاً، واعتُبِرت خطوة إضافية نحو تعزيز الممارسة الديمقراطية في البلاد. ويومها طلبت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» من القضاء السماح للقروي بالمشاركة في المناظرة، لكنّ القضاء رفض.

وتُعتبر المناظرات التلفزيونية بين متنافسين في انتخابات أمراً نادراً في العالم العربي.

والاثنين الماضي، رفض القضاء التونسي كلّ الطعون المقدّمة بنتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، مؤكّداً بذلك أنّ الدورة الثانية ستجري بين الأستاذ الجامعي قيس سعيّد ورجل الأعمال المحبوس نبيل القروي.

ولا تزال أمام المرشّحين الستّة الذين تقدموا بالطعون مهلة تنتهي في 26 من الشهر الحالي لاستئناف قرارات المحكمة الإدارية. وفي حال تقدَّم أي منهم باستئناف، فإن الدورة الثانية ستجري في 13 أكتوبر.

وحلّ سعيّد أولاً بـ18.4 في المائة من الأصوات أمام القروي الذي حصل على 15.58 في المائة من الأصوات.

من جهة ثانية، رفض عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي الدعوة التي قدمها يوسف الشاهد رئيس الحكومة لتجاوز «خيبة» الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، والعودة إلى «وحدة الصفوف»، غير أن الزبيدي كانت إجابته غير منتظرة، حين دعا الشاهد إلى الاستقالة من الحكومة محملاً إياه المسؤولية عن الخيبة السياسية التي مُنِيا بها معاً خلال الانتخابات الرئاسية.

ولم يقتصر الزبيدي على مطالبة الشاهد بالاستقالة والاعتراف بالفشل، بل اتهمه بالتسبب في «تأزم الوضع الاقتصادي، وفي تدهور الوضع المعيشي للتونسيين، وفي تدمير الحياة السياسية والحزبية»، ليؤكد أن رئيس الحكومة أصبح «جزءاً من المشكل وليس الحل»، على حد تعبيره.

وأعاد الزبيدي بهذا الموقف فتح الصراع السياسي بين رئيس الحكومة ووزير دفاعه المعين من قبل رئيس الجمهورية، وهذا ضمن صلاحياته الدستورية.

ويطمح كل من الزبيدي والشاهد إلى تمثيل العائلة الوسطية وتزعمها، بعد أن أدرك كلاهما أن الخريطة السياسية في تونس تعيش على وقع إعادة التشكل من جديد، في انتظار نتائج الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، التي على ضوئها سيقع تكليف إحدى الشخصيات السياسية بتشكيل الحكومة التونسية المقبلة.

وكان الدور الأول من الانتخابات الرئاسية قد أفرز حصول الزبيدي على نسبة 10.7 في المائة من الأصوات، في حين أن يوسف الشاهد قد حصل على 7.4 في المائة من أصوات الناخبين ولم يتنازل أحدهما للآخر، فإن حاصل النتيجتين سيكون في حدود 18.1 في المائة

وهو ما يجعله في المركز الثاني على مقربة من قيس سعيد الفائز بالمرتبة الأولى، وهذا ما جعل الطرفين يتبادلان مسؤولية الفشل في السباق الرئاسي.

ويعول الزبيدي على مجموعة الأحزاب التي دعمت ملف ترشحه كمستقل في الانتخابات الرئاسية، وهي تضم «حزب آفاق تونس» بزعامة ياسين إبراهيم و«حزب النداء» الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الراحل، و«حركة مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق، و«الحزب الاشتراكي اليساري»، و«الحزب الوسطي الجديد»، و«التحالف من أجل تونس»، و«حركة الوطن الجديد» التي أسسها سليم الرياحي، وبذلك يكون الزبيدي قد حول الصراع مع الشاهد إلى صراع مع مجموعة الأحزاب السياسية الداعمة له.

في حين أن الشاهد سيستمد الدعم في هذه «المعركة» السياسية والانتخابية من حزبه «حركة تحيا تونس»، وسيواجه في الوقت نفسه مجموعة الأحزاب السياسية الداعمة للزبيدي علاوة على القاعدة الانتخابية لـ«حركة النهضة» التي وجهت له انتقادات حادة نتيجة عدم القبول بالترشح للرئاسية تحت «عباءة» التوافق مع «النهضة»، وحمّلته جزءاً من مسؤولية فشل عبد الفتاح مورو مرشح الحزب في الدور الأول من السابق الرئاسي.
 

«شورى النهضة» يدعم قيس سعيّد في انتخابات الرئاسة التونسية

الزبيدي يعتزم الطعن مجدداً في نتائج الدورة الأولى
الأربعاء 25 سبتمبر 2019
تونس: المنجي السعيداني

أعلن مجلس شورى حركة «النهضة» دعمه الصريح لقيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري، في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في تونس، داعياً الناخبين للتصويت لمصلحته. وجاء موقف هذا الحزب الإسلامي في وقت أكد فوزي عبد الرحمن، مدير الحملة الانتخابية لعبد الكريم الزبيدي، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، استئناف قرار المحكمة الإدارية الرافض لستة طعون في نتائج الدورة الأولى من بينها الطعن الذي قدمه الزبيدي واتهم خلاله المرشحين نبيل القروي وعبد الفتاح مورو بالإشهار السياسي وخرق القانون الانتخابي في تعاملهما مع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وكان عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية، قد أكد أن فتح باب الطعون من جديد سيكون يومي 25 و26 سبتمبر (أيلول) الحالي، وذلك إثر إعلام أصحاب المطالب الستة المرفوضة بمضمون الحكم القضائي.

وفي السياق ذاته، أشار الغابري إلى رفض كل الطعون الستة المشككة في نتائج الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة وهي الطعون المقدمة من سيف الدين مخلوف وعبد الكريم الزبيدي وسليم الرياحي (رُفضت من حيث الشكل، أي أنها غير مستوفية للجوانب الشكلية لتقديم ملف الطعن) وحاتم بولبيار وناجي جلول ويوسف الشاهد (رُفضت أصلاً). وبذلك تكون المحكمة الإدارية المختصة في فض النزاعات الانتخابية قد أصبغت الشرعية مبدئياً على نتائج الدورة الأولى من السباق الرئاسي في انتظار احتمال الاستئناف من قبل المرشحين الطاعنين في النتائج التي أظهرت فوز كل من قيس سعيّد ونبيل القروي وانتقالهما إلى الدورة الثانية.

ولا تزال أمام المرشحين الستة الذين تقدموا بالطعون المرفوضة مهلة تنتهي في 26 سبتمبر الحالي لاستئناف قرارات المحكمة الإدارية. وفي حال تقدم أي منهم بملف استئناف، فإن الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستجري يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وفي السياق ذاته، دعت حركة «النهضة» إلى «توفير مناخات تكافؤ الفرص بين المرشحين للانتخابات الرئاسية»، في إشارة يُفهم منها أنها تخص نبيل القروي القابع في السجن منذ 23 أغسطس (آب) الماضي بتهمة غسل الأموال والتهرب الضريبي، وهي تهمة نفاها المرشح الذي يقود حزب «قلب تونس».

كذلك طالبت سلمى اللومي، رئيسة حزب «أمل تونس» التي ترشحت بدورها للانتخابات الرئاسية وفشلت في تخطي الدورة الأولى إثر حصولها فقط على 0.2 في المائة من الأصوات، بالإفراج عن نبيل القروي وتمكينه من حقه في القيام بحملته الانتخابية الرئاسية في الظروف نفسها المتاحة لمنافسه قيس سعيّد. ودعت اللومي بشكل صريح إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي ستضع المسار الانتخابي «محل شك وتساؤل» وتفتح أبواب الطعن في نتائج الانتخابات على مصراعيها، على حد تعبيرها.

واعتبرت اللومي التي شغلت سابقاً منصب مدير ديوان الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، أن وجود أحد المرشحين في السجن وحرمانه من القيام بحملته الانتخابية للمرة الثانية (الدورة الثانية بعد الأولى) قد يفقد العملية الانتخابية من كل معنى ويضر بمبدأ «تكافؤ الفرص»، وهو أمر قد يعرّض تونس إلى «أزمة سياسية عميقة».