Date: Sep 24, 2019
Source: جريدة النهار اللبنانية
تظاهرات مصر "حقد دفين" أم "تراكمات" حيال السيسي
تظاهرات الجمعة في عدد من المدن المصرية، في واقعة نادرة في ظلّ حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، خرجت استجابة لدعوة محمد علي، المقاول المصري الأربعيني الذي يعيش حالياً في اسبانيا، في سلسلة من أشرطة الفيديو، التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، اتهم فيها الرئيس والجيش المصريين بتبديد المال العام في مشاريع لا طائل منها وفي تشييد قصور رئاسية.

وعلى رغم أن محمد علي لم يقدم أي دليل على مزاعمه عن تبديد النظام المصري ملايين الجنيهات من المال العام، إلا أن أشرطته شُوهدت ملايين المرات ولاقت تفاعلات كثيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

وتحدث محمد علي في أشرطة تراوح مدة الواحد منها بين 20 و30 دقيقة، عن مشاريع رأى أن لا لزوم لها بينها استراحات وقصور رئاسية في مناطق بالقاهرة والاسكندرية.

وصرح استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة :"الصورة التي أراد السيسي أن يبرزها عن نفسه باعتباره منقذ مصر من حكم الإخوان .. سقطت تماماً".

وأوضح أن "الشعب يحمل تراكمات تجاه سياسات السيسي ... فهناك موضوع جزيرتي تيران وصنافير والسياسات الاقتصادية التي جعلت مصر دولة مدينة بنحو 106 مليار دولارات والتعديلات الدستورية التي تمدد بقاءه حتى 2030 ثم جاء محمد علي ليصبح بطلاً من منظور معين وهو أنه أسقط القناع عن السيسي ... لكن بالطبع ليس هو القائد أو الزعيم الشعبي... هو يؤدي دوراً معيناً". وأضاف: "في المقابل... تحدى السيسي بشكل مستفز في رده على الاتهامات وقال نعم أبني قصوراً". وفي 14 ايلول، نفى السيسي في مؤتمر عُقد في القاهرة الاتهامات بالفساد، مؤكداً أنه "شريف وأمين ومخلص". وعن بناء القصور الرئاسية، قال السيسي بالعامية المصرية: "نعم أنا عامل قصور رئاسية وهعمل... أنا أبني دولة جديدة ليست باسمي وانما باسم مصر". وخلال ست سنوات حتى الآن من ادارة للبلاد، لم يتظاهر المواطنون بشكل ملحوظ إلا مرة واحدة، بسبب إحكام القبضة الأمنية، وهي عندما صادق الرئيس في حزيران 2017 على اتفاق يمنح السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر. وتتخذ حكومة السيسي إجراءات تقشّفية صارمة منذ 2016 في إطار برنامج للاصلاح الاقتصادي للحصول على قروض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، مما أدّى إلى تزايد الاستياء الشعبي نتيجة ارتفاع الأسعار.

ويعيش نحو واحد من كلّ ثلاثة مصريين تحت خط الفقر بأقلّ من 1,40 دولار يومياً في البلد التي يبلغ عدد سكانه نحو 100 مليون نسمة، استناداً الى أرقام رسميّة نشرت في تموز الماضي.

وتخضع التظاهرات في مصر لقيود شديدة بموجب قانون صدر في تشرين الثاني 2013 بعد إطاحة الجيش، الذي كان يقودهُ في حينه السيسي، الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي. كما فرضت حال الطوارئ منذ 2017 ولا تزال سارية.

ومذذاك تشنّ السلطات حملة واسعة على المعارضين، وقد سجنت آلاف الإسلاميين إلى جانب ناشطين علمانيين ومدونين يتمتعون بشعبية. وأفاد نافعة أن "شريحة المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، هي شريحة شعبية ليس لها أي علاقة بالسياسة تفاعلت فقط مع فيديوات محمد علي وذُهلت من حجم المعلومات التي قالها". وأكد أن "الاخوان ليس لهم علاقة بتلك التظاهرات". ووصف المتظاهرين بأنهم "الشريحة المطحونة اجتماعيا والتي تقول لنفسها +لن نخسر شيئا+". وكان الرئيس المصري قد سافر الجمعة إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الدورة الـ74 للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وفي ظل ما كان جارياً من أحداث، عكفت قنوات الإعلام المحلي على إبراز صورة مستقرة لميدان التحرير، وأنه لم تخرج تظاهرات إلى الشوارع، وأن ما حصل كان مجرد احتفالات ما بعد مباراة الدربي . كذلك حرص بعض الاعلاميين على القاء اللوم في ما جرى على جماعة "الاخوان المسلمين" التي تصنفها السلطات في مصر "تنظيماً ارهابياً" منذ نهاية 2013.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مداخلة هاتفية مع الاعلامي المصري الشهير عمرو أديب إن "ما ينشر على بعض وسائل الإعلام المعادية لمصر هو حقد دفين لما حققته مصر من إنجازات وما تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسي من اهتمام من قادة العالم". وفي رأي المحلل السياسي المصري مصطفى السيد أن "ما جرى يوم الجمعة هو علامة ولا بد أن تثير قلق السلطات الحاكمة، فقد خرج الناس للاعتراض على رغم العنصر الأمني القوي". وقال: "مثل هذه الاحتجاجات لا أظن أنها قد تقف عند هذا الحد ... ولكن من الصعب التنبؤ". وأصدرت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر بيانًا دعت فيه مراسلي وسائل الإعلام الدوليّة إلى عدم "تجاوز الحقيقة" في تغطيتهم الإخباريّة، لكن من غير أن تأتي مباشرة على ذكر الاحتجاجات. والأحد، شهد مؤشر البورصة المصرية الرئيسي EGX30 هبوطاً حاداً بلغ نسبة 5 في المئة، ليعكس نقص ثقة المستثمرين بعد أحداث الجمعة.