Date: Sep 24, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الإدارة الأميركية: رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب يحتاج عاماً
حمدوك يشكّل لجنة مستقلة للتحقيق في فض اعتصام الخرطوم
الخرطوم: محمد أمين ياسين وأحمد خليل
ناقش مجلس السيادة الانتقالي السوداني الأوضاع الأمنية في البلاد والحلول الكفيلة بمعالجتها، في حين أبلغ مسؤولون في الإدارة الأميركية الحكومة السودانية بأن رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب يتطلب مدة زمنية تتراوح بين تسعة أشهر وعام.

وقال المتحدث باسم مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس قرر عقد اجتماعه الدوري الخميس المقبل بمدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور؛ للوقوف على الأوضاع والتأكد من سلامة المواطنين وأمنهم في المنطقة.

وشهدت نيالا أول من أمس مظاهرات طلابية حاشدة؛ احتجاجاً على أزمة رغيف الخبز، واشتباكات مع القوات النظامية، أدت إلى وقوع إصابات وسط المواطنين. وقال الفكي، إن اجتماع مجلس السيادة تطرق إلى الأعداد الكبيرة من الإدارات التي كانت تتبع للقصر الجمهوري إبان النظام السابق، مضيفاً أنه تم الاتفاق على إبقاء ثلاث ادارات تحت مجلس السيادة، وتحويل الجزء الأكبر المتصل بالصلاحيات التنفيذية إلى مجلس الوزراء كما نصت على ذلك الوثيقة الدستورية.

في غضون ذلك، قال وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، إن الإدارة الأميركية أبلغت حكومته صعوبة اتخاذ إجراءات إيجابية فيما يتصل برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في الوقت الراهن؛ نظراً إلى التعقيدات التي تصاحب هذا الملف وتتطلب عرضه على الكونغرس قبل أن تتخذ إدارة ترمب قراراً حاسماً في شأنه.

وقال البدوي في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، سيلتقي رئيس البنك الدولي ويطلب دعماً بملياري دولار للسودان.

وأضاف أن إزالة السودان من القائمة الأميركية للإرهاب يحتاج إلى مدى زمني من تسعة أشهر إلى عام، بحسب ما أبلغه مسؤولون في الإدارة الأميركية، وأن بلاده لن تستطيع الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي ما دامت مدرجة في قائمة الإرهاب. وأشار البدوي إلى أن رفع اسم السودان من القائمة يسهم بصورة فاعلة في رفع العقوبات المفروضة عليه.

وكشف الوزير عن متأخرات السودان على المؤسسات الدولية التي تبلغ 2.6 مليار دولار. وتابع: «لن تواجهنا مشكلة معاجلة هذه المتأخرات في حال اتخذت الإدارة الأميركية قرار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب».

وقال إن الوزارة بصدد تشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة خارج البلاد. وأضاف: «تلقينا تعهدات من الأمم المتحدة وبعض المنظمات بالمساعدة في هذا الملف».

حمدوك يشكّل لجنة مستقلة للتحقيق في فض اعتصام الخرطوم
جرحى باحتجاجات على ندرة الخبز في نيالا غرب السودان


الخرطوم: أحمد يونس
أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عن تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في جريمة فض اعتصام القيادة العامة الذي قتل جراءه العشرات وجرح المئات في 3 يونيو (حزيران) الماضي، والذي تتهم قوات عسكرية بارتكابها. جاء هذا تزامناً مع إصابة 4 أشخاص في مدينة نيالا غرب البلاد في مظاهرات طلابية شهدتها المدينة، وفرقتها الشرطة بعنف مفرط مستخدمة الغاز والرصاص، بحسب تجمع المهنيين السودانيين.

وحدّد القرار الذي صدر مساء أول من أمس، تكوين اللجنة من 7 أعضاء تتم تسميتهم لاحقاً، وأن تتشكل برئاسة قاضٍ من المحكمة العليا، وممثلين عن وزارات العدل والدفاع والداخلية، و3 محامين مستقلين. وتقرر إكمال اللجنة مهامها في سقف زمني مدته 3 أشهر، وأعطيت حق التمديد لفترة مثيلة بحسب الضرورة، واشترط أن تعمل باستقلال تام عن أي جهة عدلية أو قانونية، وذلك بحسب قانون تكوين لجان التحقيق لعام 1954. كما منح القرار اللجنة سلطة الاستعانة بمن تراه مناسباً، بما في ذلك الدعم الأفريقي أو غيره، وسلطة تلقي شكاوى الضحايا وأولياء الدم والممثلين القانونيين.

وتقول تقارير طبية معارضة إن عدد الذين لقوا حتفهم في أحداث فض الاعتصام بلغ 128 قتيلاً، لحق بهم خلال الأيام الماضية اثنان من الجرحى ليبلغ العدد 130 قتيلاً، إضافة إلى مئات الجرحى والمصابين، فيما ذكرت وزارة الصحة وقتها أن 61 شخصاً سقطوا خلال فض الاعتصام. ويتهم النشطاء والثوار، المجلس العسكري الانتقالي وقوات الدعم السريع، بارتكاب المجزرة، بيد أن المجلس العسكري نفى مراراً ضلوعه في الجريمة أو التخطيط لها، أو إصدار قرار بفض الاعتصام، وحمّل المسؤولية لقادة عسكريين تصرفوا على مسؤوليتهم.

ولنفي التهمة عنه، شكّل المجلس العسكري الانتقالي لجنة تحقيق في الأحداث، كما شكّل النائب العام لجنة تحقيق ثانية، أعلن عن نتائجها في مؤتمر صحافي، توصلت إلى ضلوع عسكريين بينهم ضباط رفيعو المستوى. ونقل عن المجلس العسكري الانتقالي أن الذين فضّوا الاعتصام اتخذوا القرار دون توجيه من أحد، وأنهم خالفوا تعليمات صادرة إليهم من قادتهم بعدم دخول منطقة الاعتصام، وكشف المجلس العسكري الانتقالي عن توقيف المجموعة التي شاركت في عملية فض الاعتصام وعلى رأسها ضابط كبير.

ولم تقنع تحقيقات اللجنتين قوى {إعلان الحرية والتغيير}ولا ذوي الضحايا، ما حوّل لجنة التحقيق المستقلة، إلى واحدة من معضلات التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير. وبعد جهد، توافق الطرفان على النص في وثيقة الإعلان الدستوري الموقعة بينهما في 17 أغسطس (آب) الماضي، على تكوين لجنة تحقيق مستقلة، وهي اللجنة التي أعلن عنها حمدوك أول من أمس. وينتظر أن تجري مشاورات بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقوى إعلان الحرية والتغيير لتحديد أسماء أعضاء اللجنة بعد عودته من نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

من جهة أخرى، فرقت الشرطة مظاهرات طلابية في مدينة نيالا، حاضرة ولاية إقليم جنوب دارفور، مستخدمة الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص في الهواء، ما أدى إلى إصابة 4 أشخاص؛ اثنان منهم بالاختناق واثنان نتيجة التدافع. وقال مصدر في تجمع المهنيين السودانيين من نيالا لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الطلاب وتلاميذ المدارس تظاهروا لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على انعدام الخبز الناتج عن سيطرة «الأمن الاقتصادي» على توزيع طحين الخبز على المخابز. وأوضح المصدر أن الشرطة فرقت المظاهرة الاحتجاجية مستخدمة الغاز المسيل للدموع، وأطلقت أعيرة نارية في الهواء، ما أدى إلى إصابة 4 أشخاص بعضهم بالاختناق وبعضهم نتيجة للتدافع، وأن 3 منهم تلقوا العلاج وغادروا المستشفى.

من جهته، طالب «تجمع المهنيين السودانيين» الذي قاد الثورة التي أطاحت بالبشير، بتكوين لجنة تحقيق في الأحداث التي شهدتها نيالا، وفي العنف المفرط الذي استخدمته الشرطة ضد المتظاهرين السلميين. وقال التجمع في بيان إن المئات من طلاب المدارس الثانوية في نيالا تظاهروا لليوم الثاني على التوالي، واتجهت مواكبهم إلى قيادة الفرقة الثالثة مشاة التابعة للجيش السوداني حيث مقر الوالي العسكري هاشم محمود للمطالبة بتوفير الخبز في المدينة، ووقف ما سماه تلاعب الأجهزة الأمنية بالوقود والدقيق.

وذكر التجمع في بيانه أن ندرة الخبز والوقود كانت السبب في الاحتجاجات، فيما ذكر مصدر الصحيفة، أن أحداث القتل التي شهدتها مناطق قريضة ومرشنق في جنوب الولاية وأدت لمقتل 8 أشخاص، من بين أسباب الاحتجاجات. وأدان التجمع ما سماه قمع المحتجين السلميين، وحذر من استمرار الإفلات من العقاب وتفلتات القوات النظامية، التي اعتبرها امتداداً لتصرفات النظام المعزول في قمع المحتجين ومنع التعبير السلمي. وأثناء ذلك، ينتظر أن تشهد مدينة نيالا مواكب مليونية دعت لها لجان المقاومة التابعة لتجمع المهنيين السودانيين، للمطالبة بإقالة والي الولاية المكلف، وللاحتجاج على تردى الأوضاع، وأحداث قريضة ومرشنق.

«الجبهة الثورية» السودانية تبلور رؤاها في مصر دعماً للسلام
القاهرة: سوسن أبو حسين
تشهد مصر اجتماعات، خلال هذه الأيام، للمجلس القيادي للجبهة الثورية السودانية، وقال ياسر عرمان، القيادي في الجبهة، إن الاجتماعات التي تدوم لمدة 10 أيام «تمهد لمفاوضات السلام» التي تم تحديد موعدها من 14 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» مشاركة «نداء السودان»، بقيادة الصادق المهدى، لأول مرة، إضافة لوفد رفيع من دولة جنوب السودان.

ونوّه عرمان بوجود رغبة إقليمية ودولية في دعم عملية السلام في السودان، مؤكداً أن اجتماع مصر يسعى لإيجاد آلية للتنسيق بين كل الراغبين في القيام بدور لدعم الاستقرار والتحوّل في السودان، وتحقيق مطالب السودانيين، موضحاً أن الآلية تمنع وجود تضارب أو ضرر لكثرة الوسطاء.

وأشار إلى أن مصر بذلت مجهوداً، وأنها تنسق مع جنوب السودان، ومع السعودية والإمارات، وهناك أطراف أخرى مثل «الإيقاد» والاتحاد الأفريقي وإريتريا، وهناك رغبة في أن يمتد التنسيق أيضاً للمجتمع الدولي حتى يكون الدفع في اتجاه واحد يؤدي إلى تحقيق الأغراض المطلوبة.

وأضاف عرمان أن «الجبهة الثورية ستواصل تطوير مواقفها التفاوضية، وهناك اجتماع للمرة الأولى لنداء السودان، برئاسة الصادق المهدي، وهو اجتماع مهم لأن الجبهة الثورية تريد أن تدخل إصلاحات جذرية في قضية تحالف قوى الحرية والتغيير، عبر تطوير التحالفات القائمة، وقد أجرينا في جوبا توحيداً للجبهة. والآن، نريد أن نطور نداء السودان، وعبره نريد أن نطور قوى الحرية والتغيير، وهذا يأتي متوافقاً مع توفر إرادة سياسية جديدة لبناء دولة حديثة».

وعد أن الاجتماع «يأتي في إطار العلاقات الجيدة مع مجلسي السيادة والوزراء»، مشيراً إلى «لقاء الفريق حميدتي والدكتور عبد الله حمدوك في جوبا»، مؤكداً أن «ما تم إنجازه في جوبا لم ينجز مع النظام القديم في 8 سنوات»، وأوضح أن هناك اجتماعاً أولاً للجبهة الثورية، وآخر لنداء السودان، يحضره الصادق المهدي وحزب المؤتمر السوداني والبعث وقوى من المجتمع المدني، مضيفاً أننا «نرتب للسلام ونداء السودان، وسنجلس مع أصحاب الدعوة، ونحن على علم واطلاع على أنهم قاموا بجولة إقليمية واسعة، شملت بلداناً عربية وأفريقية، ونعلم أن جنوب السودان ستبعث بوفد على مستوى عالٍ للقاهرة. وبعد الجلسة الأولى، يمكن أن نرسم ما الذي سيتم في خلال الأيام العشر المقبلة».

وحول استقالة المهدي من «نداء السودان»، قال عرمان إن «الاستقالة ستتم مناقشتها في هذا الاجتماع، وسيعيد نداء السودان إنتاج نفسه وفق الوقائع الجديدة، بعد أن أصبح شريكاً في الحكم، فهنالك انتقال من معارض لشريك للحكم، ومن داعٍ للسلام إلى صانع للسلام، لذلك يحتاج نداء السودان لأجندة جديدة، وإصلاحات جذرية، وأن يساهم بشكل جديد في قوى الحرية والتغيير».

وتابع: «أمامنا أيضاً المجلس التشريعي، فكيف سيكون التمثيل؟ وبأي طريقة؟ ونحن سنكون جزءاً من الحكم، لذلك السودان القديم يجب أن ينتج نفسه في نسخة جديدة ملائمة... وهذه قضية جوهرية، لذلك أتينا لنجمع».

وبشأن مفوضية السلام، قال إن هناك مقترحاً قدمناه لمجلس السيادة، يقوم على أن يكون رئيس المفوضية هو عبد الفتاح البرهان، وأن ينوب عنه حمدوك، وبها عدة هياكل، و«أعتقد أنه من المبكر حسم الأمور... نريد أن نعرف مهام هذه المفوضية، ولا نريد أن نركز على أسماء، وهل هي تنفيذية أم تضع السياسات؟ وما دورها؟». وأشار إلى أنه «قبل تكوين المفوضية، بدأ مجلس السيادة يوقع اتفاقيات، وربما ستبدأ مفاوضات السلام قبل تكوين المفوضية، وهذه القضية تحتاج لإخراج». وطالب بـ«مفوضية فاعلة تتمتع بأجندة حقيقية ترتفع بأجندة السلام ولا تعوقها، وتتكون من شخصيات عرفت برغبتها في السلام، وشخصيات تسهم في خلق مناخ السلام».

ورداً على وجود عبد الواحد محمد نور خارج ترتيبات عملية السلام، قال عرمان: «لم نسمع منه (عبد الواحد) مباشرة، نقرأ له بعض التصريحات لكنها ليست كافية للحكم على موقفه، لكن أعتقد أن هناك مناخاً جديداً بعد الثورة، وهذا سيدفع كل قوى الكفاح المسلح لإعادة النظر في طريقتها للتعامل مع ما يجري داخل السودان، لدينا رغبة في الاتصال معه، وقد وجهنا له أكثر من رسالة».

وبخصوص حضور عبد العزيز الحلو اجتماعات مصر، قال إن هذا «متروك لأصحاب الدعوة، لم نبلغ رسمياً بأنه سيكون موجود». وأشار إلى أن اجتماعات القاهرة سوف تعطي إفادات حول مقر مفاوضات السلام. وشدد عرمان على أن «عملية السلام الحالية تعطي مخرجاً استراتيجياً لقوى الكفاح المسلح، بأن تبني أجندة ومنابر سياسية جديدة فاعلة، وتأتي بقوى اجتماعية جديدة في الحياة السياسية، وتقيم تحالفات، وتنقلنا من صناديق الذخيرة التي فرضت علينا سنوات طويلة إلى صناديق الانتخابات».