| | Date: Sep 20, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | وفاة زين العابدين بن علي ومرشحان يطعنان في نتائج انتخابات تونس | تونس: المنجي السعيداني
انتهت، أمس، فترة الطعون، في نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التونسية، التي أفرزت فوز كل من أستاذ القانون الدستوري المستقل، قيس سعيد، وقطب الإعلام ورجل الأعمال الموقوف حالياً، رئيس حزب قلب تونس، نبيل القروي بالمرتبتين الأولى والثانية، وهو ما يمنحهما فرصة التنافس على رئاسة تونس في الدور الثاني. وأكدت مصادر رسمية أن مرشحين فقط من بين 26 مرشحا، قدما طعنين في نتائج الانتخابات.
وأكد عماد الغابري المتحدث باسم المحكمة الإدارية المختصة في البت في قضايا الطعون في نتائج الانتخابات لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة تسلمت طعنين، حتى مساء أمس، صادرين عن عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي في حكومة يوسف الشاهد، وسيف الدين مخلوف، وكلاهما مرشح مستقل. وأشارت مصادر قضائية تونسية إلى أن الطعنين وجها إلى نتائج المرشح عن حزب «قلب تونس» نبيل القروي القابع بأحد سجون العاصمة التونسية.
وقال الغابري إن البت في ملفات الطعون، «يتطلب تدقيقا ووقتا»، وهو ما يعني أن تاريخ 29 سبتمبر (أيلول) الحالي الذي يمثل الموعد الأول المحتمل لجولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، بات مستحيلا.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أوردت ثلاثة مواعيد لإجراء الدور الثاني بين قيس سعيد المرشح المستقل ونبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس»، من بينها تاريخ 29 سبتمبر أو السادس من أكتوبر (تشرين الأول) أو 13 من نفس الشهر في أقصى الحالات، وذلك طبقا لاستيفاء إجراءات الطعن في طورها الابتدائي وطور الاستئناف.
وكانت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية على غرار معهد كارتر الأميركي وبعثة الاتحاد الأوروبي، قد أكدت في تقاريرها إثر نهاية عمليات الاقتراع، أن الانتخابات الرئاسية التونسية، جاءت في مستوى المعايير الدولية، إذ أنها لم تلاحظ وجود إخلالات ترقى إلى مستوى الجرائم الانتخابية، وهو ما جعل اللجوء إلى الطعن في النتائج غير ذي جدوى، وفق مراقبين للمشهد السياسي التونسي.
من ناحيته، أعلن سمير ديلو رئيس الحملة الانتخابية لعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة الحاصل على المرتبة الثالثة التي لا تخول له المرور إلى الدور الثاني، أن النهضة لن تتقدم بأي طعن في النتائج واعتبر أن هيئة الانتخابات أشرفت على السباق الرئاسي في إطار «الاستقلالية والنزاهة والحرفية». وللتأكيد على القبول بنتائج الدور الأول من السباق الرئاسي، فقد أفادت الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة، أنه اتصل هاتفيا بقيس سعيد المرشح المستقل للانتخابات الرئاسية وهنأه بالمرور إلى الدور الثاني.
وكان نبيل القروي الذي زج به في السجن منذ يوم 23 أغسطس (آب) الماضي بتهمة غسل وتبييض الأموال، قد اتهم الإسلاميين في حركة النهضة ببذل كل شيء لإبقائه خلف القضبان حتى السادس من أكتوبر (تشرين الأول) تاريخ إجراء الانتخابات البرلمانية في تونس. واتهم القروي في السابق يوسف الشاهد رئيس الحكومة بالسعي إلى رميه وراء القضبان، وهو ما نفاه الشاهد ومن بعده قيادات النهضة.
من جهتها أعربت فرنسا أمس عن رغبتها في أن تجري الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية، «بشكل حيادي»، وفق ما أعلن وزير الخارجية. وقال جان - ايف لودريان في مداخلة عبر قناة «س - نيوز» أمس، «نرغب في أن تتم هذه الانتخابات بشكل حيادي (لا يسمح) بالتشكيك بالنتائج». وشدد على «أننا قلنا للسلطات التونسية إننا نرغب في أن تتم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في أفضل ظروف من الحيادية».
وتابع وزير الخارجية الفرنسي أنّ هذا «مهم جداً للديمقراطية التونسية لأنّها كانت الأولى في سياق الربيع العربي وفي النهاية هي واحدة من القلائل اليوم التي تضمن مساراً ديمقراطياً». وحلّ أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد أولاً في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية بنسبة 18.4 في المائة من الأصوات، متقدّماً على نبيل القروي الذي لا يزال موقوفاً، في نتائج اجتاحت الطبقة السياسية التقليدية. واعتبرت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات أنّ الدور الأول كان «شفافاً». ودعت في الوقت نفسه إلى أن يحظى المرشحون بـ«فرص متكافئة»، في إشارة ضمنية إلى نبيل القروي. وأوقف القروي في 23 أغسطس وهو ملاحق منذ 2017 بتهمة تبييض الأموال. وأثار توقيفه قبل عشرة أيام من بدء الحملة الانتخابية تساؤلات حول تأثير السياسة على القضاء.
وأعلن جان - ايف لودريان أنّ «تونس ذات سيادة ونحن نحترم دستورها وقضاءها». وأضاف أنّ «تونس كانت في طليعة مسار ديمقراطي مهم، ونعتبر أنّها لا تزال كذلك». ورفض القضاء التونسي أول من أمس، طلباً جديداً للإفراج عن نبيل القروي.
ومن المقرّر إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، أي تزامناً مع الانتخابات التشريعية، أو في 13 منه.
وفاة زين العابدين بن علي
تونس: المنجي السعيداني
توفي الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، أمس، عن عمر ناهز 83 عاماً.
ونقلت وكالة «رويترز» عن منير بن صالح، محامي أسرة بن علي، أن الرئيس الأسبق «توفي قبل قليل في السعودية». كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر بالخارجية التونسية قوله «تلقينا تأكيداً عن وفاته». وتجيء وفاة بن علي بعد أيام من انتخابات حرّة أجرتها تونس.
وأدار بن علي، تونس لمدة 23 عاماً، إذ تولى السلطة عام 1987 عندما كان رئيساً للوزراء، بعدما أعلن أن الرئيس الحبيب بورقيبة غير لائق طبياً للحكم. وسعى خلال وجوده في الحكم إلى وأد أي شكل من أشكال المعارضة السياسية، متبعاً في الوقت نفسه سياسة الانفتاح الاقتصادي، وهو ما أفضى إلى نمو سريع، لكنه زاد أيضاً من عدم المساواة والاتهامات بالفساد، خاصة بين أقاربه.
بدأ صعود بن علي في الجيش بعدما انتزع بورقيبة استقلال تونس من فرنسا عام 1956. وكان رئيس جهاز الأمن العسكري عام 1964 وجهاز الأمن الوطني عام 1977. وبعد قضائه 3 سنوات سفيراً في بولندا، استدعي للعودة إلى وظيفته الأمنية السابقة لمواجهة أعمال الشغب التي اندلعت احتجاجاً على أسعار الخبز. وتولى وزارة الداخلية عام 1986 ورئاسة الوزراء عام 1987.
ولم يستغرق الأمر منه سوى أقل من 3 أسابيع ليرتب لنفسه ترقية جديدة، وهذه المرة إلى أعلى موقع في السلطة... الرئاسة. فقد جلب فريقاً من الأطباء، ليعلن إصابة بورقيبة بالخرف، وهو ما يعني توليه الرئاسة تلقائياً. وشهد أول عقد له في السلطة إعادة هيكلة اقتصادية كبيرة، ساندها صندوق النقد والبنك الدوليان، ونمواً اقتصادياً سنوياً يزيد قليلاً على 4 في المائة.
ولد الرئيس التونسي الراحل يوم 3 سبتمبر (أيلول) 1936 بمنطقة حمام سوسة (وسط شرقي تونس) حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، غير أنه لم يتم دراسته، وغيّر اتجاهه ليتلقى تكويناً أمنياً، إذ حصل على دبلوم من المدرسة العسكرية في سان سير (فرنسا) ثم من مدرسة المدفعية في شالون سور مارن كذلك من فرنسا، وأرسله صهره الجنرال الكافي، إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في بلتيمور بالولايات المتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية في تكساس، بالولايات المتحدة، ليستلم بعد انتهائه هذه الدورات التكوينية مسؤولية الأمن العسكري التونسي حيث تولى رئاسته لمدة 10 سنوات، إلى أن أصبح سنة 1986 وزيراً للداخلية، قبل أن يعين من قبل الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وزيراً أول، في ظل صراع محموم على السلطة، وهو ما غذّى طموحاته في الحكم إثر وهن بورقيبة ومرضه وعدم قدرته على تسيير البلاد.
وكان بن علي يتسابق في هذا المطمح مع قيادات حركة الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة حالياً) لتولي الحكم والاستيلاء على السلطة بدلاً من بورقيبة، غير أن بن علي كان الأسبق وسيطر على السلطة في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 1987 ليتواصل الصراع مع الأطراف المعارضة من الإسلاميين واليسار، وليضع بن علي ميثاقاً وطنياً يعد من خلاله بالانفتاح السياسي وفتح أبواب المشاركة السياسية أمام المعارضة.
ولكن بن علي الذي تلقى تكويناً عسكرياً لم يكن يؤمن بالتعددية السياسية والنهج الديمقراطي ومكّن معارضة صورية من المشاركة السياسية بمقدار ضئيل، وفاز بن علي بأغلبية ساحقة تجاوزت نسبة 90 في المائة من أصوات الناخبين في كل الانتخابات الرئاسية التي جرت سنوات 1994 و1999 و2004 و2009 وسيطر «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحزب السياسي الجديد الذي أسسه على المشهد السياسي طيلة 23 سنة، انتهت بالإطاحة به من قبل الثورة التونسية، وهو ما اضطره إلى مغادرة الحكم يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011 لتطوى صفحة ثاني رئيس في تاريخ الجمهورية التونسية، وتبدأ فترة جديدة، أساسها نظام برلماني معدل لا يسمح لرئيس الدولة إلا بصلاحيات محدودة.
وصدرت في حقّ الرئيس الراحل أحكام بالسجن، تجاوزت حدود 200 سنة، علاوة على 5 أحكام بالسجن المؤبد، وهو ما جعل أمر عودته إلى تونس مستحيلاً إلى أن أعلن خبر وفاته يوم أمس. | |
|