Date: Aug 28, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
العراق يتأنى في فرضية العامل الخارجي بمسألة قصف معسكرات «الحشد»
الصدر يدعو إلى تحقيق بإشراف دولي
بغداد: حمزة مصطفى
أكدت قيادات سياسية عليا في العراق على أهمية متابعة إجراءات الحكومة بصدد المؤشرات المتوفرة حول تورط خارجي في الاعتداء على مخازن ومعسكرات «الحشد الشعبي» خلال الشهرين الماضيين.

وقال بيان لرئاسة الجمهورية تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «رئيس الجمهورية برهم صالح ترأس مساء أول من أمس (اجتماعاً للقيادات السياسية العليا في البلاد بمشاركة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعماء القوى والأحزاب السياسية، حيث اطلع الحاضرون على تقرير قدمه رئيس مجلس الوزراء؛ القائد العام للقوات المسلحة، بخصوص التفجيرات التي تعرضت لها مخازن للأسلحة والأعتدة خلال الأيام القليلة الماضية». وأضاف البيان أنه «تم التأكيد على دعم الحكومة في إجراءاتها لحماية السيادة وتعزيز قدراتها الدفاعية واتخاذ كافة الإجراءات عبر جميع القنوات الفاعلة والمنظمات الدولية والإقليمية كافة، والتي من شأنها ردع المعتدين والدفاع عن العراق وأمنه وسيادته». وتابع البيان أنه «جرى التأكيد على احترام مرجعية الدولة والتقيد بها في مختلف الظروف، والالتزام بالسياق المؤسساتي الدستوري، ومراعاة سيادة القانون واعتبار أي تجاوز على الدولة ومؤسساتها خروجاً عن المصلحة الوطنية وخرقاً للقانون ويعامل وفق ذلك وبموجب ما تقتضيه قوانين الدولة العراقية». كما جرى التأكيد على «الالتزام بوثيقة (السياسة الوطنية الموحدة) المتفق عليها في اجتماع القادة وعدم الانجرار إلى سياسة المحاور ورفض تحول العراق إلى ساحة حرب، والامتناع أيضاً عن أن يكون العراق منطلقاً لأي اعتداء على جواره».

وعلى صعيد متصل، وفيما شكك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في إمكانية أن تقوم إسرائيل في هذا الوقت بقصف معسكرات «الحشد»، فقد نفت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، أمس، أي دور للولايات المتحدة في تفجيرات مستودعات «الحشد الشعبي» في العراق. وقالت الوزارة في بيان: «لم تقم القوات الأميركية بقصف أو أي هجمات أخرى أدت إلى تفجير مستودعات ذخيرة في العراق، والحديث هنا على العكس، خاطئ ومضلل ومثير للاشمئزاز»، مؤكدة على أن واشنطن تدعم سيادة العراق.

يأتي ذلك في وقت اتهمت فيه قيادات في «الحشد الشعبي» الولايات المتحدة إما بالضلوع في القصف أو تأمين غطاء لإسرائيل للقيام بذلك.

من جهته، شكك زعيم التيار الصدري في إمكانية أن تقوم إسرائيل بضرب معسكرات «الحشد الشعبي». وقال الصدر في تغريدة له مساء أول من أمس: «إنني لا أبرئ (العدو الصهيوني) من أفعاله الإرهابية في العراق، بيد أنني على يقين من أنه لا يقدم على مثل هذه الخطوة أو الخطوات، فهو يعلم أن الرد سيكون مزلزلاً لأمنه ونفوذه». ودعا الصدر الحكومة العراقية إلى «الإسراع بالتحقق من الأمر ولو بإشراف دولي، فإن ثبت جرمهم وإرهابهم فعلى الجميع التحلي بالصبر وعدم التفرد بالقرار». وأوضح الصدر أنه في حال ثبوت القصف الإسرائيلي «فإنني أدعو جميع الأطراف إلى الاجتماع بطاولة مستديرة لا يتحكم فيها الفاسدون ولا يتحكم فيها من وقّع على الاتفاقية الأمنية مع أميركا ولا يتحكم بها من أقر تجريم استهداف الأميركي وما شاكل ذلك». ودعا الصدر إلى «تجنيب المقدسات الخطر المحدق، كما ويجب أن يحصر السلاح بيد الدولة، وأن تغلق كل المقرات وتسلم كل المخازن للدولة، وإلا فإن المخالف سوف يعرض العراق والعراقيين إلى خطر شديد وسيكون هو المسبب لخرابه». كما دعا إلى «حماية الحدود العراقية من جميع الأطراف، وبالخصوص حدوده مع سوريا، وانسحاب كافة الفصائل من (سوريا الحبيبة)، فالعراق أحق بدماء شعبه مع ما يتعرض له من خطر».

من جهته، عدّ الدكتور حسين علاوي، رئيس «مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التطورات التي جرت العراق باتجاه موقف سياسي موحد كانت عاملاً إيجابياً رغم خسارة العراق حزمة من الأسلحة والقيادات الوسطية في (الحشد الشعبي)، لكن رغم كل ذلك، فإن القوى السياسية أصبحت أكثر تماسكاً وحزماً في قرار الحرب أو السلم»، مبيناً أن «بيان الرئاسات الثلاث كان واضحاً، حيث عبّر عن منظور الدولة تجاه التحديات، وأغلق الأبواب الأساسية لمنع انجرار العراق إلى صراع إقليمي دولي ليس للعراق مصلحة فيه». وأضاف علاوي أن «الكيان الإسرائيلي أراد الحصول على موقف سياسي يدفعه لاستخدام الأراضي العراقية من أجل إرسال رسائل إلى القيادة الإيرانية، لكن تماسك الموقفين السياسي والعسكري في العراق فكّك الضبابية وفتح الأبواب أمام حوار عراقي - أميركي عبر التحالف الدولي لحماية الأجواء العراقية خلال المرحلة المقبلة، وهذا الخيار غير مكلف للدولة العراقية، ومفيد للجانب الأمني، ويحمي العراق من الصراعات الإقليمية والدولية».