Date: Aug 28, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
حمدوك يعلن حكومته اليوم من 14 حقيبة و5 مجالس متخصصة
139 بلاغ فساد في مواجهة البشير وقيادات نظامه... بينهم طه لتهديده المحتجين بـ«كتائب الظل»
الخرطوم: أحمد يونس وأحمد خليل
ينتظر أن يكشف رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، النقاب عن تشكيلته الوزارية التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية، والمكونة من 14 وزارة و4 مجالس عالية، بعد تسلمه لترشيحات قوى إعلان الحرية والتغيير أمس.

وقال حمدوك، في بيان، أمس: «تسلمت قوائم ترشيحات الوزراء المقدمة من قوى إعلان الحرية والتغيير. بلغت الترشيحات 49 مرشحاً ومرشحة لعدد 14 وزارة، و16 مرشحاً ومرشحة لخمسة مجالس وزارية متخصصة».

وشكر رئيس الوزراء قوى إعلان الحرية والتغيير على الجهد المبذول، مؤكداً أنه سيعكف على دراسة كل الترشيحات المقدمة، وفق المعايير المتفق عليها بدقة وصرامة، مع مراعاة التمثيل العادل للنساء.

ومن المفترض أن يختار حمدوك 14 وزيراً من قائمة المرشحين، و5 آخرين للمجالس الوزارية المتخصصة. وسيتم إعلان أعضاء الحكومة اليوم، حسبما أكد حمدوك سابقاً. وكان حمدوك قد حث قوى إعلان الحرية والتغيير على تسليمه أسماء المرشحين للوزارات المختلفة، بعد أن أبلغهم بأنه ملتزم بالمصفوفة الزمانية التي تحدد يوم غد 28 أغسطس (آب) لإعلان الوزارة الجديدة.

وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير مستور أحمد لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن قوى إعلان الحرية والتغيير واصلت الاجتماعات حتى وقت متأخر من صباح أمس، وتوافقت على أسماء المرشحين للوزارة لرئيس الوزراء.

وبحسب ما نقلته «الشرق الأوسط»، أمس، فإن الحرية والتغيير سلمت قوائم بثلاثة مرشحين أو أكثر لكل وزارة، ليختار منها رئيس الوزراء أحدهم وزيراً، بعد أن عقدت اجتماعاً مطولاً ضم لجنة التشريحات وتنسيقية الحرية والتغيير ومجلسها المركزي.

وينتظر أن تكون الحرية والتغيير قد عقدت اجتماعاً مصغراً مساء أمس مع حمدوك، لمساعدته على فرز المرشحين للوزارات المختلفة.

ونصت وثائق الفترة الانتقالية (الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية)، الموقعة بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، وبحضور شهود إقلميين ودوليين، على تكوين حكومة انتقالية تحكم البلاد لفترة 39 شهراً، بالتناوب بين العسكريين والمدنيين.

وأعطت الوثيقة سلطة اختيار الجهاز التنفيذي (رئيس الوزراء ووزرائه) لقوى إعلان الحرية والتغيير، عدا وزير الدفاع والداخلية، اللذين أعطت سلطة ترشيحهما للعسكريين، وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان رشح عضو المجلس العسكري الانتقالي السابق الفريق جمال عمر وزيراً للدفاع، فيما لم توضح معلومات حتى أمس هوية وزير الداخلية.

وبموجب الاتفاقيات الموقعة بين قوى إعلان الحرية والتغيير، فإن حمدوك سيعلن حكومته اليوم، على أن يعتمدهم مجلس السيادة بعد غد، ليؤدوا اليمين الدستورية في الثلاثين من الشهر الجاري.

من جهة ثانية، أعلنت منظومة «زيرو فساد» السودانية ارتفاع عدد البلاغات المسجلة ضد رموز النظام السابق إلى 139 بلاغاً، بعد أن كانت قد أعلنت في وقت سابق أن عدد البلاغات قد بلغ 121 بلاغاً، تم تدوينها ضد النظام السابق ورئيسه ورموزه.

ويخضع الرئيس المعزول عمر البشير لمحاكمة، بتهم تتعلق بالفساد والثراء الحرام وحيازة نقد أجنبي، إثر ضبط قرابة 7 ملايين يورو وعملات أجنبية وسودانية أخرى في منزله الرئاسي، عقب عزله في 11 أبريل (نيسان) 2019.

وقال عضو منظمة «زيرو (صفر) فساد» المثنى أبو عيسى، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن 18 بلاغاً جديداً دونت بمواجهة الرئيس المعزول عمر البشير، ووزير النفط الأسبق عوض أحمد الجاز، تتعلق بالتصرف في عائدات النفط منذ اكتشافه في السودان عام 1997 حتى عام 2019، إضافة إلى بلاغات ضد الشركات السودانية العاملة في قطاع البترول، لتبديدها مليار و200 مليون دولار. وتهدف منظمة «زيرو فساد» لمكافحة الفساد، ونشر ثقافة القانون. ومنذ تأسيسها تبنت مبادرات لفتح بلاغات ضد جميع المجرمين والمفسدين وناهبي المال العام، فضلاً عن متابعة سير عمليات استرداد الأموال العامة المنهوبة.

وذكر أبو عيسى أن «زيرو فساد» دونت بلاغاً ضد شركة النيل للملاحة، ولجنة التخلص من الفائض التابعة لوزارة المالية، لتبديد أموال تبلغ 35 مليون دولار.

ودونت المنظمة بلاغاً ضد الرئيس المعزول، يتعلق بصفقة شراء «يخت رئاسي» في 2005، والجهة التي استوردت اليخت الذي اتضح أنه مصمم لأعالي البحار، وليس الأنهار، وبلاغاً آخر ضد شركة «الديار» القطرية لاستحواذها على أراضي بمحازاة نهر النيل عند الخرطوم بحري، تقدر قيمتها بمبلغ 84 مليون دولار، وضد البشير ووالي الخرطوم وقتها عبد الحليم المتعافي الذي وقع عقد البيع، رغم رفض مدير مصلحة الأراضي توقيعه.

وكشف أبو عيسى عن بلاغ ضد جهة عدلية لم يذكر اسمها لإعفاء منحته لشركة الديار القطرية بمبلغ 16 مليون دولار، وبلاغ ضد منفذي مدينة البشير الطبية.

وأوضح أبو عيسى أن أول بلاغ رفعته المنظمة كان ضد نائب البشير الأسبق، القيادي في حزبه الحاكم، علي عثمان، على تهديده للمتظاهرين بأن حزبه يملك «كتائب ظل» سيلجأ إليها لمواجهة المحتجين، وذلك في مقابلة صحافية بثتها قناة «سودانية 24».

وأعلنت المنظمة تخصيص يوم لـ«زيرو فساد» مرة كل شهر، تجدد فيه التمسك بمواصلة جهودها لمحاربة الفساد، مشددة على شعار الاحتجاجات الشهير «تسقط بس»، وقالت إنه شعار سيرفع في وجه كل فاسد، بالقول أو بالفعل، وداخل كل مؤسسة وكل وزارة، تقدمهم للقضاء حرباً على الفساد.

وأبدت استعدادها لتقديم المتورطين للقضاء لتطبق عليهم قوانين مكافحة الفساد، وفي الوقت ذاته طالبت الجميع بالتحرك معها لمحاربة الفساد، استناداً إلى المادة 14 في قانون مكافحة الفساد التي توفر «الحماية» للمبلغين والشهود والخبراء في قضايا الفساد.

عضو في «السيادي» السوداني يخشى فراغاً دستورياً

الخرطوم: فتح الرحمن يوسف
كشف عضو المجلس السيادي السوداني محمد حسن التعايشي، عن قلقه من الفراغ الدستوري لمعالجة الكوارث الحالية، مشدداً على ضرورة اصطفاف المعنيين والتزامهم بمصفوفة تكملة هياكل الدولة، منوهاً بمحورية السعودية ومتطلعاً لتعزيز العلاقات معها.

ووعد التعايشي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في الخرطوم بإصلاح علاقات السودان الخارجية على صعيد محيطه الإقليمي الدولي بشكل متوازن عل أساس الاحترام وتبادل المصالح، مشيراً إلى أن العلاقات بين الخرطوم والرياض علاقات مهمة وتاريخية وأن السعودية دولة محورية ولها ثقلها الإقليمي والدولي.

وأوضح التعايشي أن هناك ملفات أساسية تستدعي التعجيل بحل إشكالاتها، أولها ملف السلام ويسبقه تكوين الهياكل المتعلقة بالجهاز القضائي المستقل والنيابة وتشكيل النيابات ومنها مفوضية السلام.

وأقر التعايشي بعدم رضاه عن الطريقة التي أبعدته من تشكيلة المجلس السيادي ثم ضمه مرة أخرى للتشكيلة، مقراً بأن هذا السلوك لم يكن مهنياً وحزّ في نفسه كثيراً. وعن طموحه كعضو في المجلس السيادي، قال التعايشي: «كل إنسان في هذه الحياة لديه طموح خصوصاً إذا كان ذلك مرتبطاً بقضيتك كأحد أفراد الشعب ونابعاً من قناعاتك». وأضاف: «منذ فترة طويلة كنت أتصور أن هذا السودان لا بد أن يتبوأ موضعه في المنصة التي تؤهله للانطلاق نحو آفاق رحبة لأنني كنت مقتنعاً بأن الطريقة التي كانت تدار بها الشؤون لن تقوده إلى مربع التقدم والتحضر الذي تسنده قيم القانون، ولذلك كان لا بد من مواجهة ذلك».

ويرى التعايشي أن ثورة ديسمبر (كانون الأول) كانت انقلاباً سياسياً واجتماعياً حصل في المجتمع السوداني. وأشار إلى أن الحياة «لا يمكن أن تقوم على الفراغ، حيث كان هناك ضمور في الممارسة السياسية في البلاد، والانتماء السياسي قابله في الوقت نفسه تردٍّ في الأوضاع الاقتصادية مع حرب وفساد مستشرٍ وضعف في إدارة الدولة ولّد حالة الغضب الذي انفجر في لحظة ما وأدى إلى ثورة منظمة بدأت بسقوط نظام البشير ولكن لم تنتهِ بعد». وأوضح أن «الثورة تنتهي بعد الانتهاء من قيام دولة القانون وتحقيق السلام وإنهاء أسباب الحرب».

وأوضح التعايشي أن أمامهم حالياً مهام تُعنى بتكملة السلطة الانتقالية واعتماد القضاء والنيابة العامة مع انتظار إعلان الحكومة التنفيذية عن نفسها والعمل معاً لتكملة الجهاز التشريعي.

وأقر التعايشي بأن هناك بعض المتخوفين من صعوبة الانسجام بين المجلس الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، لكنه أكد أنه لمس إحساساً صادقاً بالعمل بشراكة فعلية تقود إلى إنجاز مهام الفترة الانتقالية وفق ما هو منصوص عليه في الوثيقة الدستورية.

وعن الشراكة بين العسكر وقوى التغيير، قال التعايشي: «أنا متفائل بأنه سيحدث شيء إيجابي، ورغم أن معاناة الشعب في المأكل والمشرب والدواء ما زالت قائمة فإن الأمل في داخل الشعب اتسع وهذا يولّد طاقة إيجابية بأن تحقق الفترة الانتقالية السلام وتعالج هيكلة القطاعين المدني والعسكري حتى تتم تهيئة الوضع لمرحلة الانتخابات».

وأكد أن المجلس السيادي وفق الوثيقة الدستورية ليس مجلساً شرفياً وإنما يمتلك سلطات ومهام يغلب عليها النواحي السيادية منها المهام التنفيذية التي هي مهام الحكومة التنفيذية وفقاً للوثيقة الدستورية.

ودحض التعايشي مسألة التخوف من الصدام أو التعارض بين الجهاز السياسي والجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي من حيث السلطات والمهام، موضحاً أنه بعد النقاش حول سلطات وصلاحيات المجلس السيادي أصبحت واضحة وفقاً للوثيقة الدستورية. وشدد على أنه ليس هناك أي نوع من التضارب بين الصلاحيات الممنوحة لهذه الأجهزة الثلاثة، مؤكداً أنها سيعمل كل منها مع الآخر في انسجام تام من أجل تحقيق السلام ومعالجة القضايا التي أثقلت كاهل الوطن والمواطن.

وقال إن ما يشغله حالياً هو ضرورة تشكيل الحكومة وفقاً لنصوص الوثيقة الدستورية لأنه، برأيه، لا يمكن أن تسير البلاد في فراغ في ظل انهيار البنى التحتية في كل القطاعات مع بروز أزمات أخرى منها كوارث الفيضانات.