Date: Aug 23, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
النظام السوري يستهدف مجدداً نقطة تركية في إدلب
مفاوضات روسية ـ تركية لإعادة رسم ملامح منطقة «خفض التصعيد» في إدلب
أنقرة: سعيد عبد الرازق
استهدف النظام السوري نقطة مراقبة عسكرية تركية ضمن منطقة خفض التصعيد في إدلب في الوقت الذي أكدت فيه تركيا أنها ستحمي نقاط مراقبتها في المنطقة وأنها لن تغلق أو تسحب أياً من النقاط الاثنتي عشرة.

وقالت وكالة أنباء «الأناضول» التركية، أمس، إن قوات الجيش السوري فتحت النار على نقطة المراقبة الثامنة قرب خان شيخون وأفادت بعدم وقوع خسائر بشرية.

وجاء هذا الاستهداف بعد أيام قليلة من تعرض رتل عسكري تركي للقصف، يوم الاثنين الماضي، قالت وزارة الدفاع التركية إنه تسبب في مقتل 3 مدنيين، في أثناء تحرك الرتل باتجاه الجنوب نحو موقع مراقبة آخر.
وأقامت تركيا 12 موقع مراقبة في شمال غربي سوريا بموجب اتفاق مع روسيا وإيران في إطار مباحثات آستانة.

في الوقت ذاته، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن جميع مواقع المراقبة التركية ستواصل عملها وسيستمر تقديم الدعم لها، وبينها نقطة المراقبة التاسعة في مورك، بعد تقدم قوات النظام في ريف إدلب الجنوبي وحصارها من ناحية مدينة خان شيخون.

وأضاف، في تصريحات ليل الأربعاء – الخميس عقب اجتماع للحكومة برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، أن تركيا لن تغلق أو تنقل مكان نقطة المراقبة التاسعة في إدلب (نقطة مورك).

واتهم مسؤولٌ روسي أنقرة بمخالفة اتفاق سوتشي، بشأن المنطقة العازلة التي أُقيمت في إدلب للفصل بين قوات النظام والمعارضة، ودافع عن هجوم النظام السوري على إدلب واستهدافه رتلاً تركياً.

من جهته، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس الاتحاد الروسي فلاديمير شامانوف إن الخطوات الأخيرة التي قامت بها تركيا في منطقة إدلب تتعارض مع اتفاق سوتشي بين البلدين، لافتاً إلى أن هناك اختلافاً في وجهات النظر مع أنقرة في هذا الشأن، وأن موسكو حذّرت الجانب التركي مراراً من أن هذا الاختلاف سيؤدي عاجلاً أو آجلا إلى «تناقضات حقيقية».

وذكر كالين أن أنقرة ستستضيف قمة ثلاثية، في سبتمبر (أيلول) المقبل، بمشاركة روسيا وإيران، بشأن سوريا. وأشار كالين إلى أن إردوغان سيُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه الأميركي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين حول الشأن السوري.

وقال: إننا «أبلغنا الجانب الروسي استياءنا من الهجمات على إدلب»، مشيراً إلى أنه يعتزم إجراء اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، قبل الاتصالين المزمعين بين إردوغان والرئيسين الروسي والأميركي.

وتابع أن هناك لقاءً مرتقباً بين إردوغان وترمب، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل، نافياً وجود تاريخ محدد لزيارة مقرر أن يجريها ترمب لتركيا.

ولفت كالين إلى أن العمل مستمر على إنشاء مركز العمليات المشترك حول المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، وفق جدول زمني محدد سينفَّذ على 3 إلى 4 مراحل، تتعلق ببدء الدوريات المشتركة، والتخطيط العسكري الضروري لمواقع الانتشار على الأراضي السورية.

وأضاف أن الأعمال المتعلقة بإنشاء المنطقة الآمنة تسير في إطار الخطة الموضوعة و«سوف يبدأ تنفيذها على الأرض وبشكل ملموس خلال الأسابيع المقبلة، إلى جانب بدء دوريات مشتركة للقوات التركية والأميركية في منطقة شرق الفرات قريباً، ورصد المنطقة من قبل طائرات تركية من دون طيار».

وعن عمق المنطقة الآمنة، قال كالين إن «المفاوضات بشأن ذلك ما زالت مستمرة، لكن الإطار العام للخطة بات واضح المعالم».

وأشار إلى أن مساحة المنطقة الآمنة قد تبلغ 20 ميلاً، أي نحو 30 إلى 32 كيلومتراً، وربما يختلف عمقها في بعض المناطق تبعاً للظروف الجغرافية.

وجاء الإعلان عن تسيير دوريات مشتركة شرق الفرات، قريباً، في إطار تنفيذ الاتفاق مع الولايات المتحدة، الذي تم التوصل إليه في أنقرة في 7 أغسطس (آب) الجاري، على إنشاء مركز عمليات مشتركة لتنسيق إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة.

وفي الإطار ذاته، قالت وزارة الدفاع التركية إن وزير الدفاع خلوصي أكار، اتفق مع نظيره الأميركي مارك إسبر، خلال اتصال هاتفي، على إطلاق المرحلة الأولى من الخطة المتعلقة بإنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا، اعتباراً من الليلة الماضية (قبل الماضية).

وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان لها، إن أكار عبّر خلال الاتصال الهاتفي عن آرائه وتوقعاته حول المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات شمال سوريا، مؤكداً ضرورة إنشائها في إطار الأسس المحددة في الجدول الزمني دون إضاعة الوقت.

وأضاف البيان أن الجانبين قررا عقد الوفدين العسكريين للبلدين لقاءً في أنقرة في أقرب وقت، لبحث المراحل المقبلة للخطة المتعلقة بإنشاء المنطقة الآمنة.

في سياق متصل، بدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، زيارة لبيروت أمس، قالت وزارة الخارجية التركية إنها تستهدف تطوير العلاقات بين البلدين.

وقالت مصادر دبلوماسية إنه سيتم أيضاً بحث الوضع في سوريا والتطورات في إدلب ومسألة اللاجئين.

مفاوضات روسية ـ تركية لإعادة رسم ملامح منطقة «خفض التصعيد» في إدلب

موسكو: رائد جبر
أبقت موسكو على الغموض في شأن المفاوضات الجارية على المستوى العسكري مع أنقرة حول الوضع في إدلب، وتجنبت وزارة الدفاع الروسية الإفصاح عن تفاصيل، فيما أشارت تسريبات إلى مطلب تركي بإبقاء نقاط مراقبة في شمال وغرب خان شيخون في مقابل فتح طريق دمشق - حلب الدولي. وأفادت مصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن موسكو تتوقع وضع «ملامح جديدة لخريطة منطقة خفض التصعيد في إدلب على خلفية التطورات الميدانية الأخيرة».

وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل يومين أن موسكو تجري محادثات مكثفة ومتواصلة مع الجانب التركي على مستوى المؤسستين العسكريتين في البلدين، لكن اللافت أن مضمون هذه المفاوضات ظل محاطا بالغموض، وأكدت مصادر في وزارة الدفاع أن «الاتصالات جارية» لكنها امتنعت عن إعطاء توضيحات إضافية. وبرزت أمس، تسريبات في وسائل إعلام روسية نسبت إلى مصادر تركية وروسية متطابقة تحدثت عن أن «المفاوضات تتمحور حول الإبقاء على نقطة المراقبة التركية في مورك مع إقامة نقطتي مراقبة جديدتين في شمال خان شيخون وغربها، إضافة إلى انسحاب قوات النظام من المناطق التي تقدمت إليها، مؤخراً، باتجاه بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي». لافتة إلى أن هذه «مطالب أنقرة، التي أبدت في المقابل استعدادا لمناقشة فتح طريق دمشق - حلب الدولي وآليات السيطرة والمراقبة عليه».

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر في المعارضة السورية أن تركيا تصرّ خلال المفاوضات التي تجري حالياً مع الجانب الروسي على فتح طريق إمداد إلى النقطة التركية في مورك من جهة الطريق الدولي «إم 5» الذي يمر من خان شيخون وتل النمر.

في غضون ذلك، أبلغ مصدر روسي «الشرق الأوسط» أن «موسكو تعمل على تسريع وتيرة تنفيذ اتفاق سوتشي، بعدما ظهر أن أنقرة ليست قادرة وحدها على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجبه» ورأى أن تصريحات لافروف قبل يومين حول الوجود الروسي العسكري في إدلب هدفت إلى توجيه رسالة واضحة بأن موسكو باتت «تشارك على الأرض في إقامة ترتيبات جديدة في المنطقة». ولفت المصدر إلى أن حديث الرئيس فلاديمير بوتين عن أن بلاده «سوف تواصل دعم الجيش السوري في عملياته في إدلب حملت إشارات واضحة إلى الرؤية الروسية الجديدة في المنطقة»، ورغم أن بوتين «تجنب الإشارة في تصريحه إلى تركيا لأهداف تتعلق بتأكيد حرص الكرملين على المحافظة على الاتفاقات القائمة» لكن إشارته في هذا التوقيت عكست توجها لوضع «ترتيبات جديدة تقوم على الاتفاقات السابقة لكنها تعكس التحولات التي شهدتها المنطقة مؤخرا». وأوضح المصدر أن المقصود هو «العمل لإعادة رسم ملامح منطقة خفض التصعيد بشكل يقلص مناطق وجود المعارضة لصالح النظام مع الإبقاء على اتفاق سوتشي كأساس للتعاون الروسي - التركي في المنطقة».

على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن خبراء مركز نزع الألغام التابع للجيش الروسي، نجحوا في تطهير أكثر من 6.5 ألف هكتار من أراضي سوريا، كما فككوا نحو 105 آلاف عبوة متفجرة وقذيفة.

وخلال اجتماع في وزارة الدفاع أمس، تطرق شويغو إلى عمل المركز، الذي احتفل في مطلع الشهر بالذكرى الـ5 لتأسيسه، وقال: «أود أن أشير إشارة خاصة إلى إنجازات مركز المهام الخاصة في سوريا، والتي تجسدت في تطهير مدن تدمر وحلب ودير الزور من الألغام، حيث نزعت في سوريا الألغام من أراض مساحتها تزيد على 6.5 ألف هكتار، وألف و400 كيلومتر من الطرق و12 كيلومترا من السكك الحديدية، إضافة إلى أكثر من 17 ألف مبنى ومنشأة».

وزاد الوزير الروسي: «اكتشف الخبراء الروس وأتلفوا في سوريا أكثر من 105 آلاف عبوة وقذيفة متفجرة، منها نحو 31 ألف عبوة ناسفة يدوية الصنع». ولفت الوزير إلى أن عمليات نزع الألغام جرت في ظروف القتال في المدن دون أن تلحق ضررا بمعالم التراث الثقافي والبنية التحتية.

وبدأت الوحدات الروسية لنزع الألغام عملها في سوريا في أبريل (نيسان) 2016 بناء على قرار من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتقديم المساعدة في تطهير تدمر السورية من الألغام بعد السيطرة عليها من تنظيم «داعش».