Date: Aug 7, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
تفاهم «القوات» و«التيار» في العناية الفائقة
بيروت: يوسف دياب
اقتربت علاقة حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» من نقطة اللاعودة، وشارفت على نعي «تفاهم معراب»، الذي وُقّع في شهر يناير (كانون الثاني) 2016، وطوى فيه الطرفان أكثر من عقدين من الصراعات العسكرية والسياسية، وتوّج بتأييد الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

ولم تهدأ بعد مفاعيل العاصفة التي أثارها جعجع في مقابلته التلفزيونية يوم الخميس الماضي، وهجومه العنيف على التيار الحرّ ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، واتهامه بالفساد من خلال صفقة استئجار بواخر لتوليد الطاقة الكهربائية، ولم يوفّر جعجع الرئيس عون من انتقاده اللاذع، ما استدعى ردوداً عنيفة من وزراء ونواب «التيار البرتقالي» وقيادييه، سواء في تصريحات إعلامية أو بيانات مكتوبة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

العلاقة المتأزمة بين الحزبين المسيحيين الأكبر، طرحت أكثر من سؤال عمّا إذا كان «تفاهم معراب» لا يزال على قيد الحياة، أم أنه بات في حكم الميّت، واعترف عضو تكتل «لبنان القوي» (برئاسة باسيل) النائب أسعد درغام، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «العلاقة مع القوات اللبنانية في أزمة حقيقية، لكنها لم تصل مرحلة اللاعودة». ورأى أنه «تمكن معالجتها إذا رغب الطرف الآخر، وتوقّف عن اعتماد أسلوب التنكيل»، معتبراً أن «تفاهم معراب لم يمُتْ بعد، لكنه في غرفة العناية الفائقة».

واستغرب درغام كيف أن «القوات اللبنانية موجودة في الحكومة وتمارس دور المعارضة والشعبوية في وقت واحد». وقال: «للأسف يبدو أنهم من خلال النكد السياسي لم يربحوا المعارضة، ولم ينجحوا بأداء دورهم في السلطة، وهذا ما جعلهم يخسرون مصداقيتهم السياسية».

وشهدت العلاقة بين الفريقين المسيحيين تدهوراً كبيراً، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، التي رفعت عدد نواب «القوات اللبنانية» من 8 نواب إلى 15 نائباً، ومطالبتها بستة وزراء في الحكومة بينها وزارة سيادية ومنصب نائب رئيس الحكومة، وسط معارضة شديدة من باسيل الذي اشترط على «القوات» القبول بثلاثة وزراء أو البقاء خارج الحكومة وممارسة دور المعارضة.

ورغم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بعلاقة الفريقين، اعتبر عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب عماد واكيم، أن «تفاهم معراب يجسّد مصالحة تاريخية بين المسيحيين، ومن مصلحة الجميع المحافظة عليه، لكن المصالح الآنيّة لجبران باسيل أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن باسيل «يطرح شعارات استرجاع حقوق المسيحيين، ونحن كنّا معه في القضايا المحقّة، بدءاً من انتخاب الرئيس ميشال عون إلى قانون الانتخابات وصولاً إلى استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني». وقال: «للأسف منذ انتخاب الرئيس عون، بدأ باسيل معركته ضدنا، لتغليب مصلحته الخاصة على المصلحة العامة، وهو يعتقد أنه إذا حققنا إنجازات من خلال عمل مشترك، ستحوّل (القوات اللبنانية) إلى شريك مضارب له، وتصبح المكاسب مناصفة، ويعتقد أنه إذا وصلنا إلى الانتخابات الرئاسية، سيكون الدكتور جعجع متقدماً عليه نظراً إلى حجمه السياسي ودوره وتاريخه النضالي، وهذا ما جعله يخوض معركة مفتوحة ضدنا».

واعترف واكيم أن «الأزمة انفجرت بين (القوات اللبنانية) و(التيار الحرّ)، عندما عارضنا في الحكومة السابقة صفقة استئجار البواخر، ونصحناهم بأن البواخر لن تقدّم حلاً لأزمة الكهرباء، بدليل أن الأزمة تفاقمت بشكل أكبر»، مبدياً أسفه لأن «الرئيس عون الذي لجأنا إليه مرات عدة، وطالبناه بوقف هذا المسار الانحداري، أدركنا أنه يفوّض جبران باسيل بكل شيء ويطالبنا بالتفاهم معه».

ويأتي الانقسام السياسي حول حادثة الجبل، ليعزز الشرخ بين التيار الوطني الحرّ و«القوات اللبنانية» بعد وقوف الأخيرة إلى جانب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وقال النائب واكيم «بدل الانصراف إلى معالجة الوضع الاقتصادي الصعب، نرى هذا الفريق (عون وباسيل وحزب الله) يفتعل الأزمات، ويتخذ من حادثة الجبل وسيلة لتعطيل الحكومة وهدم البلد». وشدد على أن «القوات اللبنانية ستبقى في مواجهة هذه السياسة (التيار الوطني الحرّ) إلى أن يشعروا بخطر تصرفاتهم، ويعودوا إلى مشروع بناء الدولة بدل بناء مصالحهم».