Date: Jul 20, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
البرلمان اللبناني أقر موازنة 2019 بغالبية 83 نائباً
أرسلان يستخدم «الفيتو» لمحاصرة جنبلاط نيابة عن «حزب الله» و«التيار»
بيروت: «الشرق الأوسط»
أقر البرلمان اللبناني ليل أمس الموازنة العامة للدولة بعد ثلاثة أيام من النقاشات التي اتسم معظمها بالحدة، في ظل احتجاجات في الشارع قادها العسكريون المتقاعدون، ردا معلومات عن توجه لتخفيض رواتبهم وتقديماتهم.

وفيما لم يتضح حجم العجز المحقق في الموازنة بسبب تجميد بعض البنود الخلافية وإلغاء أخرى، صوت ٨٣ نائبا مع الموازنة و١٧ ضدها مع امتناع نائب واحد عن التصويت.

وبرز استياء سني أمس خلال جلسة إقرار موازنة عام 2019، بعد تقليص موازنات مؤسسات تابعة لرئاسة الحكومة، وحاول المعنيون استيعابه عبر خروج رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري من الجلسة لعقد اجتماع جانبي انضم إليه النائب إبراهيم كنعان، وعاد الرئيسان على أثره لاستئناف جلسة التصويت على الموازنة.

وطال التقشف موازنة «مجلس الإنماء والإعمار» و«الهيئة العليا للإغاثة» ومجلس «الخصخصة»، وهي مؤسسات تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ما دفع رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي إلى الخروج من الجلسة، فيما ظهرت علامات الاستياء على وجه الرئيس سعد الحريري.

وقالت مصادر قريبة من تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن المؤسسات الثلاث تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ما أوحى أن الحريري ورئاسة مجلس الوزراء «مستهدفان من خلال تلك الإجراءات»، وأشارت إلى أن علامات الاستياء كانت ظاهرة على وجه الحريري، بعد التصويت على تخفيض موازنة المؤسسات الثلاث، فيما سجل الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي تحفظه وخرج من الجلسة معترضا على الاستهداف الذي يطال مؤسسات معيّنة من دون سواها لأسباب سياسية.

وقالت المصادر إنه بعد محاولة حصار رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط سياسيا من قبل «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، وتعثر التوصل إلى تسوية لأحداث الجبل، يتعهد الطرفان محاصرة الحريري مالياً عبر محاولة لشل قدرته على العمل وفرض حصار على المؤسسات التابعة له من خلال تخفيض موازناتها بأمر عمليات من «التيار الوطني» و«حزب الله». وأشارت المصادر إلى أن الحريري «يرفض هذه الإجراءات، ويهدد بموقف» رغم أنه أبقى المجال مفتوحاً أمام المشاورات لمعالجة الأمر.

وأقرّ مجلس النواب زيادة 75 ملياراً لمجلس الإنماء والإعمار من أجل الاستملاكات بعدما كان المجلس يطالب بزيادة 175 ملياراً، كما أبقى على المادة 15 كما وردت من لجنة المال، أي عدم المسّ بعائدات صندوق تعاضد القضاة من غرامات السير البالغة ملياراً و800 مليون ليرة.

وأشار الرئيس سعد الحريري إلى أنّ هناك 3 مليارات و200 مليون دولار لمشاريع مجمّدة بسبب عدم تأمين أموال للاستملاكات. واستأنف البرلمان أمس جلسات إقرار بنود الموازنة وجرى التصويت على بنود الموازنة الـ96 بندا بندا بدءا بالنفقات وصولا إلى الواردات، في جلسة «سرية».

وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان: «مقارنة الاعتمادات الواردة من الحكومة بما خرج من لجنة المال تظهر أن تخفيضاً كبيراً حصل في موازنات المجالس والهيئات والمؤسسات التي لا تعمل بالشكل المطلوب».

واعترض النائب سامي الجميّل على تخفيض موازنة الجيش، فرد الرئيس بري بالقول إن هذا الأمر تم بالتفاهم حوله مع الجيش. كما طلب برّي خلال نقاش النفقات أن يتم تعليق العمل بنفقات البريد، وشهد هذا الأمر نقاشاً واسعاً بين النواب.

وأُقرت توصية لجنة المال والموازنة بزيادة موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية مبلغ 35 مليار ليرة لتمويل مؤسسات الرعاية الاجتماعية 2020. وصوّت مجلس النواب إيجاباً على إعفاء سيارات الإسعاف والإطفائيات من رسوم التسجيل، كما أقر رسماً سنوياً على اللوحات المميزة.

أرسلان يستخدم «الفيتو» لمحاصرة جنبلاط نيابة عن «حزب الله» و«التيار»
المعركة ضد رئيس «التقدمي» إقليمية بأدوات محلية

بيروت: محمد شقير
قالت مصادر وزارية مواكبة للاتصالات الجارية من أجل تهيئة الأجواء السياسية لإعادة تفعيل العمل الحكومي بأن رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان لا يملك ما يكفي من فائض القوة لربط عقد جلسات مجلس الوزراء بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أرسلان يستعين بعضلات «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر»، وهذا ما يدفعه إلى تقديم نفسه على أن لا شيء يمشي في البلد من دون مشيئته.

ولفتت إلى أن ميزان القوى في البيت الدرزي كان ولا يزال لصالح رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وبالتالي لا أحد يصدّق أن أرسلان الذي يتمثّل في الحكومة بالوزير صالح الغريب هو من يعطّل مجلس الوزراء، وقالت إنه يستخدم حق النقض بالنيابة عن «حزب الله» و«التيار» الذي لا يستطيع لاعتبارات إقليمية الخروج من تحت عباءة حليفه الذي يتلطى وراء أرسلان للإمعان في فرض حصاره السياسي على جنبلاط.

ورأت المصادر أن المعركة التي تخاض ضد جنبلاط هي معركة إقليمية بأدوات محلية ويتزعّمها النظام السوري الذي يتصرف على أن الفرصة مواتية لتصفية حسابه مع جنبلاط على خلفية مناوأته له ودعمه للمعارضة السورية. واعتبرت أن المعركة التي يخوضها «حزب الله» ضد جنبلاط هي الوجه الآخر للمعركة التي كان خاضها عند تشكيل الحكومة الحالية لإشراك «اللقاء التشاوري» النيابي الذي يضم النواب السنة المعارضين لرئيس الحكومة سعد الحريري.

وقالت إن ولادة الحكومة تأخرت لأكثر من 8 أشهر ولم تر النور إلا بتمثيل «اللقاء التشاوري» بالوزير حسن مراد، وأكدت أن جنبلاط كان سهّل تشكيلها وبادر إلى «تسليف» رئيس الجمهورية ميشال عون سياسيا عندما وافق على توزير الوزير الغريب.

لكن جنبلاط لم يلقَ أي شكل من أشكال المعاملة بالمثل على الأقل من قبل «التيار الوطني» الذي يضع رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل العراقيل في وجه تفعيل الحكومة بدلاً من محاصرتها - كما تقول المصادر الوزارية التي تنظر إلى باسيل على أنه مُتعِب في تعاطيه مع الرئيس الحريري، وبات يهوى التعطيل ربما لأنه يعتقد أنه بهذا الأسلوب يحجز مقعداً في عداد المرشحين لرئاسة الجمهورية.

وفي هذا السياق، سألت المصادر عن الأسباب الكامنة وراء إصرار «التيار الوطني» وبقرار ليس لمصلحة «العهد القوي» على تعطيل جلسات مجلس الوزراء، مع أن التعطيل يستنزف الرئيس عون ويحاصر «حكومة العهد الأولى» التي يحاول رئيسها إخراجها من التأزّم السياسي لكن بلا جدوى حتى الآن. كما سألت عمّا الذي يمنع «العهد القوي» من التدخّل لضبط إيقاع الوزير باسيل، ليكون في وسع الحكومة القيام بما يرفع منسوبها من الإنتاجية والإنجازات.

ولا تجد المصادر الوزارية أي تفسير لرفض أرسلان التجاوب مع رغبة الرئيس عون في إحالة حادثة الجبل على القضاء العسكري، بعد نقل ملف التحقيق من «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي إلى التحقيق العسكري، خصوصاً أن هذا الاقتراح لقي تجاوباً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي كان أول من تشاور في شأنه مع رئيس الجمهورية، إضافة إلى الحريري وجنبلاط الذي قدّم كل التسهيلات وأبدى التجاوب المطلوب للإسراع في إنجاز التحقيق.

كما لا تجد المصادر أي تفسير لرفض أرسلان الاقتراح الذي حمله وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي بالنيابة عن عون، وإصراره على أن يكون متلازماً مع إحالة الحادثة على المجلس العدلي ولا يرتبط بتسليم المطلوبين من حزبه.

وترى المصادر الوزارية أن هناك ضرورة للوصول إلى تسوية لقطع الطريق على أي ارتدادات سلبية على الوضع في الجبل الذي هو في حاجة الآن إلى تحصين المصالحة وتوفير الحماية للعيش المشترك. وتعتقد المصادر أن دخول «حزب الله» و«التيار الوطني» على خط النزاع حول حادثة الجبل سيؤدي إلى إقحام بعض مناطق الجبل في مواجهة من نوع آخر، وهو ما يتطلب من الجميع الانصراف إلى توفير الشروط لإنتاج تسوية لحادثة الجبل. إما إذا كان القرار قد اتُّخذ لاستهداف جنبلاط فإن الحريري يقف إلى جانبه في السراء والضراء.

ويبقى السؤال، إلى متى يتحمّل البلد استمرار الحصار ليس على جنبلاط إنما على حكومة «العهد الأولى» التي ما زالت ترزح تحت وطأة الضربات التي تصيبها من «أهل البيت» الذين يصرون على تجويف التسوية التي كانت وراء انتخاب عون رئيساً للجمهورية من مضامينها السياسية؟