|
|
Date: Jun 24, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
«سائرون» تتبنى تعديل قانون السجناء السياسيين ليشمل مقاتلي «جيش المهدي» ضد الأميركيين |
نواب نينوى يحذّرون من تفجر الصراع الطائفي |
بغداد: فاضل النشمي
تطالب كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بتعديل بعض بنود قانون السجناء السياسيين، ليشمل عناصر «جيش المهدي» الذين قاتلوا الاحتلال الأميركي بعد عام 2003 والسنوات التي تلت ذلك التاريخ. ومن غير الواضح حتى الآن إن كان تحالف «سائرون» قادراً على تمرير تعديل القانون في البرلمان، نظراً للاعتراضات المحتملة التي سيجابه بها، سواء على المستوى الشعبي، أو على مستوى الشخصيات والكتل السياسية، خصوصاً السنية منها، التي تشتكي من أن «المقاوم الشيعي يُشمل بالعفو، فيما السني سجين وينتظر الإعدام».
ويتوقع أن يواجه التعديل تحدي صعوبة التمييز بين المقاومين الحقيقيين، سواء من الشيعة أو السنة، الذين قاتلوا فعلاً قوات الاحتلال الأميركي، أو أولئك الذين انخرطوا في أعمال العنف والقتل الطائفية والإرهابية من الجانبين.
و«جيش المهدي» ميليشيا مسلحة أسسها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نهاية عام 2003، لمحاربة الاحتلال الأميركي، وهو أول الفصائل الشيعية التي حملت السلاح ضد الجيش الأميركي، ثم انشطرت لاحقاً إلى مجموعة من الفصائل الموجودة اليوم في الساحة العراقية، ومنها «عصائب أهل الحق». وقد اعتقلت القوات الأميركية كثيراً من قيادات ومقاتلي هذا الجيش، وأودعتهم السجون بين عامي 2003 و2007، الذي أعلن فيه الصدر تجميده نشاطاته وأمر بحله لاحقاً.
ويؤكد النائب عن «سائرون» برهان المعموري، إصرار كتلته على تعديل قانون السجناء السياسيين ليشمل سجناء «جيش المهدي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نعم كتلة (سائرون) تتبنى هذا التعديل، وقد قامت بجمع توقيعات من النواب لطرحه في البرلمان، ووصل فعلاً إلى اللجنة القانونية من أجل إعداد القراءة الأولى والثانية لمشروع التعديل، تمهيداً للتصويت عليه».
ويضيف المعموري: «نعتقد أن مقاتلي (جيش المهدي) الذين قاوموا الاحتلال الأميركي الذي أقرته الأمم المتحدة، يستحقون الحصول على المزايا التي يوفرها قانون السجناء السياسيين، أسوة بمن قاوم وعارض نظام صدام حسين».
وبشأن ما قد يثيره التعديل من مشكلات تتعلق بمنح مزايا لمقاتلي «جيش المهدي» في مقابل حرمان جماعات سنيّة، رفعت هي الأخرى شعار المقاومة وقاتلت القوات الأميركية بعد 2003، يرى المعموري أن «كل من قاوم الاحتلال ولم تتلطخ يداه بدماء الأبرياء من العراقيين وغير مطلوب للقضاء العراقي، فإنه يستحق أن يُشمل بمزايا هذا القانون».
ويمنح قانون السجناء السياسيين الذي أقره البرلمان عام 2006، وأجرى عليه تعديلاً عام 2013، رواتب تقاعدية وامتيازات للسجناء السياسيين وعوائلهم في حقبة نظام «البعث» من عام 1968 وحتى عام 2003. وقد ألحقت بالتعديل الأخير جماعات «رفحاء» الذين لجأوا إلى المملكة العربية السعودية بعد أحداث عام 1991، وشملتهم امتيازاته، الأمر الذي أثار وما زال يثير موجة انتقادات واسعة بين المواطنين، ويخشى أن يؤدي التعديل الجديد بشأن «جيش المهدي» إلى موجة انتقادات جديدة. كما يخشى أن يثير حفيظة بعض القوى السنية التي ترى أن بعض الفصائل السنيّة التي قاومت الاحتلال تستحق هي الأخرى أن تشمل بالتعديل الجديد للقانون، وذلك ربما سيواجه رفضاً من قبل بعض القوى الشيعية التي تضع أغلب القوى السنية المسلحة في خانة الإرهاب وتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وأشار النائب السابق والمثير للجدل مشعان الجبوري، أمس، صراحة إلى ذلك، حين اعتبر أن من وصفهم بـ«أبطال الفصائل السنية» ما زالوا مطاردين أو معرضين للإعدام، فيما نظراؤهم من الشيعة معفو عنهم ويتقدمون الصفوف في قيادة الدولة. وكتب الجبوري في تغريدة عبر «تويتر» قائلاً: إن «أبطال الفصائل السنية التي قاومت الاحتلال حصراً، بين سجين أو ينتظر في غرف الإعدام، أو لاجئ في دولة أخرى تطارده مذكرات اعتقال قضائية عبر الإنتربول العربي».
وأضاف: «أما المقاومون الشيعة، فقد شُمل من كان سجيناً بالعفو، وقادتهم اليوم يتقدمون صفوف قيادة الدولة».
ويتوقع عدد من المراقبين أن يثير التعديل الجديد موجة جديدة من الانتقادات الشعبية الناقمة أصلاً على المزايا التي حصلت عليها بعض الفئات الاجتماعية، في مقابل حرمان الملايين من العراقيين الذين عاشوا في حقبة النظام البعثي الديكتاتوري من أبسط الحقوق، كما يتوقعون أن يثير جدلاً واسعاً حول مفهومي «المقاومة» و«المعارضة السياسية» اللذين تختلف حولهما المكونات السكانية العراقية، وتتجادل بشأنهما منذ سنوات.
نواب نينوى يحذّرون من تفجر الصراع الطائفي
بسبب خلاف على الأملاك بين الوقفين السني والشيعي
بغداد: حمزة مصطفى
حذر عدد من نواب محافظة نينوى في البرلمان العراقي من التداعيات المحتملة لاستمرار الصراع بين الوقفين الشيعي والسني بالمحافظة على أملاك عائدة تاريخياً إلى الوقف السني يجري تحويل ملكيتها حالياً إلى الوقف الشيعي. وطالب النواب في بيان أمس بـ«استضافة رئيسي الوقفين السني والشيعي وبحضور ممثل عن رئيس الوزراء لحسم موضوع التداعيات التي تجري في المحافظة والمتعلقة بالوقفين وإنهاء حالة النزاع القائمة وبالشكل الذي يحفظ حقوق الجميع، وينأى بالمحافظة عن الاضطراب والتوتر».
إلى ذلك، أكد الدكتور محمد عدنان، مدير الاستثمار في «ديوان الوقف السني»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ملف الأوقاف يعود إلى عام 2003 حين تم إلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وإنشاء 3 دواوين؛ هي: ديوان الوقف السني، وديوان الوقف الشيعي، وديوان الوقف المسيحي والديانات الأخرى، حيث تم تشكيل لجنة في وقتها أطلق عليها (لجنة الفك والعزل) بهدف حل الخلافات حول الأوقاف العائدة لكل وقف من هذه الأوقاف»، مبيناً أن «اللجنة المذكورة ولأسباب لا نعرفها لم تبت بالأمر حتى يومنا هذا رغم أن تعليمات كانت صدرت لها عام 2008 وتمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء بهدف السير بإجراءات الفك والعزل، ولكن لم يتم تحقيق أي تقدم بهذا الشأن».
وأوضح عدنان أن «لجاناً فرعية تم تشكيلها في المحافظات لهذا الغرض، وتم إعداد محاضر موقعة بشأن الأوقاف، ما عدا محافظتي نينوى والأنبار بسبب عدم وجود أملاك تعود للوقف الشيعي في هاتين المحافظتين». وكشف الدكتور عدنان عن أنه «في الوقت الذي لم تتخذ فيه اللجنة المركزية في بغداد أي إجراءات، فإن ديوان الوقف الشيعي قام من طرف واحد بإلغاء تلك المحاضر»، مشيراً إلى أنه «بعد تحرير الموصل من تنظيم (داعش) الإرهابي قام ديوان الوقف الشيعي وبمساعدة أطراف متنفذة بالسيطرة على تلك الأملاك العائدة للوقف السني». وبين عدنان أن «من بين الإجراءات التي يقومون بها محاولة إغراء الناس هناك (باستئجارها) لهم بأقل من المبالغ المؤجرة بها كجزء من التحايل على عائديتها فضلاً عن حصول تهديدات أو رفع صور مراجع دين كبار على بعض الأملاك لتخويف الناس».
من جهته، فإن أثيل النجيفي، محافظ نينوى الأسبق، الذي صدرت بحقه عقوبة بالسجن لمدة 3 سنوات بسبب هذا الملف، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه القصة بدأت منذ عام 2010، وهناك جهات وأحزاب دينية تعتقد بضرورة تشييع مدينة الموصل لإحكام سيطرة الأحزاب الدينية عليها»، مبيناً أنهم «وضعوا نصب أعينهم مزارات وجوامع موقوفة باسم آل البيت، مع العلم بأن تلك الشخصيات من آل البيت كانوا أئمة المذهب الحنفي في الموصل وكانوا هم قضاة ومفتي الموصل على المذهب الحنفي». ويضيف النجيفي أن «تلك المساجد تقع في الموصل القديمة، ويقيم أهل الموصل السنة صلاتهم على المذهب السني منذ مئات السنين».
وحول ما إذا كان الهدف هو إثارة الفتنة، يقول النجيفي: «لم يكن لدي أي شك بأن هذه القضية مقصودة لإثارة الفتنة، ولهذا حاولت أن أمنع هذا الأمر حين كنت أدير المحافظة ليس من دافع طائفي كما يظنون ولكن بدافع تفادي الفتن»، كاشفاً عن أن «هذه القضية هي التي صدرت ضدي بسببها عقوبة السجن 3 سنوات غيابياً». وبين النجيفي أنه «بعد تحرير الموصل تطور الأمر ليستغله الفاسدون والمكاتب الاقتصادية ففرضوا سيطرتهم على الأملاك الموقوفة التي لها قيمة عالية بنفس الحجة السابقة، مثل أوقاف النبي يونس الواسعة جداً، وأوقاف في داخل سوق الموصل القديمة، مثل سوق الصاغة التي ما زالت العوائل الواقفة هي التي تدير أوقافها».
أما عضو البرلمان عن محافظة نينوى الدكتور محمد إقبال الصيدلي، وزير التربية السابق، فيقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراء المقبل الذي سوف نعمل عليه هو استضافة الوقفين وبحضور ممثل رئيس الوزراء لإيقاف التداعيات»، مبيناً أن «موضوع الوقف فيه تعديات كبيرة، والأوقاف السنية مسجلة بحجج وقفية واضحة ومحسومة في القضاء». وأوضح أنه «بعد الخلاف الذي حصل في الدورة السابقة وطلب التحكيم بين الوقفين كانت القرارات القضائية لصالح الوقف السني، ولكن الوقف الشيعي يحاول دوماً عرقلة الأمر»، مشيراً إلى أن «هذه حقوق لا يمكن السكوت عنها من قبل الناس، لكن للأسف هناك جهات لديها أطماع في نيل ما ليس لهم». وأكد أن «إصرار الجهات التي تريد تحويل أملاك الوقف السني إلى الشيعي له أسبابه المعروفة، ومن بينها استغلال عدم الاستقرار في هذه المحافظات للضغط وإحداث تغيير يتيح أخذ ممتلكات ليست للوقف الشيعي، كما أن الموضوع لا يخلو من نفَس طائفي بهدف إيجاد أو خلق أي فرصة لتغيير ديمغرافي في المحافظة».
في السياق نفسه، حذر النائب عن نينوى ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي من فتنة طائفية في نينوى بسبب الصراع على الأوقاف والمزارات في المحافظة. وقال العبيدي في بيان إنه «في الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تجتمع كل الإرادات العراقية على كلمة سواء لبناء المناطق المحررة وفي مقدمتها نينوى باعتبارها الأكثر دماراً ونزوحاً بسبب العمليات العسكرية التي رافقت مرحلة تحريرها من عصابات (داعش)، نرى أن هناك من يعمل على خلق فتنة طائفية بحجج ووثائق لا تستند إلى وقائع قانونية أو حتى تاريخية». وأضاف أن «الفتنة التي يحاول إشعالها مغرضون بدأوا بالاستيلاء على أملاك الأوقاف السنية في محافظة نينوى دون وجه حق، ستهدد أمن المحافظة وقد يطال شررها العراق كله، خصوصاً أن هؤلاء المغرضين الذين يحملون (مع الأسف) عناوين دينية بدأوا بقطع أرزاق ساكني هذه الأوقاف بأساليب وتحت ضغوط وتهديدات شتى». وتابع العبيدي: «لذلك ندعو رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب وكل العقلاء من جميع الكتل السياسية من الحريصين على وحدة العراق شعباً وأرضاً ودولة إلى التدخل الفوري لمنع الانتهاكات الحاصلة ضد الأوقاف السنية في نينوى لرد كيد وجور الظالمين، لا سيما أننا نحذر من أن أي تباطؤ أو تسويف في منع الظلم ورد أصحاب الفتنة على أعقابهم سيهدد الأمن والسلم المجتمعي الذي يسعى له كل العراقيين». |
|