| | Date: Jun 17, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | النيابة العامة السودانية تستجوب البشير و«العسكري» يلوّح بإعدام مفرقي الاعتصام | الخرطوم: «الشرق الأوسط»
للمرة الأولى منذ إطاحته في 11 أبريل (نيسان) الماضي يظهر الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، أمس، لعامة السودانيين والكاميرات، حين مثُل أمام النيابة العامة المكلفة قضايا الفساد في الخرطوم، حيث يواجه تهماً بالفساد.
ووصل البشير، مرتدياً الثياب التقليدية، من سجن كوبر إلى مقر النيابة العامة يرافقه موكب آليات عسكرية وعناصر أمن مسلحون. وقال وكيل النيابة، علاء دفع الله للصحافيين: «لقد تم إحضار الرئيس السابق وإبلاغه بأنه يواجه تهماً بموجب المادتين (5) و(9) المتعلقتين بحيازة النقد الأجنبي، والمادة (6) للثراء الحرام، والمادة (7) المتعلقة بالحصول على هدية بطريقة غير قانونية».
وفي أبريل الماضي عقب إطاحة البشير وسجنه، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، العثور على ما قيمته 113 مليون دولار من الأوراق النقدية بثلاث عملات مختلفة في مقرّ إقامة البشير بالخرطوم. وأوضح حينها أنّ فريقاً من الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن والمخابرات والشرطة والنيابة العامة عثر على 7 ملايين يورو (7.8 مليون دولار) و350 ألف دولار و5 مليارات جنيه سوداني (105 ملايين دولار) أثناء تفتيش منزل البشير.
وأطاح الجيش البشير الذي وصل إلى الحكم على أثر انقلاب عام 1989، واعتقله عقب انتفاضة شعبية كبيرة بدأت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتواصلت حتى سقوط نظامه بعد نحو 5 أشهر من الاحتجاجات. واعتصم المتظاهرون لأسابيع أمام قيادة الجيش في الخرطوم للمطالبة بداية برحيل البشير، ولاحقاً للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية.
وعانى السودان من الفساد المستشري في عهد البشير؛ إذ جاء في المرتبة 172 بين 180 دولة، بحسب «مؤشّر مدركات الفساد» الذي تعدّه منظمة الشفافية الدولية. وفي محاولة لإخماد الاحتجاجات التي اندلعت ضد حكمه عبر الثلاثين عاماً التي ظل فيها حاكماً، ثم موجة الاحتجاجات الأخيرة التي بدأت في ديسمبر 2018، فرض البشير «حالة الطوارئ» بالبلاد في 22 فبراير (شباط) الماضي، كما أصدر مرسوماً يحظر حيازة مبالغ تفوق 5 آلاف دولار من العملات الأجنبية.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» قد نقلت عن مسؤول لم تذكر اسمه أن من بين التهم التي يواجهها البشير حيازة النقد الأجنبي، والتكسب بطرق غير مشروعة، وإعلانه حالة الطوارئ.
حميدتي: فض الاعتصام فخٌ نُصب للإيقاع بـ «الدعم السريع»
أبو الغيط في الخرطوم لتقريب وجهات النظر
الخرطوم: أحمد يونس
جدد نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تأكيده بأن مهمة الجيش هي الحفاظ على «أمن البلاد»، ووصف الأحداث الدامية التي رافقت فض اعتصام القيادة العامة بأنه «فخ» نصب للإيقاع بقواته (الدعم السريع)، قائلا: «نحن نعمل جاهدين لإيصال الذين قاموا بذلك إلى حبل المشنقة».
في غضون ذلك قالت وكالة أنباء السودان «سونا» إن رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قدم شرحاً مفصلاً للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي وصل إلى الخرطوم، حول الأوضاع في البلاد، ورؤية المجلس العسكري وتواصله مع القوى السياسية السودانية للوصول إلى توافق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية.
وهاجمت قوات عسكرية من صنوف متعددة، مقر الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو (حزيران) الجاري، وأطلقت الرصاص بكثافة على المعتصمين العزل، ما أدى إلى مقتل 118 وجرح وإصابة المئات، فضلاً عن أحاديث عن عمليات إخفاء قسري واغتصاب، وفقاً لتقارير لجنة أطباء السودان المركزية. وتوجه قوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود «الثورة»، إصبع الاتهام في عملية فض الاعتصام إلى «قوات الدعم السريع» التي يقودها حميدتي، وإلى المجلس العسكري باعتباره «غدر بالثوار» لأنه أعلن مراراً أنه لن يفض الاعتصام بالقوة.
وقال حميدتي في خطاب بثه التلفزيون الرسمي في السودان أمس، إن وظيفة الجيش هي «الحفاظ على الأمن في البلاد»، وأضاف: «هدفنا لم شمل الشعب ومحاربة الفتنة ومحاربة دعاة الفوضى، ومهمتنا الحفاظ على أمن البلاد، ولسنا مختلفين مع قوى الثورة. ونتعهد بالحفاظ على ثقة الشعب السوداني فينا». وقطع حميدتي باستعداده لتسليم السلطة لمجلس الوزراء مؤكداً أنهم مستعدون «لتكوين حكومة تكنوقراط تشارك فيها أطياف البلد جميعها، تمهيداً لإقامة انتخابات حرة نزيهة. نريد انتخابات حرة نزيهة مراقبة دولياً، وبالتراضي». وتابع: «أبوابنا مفتوحة لجميع الأحزاب السياسية، والوضع الآن مستقر تماماً في البلاد»، مضيفا: «لا يملك أي طرف سلطة الانفراد بالرأي، وعلينا التوافق من أجل مصلحة بلدنا».
وطالب حميدتي بما سماه تكوين تشكيلات في كل أنحاء البلاد، مهمتها حماية السودان، قائلا: «نخشى الفوضى كما يخطط لها البعض»، ودعا لما سماه «الحفاظ على البلاد» بمشاركة الإعلاميين والإدارة الأهلية في كل أنحاء السودان. وأبدى الرجل المثير للجدل استعداده لمحاكمة من ارتكبوا جرائم بحق الثورة والثوار، بقوله: «لن نخذل الشهداء والشعب السوداني، وسنصل لمن ارتكب جريمة فض الاعتصام». وأضاف: «على باقي الأطراف تحمل مسؤوليتها»، وهي إشارة لأطراف أسهمت في أحداث فض الاعتصام، لم يشأ أن يذكر أسماءها.
وتوعد حميدتي بمحاسبة كل من «ارتكب خيانة وتآمر على البلاد»، وقال: «يجب أن تبقى الثورة حقيقية، هدفها التغيير الفعلي، وليس المصالح الفردية وخدمة الأجندات الشخصية»، وتابع: «كل القوى شركاء في مسؤولية المحافظة على الثورة من الانحراف عن مسارها».
والخميس الماضي، أبدى المجلس العسكري الانتقالي أسفه للأحداث الدامية التي رافقت عملية فض الاعتصام، بيد أنه ورغم اعترافه بتخطيط فض الاعتصام، قال إن العملية الأمنية كانت تستهدف منطقة «كولومبيا» قرب جامعة الخرطوم، باعتبارها وكراً للإجرام، بيد أن أخطاء تنفيذ رافقت العملية، أدت «لما حدث». لكن شهود العيان وقادة الحراك يصرون على أن «قوات نظامية» أغلبها كانت ترتدي أزياء «الدعم السريع»، هاجمت المعتصمين بالرصاص الذي أطلقته عليهم بكثافة، ما أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات، وواصلت مطاردة المحتجين السلميين العزل حتى خارج ساحة الاعتصام، ولاحقتهم في المستشفيات.
ولم تقنع المبررات التي ساقها المجلس العسكري للأحداث، منظمي الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالمعزول عمر البشير، فنظموا إضراباً عاماً طوال 3 أيام للرد على «فض الاعتصام بالقوة القاتلة». ورد رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بإلغاء ما تم من الاتفاقات المسبقة مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وأوقف التفاوض معهم، قبل أن يتدخل الاتحاد الأفريقي بواسطة يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ذكر وقتها أن المجلس العسكري وافق على العودة للتفاوض من النقطة التي توقف عندها.
إلى ذلك، قالت وكالة «سونا» للأنباء إن أبو الغيط ذكر أن هدف الجامعة العربية «في هذه المرحلة هو التركيز على تأمين الاستقرار في السودان، والتوصل إلى توافق داخلي فيه، يضع السودان في الوضع الذي ينبغي أن يكون عليه».
وأوضح أبو الغيط أن البرهان استمع بـ«تقدير واهتمام لجهود الجامعة العربية ودورها في الأوضاع بالبلاد»، وقال إنه شعر بـ«الاطمئنان» لما سمعه من البرهان. وينتظر أن يلتقي أبو الغيط، قادة قوى إعلان الحرية والتغيير وممثلي القوى والحركات السياسية، للتأكيد على «محورية التزام الأطراف السودانية بالمسار السلمي لتحقيق الانتقال الديمقراطي». | |
|