Date: Jun 14, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
مقترح تعديل قانون الانتخابات يثير ضجة في تونس
يقضي بإقصاء رؤساء الجمعيات والمؤسسات الإعلامية من السباق الانتخابي
تونس: المنجي السعيداني- لندن: «الشرق الأوسط»
عارضت أحزاب سياسية في تونس مقترحاً لتعديل القانون الانتخابي قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، المقررة في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام.

وتشمل المقترحات، التي تقدمت بها «كتلة الائتلاف الوطني» الممثلة للحزب الناشئ «تحيا تونس»، بزعامة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، منع ترشح رؤساء الجمعيات ومالكي القنوات الإعلامية.

كما تتضمن المقترحات تحديد العتبة الانتخابية بـ5 في المائة، وهي الحد الأدنى من نسبة الأصوات التي يتعين على الأحزاب الفوز بها لدخول البرلمان، وذلك بهدف الحد من حالة التشتت السياسي في ظل وجود أكثر من 210 أحزاب تنشط في البلاد.

واعترض أغلب الأحزاب المعارضة في البرلمان، لا سيما الأحزاب اليسارية والقومية، على هذا المقترح بالذات لأنه «سيضرب»، حسب تبريرها، التنوع السياسي في البرلمان، ويقلص من فرص كثير من الأحزاب في الفوز بمقاعد في الانتخابات التشريعية. فيما تلقى التعديلات المقترحة دعماً من «كتلة حزب حركة النهضة الإسلامية»، الشريكة في الائتلاف الحكومي والمتصدرة للبرلمان، لكن «النهضة» تدعو إلى إمكانية التوافق حول عتبة محددة بـ3 في المائة، مع تحديد ضوابط للخطاب السياسي خلال الحملات الانتخابية للحد من حالات الشحن النفسي للمواطنين.

وينظر نبيل القروي، مرشح «الرئاسية» المقبل من قطاع الأعمال والإعلام، إلى هذه التعديلات على أنها خطوة لقطع الطريق على طموحه للفوز بمنصب الرئاسة. علماً بأن القروي تصدر بشكل مفاجئ آخر نتائج استطلاع للرأي بشأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ولذلك أصدر مكتبه الإعلامي بياناً للتنديد بمقترح التعديل، ودعا إلى التراجع عنه، محذراً من «محاولات التعديل المقترحة بشكل انتقائي وإقصائي، خصوصاً ما تعلق بشروط الترشح، رغم انطلاق المسار الانتخابي فعلياً»، وعادّاً ذلك «مؤشراً خطيراً على عودة الديكتاتورية، والتراجع عن المسار الانتخابي».

بدوره، عارض الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يملك نفوذاً سياسياً في البلاد، مقترح التعديلات وطالب بإرجائها إلى ما بعد انتخابات هذا العام.

وقال الاتحاد في بيانه أمس إن «الرغبة في تغيير هذا القانون في هذا الظرف الحساس متأخرة، ومن شأنها أن تفاقم من حدة التجاذبات السياسية، وأن تعمق تعكر المناخات وتفسد العملية الانتخابية برمتها».

وأثار المقترح الحكومي، الذي قدمه إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، إلى البرلمان، جدلاً واسعاً بين الأحزاب السياسية الممثلة في الائتلاف الحاكم الحالي، وبين أحزاب المعارضة التي رفضت إقصاء رؤساء المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات الأهلية من السباق الانتخابي المقبل.

وينص هذ المقترح على إقصاء أصحاب المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات عن الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك على خلفية استغلالهم العمل الإعلامي والعمل الجمعوي لحشد الناخبين لصالحهم، والتأثير على نتائج الانتخابات المقبلة.

ونتيجة للغموض الذي رافق هذا المقترح، انقسمت الكتل البرلمانية بين رافض ومؤيد، ولم تنجح «لجنة التوافقات»، التي تضم رؤساء الكتل البرلمانية في الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.

وأوضحت مصادر برلمانية معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المقترح يستهدف في المقام الأول نبيل القروي، صاحب قناة «نسمة» التلفزيونية الخاصة، الذي دأب منذ أشهر على تنظيم حملات لفائدة أهالي المناطق الفقيرة، علاوة على موائد الإفطار التي عرضها على شاشة التلفزيون خلال شهر رمضان الماضي.

كما يهدف هذا المقترح إلى إقصاء التونسية ألفة التراس، رئيسة جمعية «عيش تونسي»، التي باتت تتمتع بحظوظ وافرة في تشكيل قائمات انتخابية قد تمثل مفاجأة في المشهد البرلماني المقبل.

وفي هذا السياق، اتهمت كتل برلمانية معارضة «حركة النهضة»، و«حركة تحيا تونس» بالتحضير لـ«صفقة سياسية»، يتم من خلالها تمرير المقترح الذي تدعمه «النهضة»، والوارد ضمن تنقيح القانون الانتخابي، والقاضي برفع العتبة الانتخابية من 3 إلى 5 في المائة، على أن توافق على اقتراح «حركة تحيا تونس» بإقصاء رؤساء الجمعيات والمؤسسات الإعلامية عن الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.