Date: Jun 12, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
«الحرية والتغيير» لرفع الاعتصام وسط بوادر انفراجة في السودان
مجلس الأمن الدولي يدين «بشدة» العنف في السودان
الخرطوم: أحمد يونس - ومحمد أمين ياسين
أعلن مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي للسودان محمود برير، عن اتفاق طرفي النزاع السوداني؛ «قوى إعلان الحرية والتغيير»، والمجلس العسكري الانتقالي الحاكم، على العودة إلى التفاوض من النقطة التي توقف عندها، وموافقة المجلس العسكري على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وموافقة «قوى الحرية» على رفع العصيان المدني.

وقال محمود برير، الذي يشغل في ذات الوقت منصب مستشار وزير الخارجية الإثيوبي، في مؤتمر صحافي عقد أمس، إنه أجرى لقاءات مباشرة مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس، و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، وشخصيات سياسية بارزة، استكمالاً لمبادرة الرئيس آبي أحمد لتقريب المسافة بين الطرفين.

وأوضح برير أن الطرفين اتفقا على عدم التراجع عما تم الاتفاق عليه في المفاوضات السابقة بينهما، وقبل التصعيد الذي صاحب فضّ الاعتصام ومقتل المتظاهرين السلميين، وتابع: «أقصد بالطرفين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير».

وقال برير إن الخلاف على التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته سيتم التفاوض عليه «قريباً»، وأضاف: «المجلس السيادي هو ما سوف يتم التباحث حوله بحسن نية، وهي الروح التي تركها الرئيس آبي أحمد قبل أن يغادر البلاد».

وبحسب برير، اتفق الطرفان على وقف التصعيد المتبادل، ووقف البيانات والخطابات التي قد تقود إلى فشل المبادرة، ولإبداء حسن النية وافق المجلس العسكري على إطلاق سراح المعتقلين الذين ألقى القبض عليهم على خلفية الاعتصام، فيما وافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» على رفع الاعتصام ابتداء من يوم أمس، وتابع: «نحن نسعى إلى أن يتجنب الأطراف التصعيد والاتهامات المبادلة والتلاسن الذي قد يقود للعودة للوراء»، وأضاف: «نريد المضي قدماً في المبادرة وبحسن النية، معتمدين على عقلانية وسماحة السودانيين»، واستطرد: «سيتجاوز السودان هذه المرحلة من تاريخه الحديث».

وفي بيان منفصل، نشر على صفحة «تجمع المهنيين السودانيين» على «فيسبوك»، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير «تعليق العصيان المدني، ورفع الإضراب السياسي حتى إشعار آخر»، ابتداء من نهاية يوم أمس، مع استمرار الاستعداد والتنظيم للجان الأحياء ولجان الإضراب في القطاعات المهنية والعمالية المختلفة.

وأشاد البيان بمشاركة الشعب السوداني في الإضراب وتوحده حول مطلبه في تسليم السلطة لحكومة مدنية، وقال: «لقد سطر الشعب السوداني كما المعتاد ملحمة جديدة في درب النضال، ووعد وأوفى كأبهى ما يكون الوفاء، وأثبت أنه قادر على تركيع الطغاة متى أراد، كما أنه صاحب القرار والقول الفصل سلماً وقياماً وتظاهراً وإضراباً وعصياناً».

وافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الاحتجاجات في السودان على تسمية 8 مرشحين لها لمجلس السيادة، استجابة لوساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار الخرطوم في وقت سابق.

ووصف البيان تجربة العصيان بأنها كانت بارزة في تاريخ المقاومة السلمية، و«تؤكد عظمة وخبرة الشعب السوداني في فرض إرادته»، وأضاف: «خلال 3 أيام من الصمود التاريخي، تم تنفيذ العصيان بنسبة مرتفعة جداً، وعلى جميع المستويات الحيوية»، ووصفه بأنه «إجماع مدني غير مسبوق، ورسالة واضحة للمجلس حول مكامن قوة وجبروت الشعب السوداني».

وأوضح البيان، أن المجلس العسكري تكبد «خسائر سياسية جمة بما لا يقاس»، وتابع: «تكشفت له حقيقة أن مقاليد الحكم هي بيد أهل الشأن، الشعب السوداني العظيم».

وتواصل العصيان المدني ليومه الثالث على التوالي في معظم المدن السودانية، وذلك على الرغم من ازدياد حركة السير في شوارع الخرطوم، بيد أن الإضراب استمر في كثير من المرافق العامة والقطاع الخاص.

وبحسب شهود عيان، فإن العدد الأغلب من المتاجر والمؤسسات العامة والخاصة ظلت مغلقة، فيما واصل جنود من الجيش وقوات الدعم السريع، على عربات رباعية الدفع ومدرعات خفيفة، التجول في شوارع الخرطوم، ولوحظت أعداد قليلة من السيارات والحافلات العامة تسير في الشوارع، وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، إنهم مضطرون للعودة للعمل لكسب عيشهم، على الرغم من تأييدهم العصيان المعلن، فيما عاد بعض الموظفين لممارسة أعمالهم، وقال بعضهم إنهم اضطروا للعودة إثر تلقيهم تهديدات بالفصل عن العمل.

وقال القيادي بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير» الطيب العباس لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق أمس، إن المجلس العسكري الانتقالي تعهد بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والناشطين في الإضراب والعصيان المدني. وأوضح أن المجلس يعترض على مقترح الرئيس آبي أحمد بتشكيل مجلس سيادة من 8 مدنيين و7 عسكريين، وأن تكون رئاسته دورية بين الطرفين، وأكد أن «قوى إعلان الحرية» اتفقت على الخبير الأممي عبد الله حمدوك رئيساً للوزارة الانتقالية، فيما تحفظت عليه بعض الأحزاب، وتابع: «لجنة المعايير المعنية باختيار مرشحي مجلس السيادة، على وشك الانتهاء من عملها، وتم الاتفاق على أن يراعي الاختيار التوزيع الجغرافي بالبلاد»، متوقعاً حسم الأمر بشكل نهائي في غضون 48 ساعة.

بدوره، قال القيادي بـ«قوى الحرية والتغيير» صديق يوسف، إن «تحالف الحرية والتغيير» توصل إلى اتفاق مبدئي بشأن أسماء المرشحين والمرشحات للمجلس السيادي، والكشف عنها في الوقت المناسب، دون تحديد إطار زمني للإعلان.

وأوضح القيادي في «التجمع الاتحادي» المعارض، وهو أحد الفصائل الرئيسة في «تحالف قوى الحرية والتغيير»، عزّ العرب حمد النيل، إن «قوى الحرية والتغيير» اتفقت على مرشحيها لمجلس السيادة، تمهيداً لاستئناف التفاوض مع المجلس العسكري.

وأشار حمد النيل إلى أن المجلس العسكري بدأ في اتخاذ خطوات باتجاه محاسبة المتورطين في جريمة فضّ الاعتصام، وتعهد بإطلاق سراح المعتقلين.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المشاورات تجري داخل «تجمع المهنيين السودانيين»، التيار الرئيسي في «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، لرفع العصيان المفتوح المستمر في البلاد منذ أيام. وقال مصدر بالتجمع، تحدث للصحيفة، إن نقاشات حول آثار الاعتصام على المواطنين، ولا سيما أن كثيرين منهم يعملون باليومية، توصلت إلى رفع الاعتصام مؤقتاً، على أن يظل سلاحاً بيدها تشهره بيد «العسكري» متى ما استوجبت الأمور.

وكشف مصدر لـ«الشرق الأوسط» عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسودان خلال اليومين القادمين، لمتابعة المبادرة الافريقية، وينتظر أن يصل البلاد بعد غد (الخميس)، وذلك بعد أقل من أسبوع لزيارته التي أطلق فيها مبادرته.

من جهة أخرى، يصل الخرطوم اليوم مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي، في زيارة تستغرق يومين، يلتقي خلالها الأطراف السودانية، ثم يغادرها إلى أديس أبابا لمناقشة ملف الوساطة.

وبحسب الخارجية الأميركية، فإن الإدارة الأميركية تسعى مع الشركاء الدوليين لتحقيق السلام في السودان، وهي ملتزمة بمساندة شعب السودان، ونقلت «العربية نت» عن الخارجية الأميركية قولها: «الشعب السوداني، يستحق حكومة مدنية تعمل لصالحه». ومن المنتظر أن يطلب المسؤول الأميركي البارز، وقف الاعتداءات على المدنيين، وحثّ الأطراف للعمل على تهيئة أجواء تسمح بالعودة لطاولة الحوار.

ويرى الصحافي والمحلل السياسي، جعفر السبكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التدخل الأميركي من شأنه أن يحدث اختراقاً وكسر الجمود بين أطراف الأزمة السودانية»، مشيراً إلى أن الرسالة التي ربما يريد أن يوصلها المبعوث الأميركي هي دعوة المجلس العسكري بشكل مباشر إلى وقف الاعتداءات على المدنيين وعدم إجراء انتخابات سريعة في البلاد، كما ظل المجلس العسكري يكرر ذلك.

وقال السبكي إن مساعد وزير الخارجية الأميركي تيبور ناجي سيعمل على إقناع المجلس العسكري بضرورة تقليص عدد ممثليه في المجلس السيادي على أن تكون الغلبة للمدنيين وليس للعسكريين كما تطالب «قوى الحرية والتغيير»، كما تكهنوا بأن ناجي سيشدد على تشكيل لجنة دولية للتحقيق حول مقتل أكثر من 100 شخص في الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.

من جهته، أعلن المجلس العسكري في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس، القبض على عدد من الجنود، قال إنهم «متورطون في قتل المتظاهرين»، وكشف عن وضعهم في الحجز، إثر عملية فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، الذي راح ضحيته 118 مدنياً، بحسب لجنة الأطباء المركزية، و61 بحسب وزارة الصحة السودانية، فضلاً عن مئات الجرحى والمصابين والمفقودين.

وقال المجلس، في بيان، إنه عثر على ما أسماه «أدلة أولية» ضد عدد من عناصر القوات النظامية، وإنه وضعهم في الحجز العسكري، تمهيداً لإحالتهم للمحاكمة بشكل عاجل. وتابع البيان: «يؤكد المجلس العسكري الانتقالي أنه لن يكون هناك تأخير في محاسبة من تثبت إدانتهم، وفقاً للوائح والقوانين».

عرمان لـ«الشرق الأوسط»: الثورة السودانية ستنتصر

لندن: مصطفى سري
قال نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «الثورة السودانية ستنتصر وتحقق أهدافها» في ظل العصيان المدني الذي شهدته مدن البلاد. واعتبر أن اعتقاله ومن ثم نفيه إلى جنوب السودان، «لأن السلطات كانت تخشى من أن تقوم الحركة الشعبية بتوحيد قوى المعارضة لذلك اعتقلتنا»، لافتاً إلى أن السودان يمر بمنعطف خطير للغاية وأن ذلك يحتاج إلى توحيد كل قوى المعارضة لإنجاز مشروع الثورة وتحقيق تطلعات الشعب. وقال عرمان إن «الأوضاع في السودان محزنة». وأضاف: «سنظل مع شعبنا أينما اختار الوقوف». وكان عرمان، اعتقل بعد عودته إلى السودان، في مكان مجهول لعدة أيام، ثم أفرج عنه يوم الأحد الماضي، ومن ثم تم إبعاده إلى جوبا مع رفيقيه الأمين العام للحركة إسماعيل خميس جلاب ومتحدثها الرسمي مبارك اردول.

من جانبه، قال الأمين العام للحركة الشعبية، إسماعيل خميس جلاب لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات لم توضح سبب اعتقالهم حتى بعد الإفراج عنهم وإبعادهم إلى جوبا. وقال إنهم لم يلتقوا بأي مسؤول من المجلس العسكري، مشيراً إلى أن السلطات وضعتهم في زنازين، ولكن لم يتعرضوا للتعذيب خلال فترة الاعتقال، لكنه عاد وقال: «عند اعتقال الرفيق نائب رئيس الحركة ياسر عرمان من مقر إقامتنا تم الاعتداء عليه بالضرب من قبل قوة تابعة للدعم السريع واقتيد بعدها إلى مقر جهاز الأمن السياسي في الخرطوم بحري». وأضاف: «لم نعلم بوجود عرمان في المبنى ذاته إلا عندما تم الإفراج عنا».

وأوضح جلاب أن إطلاق سراحهم كانت بضغوط مارسها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى جانب عدة جهات دولية منها بريطانيا والولايات المتحدة، وعدد من المنظمات الدولية. وقال إن «المجلس العسكري نفذ رسائله التي أرسلها إلى نائب رئيس الحركة ياسر عرمان عندما طلب منه أن يغادر الخرطوم وقد تم رفض ذلك».

وقال جلاب إن السلطات الأمنية عندما أبلغتهم بالإفراج صباح أمس وضعت عصابات على أعينهم وتم تقييد الأرجل والأيدي ونقلهم إلى المطار، وأضاف: «سأل عرمان القوة الأمنية إلى أين يودون ترحلينا قالوا داخل البلاد... وظللنا معصوبي الأعين ومقيدي الأرجل والأيدي حتى هبوط الطائرة في مطار جوبا».

وتابع: «لقد كانت طريقة مهينة وغير إنسانية في التعامل»، مستنكراً نفيهم إلى خارج البلاد وهم مواطنون سودانيون. وقال: «يبدو أن المجلس العسكري كان متضايقاً من وجودنا في الخرطوم مع أننا مواطنون سودانيون ومن حقنا أن نقيم في بلادنا لذلك تم إبعادنا إلى الخارج»، مشيراً إلى أن قيادة الحركة بدأت أنشطة واسعة منذ وصولها، ومنها الوجود داخل ساحة الاعتصام والتواصل مع الجماهير التي كانت تؤيدهم، وقال: «لقد أحسنت الجماهير استقبالنا، وهو الذي قاد المجلس العسكري إلى اتخاذ قرار اعتقالنا ومن ثم إبعادنا».

مجلس الأمن الدولي يدين «بشدة» العنف في السودان

نيويورك: «الشرق الأوسط أونلاين»
دان مجلس الأمن الدولي يوم أمس (الثلاثاء) "بشدة" أحداث العنف الأخيرة في السودان، موجهاً الدعوة إلى المجلس العسكري الحاكم وقادة حركة الاحتجاج للعمل معاً من أجل إيجاد حل للأزمة.

وفي بيان صدر بالإجماع، طالب المجلس بوقف العنف بشكل فوري ضد المدنيين، مشدداً على أهمية الحفاظ على حقوق الإنسان.

ويأتي هذا النداء من القوى الكبرى في العالم بعد أسبوع على منع روسيا والصين لمسودة بيان مشابهة حول الأزمة السودانية.

وانطلقت الأحد حملة عصيان مدني بعد أسبوع من الهجوم على المعتصمين أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم الذي خلف عشرات القتلى، واتهم قادة الاحتجاج المجلس العسكري وخصوصاً قوات الدعم السريع بتنفيذه.

وبعد وساطة أثيوبية وافق قادة حركة الاحتجاج، أمس، على إنهاء العصيان واستئناف المفاوضات مع المجلس العسكري.

وطالب مجلس الأمن جميع الأطراف "الاستمرار بالعمل معاً من أجل إيجاد حل توافقي للأزمة الحالية"، معرباً عن دعمه للجهود الدبلوماسية التي تقودها إفريقيا.

ويقول دبلوماسيون إن المسودة التي وضعتها البحرين وألمانيا جوبهت بمعارضة من الصين وروسيا اللتين رفضتا إصدار إدانة، إلا أنه في النهاية تمت الموافقة على صيغة البيان.

وسيصل تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون إفريقيا إلى الخرطوم هذا الأسبوع بهدف إجراء محادثات حول الأزمة.

وتوقفت المفاوضات بين المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات بسبب خلافات تتمحور حول هوية رئيس الهيئة الانتقالية الحاكمة الجديدة، وما إذا كانت ستكون مدنية أم عسكرية.

وتدعم الأمم المتحدة الاتحاد الإفريقي في محاولته إعادة الخرطوم إلى سكة الحكم المدني.

وسيبحث مجلس الأمن الجمعة الأزمة السودانية خلال اجتماع يتم التركيز فيه على مهمة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي "يوناميد" في دارفور.