|
|
Date: May 20, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
قوات السراج تتباهى بالحصول على إمدادات عسكرية تركية رغم الحظر الدولي |
معلومات عن خلافات بين الميليشيات بسبب توزيعها... والجيش الوطني يتوعد |
القاهرة: خالد محمود
توعد الجيش الوطني الليبي بتدمير إمدادات عسكرية تركية حصلت عليها القوات الموالية لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج، في المعارك الدائرة حول تخوم العاصمة طرابلس، فيما أبلغ مصدر عسكري مطلع «الشرق الأوسط» أن خلافات حادة اندلعت بين الميليشيات الموالية للسراج لدى توزيع هذه الإمدادات، التي تستهدف تعزيز القدرات على مقاومة عملية «الفتح المبين» للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
ولم يشرح الجيش الوطني مبررات عدم قصفه سفينة الشحن التي حملت هذه الإمدادات، لكن المصدر العسكري، الذي طلب عدم تعريفه، قال إن تسلم هذه الشحنة من أفراد الميليشيات تسبب في ظهور الاختلافات فيما بينهم لرغبة كل منهم في الحصول على العدد الأكبر.
وتابع: «لم تتسلم كل الميليشيات المدرعات ومن الطبيعي أن مدينة مصراتة (غرب) كان لها نصيب الأسد وبعدها كتيبة النواصي التي تضم في صفوفها المتطرفين ثم ميليشيات أسامة الجويلي المسؤول عن المنطقة الغربية»، مشيراً إلى حدوث اشتباكات واحتجاج من ميليشيات الزاوية والأمازيغ وآخرين.
وكانت عملية بركان الغضب التي تشنها قوات السراج، أعلنت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مساء أول من أمس، أن حكومة السراج «زودت قواتها المدافعة عن طرابلس بمدرعات وذخائر وأسلحة نوعية»، استعداداً لما وصفته بـ«عملية موسعة يتم الإعداد لها للقضاء على المتمردين في محيط طرابلس وبسط الأمن في كل ربوع ليبيا».
ولم تفصح قوات حكومة السراج عن مصدر العتاد العسكري، لكن الصور والتسجيلات المصورة التي بثتها مع بيانها، أظهرت وصول عشرات المركبات المدرعة من طراز «بي إم سي كيربي» تركية الصنع إلى ميناء طرابلس، كما أظهرت صور بثتها ميليشيات موالية للسراج في مصراتة، من بينها لوائي الصمود والمرسى، آليات عسكرية لدى إنزالها من سفينة شحن تحمل اسم «أمازون»، التي أشار موقع «فيسيلفايندر» إلى أنها ترفع علم مولدافيا ووصلت مقبلة من مرفأ سامسون في شمال تركيا.
وتباهى بعض عناصر الميليشيات المسلحة بوصول شحنة الأسلحة وتسلمها، خصوصاً من لواء الصمود المتحدر من مدينة مصراتة في غرب البلاد، الذي يقوده صلاح بادي أحد أبرز قيادات الإخوان المسلمين ومطلوب للمحاكم المحلية والدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، علماً أنه كان مسؤولاً عن إحراق مطار طرابلس الدولي وتدميره في المعارك التي اندلعت عام 2014، ضمن ما كان يعرف باسم ميليشيات «فجر ليبيا» المتطرفة.
وبينما لم يصدر أي موقف رسمي عن حكومة السراج، اكتفى ناطق باسمها بالتأكيد لوكالة الصحافة الفرنسية وصول تعزيزات عسكرية من دون الكشف عن مصدرها، علماً أن متحدثاً باسم هذه الحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة كان أعلن في وقت سابق من الشهر الحالي أن حكومته تتواصل مع تركيا للحصول على «أي شيء يلزم لوقف الهجوم» بما في ذلك الدعم العسكري والمدني.
لكن الجيش الوطني قلل في المقابل من أهمية هذه المدرعات وتوعد بأنها ستصبح صيداً سهلاً، ورأى أنها ليست ذات جدوى أولاً وهي مدولبة بعجلات ويسهل إيقافها بالـ«آر بي جي»، كما أنها ليست سريعة الحركة إضافة إلى كونها قبراً متحركاً أكثر منها قوة نيران.
وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في بيان له إن هذه المدرعات ليست ذات شأن سوى أنها دعاية إعلامية، لافتاً إلى أنها أصلاً كانت عربات مكافحة شغب وتمت زيادة تدريعها، وهي ليست في قوة الدبابات ومن الممكن القضاء عليها بمضادات الدروع، واعتبر أن كبر حجمها يسهل استهدافها، موضحاً أن هذه صفقة مشبوهة وضحك على الشباب وسيقاتلون في قبور متحركة وسيتركونها لأنها في الانسحاب بطيئة جداً.
وتابع: «هي لا تصلح في أي قتال على الأرض المفتوحة وفي الشوارع والأزقة ودورانها صعب، سبق أن جربت في تونس وثبت فشلها واعتبرت صفقة خاسرة».
بدورها، أدانت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ما وصفته بالصمت الغريب وغير المقبول، من بعثة الأمم المتحدة على انتهاك الحظر الدولي على السلاح، في ظل توالي تفريغ شحنات السلاح والذخائر على مرمى حجر من مقر البعثة.
وبعدما استنكرت الدعم غير المحدود من قطر وتركيا لعصابات «داعش» و«القاعدة» في طرابلس، طالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتحرك العاجل لوقف التدخل السافر لهذه الدول في الشأن الليبي.
وللتمكن من دخول السلاح، لا بد من موافقة مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة على استثناء للحظر يتيح ذلك، بموجب قرار مجلس الأمن الخاص الذي تخضع ليبيا بموجبه لحظر إدخال السلاح إلى أراضيها لأي طرف، منذ الانتفاضة عام 2011 التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
لكن الأمم المتحدة تؤكد أنه يتم انتهاك هذا الحظر بشكل متكرر من قبل مختلف القوى المتواجدة في ليبيا، حيث يتهم حفتر تركيا وقطر بإرسال السلاح إلى خصومه في حكومة السراج.
ميدانياً، قالت عملية «بركان الغضب» في بيان صحافي مساء أول من أمس، إنه بعد 44 يوماً مما وصفتها بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، ما زالت قوات السراج تواصل صمودها وادعت أن سلاح الجو التابع لها نفذ 5 طلعات قتالية، استهدف خلالها آليات ثقيلة في قصر بن غشير، ما أسفر عن تدمير دبابتين ومدفعية ثقيلة كانت موجهة نحو وسط العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن سلاح الجو كثف أيضاً من طيرانه الاستطلاعي لتغطية المنطقة الممتدة من شرق مدينة سرت إلى الجفرة ورأس جدير، تزامناً مع بداية عملياته الليلية.
وأضافت: «تواصل قواتنا التابعة للمنطقة العسكرية الوسطى والمتمركزة في المحورين الجنوبي والشرقي عملياتها في قطع إمدادات الميليشيات الإجرامية، خصوصاً بين الجفرة والشويرف، والقبض على الفارين من أرض المعركة في ضواحي طرابلس».
وزعمت أن الجيش الوطني مسؤول عن الفوضى والإخلال بالأمن في الجنوب الليبي، ما تسبب في عودة نشاط الخلايا الإرهابية وتنفيذها عمليات في غدوة والفقهاء وزلة.
ودعت المدنيين العالقين في بؤر التوتر إلى التواصل معها لتسهيل خروجهم بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية حفاظاً على سلامتهم وأمنهم، كما حضتهم على الابتعاد عن أماكن تمركز العصابات الإجرامية خصوصاً في قصر بن غشير وسوق الخميس مسيحل والأصابعة.
وكان العقيد محمد قنونو الناطق الرسمي باسم قوات السراج أعلن قصف آليات ثقيلة في قصر بن غشير كانت تمهد لتقدم ميليشيات حفتر باتجاه طرابلس، مشيراً إلى تنفيذ 5 طلعات قتالية، دمرت دبابتين ومدفعية ثقيلة كانت تقصف الأحياء المدنية بالعاصمة، على حد زعمه.
وكرر مصطفى المجعي، المتحدث باسم عملية «بركان الغضب» هذه المعلومات، وقال لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن سلاح الجو نفذ 5 ضربات جوية، استهدفت مواقع تحت سيطرة الجيش الوطني في قصر بن غشير والسبيعة ومحيط مطار طرابلس، مضيفاً أن «الوضع الميداني شهد بعض الهدوء النسبي، باستثناء محاولة قوات حفتر التوغل من محور طريق المطار، لكن تم صد محاولتهم وتكبيدهم خسائر في صفوفهم».
وتمكنت قوات الجيش من دخول 4 مدن رئيسية تمثل غلاف العاصمة (صبراتة، وصرمان، وغريان، وترهونة)، وتوغلت في الضواحي الجنوبية لطرابلس، لكنها ما زالت بعد مرور 6 أسابيع على بدء القتال في الرابع من الشهر الماضي، تسعى لاختراق الطوق العسكري حول وسط المدينة، الذي يضم المقرات السيادية.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الوطني قتل 20 من عناصر تنظيم «داعش» الذين شاركوا في الهجوم على حقل نفطي في بلدة زلة بجنوب البلاد، أول من أمس.
وقال المركز الإعلامي للجيش إنه تم القضاء على المجموعة «الداعشية» بكاملها، مشيراً في بيان مقتضب، إلى أن الاحتفالات عمت شوارع زلة لعودة مقاتلي الجيش من مهمة مطاردة المهاجمين والقضاء عليهم.
وكانت «سرية مرادة» المقاتلة المكلفة بتأمين حوض زلة النفطي قد أعلنت في بيان لها أن «سرية شهداء زلة» بقيادة هلال بوعمود تمكنت من قتل 20 من عناصر «داعش» من الذين هاجموا الحقل، مشيرة إلى أن عناصر السرية العسكرية قاموا بملاحقة الإرهابيين إلى جبال الهروج الأسود جنوب غربي زلة، حيث قتل جندي واحد وأصيب 4 بجروح.
وتسبب الهجوم على الحقل ببلدة زلة في بلدية الجفرة التي تبعد 650 كيلومتر جنوب شرقي العاصمة طرابلس، وتبناه تنظيم داعش، في سقوط قتيلين قضيا ذبحاً واختطاف 4 آخرين من حراس الحقل.
إلى ذلك، وفي إشارة إلى أنه لم يعد يعترف بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد مقراً له، التقى فائز السراج رئيس حكومة الوفاق مع الصادق الكحيلي عضو المجلس الذي قدمه في بيان رسمي مساء أول من أمس على أنه رئيس البرلمان.
وبحسب البيان، ذكر السراج بالاجتماع الذي «عقده مجلس النواب في طرابلس، والذي أُعلن فيه رفضه لما وصفه بالعدوان الذي تتعرض له المدينة وضواحيها، وقرار النواب باستمرار حالة الانعقاد لحين انتهاء الأزمة»، وقال إن «هذا يعبر عن إدراك للمسؤولية في هذا الظرف الاستثنائي».
واستعرض والكحيلي آخر المستجدات على الصعيد الميداني والتداعيات المختلفة لـ«العدوان، وما نتج عنه من تدمير وانتهاكات وأزمات إنسانية».
وكان عشرات من أعضاء البرلمان الليبي الموالين للسراج قد اجتمعوا في طرابلس مؤخراً واختاروا الكحيلي رئيساً لهم دون توافر النصاب القانوني اللازم لذلك، في خطوة تعزز الفوضى السياسية والدستورية في البلاد. |
|