Date: May 18, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الجزائريون يعودون للاحتجاج وسط العاصمة... والسلطات ترد بعنف
سياسيون فرنسيون يطالبون بـ«الإفراج الفوري» عن زعيمة «العمال» الجزائري
الجزائر: بوعلام غمراسة
شددت قوات الأمن الجزائرية أمس قبضتها على مداخل العاصمة، وولاية برج بوعريريج (شرق)، حيث «يحج» مئات الآلاف من المتظاهرين صباح كل جمعة، للتعبير عن رفضهم لاستمرار رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي في الحكم.

وأطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع بالبريد المركزي في العاصمة، ما أثار غضب المتظاهرين، الذين التحق بهم رؤساء بلديات جاءوا من منطقة القبائل للتعبير عن رفضهم الانخراط في مسار التحضير الإداري لرئاسية 4 يوليو (تموز) المقبل. وفي غضون ذلك عاشت الضواحي الشرقية والجنوبية للعاصمة حالة من الاختناق والفوضى بسبب طوابير السيارات، التي امتدت إلى كيلومترات عديدة، بسبب نقاط المراقبة التي وضعتها قوات الدرك الوطني، بأمر من قيادة الجيش، للحؤول دون الدخول إلى العاصمة.

ومنعت الإجراءات الأمنية المشددة عشرات الآلاف من الالتحاق بـ«معاقل الحراك» في العاصمة، وخاصة في ساحتي «أول ماي» و«موريس أودان»، وفضاء البريد المركزي، الذي يعد نقطة لقاء المتظاهرين ضد النظام، يوميا.

في سياق ذلك، نظم رؤساء بلديات ولايتي تيزي وزو وبجاية (شرق)، وهما من أبرز مناطق القبائل، مظاهرة صغيرة على هامش حراك «الجمعة 13» بالعاصمة، ورفعوا شعارات معادية للنظام، وصاحوا باللغة الأمازيغية «ولاش السماح ولاش» (لسنا مستعدين لنغفر للنظام). وكان هؤلاء المنتخبون قد أعلنوا منذ شهر رفضهم تطبيق تعليمات الحكومة بمراجعة لوائح الناخبين، وبدء التحضيرات اللوجيستية للانتخاب، الذي تريده السلطة ويرفضه المتظاهرون بشدة، بحجة أنه سينظم «تحت إشراف بقايا نظام بوتفليقة». وعد ذلك «عصيانا» من طرف الحكومة.

وصدت الشرطة محاولات متظاهرين اختراق الطوق الأمني للوصول إلى مبنى البريد المركزي. لكن مع وصول أعداد أخرى منهم أطلقت قنابل مسيلة للدموع صوب مجمع غفير، ما تسبب في اختناق العديد من الأشخاص، ونقل بعضهم إلى المستشفى. واحتج المتظاهرون على هذا التصرف من الشرطة في شهر الصيام.

وجاء في الشعارات المرفوعة «ماكانش انتخابات ياعصابات» و«أفالان ديكاج»، وشعارات أخرى قاسمها المشترك المطالبة بحل حزب الأغلبية الذي يرأسه الرئيس السابق بوتفليقة. كما طالب المتظاهرون قائد الجيش الجنرال قايد صالح بالرحيل عن الحكم، واتهموه ككل جمعة بـ«التملص من وعوده». في إشارة إلى تصريحات سابقة تعهد فيها بتحقيق كل مطالب الشعب. لكن في نفس الوقت ظل متمسكا ببن صالح وبدوي. كما عبَر المتظاهرون عن شكوك قوية في جدية الملاحقات القضائية ضد مسؤولين بارزين في نظام الرئيس السابق.

وقالت «ولاية الجزائر» في بيان إنها تتحمل مسؤولية إقفال البريد المركزي على المتظاهرين بذريعة أن سلالم المبنى العتيق، الذي يعود إلى القرن الـ19. «لا يتحمل أن يقف عليه لوقت طويل آلاف الأشخاص». لكن هذا المبرر لم يقنع المتظاهرين. وفي هذا السياق قال أحدهم متهكما، وهو يضع على كتفيه علم الجزائر «تحاول السلطات بطريقة مفضوحة تبرير القمع الذي فرضته علينا اليوم. فقد سبب لها حراكنا صداعا. لكن حتى لو أغلقت كل الساحات العامة فلن نتوقف عن التظاهر في الشارع ومطالبتها (العصابة) بالرحيل، ولن نتخلى عن الطابع السلمي لاحتجاجنا، وهذا ما يقلقها أكثر».

ولا يزال الجدل قائما حول إصرار قيادة الجيش على «الحل الدستوري»، الذي يتمثل في تنظيم رئاسية بعد ثلاثة أشهر من تولي رئيس الدولة مهامه، إثر استقالة رئيس الجمهورية، رغم أنه ثبت استحالة تفعيله. ولذلك يطالب قطاع من الحراك بالتوجه إلى الحل السياسي، وذلك عبر إطلاق «مجلس رئاسي» يتكون من شخصيات مستقلة عن السلطة، تقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية. لكن قائد الجيش رفض الفكرة بشدة.

في هذا السياق، قال وزير الدولة السابق أبو جرة سلطاني «ما زال أمام صنّاع فرصة ليتّخذوا خطوة جريئة نحو الفصل في الخيارات، التي تحتاج إلى جرأة تاريخيّة تردّ للدّولة هيبتها، وتجسّد الإرادة الشّعبيّة. وفي تقديري فإنّ الخطوة المرتقبة لن تخرج عن واحد من ثلاثة خيارات مفصليّة: إما ترسيم الحلّ الدّستوري بإقرار الرابع يوليو تاريخا لإجراء الانتخابات، استنادا للمادة 102 منه، دون أي اعتباراً آخر. وهو خيار له كلفته السياسيّة في الحملة ويوم الاقتراع، وبعد إعلان النتائج. وإما تكييف الحلّ الدّستوري بتأجيل الانتخابات ثلاثة أشهر أخرى (الثلث الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأول)، يتولّى خلالها رئيس مجلس دستوري متوافق عليه، إدارة الدّولة بالنيابة. وهو خيار قد يلقى تجاوبا بين مطالب الحراك ورغبة المؤسّسة العسكريّة في عدم الذّهاب إلى مرحلة انتقاليّة».

أما الخيار الثالث، حسب سلطاني، فهو «المواءمة بين الدّستوري والسّياسي؛ بفتح حوار مع جميع مكوّنات المجتمع، يكون من مخرجاته وضع أرضيّة وفاق وطني، تحدّد كيفيّة إجراء انتخابات رئاسيّة في أقرب الآجال».

وعبر سلطاني عن خشيته من اللجوء إلى «خيار رابع»، وهو تفعيل المادة 107 من الدستور، التي تنص على «الحالة الاستثنائية». واعتبر ذلك «السّيناريو الأسوأ الذي لا يرغب فيه أي جزائري لأنّ الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسّياسي والأمني لا يحتمل مزيدا من الضّغط، على نفسيّة شعب يريد أن يرى رئيسا منتخبا بإرادته».

سياسيون فرنسيون يطالبون بـ«الإفراج الفوري» عن زعيمة «العمال» الجزائري
سفراء يسلمون أوراق اعتمادهم للرئيس الانتقالي بعد سنوات من الانتظار

باريس: «الشرق الأوسط»
وقَّعت نحو ألف شخصية فرنسية من ناشطين سياسيين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان نداء يطالب بـ«الإفراج الفوري» عن لويزة حنون، التي تتزعم حزباً معارضاً جزائرياً صغيراً، المتهمة بـ«التآمر» في بلادها.

ويُفترض أن تنظر المحكمة العسكرية في الجزائر، في 20 من مايو (أيار) الحالي، بطلب الإفراج عن الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، الموقوفة بتهمتي «المساس بسلطة الجيش»، و«المؤامرة ضد سلطة الدولة»، في قضية سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، بحسب محاميها.

وقال المحامي بوجمعة غشير إن حنون «متهمة بالتهم ذاتها» الموجهة إلى سعيد بوتفليقة، الذي كان مستشاراً لشقيقه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والفريق محمد مدين المعروف باسم «توفيق»، وشغل منصب مدير جهاز الاستخبارات في الجزائر على مدى 25 عاماً، والمنسّق السابق للمصالح الأمنية عثمان طرطاق، المعروف باسم «بشير».

وبين الشخصيات الموقّعة لـ«النداء» رئيس الوزراء السابق جان مارك آيرولت، وزعيم حزب فرنسا المتمردة اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون، والأمين العام للكونفدرالية العامة للشغل فيليب مارتينيز، والرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان المحامي هنري لوكلير.

ويدين الموقعون هذا «التوقيف التعسفي الذي يثير تعاطفاً مشروعاً».

وأكد الموقعون في بيان، تلقت «وكالة الصحافة الفرنسية» نسخة منه، أن «لويزة حنون معروفة في كل مكان منذ سنوات بسبب مواقفها ومعاركها من أجل الدفاع عن الديمقراطية، والحريات، وحقوق النساء، إلى جانب الشعوب والمقموعين»، مشيرين إلى أنه «سواء كنا نتفق مع مواقفها السياسية أو لا نتفق، فإنه لا شيء يبرر توقيفها. ولذلك نطلب الإفراج عنها فوراً». وأكد معدو العريضة أن «أكثر من ألف شخص» قاموا بتوقيعها حتى الآن.

وبينما أكد غشير أن لويزة حنون «التقت فعلاً سعيد بوتفليقة، وهو لا يزال في منصبه مستشاراً للرئيس، لوحده وبطلب منه، وهذا كل ما يوجد ضدها في الملف»، تحدث حزب «العمال»، الذي تقوده حنون منذ تأسيسه في 1990، عن «حملة قذرة يواجهها حزب (العمال) وأمينته العامة»، وطالب بالإفراج عنها.

من جهة ثانية، وبعد أسبوع على قيام سبعة من نظرائهم بالأمر نفسه، سلّم عشرة سفراء، مساء أول من أمس، أوراق اعتمادهم للرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح، في مراسم تعذر تنظيمها في السابق، بسبب الوضع الصحي للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وفق «وكالة الأنباء الجزائرية». وتسلم أوراق اعتماد السفراء خلال حفل بروتوكولي، وفق إجراء نصّت عليه «اتفاقية فيينا».

وإثر تراجع صحة الرئيس بوتفليقة خلال السنوات الأخيرة، تراجعت وتيرة تنظيم بروتوكولات تسليم أوراق الاعتماد منذ عام 2013، ولم يُنظم أي منها منذ 2016.

ومن بين السفراء العشرة الذين سلموا أوراق اعتمادهم لحسن عبد الخالق سفير المغرب، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للجزائر، الأمر الذي كانا ينتظرانه منذ وصولهما إلى الجزائر على التوالي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 ويوليو (تموز) 2017، فيما يمثل السفراء الآخرون الهند وبنغلادش واليمن وناميبيا وبنين وصربيا وفيتنام وغينيا بيساو.

وأظهرت مشاهد من الحفل بثّها التلفزيون الوطني، بن صالح مستقبلاً السفراء الواحد تلو الآخر في القصر الرئاسي، بحضور وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم.

وفي الثامن من مايو الحالي، تسلّم بن صالح أوراق اعتماد سبعة سفراء، هم سفراء بولندا وهولندا وبلجيكا، والسويد والبيرو وإيطاليا والسفير الباباوي، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. وعُيّن سفير بولندا في الجزائر في يونيو (حزيران) 2016، بحسب موقع السفارة البولندية. وكان نظيره الهولندي قد وصل إلى الجزائر في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.