|
|
Date: May 17, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجزائر: رئيس «المجلس الدستوري» السابق إستدعي في قضية «التآمر على الجيش» |
رئيسا حكومة و4 وزراء سابقون أمام القضاء بسبب شبهات فساد |
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما استدعت المحكمة العسكرية بالجزائر رئيس «المجلس الدستوري» السابق الطيب بلعيز لسماع أقواله بخصوص اتصالات مع رموز في الدولة، يوجدون رهن الحبس الاحتياطي حالياً، رد رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، أمس، و4 وزراء سابقين، على أسئلة قاضي التحقيق بمحكمة مدنية بالعاصمة حول ممارسات فساد جرت تحت مسؤولياتهم.
وقال أحد قضاة «المحكمة العليا» (أعلى هيئة بالقضاء المدني)، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن قاضي التحقيق العسكري بالبليدة (جنوب العاصمة)، استمع أمس إلى أقوال بلعيز بخصوص اتصالات جرت بينه وبين السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، بشأن المخارج القانونية والدستورية للمأزق الحاد الذي تسبب فيه ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وكان دافعاً لخروج ملايين الجزائريين للتظاهر منذ 22 فبراير (شباط) الماضي.
وذكر القاضي أن بلعيز استدعي بصفته شاهداً في قضية شقيق الرئيس السابق ومديري جهاز المخابرات سابقاً الجنرالين بشير طرطاق ومحمد مدين، وهؤلاء الثلاثة يوجدون حالياً في السجن العسكري، ويواجهون تهمتي «المؤامرة ضد سلطة الدولة» و«المس بسلطة الجيش»، بحسب ما جاء في بيان للنيابة العسكرية. كما تم سجن لويزة حنون، زعيمة حزب سياسي يساري، بالتهمتين نفسيهما تقريبا، بحجة أنها التقت بمدين والسعيد في 27 مارس (آذار) الماضي لبحث الوضع في البلاد.
وسئل بلعيز في المحكمة العسكرية عن فحوى الاتصالات، التي تمت بينه وبين شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقاً. علماً بأن بلعيز كان بحكم منصبه السابق الرجل الثالث في الدولة، بحسب الدستور. أما السعيد بوتفليقة فلم يكن مؤهلاً مؤسساتياً للخوض في قضايا مهمة، مثل مصير رئيس الجمهورية، الذي ثار ضده الجزائريون، أو أن يقترح أسماء لقيادة المرحلة الانتقالية. وقد صرح الرئيس السابق اليمين زروال بأن مدين اتصل به لينقل له طلب السعيد بأن يكون رئيساً مؤقتاً، لكنه رفض.
وعدت قيادة الجيش هذه المساعي والاتصالات بمثابة «مؤامرة على الدولة» لأن «قوى غير دستورية» (السعيد وتوفيق) تقف وراءها. كما جرى في تلك الاتصالات حديث عن تنحية رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح من منصبه، بقرار يتخذه السعيد باسم شقيقه الرئيس، وهو ما أثار حفيظة صالح، الذي أمر بسجن الأربعة: السعيد وطرطاق ومدين وحنون.
وذكرت مصادر من المحكمة العسكرية أن قاضي التحقيق عاتب بلعيز لأنه خاض في قضايا تخص شؤون الدولة والحكم مع أشخاص لا يملكون مناصب تسمح لهم بذلك، خصوصاً مدين الذي أحيل إلى التقاعد منذ 2015.
في سياق متصل، شوهد رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وهما يدخلان «محكمة سيدي امحمد» أمس، وذلك في إطار التحقيقات الجارية مع رجل الأعمال المسجون علي حداد، وتبعهما وزراء التجارة والنقل والمالية والموارد المائية السابقون، عمارة بن يونس، وعمار تو، وكريم جودي، وحسين نسيب، ووالي الجزائر العاصمة المقال حديثاً، عبد القادر زوخ.
ويرجح مراقبون أن يكون حداد قد ذكر بالتفصيل كيف أصبح في ظرف سنوات قليلة أول رجل أعمال في البلاد، وصاحب ثروة كبيرة، وأنه أحاط المحكمة بأسماء الأشخاص الذين كان لهم الفضل في ذلك. علماً بأن حداد كان رئيساً لـ«تكتل أرباب العمل»، الذي يضم نحو 100 شركة خاصة.
وقالت تقارير إعلامية إن وزراء آخرين سيتم استدعاؤهم للمحكمة لاحقاً، كانوا على صلة وثيقة بحداد، أبرزهم عمار غول وزير الأشغال العمومية سابقاً. وعلق ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، على سبيل السخرية، بأن ما جرى أمس بالمحكمة كان «اجتماعاً لمجلس الحكومة»! وطالبوا بتوجيه التهمة لهم «بدل الاكتفاء بسماعهم كشهود».
وتجمع أمس عدد كبير من الأشخاص أمام مدخل المحكمة، عندما شاهدوا حركة عادية لقوات الأمن في المكان. وبينما كان المسؤولون يخرجون من سياراتهم ويدخلون بسرعة إلى المحكمة، كان المتظاهرون يصرخون بأعلى أصواتهم: «التهمتم البلد أيها اللصوص»، وهو الشعار الذي ظل يملأ شارع مبنى المحكمة ساعات طويلة.
ولم يعرف مصير المسؤولين السابقين، وإن كانوا سيعودون إلى بيوتهم دون تلقي تهم، أم سيحالون إلى السجن بعد اتهامهم، أم توجه لهم التهمة ويضعهم القاضي تحت الرقابة القضائية.
وتم استدعاء هؤلاء المسؤولين، الذين تولوا مسؤوليات كبيرة في عهد بوتفليقة، بعد أن أُتي على ذكرهم في التحقيق من طرف حداد، الذي يواجه تهماً عدة بالفساد. وتوجد شبهات قوية بأنهم وظفوا نفوذهم لمصلحة حداد، وذلك بمنحه قروضاً كبيرة من المصارف الحكومية دون ضمان، وامتيازات في إطار صفقات ومشروعات في قطاعات كثيرة، ضخت فيها الدولة أموالاً طائلة. |
|