| | Date: May 14, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | الاتحاد الأوروبي يطالب بوقف القتال في طرابلس والجيش يتهم أنقرة بـ«دعم الإرهاب» | القاهرة: خالد محمود
شن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر هجوماً إعلامياً على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان واتهمه بدعم الإرهاب في ليبيا، مؤكداً «مشاركة طائرات تركية من دون طيار في القتال إلى جانب الميليشيات المسلحة الموالية» لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس.
وجاء ذلك، في وقت استمرت المعارك جنوب العاصمة الليبية، حيث يحاول الجيش الوطني التقدم نحو مشارف العاصمة وسط مقاومة عنيفة مع جماعات عدة موالية لحكومة السراج. وأفيد أمس بأن طائرات حربية شنت غارات على مواقع لميليشيات مسلحة في مدينة الزاوية، غرب العاصمة الليبية.
في غضون ذلك، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني وقائده العام المشير خليفة حفتر، إن الرئيس إردوغان يدلي بتصريحات علنية «ضد الجيش الوطني وقياداته»، متهماً تركيا بـ«تسخير إمكاناتها لدعم الميليشيات المسلحة والفوضى والجماعات الإرهابية في ليبيا».
وقال المسماري إن ما وصفها بـ«ميليشيات السراج» بدأت الآن «تستخدم طائرات تركية من دون طيار لقصف قوات الجيش»، وذلك في أعقاب فقدانها الكثير من الطائرات.
وتابع المسماري في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في مدينة بنغازي بشرق البلاد: «نعلم تماماً أن تطهير طرابلس من الميليشيات المسلحة يعني أن تركيا ستخسر القاعدة الذهبية التي تعوض خسائرها في المعترك الدولي».
وبعدما اعتبر أن هناك «خطاً مفتوحاً جواً وبحراً بين تركيا ومصراتة» شرق العاصمة الليبية، كشف النقاب عن أن «شركة الخطوط الجوية الليبية تقوم بنقل أسلحة» من تركيا إلى مصراتة، مشيراً إلى واقعة اختطاف قائد طائرة ليبية اكتشف أن شحنة مشبوهة نُقلت على طائرته من تركيا. وأوضح: «الطائرة التي كانت تنقل نحو 300 راكب أقلعت من مطار معيتيقة (في طرابلس)... لكن بعد الاطلاع على السجل اتضح أن الطائرة سافرت إلى تركيا بطاقمها فقط وبعدها تم توجيهها إلى مطار آخر غير مدرج».
وتحدث المسماري عن الوضع الميداني، قائلاً إن قوات الجيش بدأت تقترب من تخوم طرابلس، مضيفاً أن «ميليشيات إرهابية بدأت تندثر بعد استهداف قادتها في طرابلس». وتابع أن وحدات للجيش لم تصل فقط إلى تخوم طرابلس بل دخلت بالفعل إلى مناطق فيها.
وقال إن «تحرك تنظيم داعش في الجنوب الغربي يهدف إلى إشغال قوات الجيش الوطني عن عملياتها في طرابلس»، معتبراً أن «هذا التحرك جاء مع تصاعد الضربات في عملية طرابلس والبدء في المرحلة الثانية وانهزام وانهيار خطوط الدفاع للجماعات الإرهابية».
وكانت «غرفة عمليات الكرامة» التابعة للجيش الوطني قد أعلنت، في بيان، أن «العمليات العسكرية اليومية تسيّر حسب الخطة الموضوعة وتحقق الغرض منها، وهو القضاء على العصابات الإرهابية، وينتظر انهيارها في أي لحظة بعد ما تلقت من خسائر فادحة». واعتبرت الغرفة أن «اكتشاف المقبرة الجماعية بمدينة القربولي، يؤكد المعلومات عن وجود عدد من المقابر الجماعية التي أقامتها الميليشيات التي تدعي أن (القتلى في المقابر) مقبوض عليهم لدى قوات الجيش، وذلك لغرض التغطية على خسائرها الفادحة، إلى جانب الخوف من ردة فعل أهالي القتلى، واتهام القوات المسلحة لاحقاً بهذه الأفعال».
في المقابل، قال «مكتب الإعلام بقطاع الدفاع الجوي بمصراتة» إنه اعترض، مساء أول من أمس، «طائرة حربية كانت تقترب من العاصمة طرابلس ومنعها من القصف»، بينما أفاد محمد قنونو الناطق باسم قوات السراج في تصريحات تلفزيونية بأن «سلاح الجو» التابع لحكومة الوفاق نفذ أول من أمس غارتين على تمركزات لقوات الجيش الوطني جنوب طرابلس.
في غضون ذلك، أعلن خفر السواحل الليبي إنقاذ 147 مهاجراً غير شرعي قبالة سواحل البلاد، ليرتفع عدد المهاجرين الذين تم إنقاذهم منذ مطلع الشهر الجاري إلى أكثر من 500 شخص. وقال العميد أيوب قاسم، المتحدث باسم البحرية في بيان أوردته وكالة «شينخوا» إن «دورية تابعة للقطاع الغربي لحرس السواحل تمكنت من إنقاذ مهاجرين غير شرعيين كانوا على متن قارب متهالك عددهم 96 أفارقة، من بينهم 16 امرأة أربع منهن حوامل». وأشار إلى أن عملية الإنقاذ تمت في منطقة منصة فروة التي تبعد نحو 68 ميلاً شمال غربي الزاوية.
وطبقاً للبيان، فقد أحدث «بعض المهاجرين شغباً على متن الزورق، واعتدوا على أفراد الطاقم، قبل تسليمهم لحرس السواحل بنقطة مصفاة الزاوية» على بعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس. وأعلن خفر السواحل أنه أنقذ في عملية ثانية 51 رجلاً مهاجراً، أغلبهم من السودان، على بعد 50 ميلاً شمال الخمس غرب ليبيا.
الاتحاد الأوروبي يطالب بوقف القتال في طرابلس
السراج يحذّر من أن تداعيات الحرب الليبية «ستشمل المنطقة بكاملها»
بروكسل: عبد الله مصطفى - القاهرة: «الشرق الأوسط»
دعا الاتحاد الأوروبي، أمس (الاثنين)، إلى وقف الهجوم الذي ينفذه «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس، معتبراً ما يجري في ليبيا تهديداً للسلام الدولي.
وقال أعضاء الاتحاد الأوروبي بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في إعلان مشترك: إن «الهجوم العسكري للجيش الوطني الليبي على طرابلس وما تلاه من تصعيد في العاصمة وحولها يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين ويصعّد من التهديد لاستقرار ليبيا»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية بعد ظهر أمس.
من جانبها، طالبت فيدريكا موغيريني، منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، بضرورة العودة إلى الحوار لمصلحة جميع الليبيين. وجاء ذلك عقب لقاء جمعها برئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، المتواجد في بروكسل حالياً في إطار جولة أوروبية.
وأعرب السراج، خلال اجتماعه، أمس، مع موغيريني بمقر المفوضية الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، عن تطلعه لما وصفه بـ«موقف أوروبي موحد يسمي الأشياء بمسمياتها، ويساهم عملياً في حقن دماء الليبيين».
وقال: إن «كل يوم يمر يزيد من أعداد الضحايا، ويدفع إلى اتساع نطاق الحرب التي لن يقتصر تأثيرها على ليبيا، بل سيشمل المنطقة بكاملها».
ودعا السراج، بحسب بيان أصدره مكتبه، إلى أن «يتدخل الاتحاد الأوروبي ليوقف الانتهاكات التي ترتكبها بعض الدول بتزويد القوة المعتدية بالأسلحة، في خرق واضح لقرار مجلس الأمن الدولي بحظر التسليح»، معتبراً أن «المعركة في حقيقتها هي بين من يريد عسكرة الدولة ومن يتمسك بالدولة المدنية». كما جدد التأكيد أن «أي حديث عن وقف إطلاق النار يجب أن يحقق انسحاب القوات المعتدية وعودتها من حيث جاءت».
من جانبها، جددت موغيريني دعم الاتحاد الأوروبي لحكومة السراج، مؤكدة أنه «لا حل عسكرياً للأزمة الليبية»، مشددة على «ضرورة وقف الهجوم على طرابلس والعودة للمسار السياسي وفقا لخطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة».
وعقب اللقاء مع السراج، التقت موغيريني أيضاً المبعوث الأممي غسان سلامة. ورفض الأخير الإدلاء بأي تصريحات قبل اللقاء، لكن موغيريني شددت في تصريحات لها على ضرورة وقف إطلاق النار وكافة العمليات العسكرية. وتطرقت موغيريني إلى ضرورة تأمين توصيل المساعدات الإنسانية وحماية المهاجرين واللاجئين المتواجدين على الأراضي الليبية.
ولدى وصولها إلى مقر اجتماعات يعقدها وزراء الخارجية الأوروبيون في العاصمة البلجيكية، كانت موغيريني قد صرحت بأنها ستبحث مع سلامة آخر التطورات في ليبيا. ونوهت بثبات الموقف الأوروبي تجاه ليبيا، قائلة: «نريد أن نناقش ما يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدمه لمساعدة الأمم المتحدة في ليبيا».
وأشارت إلى أهمية الدعوة التي وجهها المبعوث الدولي لمختلف الأطراف الليبية للعودة إلى الحوار.
كما اعتبر السراج لدى اجتماعه في بروكسل مع دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، أن قوات حكومته تمارس حقها الشرعي في صد ما أسماه بـ«العدوان الغادر وإلى أن يتم دحره»، مطالباً بموقف أوروبي «موحد وعادل لا يساوي بين المعتدي والمعتدى عليه». ورأى أن «هدف الاعتداء بات واضحاً للجميع، وهو محاولة لإجهاض العملية السياسية وإعادة الحكم الشمولي من جديد إلى ليبيا، وهو ما لن يحدث».
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الصعوبة التي تواجهها بروكسل حالياً تتمثل في رأب الصدع بين الدول الأوروبية التي يدعم كل منها طرفاً مختلفاً في الصراع الليبي وفق مصالحها.
وكان وزير الخارجية الإيطالي إينزو ميلانيزي أعلن أنه سيجتمع مع السراج عند زيارته العاصمة الإيطالية روما. وقال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «آكي» الإيطالية على هامش مجلس الشؤون الخارجية للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي: إن «الأمور لا تسير على ما يرام، ويجب علينا أن نحاول تهدئة الناس، وقبل كل شيء محاولة التهدئة الإنسانية، ومن ثم استئناف المسيرة».
بدوره، أكد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لدى اجتماعه أمس مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ على أنه «ليس هناك حل عسكري للأزمة في ليبيا». وقالت البعثة الأممية: إن سلامة أطلع ستولتنبرغ خلال اللقاء الذي تم في مقر الناتو في العاصمة البلجيكية، على الوضع في ليبيا، كما ناقش سلامة مع وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس في بروكسل أيضاً «آخر التطورات في ليبيا وسبل وقف التصعيد»، حيث أعرب سلامة عن «تقديره لدعم ألمانيا لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا».
وكان غسان سلامة، المبعوث الأممي لليبيا، قال في تصريحات له في بروكسل إنه يشعر بعد خمسة أسابيع من بدء الهجوم على طرابلس أن بعضاً من الواقعية التي كانت مفقودة قبل بدء الهجوم بات موجوداً الآن، بمعنى أن التحول السريع في مطلع الهجوم أدخل الجميع في مأزق عسكري وبالتالي أصبح هناك واقعية أكبر بالنظر إلى الحالة على الأرض.
وأضاف: «نعوّل على ذلك في الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لكي يقرر وقف القتال والعودة إلى الحل السياسي؛ لأنه ليس هناك حل عسكري مهما طال الوهم. كان هناك بعض الوهم بأن أقصر الطرق هو الحل العسكري، لكن ظهر اليوم أنه ليس واقعياً».
وشدد سلامة على أن الأطراف الإقليمية لها دور كبير فيما يحدث في ليبيا. كما حذر من تداعيات الصراع في ليبيا على المنطقة بأسرها. وقال إن ما يحدث يعني اشتداد خطر الهجرة والإرهاب، ولا بد من العقل والعودة إلى طاولة المفاوضات. | |
|