|
|
Date: May 10, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
القضاء يودع لويزة حنون السجن المؤقت لـ «علاقتها بشقيق بوتفليقة» |
الحراك المنقسم حول فتح حوار مع الجيش ينظم اليوم «أولى مليونيات شهر رمضان» |
الجزائر: بوعلام غمراسة
أمر قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية في الجزائر بإيداع الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، الحبس المؤقت، وذلك على خلفية قضية كل من شقيق الرئيس المستقيل السعيد بوتفليقة، واثنين من كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات الموجودين قيد الحبس المؤقت. وفي غضون ذلك، طالب ناشطون بالحراك فتح حوار مباشر بينهم وبين المؤسسة العسكرية، المؤهلة في نظرهم للخروج من المأزق، بدل التحاور مع رئيس الدولة ورئيس الوزراء المرفوضين شعبياً.
وقال رمضان تعزيبت، قيادي «حزب العمال» اليساري، لـ«الشرق الأوسط»، إن لويزة حنون، الأمينة العامة للحزب ومرشحة رئاسية 2014، تلقت استدعاء من القاضي العسكري لمحكمة البليدة بصفتها شاهدة، لكن بعد ذلك تأكد خبر إيداع حنون الحبس الاحتياطي.
وظلت حنون بين يدي القضاء العسكري طيلة المساء، فيما بث التلفزيون الحكومي صوراً لها وهي تدخل الساحة الخارجية لمبنى المحكمة، وذكر أن قاضي التحقيق العسكري استدعاها لسماعها في إطار التهم الموجهة إلى السعيد بوتفليقة، والجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق، رئيسي الاستخبارات سابقاً. والثلاثة يوجدون في السجن العسكري منذ أيام، بتهمتي «التآمر على سلطة الدولة»، و«المسّ بسلطة الجيش». وسيحاكمان بموجب قانون القضاء العسكري، وبعد ذلك تأكد خبر إيداعها الحبس المؤقت.
وأبدى مناضلون في الحزب مخاوف من أن تتحول زعيمتهم من شاهدة إلى متهمة رئيسية، وهو ما يرفع من احتمال سجنها، رغم أنه لا يعرف بالتحديد علاقة لويزة بهذه القضية المثيرة للجدل. لكن الشائع في الوسط السياسي بالعاصمة أنها كانت مقربة من عائلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وكانت تربطها علاقة خاصة بزهور بوتفليقة، شقيقة الرئيس السابق، ومنها كانت تستقي أخبار بوتفليقة عندما كان مريضاً. كما كانت لها حظوة لدى الرئيس السابق في بدايات حكمه، إلى درجة أنه قال للإعلام عام 2005: «أعطوني 20 امرأة مثل حنون وسأشكل طاقماً حكومياً نسوياً!».
وكتب المذيع التلفزيوني البارز قادة بن عمار حول القضية إن «استدعاء لويزة حنون أمام القضاء العسكري لا يمثل شيئاً أمام تورطها في التآمر على الشعب، سياسياً وأخلاقياً منذ سنوات.
فهي ظلت حليفة لنظام بوتفليقة وإن لم تشارك في حكوماته المتعاقبة. لكنها أسهمت في كل المسرحيات الهزلية المسماة انتخابات، ولم تقطع علاقتها بالنظام سوى بعد إقالة عرابها وجنرالها المفضل توفيق (محمد مدين)... لا بل إنها لم تجد مانعاً من طلب لقاء قايد صالح قبل العهدة الرابعة (2014)، وانتظرت خمسة أشهر ليلبي طلبها من أجل مناقشته في أمور سياسية! والعجيب أنه حين قرر الجنرال توفيق التحالف مجدداً مع السعيد، ظهرت لويزة في المشهد وفتحت خطاً للتواصل مع شقيق الرئيس وأعوانه، رغم كل الغضب الشعبي ضدهم...! هذه المرة لويزة لم تحسبها جيداً».
ولا يُعرف رسمياً الوقائع المنسوبة إلى السعيد وطرطاق ومدين، علماً بأنه من عادة القضاء العسكري ألا يفصح عن أي شيء يخص الأشخاص الذين يتابعهم. غير أن محامين على صلة بالملف تحدثوا عن اجتماعات عقدوها فيما بينهم، بغرض عزل الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش، الرئيس الفعلي للبلاد حالياً.
في سياق متصل، يدخل الحراك اليوم جمعته الـ12، حيث يعوّل نشطاؤه على تنظيم «أولى مليونيات شهر رمضان». وعشية المظاهرات طفا إلى السطح جدل حول فتح حوار مباشر بين رموز الحراك والمؤسسة العسكرية قصد إقناعها بالعدول عن موقفها بخصوص «الحل الدستوري للأزمة»، الذي يعني بقاء عبد القادر بن صالح رئيساً للدولة، ونور الدين بدوي رئيساً للوزراء.
كما يعني أن الانتخابات ستجري في موعدها المحدد 4 يوليو (تموز) المقبل، وهو ما رفضه المتظاهرون بشدة، واعتبروه «التفافاً على المطالب الشرعية للحراك»، والتي تتمثل في إبعاد كل «رموز النظام البوتفليقي».
ومن أبرز الداعين إلى التعامل مع الجيش كمحاور في الأزمة سمير بلعربي، أحد أبرز وجوه الحراك، والبرلماني الإسلامي سابقاً محمد صالحي، وكلاهما يرى أن للجيش مصداقية لدى المتظاهرين، وأنه الجهة الوحيدة التي يمكن أن تقدم ضمانات لانتقال سلسل لنظام ديمقراطي. غير أن هذا التوجه يقابله تحفظ شديد من جانب نشطاء المعارضة، التي لا تريد المؤسسة العسكرية أن تقحم نفسها في شأن يخص الحكم، وعلى رأسهم سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، وأستاذ علم الاجتماع الناشط السياسي ناصر جابي، ووزير الإعلام السابق عبد العزيز رحابي.
كيف تنظر الحركة الاحتجاجية لموجة اعتقالات رموز نظام بوتفليقة؟
الخميس 09 مايو 2019
الجزائر: «الشرق الأوسط»
أثار اعتقال الشقيق النافذ للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ومسؤولين سابقين لجهاز المخابرات القوي في الجزائر، مزيجاً من الرضا وعدم الثقة لدى فئات عريضة من الشعب الجزائري، وأيضا لدى رموز الحركة الاحتجاجية في الجزائر.
وعبر معظم المحتجين عن فرحتهم لأن السعيد بوتفليقة، الذي اتهموه بالاستيلاء على السلطة بعد تدهور صحة شقيقه، والوقوف وراء تنظيم محاولاته للبقاء في السلطة، سيتحمل مسؤوليته ويحاسب أمام القضاء.
لكنهم حذروا أيضاً من قضاء من دون احترام للإجراءات، أو الانتقام من أجل صراع عُصب في هرم السلطة، أو أن يكون المقصود من الاعتقالات فقط تهدئة الغضب الشعبي، الذي يدعو إلى رحيل الشخصيات التي لا تزال في الحكم الموروث من نظام بوتفليقة.
في هذا السياق، صرح المحامي مصطفى بوشاشي، وهو من الشخصيات البارزة في الحركة الاحتجاجية، أن اعتقال سعيد بوتفليقة يعد إجابة على «مطلب جميع الجزائريين». وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «أنه هو الذي أدار البلاد»، منذ إصابة عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية في 2013: «لكنه ارتكب جرائم ضد الشعب... والأهم بالنسبة لنا هي محاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا جنحا». بالنسبة لسفيان جيلالي، رئيس حزب جيل جديد المعارض، فإن «جميع الاعتقالات الأخيرة»، التي استهدفت أيضاً الكثير من رجال الأعمال الأثرياء، ومعظمهم من المقربين من السلطة بتهم متعلقة بالفساد «ليست بأهمية» اعتقال سعيد بوتفليقة، والجنرالين محمد «توفيق» مدين وعثمان «بشير» طرطاق.
وقال بهذا الخصوص للإذاعة الوطنية أول من أمس إن «اعتقال شقيق الرئيس يرمز للقطيعة المنشودة مع نظام بوتفليقة. أما المسؤولان العسكريان السابقان فتتعلق أكثر بقضايا داخلية للمؤسسة العسكرية»، مذكرا بأن مضمون الملفات «غير معروف».
وبالنسبة لهذا المعارض، الذي ناضل منذ 2014 ضد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، فإن السلطة «يجب أن تستعيد حدّا أدنى من التواصل والثقة مع الشعب وتعطي ضمانات»، لكن وراء «هذه الضمانات لا نعرف إذا كانت هناك رغبة حقيقية في التغيير».
أما بالنسبة إلى الناشطة الحقوقية فضيلة شيتور، فإن الاعتقالات «تعتبر تنازلاً للحركة الاحتجاجية، ولكنها مدفوعة أيضاً بصراع عُصب واضح». وقالت بهذا الخصوص إن السلطة «اصطادت عصفورين بحجر واحد».
وبالنسبة للأستاذ الجامعي فضيل بومالة، مؤسس التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية، في خضم الربيع العربي سنة 2011 فلا يرى في هذه الاعتقالات سوى «حرب من أجل البقاء» بين العصب الحاكمة، بعيدا عن تطلعات الشعب. وكتب على صفحته في موقع «فيسبوك» «كلهم ملة واحدة ومن رحم واحد. فلندعهم يتصارعون كالديكة، ولنتفرج عليهم مجانا بانتظار انقضاض الشعب، وثورته البيضاء على النظام الذي أنجبهم، وتغييره تغييرا جذريا». وتابع: «ليعلموا أن كل القرابين المقدمة... لن تخدع الشعب، أو تحيده عن هدفه ورسالته».
في سياق ذلك، قالت القاضية السابقة والمحامية زبيدة عسول، رئيسة «الاتحاد من أجل التغيير والتطور»، وهو حزب صغير كان من أوائل المعارضين للولاية الخامسة ضمن حركة «مواطنة»، فإن «اعتقال سعيد أو أي شخص آخر ارتكب أضرارا (ضد الشعب الجزائري)، هو بداية سقوط النظام». لكن من الضروري أن تتم المحاكمات «وفق عدالة هادئة»، حسب تعبيرها.
من جهته، حذر سفيان جيلالي، زعيم «حركة مواطنة» سابقا، في مقابلته مع الإذاعة من الانزلاقات والتعسفات «المحتملة» خلال الإجراءات القضائية السارية حاليا. وقال بهذا الخصوص: «نحتاج إلى محاكمات حقيقية، نحتاج إلى دفاع حقيقي وأن يقول القضاء كلمته... ويجب أن نكون حذرين للغاية، ولا أعتقد أن المحاكمات في هذه الفترة، قرار حكيم».
وتابع جيلالي موضحا «بدء مثل هذه المحاكمات المعقدة الآن سيكون بمثابة تصفية حسابات بين العُصب... الذين كانوا في حقيقة الأمر شركاء في السلطة على مدار العشرين سنة الماضية». موضحا أن الأمر «سيكون الآن سهلاً للغاية بالنسبة لمن استفادوا من نظام بوتفليقة وكانوا جزءا منه، أن يلغوا الطرف الآخر في محاولة لاستعادة» بعض الزخم.
|
|