| | Date: May 8, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | ما الذي تخفيه اعتقالات 3 شخصيات من فريق بوتفليقة؟ | باريس: «الشرق الأوسط»
يجمع محللون سياسيون ومراقبون للشأن الجزائري أن وراء اعتقال الشقيق النافذ لعبد العزيز بوتفليقة، واثنين من المسؤولين السابقين لجهاز المخابرات، تَظهر بشكل واضح يد الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش والرجل القوي الفعلي في البلاد، وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً يردده الجزائريون هذه الأيام بكثرة: إلى ماذا يسعى الفريق قايد صالح من خلال اعتقال هؤلاء الرجال؟ وهل أصبح القائد الوحيد في البلد؟
لقد كان هؤلاء المعتقلون لفترة طويلة من أقوى المسؤولين في الجزائر. وكان السعيد بوتفليقة (61 سنة)، بحكم قرابته من الرئيس المستقيل وشغل منصب «مستشاره الخاص»، يملك سلطات واسعة جداً. لكن سلطته تزايدت بعد تدهور الحالة الصحية لرئيس الجمهورية، حتى أصبح يوصف في نظر الإعلام بـ«الرئيس الفعلي» للبلاد، ومن الأسماء الأكثر رواجاً ليكون خليفة لأخيه.
أما الفريق محمد مدين، المعروف بـ«الجنرال توفيق»، فكان رئيس دائرة الاستعلام والأمن، وهو الجهاز الذي سيّره منذ إنشائه في 1990 وحتى إقالته عام 2015. والدائرة هي قيادة الاستخبارات، التابعة لوزير الدفاع. لكنها على أرض الواقع كانت تمثل «دولة داخل الدولة».
وبالنسبة للواء عثمان طرطاق، المعروف بـ«بشير»، فقد كان مساعد الجنرال توفيق قبل أن يخلفه على رأس الجهاز، لكن بتسمية جديدة هي «منسق مصالح الأمن»، تعمل تحت سلطة رئيس الجمهورية بـ3 مديريات.
وبعد استقالة بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، وبعد أن كانوا أقوى رجالات السلطة في الجزائر، فقدوا سلطاتهم بالتدريج، حيث فقد سعيد بوتفليقة منصبه، بينما كان الجنرال توفيق متقاعداً. أما اللواء طرطاق فأقيل مباشرة بعد ذهاب الرئيس. وبعد ذلك أصبح الثلاثة ملاحقين في القضاء العسكري، بتهم منصوص عليها في قانون القضاء العسكري وقانون العقوبات، وهي «المساس بسلطة الجيش»، و«المؤامرة ضد سلطة الدولة». ولم يتم إعلان الأفعال التي ارتكبوها.
وكان رئيس الأركان الفريق قايد صالح، الرجل القوي في الدولة منذ استقالة بوتفليقة تحت الضغوط المشتركة للمظاهرات والجيش، قد أشار إلى اجتماع هؤلاء (دون أن يذكرهم بالاسم) قبل استقالة الرئيس من أجل المساس باستقرار المؤسسة العسكرية. وخلال هذا الاجتماع «أراد هؤلاء بشكل واضح» إنقاذ الفريق الرئاسي، المرفوض من الشارع، كما أوضح محلل جزائري متابع للشؤون الأمنية لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع المحلل أن «الخطة كانت إنشاء هيئة رئاسية والتخلص من قايد صالح. كان ذلك استهدافاً واضحاً له». لكن «ما اعتبره قايد صالح مؤامرة يمكن أن يكون صراع زُمر فقط... ومن الواضح أن الفريق قايد صالح هو من يقف وراء هذه الاعتقالات»، بحسب هذا المحلل، وهو ما يعتقده أغلب الجزائريين. وكانت العلاقات بين رئيس الأركان وسعيد بوتفليقة متوترة، رغم أنه هو من ساعد عبد العزيز بوتفليقة في التخلص من الجنرال توفيق في 2015. لذلك أصبح التحالف «بين سعيد وتوفيق» خطراً داهماً بالنسبة له.
لكن بالنسبة للباحث الجيوسياسي الجزائري عدلان محمدي، فإن ما حدث لا يعدو كونه «مناورة»، كما كتب على «تويتر». وأضاف: «نقدم للمتظاهرين... أشخاصاً في القفص، بينما لم يعودوا في الحكم للسماح للذين ما زالوا فيه بالبقاء دون إزعاج».
وبرأي المحلل السابق، الذي رفض الكشف عن هويته، فإن هذه الاعتقالات «لديها طابع سياسي»، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بإبراز قوة قائد الجيش وتأكيد تحكمه في الوضع.
فبعد استهدافه خلال مظاهرات يوم الجمعة الأخير من المظاهرات الأسبوعية «أراد (قايد صالح) أن يبين أنه يمكن أن يفعل شيئاً... فقد أطلق وعوداً لعدة مرات، وتحدث عن مؤامرة ضد الجيش والدولة، فكان عليه أن ينفذ» تهديداته، بحسب المحلل.
وفي مواجهة رئيس دولة انتقالي (عبد القادر بن صالح)، الفاقد للشرعية السياسية، ورئيس وزراء غائب، يبدو أن الفريق أحمد قايد صالح أصبح وحده في القيادة.
لكن إذا كان الفريق قايد صالح يمثل الجيش، فليس وحده المؤسسة العسكرية، التي تسير بشكل جماعي إلى حد كبير. وقال المحلل الذي رفض الكشف عن هويته: «سيكون من الصعب تلبية مطالب الاحتجاجات، لأنها تشمل رحيل جميع الرموز المرتبطة بالنظام السابق، ومن بينهم أحمد قايد صالح نفسه». | |
|