| | Date: May 6, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | بلدة تل رفعت... خطوط تماس متحركة بين اللاعبين شمال سوريا | بلدة تل رفعت: كمال شيخو
في أعلى قمة تلة بلدة تل رفعت شمال حلب، نصبت صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد بزيه العسكري، ليشاهدها كل من يزور هذه البقعة الجغرافية التي تتالت جهات عسكرية عدة على حكمها، حيث باتت السيطرة العسكرية اليوم للقوات النظامية 2012. بينما إدارتها المدنية تتبع «الإدارة الذاتية» لشمال وشرق سوريا. كما انتشرت صور الرئيس حافظ الأسد على لوحات الإعلانات الطرقية، وفي مداخل الطرق الرئيسية والفرعية، فيما فضل عناصر الحواجز العسكرية المنتشرين بكثافة رفع الصورتين، صورة الرئيس الحالي والده، إلى جانب رسم العلم السوري بألوانه الثلاثة على واجهة المحال والمتاجر التجارية.
وتل رفعت الواقعة على بعد 35 كلم شمالي مدينة حلب، دخلت على خطوط النار بحدودها الفاصلة بين الجيش التركي وفصائل الجيش السوري الحر من جهة، والقوات النظامية والشرطة العسكرية الروسية من جهة ثانية. فروسيا دخلت إلى «مثلث الموت» بتفاهم مع «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تمكنت من انتزاع السيطرة بداية 2016 من قبضة فصائل مسلحة وجهات إسلامية.
لكن خريطة الأعداء والحلفاء تغيرت منذ مارس (آذار) العام الفائت بعد سيطرة تركيا وفصائل «غصن الزيتون» السورية المعارضة، على مدينة عفرين الكردية ووضعت نصب عينها تل رفعت والمدن المجاورة، وتنذر بمعركة كسر عظم بين تركيا وروسيا مع اصطفاف إيراني مع الأخيرة لحماية مصالحها بالشمال السوري.
والبلدة كان يسكنها نحو 44 ألفاً قبل اندلاع النزاع السوري مطلع 2011. لكن أغلب المتاجر بدت خالية في شوارع البلدة وتكاد تنعدم فيها حركة المرور وتجول المدنيين، ويقدر عدد الأهالي من أبناء تل رفعت نحو 4 آلاف عائلة، فيما يسكنها نحو 20 ألفاً من مدينة عفرين، ولا تزال هناك بعض الجدران محروقة وانهار سقفها جراء القصف الذي طال المنطقة، واحتفظت طلقات الرصاص وشظايا القذائف بنقوش في معظم المباني، سيما العالية منها.
وهددت تركيا مراراً بشنّ عملية عسكرية ضد المنطقة الخاضعة مدنياً لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، لكن موسكو تعارض الأمر، ومنذ سيطرتها على عفرين تطالب أنقرة بالسيطرة على تل رفعت لإعادة فتح الطريق الدولي بين مدينتي غازي عنتاب - حلب. ورغم أن البلدين سيروا دوريات مشتركة نهاية مارس (آذار) الماضي، وينسقان بشكل وثيق حول الملف السوري ضمن اتفاقات خفض التصعيد بمسار «آستانة»، فإنهما يدعمان أطرافاً متناقضة في الصراع الدائر شمال سوريا.
وترى هدية يوسف القيادية البارزة في «مؤتمر ستار النسائي»، إحدى كيانات المرأة في «الإدارة الذاتية»، بأن مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا بدءاً من منبج وريف حلب شمالاً، مروراً بتل رفعت وانتهاءً بإدلب غرباً، «تخضع للتسويات بين الدول الضامنة لمسار (آستانة)، بما فيها بلدتا نبل والزهراء المواليتان للنظام، وعندما سقطت عفرين يعلم النظام والروس بأن خط الدفاع الأول عن حلب سقطت وباتت مهددة بالخطر».
وتحتل تل رفعت موقعاً حساساً على خريطة الصراع السوري، إذ تقع قرب نقطة التقاء ثلاث مناطق منفصلة تمثل مجالاً للنفوذ التركي والروسي والإيراني، وما يتبعها من قوى محلية. ومن الشمال تنتشر فصائل «غصن الزيتون» المدعومة تركياً داخل الحدود الإدارية لعفرين، بينما يوجد من الجهة الغربية في بلدتي نبل والزهراء عناصر «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، أما جنوباً تنتشر الشرطة العسكرية الروسية والقوات النظامية، وتتأهب البلدة حالياً لتغيير جديد في موازين القوى قد تحدده معركة ساخنة في إدلب. ويرسل الجيش التركي المزيد من التعزيزات العسكرية مدعومة بعشرات المدرعات والآليات إلى ريف حلب الشمالي، لمساندة فصائل المعارضة السورية المسلحة التي اتخذت مواقعها في القرى المحيطة بمدينة عفرين، وتتمركز في ناحية «شيراوا» والأخيرة باتت منقسمة السيطرة منذ العام الفائت. وذكر محمود الحاج عيسى نائب الرئاسة المشتركة لـ«مقاطعة الشهباء» من المكون العربي والمتحدر من بلدة تل رفعت، بأنّ مساحة الشهباء تبلغ 52 كلم مربع، وبعد تتالي الجهات العسكرية على حكم المنطقة وتحريرها بداية 2016 شكلوا المجالس المحلية وانتخاب إدارة مدينة من أبناء المنطقة. ولم يخف إنّ من أبرز التحديات التي تواجه قاطني المنطقة حصارها من جهاتها الأربع، وقال: «حواجز النظام تمنع دخول وخروج المدنيين، وتسمح فقط بمرور الحالات المرضية المزمنة، وفي الجهة الشمالية والغربية تتمركز فصائل غصن الزيتون والجيش التركي ويمنعون السفر والتنقل كونها جبهة عسكرية».
وبحسب عماد داود الرئيس المشترك لمقاطعة الشهباء تتشكل من أربعة مجالس نواحي: وهي: تل رفعت وفافين وأحرص وكفر نايا، كما تتضمن 34 مجلس حي، ممثلين من جميع المكونات ويشارك العرب والأكراد والتركمان وباقي الطيف السوري لإدارة المنطقة. | |
|