Date: May 2, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الجزائر: شكوى قضائية لمنع قائد الجيش من منصب نائب وزير الدفاع
الجيش يضع يده على ملفات فساد بـ«أرقام خيالية»
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما أودع محامون شكوى قضائية لحرمان قائد الجيش قايد صالح من منصب نائب وزير الدفاع، على أساس أنه «يحتفظ به بطريقة غير شرعية»، منذ أن استقال وزير الدفاع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي. هاجمت القيادة العسكرية العليا من جديد مدير المخابرات المعزول الجنرال «توفيق»، بحجة أنه «يزرع النعرات والدسائس».

وقال عبد الله هبول، محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا وأحد المنخرطين في «الحراك» المعادي للنظام، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كلف محضراً قضائياً، أمس، بإيداع شكوى في القضاء لإلغاء منصب نائب وزير الدفاع، الذي يشغله قايد صالح منذ خمس سنوات، مشيراً إلى أن عبد القادر بن صالح «يمارس مهام رئيس الدولة طبقاً للمادة 102 من الدستور فقط (ترتيبات فرضتها استقالة الرئيس بوتفليقة). أما منصب وزير الدفاع، فقد أصبح شاغراً قانوناً بعد استقالة بوتفليقة».

ولا يحق لصالح، حسب هبول الذي كان قاضياً في النيابة واستقال عام 2006، أن يتصرف كنائب وزير الدفاع، ولا أن تنشر وزارة الدفاع بيانات تحمل هذه الصفة. وأضاف هبول: «زيادة على ذلك، فمنصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي يشغله قايد صالح منذ 2004، وظيفة عسكرية سامية، بينما منصب نائب وزير الدفاع يجعل منه عضواً في الحكومة، ما يعني أنه يمارس وظيفة مدنية وسياسية، في حين أن قانون المستخدمين العسكريين يمنع على العسكريين في الخدمة الاشتغال بأي نشاط سياسي».

ووقّع على الشكوى محامون آخرون، وقال هبول إنها مفتوحة لكل الجزائريين، مشيراً إلى أن قائد الجيش «يشتغل بالسياسة بشكل لافت، بعكس ما تقوله وزارة الدفاع، وهو أنها لا تتدخل في السياسة».

في غضون ذلك، أنهى صالح، أمس، زيارة إلى «الناحية العسكرية الخامسة» (جنوب شرق)، دامت ثلاثة أيام، ألقى خلالها كلمة تضمنت هجوماً جديداً على مدير المخابرات السابق محمد مدين، الذي كان وراء عزله عام 2015، وقال عنه ضمناً: «لقد حققت مجمل الترتيبات المتخذة لحد الآن توافقاً وطنياً لمسعاه من خلال الشعارات المرفوعة في المسيرات بمختلف ولايات الوطن، باستثناء بعض الأطراف، التي ترفض كل المبادرات المقترحة، وتعمل على زرع النعرات والدسائس، بما يخدم مصالحها الضيقة، ومصالح مَن يقف وراءها». ويقصد بحديثه عن «ترتيبات اتخذت»، الملاحقات القضائية التي أمر بها هو، والتي أفضت إلى سجن رجال أعمال محسوبين على بوتفليقة.

ويقول معمر شكري، وهو عسكري متقاعد، إن تنديد المتظاهرين كل يوم جمعة بـ«اللصوص والسراق»، «شجع قائد الجيش على متابعة رجال أعمال محل شبهات وفساد، وهو بذلك يعتقد أنه يحقق رغبة الشعب»، بحسب شكري الذي اشتغل تحت أوامر صالح عندما كان قائداً للقوات البرية عام 2001.

وأضاف صالح: «انكشفت النيات السيئة لهذه الأطراف، وفضحتها وأدانتها مختلف فئات الشعب، التي عبرت عن وعي وطني متميز وأصيل، ورفضت طروحاتها التي تهدف إلى ضرب مصداقية وجهود مؤسسات الدولة، في بلورة وإيجاد مخارج آمنة للأزمة، وعليه، وجب توخي الحذر من الوقوع في فخ تعكير صفو المسيرات السلمية، وتغيير مسارها من خلال تلغيمها بتصرفات تكنّ العداء للوطن، وتساوم على الوحدة الترابية للجزائر، واستغلال هذه المسيرات لتعريض الأمن القومي للبلاد ووحدتها الوطنية للخطر».

وردد قائد الجيش هذه الاتهامات ضد مدين عدة مرات، وذكره بالاسم في إحداها، من دون أن يردّ المعني. غير أن صالح لا يذكر ما يملك من أدلة تؤكد أن رئيس الاستخبارات سابقاً «يبحث عن زرع الفتنة في وسط الحراك».

ويؤكد صالح أنه «على قناعة تامة أن اعتماد الحوار البنّاء مع مؤسسات الدولة، هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة، إدراكاً منا أن الحوار هو من أرقى وأنبل أساليب التعامل الإنساني، وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة، وتقريب وجهات النظر، وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة». وهي دعوة غير مباشرة إلى أحزاب المعارضة للتحاور مع رئيس الدولة بن صالح، المرفوض شعبياً ومن الطبقة السياسية، بحجة أنه من رموز النظام. كما تواجه الحكومة برئاسة نور الدين بدوي رفضاً شعبياً وحزبياً.

وتعهد صالح بـ«مواصلة العمل على تجنيب بلادنا مغبة الوقوع في فخ العنف، وما يترتب عنه من مآسٍ وويلات، وعلينا الاستفادة من دروس الماضي، باستحضار التضحيات الجسام والثمن الباهض، الذي قدمه الشعب الجزائري، سواء إبان الثورة التحريرية أو خلال فترة مكافحة الإرهاب».

من جهة أخرى، فرّقت قوات الأمن أمس مئات المتظاهرين بالعاصمة، باستعمال القنابل المسيلة للدموع، لمنعهم من السير إلى البريد المركزي، انطلاقاً من «ساحة أول ماي». ورفع المتظاهرون شعارات ساخطة على قايد صالح، بسبب رفضه مطلب «الحراك» عزل بن صالح وبدوي.

قيادة الجيش تضغط بقوة على القضاة لملاحقة رموز نظام بوتفليقة
المحكمة تستمع إلى أويحيى و«الدرك» يواصل اعتقال «المشبوهين»... وطلاب يتظاهرون في الشوارع

الأربعاء 01 مايو 2019 
الجزائر: بوعلام غمراسة

فيما تواصلت أمس مظاهرات آلاف الطلاب للثلاثاء العاشر على التوالي، وسط العاصمة الجزائرية، وعدد من المدن الأخرى، للمطالبة مجدداً برحيل «النظام» ومحاكمة رموزه، قال قضاة بمحاكم محلية إنهم يشعرون بضغط شديد بسبب المطالب الملحة لقيادة الجيش بمتابعة مسؤولين بارزين، محل شبهة فساد.

وبينما كرر رئيس أركان الجيش أمس المطالب نفسها، تم أخذ أقوال رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي بمحكمة بالعاصمة، حول تهم التربح غير المشروع، واستغلال الوظيفة.

وذكر قاضٍ نقابي، انتخب حديثاً في صفوف «النقابة الوطنية للقضاة»، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة العدل «تتعرض لضغط كبير من الجيش لتسريع وتيرة إجراءات التقاضي، ضد مسؤولين، تعتبرهم قيادة الجيش متورطين في قضايا رشى وفساد». وقال إن النقابة «وبعد أن غيرت قيادتها، وأزاحت النقابيين المحسوبين على وزير العدل السابق الطيب لوح، المحسوب بدوره على نظام الرئيس السابق بوتفليقة، تسعى ليستعيد القضاة استقلالهم الذي ضاع، لكن مهمتها ستكون صعبة بسبب التدخل العلني، والواضح للجيش في عمل القضاة».

ويقع الضغط بشكل لافت على محكمة الجزائر العاصمة، التي استجوبت 4 رجال أعمال بارزين وسجنتهم، ثلاثة منهم كانوا مقربين من الرئيس السابق. واستند القضاة في هذه المحاكمة، قبل سجنهم، على ملفات أعدها جهاز الشرطة القضائية التابع للدرك، وهو فصيل أمني عسكري يتلقى تعليماته من وزارة الدفاع.

وأمر وزير العدل الجديد سليمان براهمي، النواب العامين بمحاكم الاستئناف، التابعين له، بعدم التردد في استدعاء أي رجل أعمال أو مسؤول حكومي، ينتمي للنظام السابق، بغرض التحقيق معه وتوجيه التهمة له، وسجنه إذا تطلب الأمر. وقد جاء ذلك بعد عدة خطابات لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، طالب فيها القضاة بشكل صريح بمتابعة رموز النظام، وخاصة أصحاب الثروات الكبيرة، وعد هذه المتابعة «قضية لا تحتمل التأجيل».

وقال قايد صالح بهذا الخصوص، أمس، خلال تواجده بمنشأة عسكرية في جنوب البلاد: «لقد قدمت قيادة الجيش الوطني الشعبي الضمانات الكافية، وتعهدت بمرافقة جهاز العدالة في أداء مهامها النبيلة والحساسة، بعد أن تحررت من كل القيود والضغوطات والإملاءات، بعيداً عن الانتقائية والظرفية ودون استثناء أي ملف، وبعيدا عن أي ظلم أو تصفية حسابات. كما نؤكد على ضرورة تفادي التأخر في معالجة هذه الملفات، بحجة إعادة النظر في الإجراءات القانونية، التي تتطلب وقتاً أطول، مما قد يتسبب في إفلات الفاسدين من العقاب».

ويرى مختصون في القانون أن حديث صالح عن «تفادي التأخر في معالجة الملفات»، يعد بمثابة أوامر يوجهها للقضاة، رغم أنهم ليسوا تابعين له، وأنهم قانونا مستقلون ولا يخضعون لأي سلطة، بما في ذلك وزير العدل. كما يعتقد ملاحظون أن قائد الجيش يعطي فرصة للمنظمات الدولية الحقوقية، التي تراقب نظام الجزائر حالياً، لتحكم عليه بأنه غير ديمقراطي، وبأنه يوظف القضاء لتصفية حساب مع مسؤولين سابقين، كانوا يبحثون عن إزاحته في الأيام الأخيرة، التي سبقت استقالة بوتفليقة.

وشدد رئيس الأركان أن وزارة الدفاع الوطني بحوزتها ملفات فساد «بأرقام ومبالغ خيالية»، داعياً القضاء إلى معالجتها دون تأخير. لكن «بعيداً عن أي ظلم أو تصفية الحسابات»، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع. كما شدد على أن الانتخابات الرئاسية، المنتظرة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل تظل هي «الحل الأمثل للخروج من الأزمة» السياسية.

وذكر صالح أيضاً أن حملة مكافحة الفساد «ما زالت في بداياتها وسيتم إن شاء الله تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين. ونحن في الجيش لم ولن نسكت عن الفساد، بل قدمنا المثال، وكنا سباقين في محاربته من خلال إحالة إطارات عسكرية سامية على القضاء العسكري، متمثلين في القادة السابقين للنواحي العسكرية الأولى والثانية والرابعة، والدرك الوطني، والمدير السابق للمصالح المالية (لوزارة الدفاع)، الذين تأكد تورطهم في قضايا فساد بالأدلة الثابتة».

في سياق ذلك، أكد قايد صالح على تمسكه بالحل الدستوري للأزمة السياسية الحالية، بقوله: «يجب علينا جميعاً العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت، باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة، والتصدي لكل التهديدات والمخاطر المحدقة ببلادنا، وإفشال كل المخططات المعادية، الرامية إلى الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، والزج بالبلاد في متاهات الفوضى وزعزعة استقرارها». ويعني ذلك أنه يرفض من جديد مطالب الحراك، المتمثلة في إبعاد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.

كما هاجم صالح للمرة الثالثة، ضمناً، مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين، بقوله إن «هؤلاء الذين تسببوا عن قصد في نشوب هذه الأزمة، هم أنفسهم من يحاولون اليوم اختراق المسيرات، ويلوحون بشعارات مشبوهة ومغرضة، يحرضون من خلالها على عرقلة جميع المبادرات البناءة، التي تكفل الخروج من الأزمة»، ولم يوضح قائد الجيش كيف يفعل مدين ذلك.

في غضون ذلك، رد رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي، أمس على عدة تهم مرتبطة بسوء تسيير الاقتصاد، واستغلال النفوذ والتربح غير المشروع، ومنح امتيازات لرجال أعمال بطرق غير مشروعة، أمام قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة، من دون أن يأمر بسجنه.

واعتقل الدرك أمس حميد ملزي، مدير شركة حكومية لتسيير إقامات تابعة للدولة، مخصصة لكبار المسؤولين، وهو محسوب على الجنرال مدين. كما تم اعتقال نجليه، والثلاثة محل شبهات فساد.

 استجواب أويحيى... ورئيس الأركان يتعهّد بكشف ملفّات فساد كبيرة
الثلاثاء  أبريل 2019 
الجزائر: «الشرق الأوسط أونلاين»

أكد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح اليوم (الثلاثاء) أن ملفات فساد كبيرة ستُكشف ضمن المساعي المستمرة لمحاربة الكسب غير المشروع.

ومعلوم أن القضاء الجزائري استدعى عدداً من المسؤولين للاستماع إليهم في قضايا فساد، ومنهم رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى الذي أقيل في مارس (آذار) الماضي على خلفية ما يعرف بملفات «تبديد أموال عامة وامتيازات غير مشروعة».

ووصل أويحيى الذي شغل منصب رئيس الحكومة أربع مرات منذ 1996 بينها ثلاث في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ودفع إلى الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري، صباح اليوم إلى المحكمة كما ظهر في لقطات بثها التلفزيون. وكانت النيابة العامة استجوبت أمس (الاثنين) وزير المال والحاكم السابق للمصرف المركزي محمد لوكال.

وكلّف أويحيى محامين بارزين للدفاع عنه، منهم ميلود الإبراهيمي (شقيق الدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي)، بخصوص شبهة الفساد التي تلاحقه. ويتعلق الأمر، بـ«استغلال الوظيفة الحكومية لفائدة رجال أعمال»، وذلك خلال فترتين ترأس فيهما الحكومة: الأولى بين 2006 و2008 والثانية بين 2017 و2019. ومن أهم رجال الأعمال المعنيين الإخوة كونيناف، وهم أربعة يوجدون في السجن الاحتياطي منذ أسبوع، ورجل الأعمال الكبير أسعد ربراب، ورجل الأعمال علي حداد الذي كان مقرباً من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

من جهة أخرى، تظاهر آلاف الطلاب للثلاثاء العاشر على التوالي في وسط العاصمة، مكرّرين المطالبة برحيل "النظام" ومحاكمة رموزه. وفي تيزي اوزو بمنطقة القبائل شرق العاصمة، تظاهر بضعة آلاف من الطلاب أيضا. وسجلت تجمعات مماثلة في قسنطينية وبجاية والبويرة.