|
|
Date: Apr 26, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
استقالات ومليونية ترسم ملامح تسوية في السودان |
اتفاق العسكريين والمدنيين {أنهى الخلافات الرئيسية}... ولجنة لمتابعة التفاصيل |
الخرطوم: أحمد يونس
احتشد أكثر من مليون أمام قيادة الجيش السوداني بالخرطوم، استجابة لدعوة المعارضة الممثلة في «قوى الحرية والتغيير»، مواصلة للمزيد من الضغوط على المجلس العسكري الانتقالي، رغم اتفاقه وقادة المعارضة على تكوين لجنة مشتركة لتقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية.
ونقلت تسريبات صحافية أن قوى الحرية والتغيير، شرعت في الدفع بمرشحيها للهياكل الثلاثة، وينتظر أن تكون قد أكملتها يوم أمس، لتقدمها للمجلس العسكري الانتقالي.
بيد أن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن المشاورات جارية بين قوى الحرية والتغيير للاتفاق على مرشحيهم للجنة المشتركة بينهم وبين المجلس العسكري، وتوقع أن تكتمل المشاورات في وقت قريب. وأوضح الدقير الذي شارك في اجتماع قوى الحرية والتغيير بالمجلس العسكري أول من أمس، أن اللقاء كان «مثمراً» وإيجابياً، واستطاع تعزيز الثقة بين الطرفين، فيما نقلت تقارير عن المتحدث باسم المجلس أمس، أن الطرفين لم يصلا «مرحلة تقديم الأسماء، بل توصلا لتفاهمات بشأن الهياكل».
وتبعاً لاعتراف المجلس بقوى «إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الثوار، باعتبارهم الممثلين للمعارضة، والتوصل معهم لتفاهمات وصفها الطرفان بأنها «مهمة» ليل الأربعاء، قررت الأخيرة إرجاء إعلان أسماء مرشحيها للحكومة المدنية الانتقالية، بعد أن كانت قد قررت إعلانها أمس، فيما قرر «الثوار» مواصلة الاعتصام لحين تحقيق «أهداف الثورة».
وقال بيان صادر عن «قوى الحرية والتغيير» أمس، إنه «بناءً على هذه المستجدات، وما تم من اتفاق حول الخطوات القادمة مع المجلس العسكري الانتقالي، رأت قوى الحرية والتغيير تأجيل إعلان أسماء مرشحيها للسلطة المدنية الانتقالية، سعياً للوصول إلى اتفاق شامل وكامل مع المجلس العسكري الانتقالي يمهد للإعلان عن كل مستويات السلطة الانتقالية المدنية».
واعتبر البيان اجتماع الأربعاء مع المجلس العسكري الانتقالي خطوة تجاه بناء الثقة بينه وبين قوى المعارضة، وشدد على أهمية العمل المشترك للوصول بالبلاد للسلام والاستقرار والتحول الديمقراطي، وتحقيق تطلعات الشعب عن طريق العمل المشترك والتعاون.
وأوضح البيان أن «قوى إعلان الحرية والتغيير» والمجلس العسكري اتفقا على «تكوين لجنة مشتركة» لمناقشة القضايا الخلافية، وأن المجلس تعهد باتخاذ خطوات إيجابية من شأنها تعزيز الثقة لاستمرار التعاون.
وقال البيان إن قوى الحرية والتغيير تحصلت على وعود من المجلس العسكري بإسقاط العقوبات والأحكام الصادرة ضد قادة الحركات المسلحة، وإطلاق سراح أسرى الحرب الأهلية، وكشف أن المجلس أبلغ المعارضة بشروعه عبر اللجنة القانونية في اتخاذ تلك القرارات في غضون أيام.
وفي السياق توافد مئات الآلاف إلى مكان الاعتصام أمام قيادة الجيش ووزارة الدفاع، ونظموا «مسيرة مليونية»، لممارسة مزيد من الضغوط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى إدارة مدنية، أطلقوا عليها «مليونية السلطة المدنية»، مع التأكيد على استمرار الاعتصام حتى تحقيق مطالب الثورة كاملة.
وشاركت في مليونية السلطة المدنية، حشود تقدر أعدادها بأكثر من مليون، جاءوا من مدن العاصمة الخرطوم الثلاثة، ومدن «رفاعة، المناقل، شندي، كوستي، سنجة، دنقلا، شندي»، إضافة إلى مواكب المهنيين: «العاملين بشركات الكهرباء، التجمع المهني للطيران، طلاب كلية الطب جامعة دنقلا، العاملين بشركات التأمين، تجمع الكيميائيين السودانيين، طلاب الشهادة السودانية، شرفاء القضاء السوداني، القضاة الأحرار، الزراعيين السودانيين، العاملين بشركات النفط والغاز، شهداء الحركة الطلابية، قضاة السودان، مواكب المعتقلين، شبكة الصحافيين، موكب المهندسين الزراعيين»، فضلا عن مواكب أخرى عديدة بينها مواكب نسوية.
يشار إلى أن المتظاهرين حملوا لافتات تنادي برفض الحكم العسكري، وجابوا شوارع الخرطوم في طريقهم قبل الوصول إلى ساحات قيادة الجيش مقر الاعتصام.
وانضم القضاة للاعتصام للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السودانية في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقالوا إن مشاركتهم تأتي لدعم التغيير وسيادة حكم القانون، واستقلال القضاء.
وشهد القصر الرئاسي ليل الأربعاء اجتماعا بين المجلس العسكري الانتقالي، وقادة الاحتجاجات الممثلين في قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الذي نظم الحراك الذي أسقط حكم الرئيس البشير.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي للصحافيين بعد الاجتماع، إن الطرفين التقيا في كثير من مذكرة تحالف قوى الحرية والتغيير، التي قدمتها له في وقت سابق أمس، وهو ما أكده ممثل تجمع المهنيين أحمد ربيع الذي شدد على أهمية التعاون المشترك بين الطرفين.
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي، بعد وقت قصير من انتهاء الاجتماع الأربعاء، في نشرة صحافية أن أعضاءه الثلاثة الذين تطالب المعارضة استبعادهم تقدموا باستقالات من عضوية المجلس، وهم: «الفريق أول ركن عمر زين العابدين، الفريق أول جلال الدين الشيخ، والفريق أول شرطة الطيب بابكر». بيد أن كباشي قال في تصريحات صحافية أمس، إن مجلسه لم يبت رسميا بشأن استقالات أعضائه الثلاثة بعد، وقال: «قوى الحرية والتغيير، كان لها بعض التحفظات على المسؤولين الثلاثة، ونحن نسعى للخروج بالسودان إلى بر الأمان، فتقدموا باستقالاتهم».
وكان تجمع المهنيين السودانيين قد دعا مؤيديه قبل اجتماع المعارضة بالمجلس العسكري، إلى استمرار الاعتصام، وتطوير العمل المقاوم إلى «إضراب عام وعصيان مدني شامل»، بمواجهة ما أسموه وقتها تعنت المجلس العسكري. وقال الكباشي إن المجلس سيحتفظ بالسلطة السيادية فقط وإن المدنيين سيتولون رئاسة الوزراء وكل الوزارات الحكومية. وأضاف «يكون المجلس العسكري الانتقالي له السلطة السيادية فقط دون ذلك مستوى رئاسة مجلس الوزراء والحكومة المدنية وكل السلطة التنفيذية هي مدنية بالكامل».
من جهته، حذر الزعيم المعارض الصادق المهدي، من انقلاب مضاد حال الفشل في التوصل لاتفاق بشأن تسليم السلطة للمدنيين، وذلك بحسب وكالة أنباء «رويترز»، وقال المهدي إن الأجنحة المتشددة في حزب المؤتمر الوطني الذي كان ينتمي له البشير، قد ينفذون انقلاباً بالتعاون مع حلفائها في الجيش، حال فشل المجلس العسكري والمعارضة في تحقيق تقدم في المحادثات.
وتوقع المهدي أن يسلم العسكر السلطة للمدنيين، ووصف رجال الجيش الذين أطاحوا بالبشير بأنهم «ذوو نوايا طيبة، وليسوا مهتمين بتشكيل حكومة عسكرية».
وقطع المهدي بأنه لا يفكر في المشاركة إبان الفترة الانتقالية، بيد أنه لم يستبعد ترشحه للرئاسة بعد انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات بعدها.
قضاة السودان يطالبون بإقالة رئيسهم
الخرطوم: «الشرق الأوسط»
في تطور نوعي داعم للحراك الشعبي؛ التحق العشرات من قضاة السودان بالمعتصمين في ساحة الاعتصام، بالقرب من قيادة الجيش بالخرطوم. وتعتبر المشاركة الأولى للسلطة القضائية في الاحتجاجات، منذ اندلاعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ وأغلبهم من القضاة الذين وقفوا ضد تنفيذ قانون الطوارئ ضد المحتجين، الذي أعلنه الرئيس المخلوع عمر البشير قبل سقوطه بشهرين.
وانطلق موكب القضاة الحاشد من أمام المحكمة الدستورية بوسط الخرطوم؛ يتقدمه عدد من القضاة بالمحكمة العليا ومحاكم الاستئناف وقضاة المحاكم الجزئية في درجاتها المختلفة؛ للمشاركة في الحشد المليوني الذي دعت إليه قوى الحرية والتغيير، التي تقود الحراك الشعبي لمزيد من الضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتلبية مطالبها بانتقال كامل للسلطة للمدنيين.
وردد القضاة في طريقهم إلى ساحة الاعتصام هتافات وشعارات تنادي باستقلالية السلطة القضائية، ودعوا إلى تطهيرها من بقايا النظام السابق، الذي يسيطر كلياً على القضاء؛ وحظي الموكب باحتفاء كبير من مئات الآلاف عند وصوله إلى ساحة الاعتصام.
وأعاد موكب القضاة ذات المشاهد التاريخية في ثورتي الشعب السوداني في أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985؛ حيث لعب القضاة دوراً بارزاً ومشهوداً حينما خرجوا في مسيرات، تتقدمهم رموز القضاء آنذاك، يؤيدون مطالب الشعب السوداني في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية.
وتعرض القضاء السوداني منذ بداية حكومة الإنقاذ إلى سياسة التمكين، التي أقرتها «الجبهة الإسلامية» بعد وصولها إلى الحكم بانقلاب عسكري في العام 1989 نفذه الرئيس المخلوع عمر البشير؛ حيث أحيل مئات من القضاة، يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة، وتم تسكين الموالين لهم من الإسلاميين.
ويقول المتحدث باسم الموكب؛ قاضي محاكم الاستئناف؛ أحمد الناطق؛ إن خروج القضاة اليوم لتأكيد ولائهم ونصرتهم للشعب السوداني في ثورته الظافرة، وتفكيك الدولة العميقة، التي لم يسلم منها القضاء السوداني، الذي تضرر ضرراً كبيراً.
وأكد الناطق في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز مطالب القضاة إعادة هيكلة السلطة القضائية بالكامل وإبعادها عن التسييس؛ وإقالة رئيس القضاء الحالي ونوابه وجميع الذين ينتمون للنظام السابق والذين لا يزالون يسيطرون على مفاصل السلطة القضائية.
وأضاف أن جميع القضاة تواثقوا وتعاهدوا على الانتصار لهذه الثورة، وعدم الرجوع إلى المربع الأول، وتطهير القضاء وعودته إلى سيرته الأولى؛ مشيراً إلى أن الموكب يشارك فيه القضاة من كل الدرجات المختلفة، ومن كل العاملين في المحاكم بالخرطوم، وممثلو عدد من ولايات البلاد. وتابع؛ هذا أول موكب للقضاة منذ العام 1985، ونواصل الترتيب لمواكب أخرى خلال الأيام المقبلة يشارك فيها كثير من القضاة في جميع أنحاء البلاد. ومن جانبه، أكد قاضي المحكمة العليا، مولانا الأمين الطيب البشير، وقوف القضاة المستقلين إلى جانب الشعب السوداني. مضيفاً؛ ستتواصل المواكب خلال الأيام المقبلة، وسينضم القضاة إلى الحراك الشعبي في ساحة الاعتصام حتى تتحقق مطالب الشعب السوداني كاملة.
وقال إن السودان خلال المرحلة المقبلة سيكون قضاء قوياً ونزيهاً يؤدي واجباته المنوطة به.
ورصدت «الشرق الأوسط» مشاركة عدد من قضاة المحكمة العليا المعروفين، محمد أحمد الحاج، ومحمد الفاتح، والأمين الطيب البشير؛ بجانب أعداد كبيرة من قضاة محاكم الاستئناف. |
|