Date: Apr 22, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
مواقع شاغرة في الحكومة العراقية بعد 6 أشهر من تشكيلها
القادة السياسيون يحاولون الخروج من عنق الزجاجة وسط حديث عن تفكك الكتل
بغداد: حمزة مصطفى
لا تزال حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي «ناقصة» رغم مرور 6 أشهر على تشكيلها. وتبقى أربع حقائب وزارية «الدفاع والداخلية والعدل والتربية» شاغرة بسبب المشاكل بين الكتل السياسية.

مقابل هذا الانسداد في الداخل يواصل العراق تحقيق إنجازات على صعيد علاقاته الخارجية. ففي القاهرة عقد قمة ثلاثية مع كل من الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني. وفي بغداد والرياض تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع كل من إيران أثناء زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق في مارس (آذار) الماضي ومع المملكة العربية السعودية خلال زيارة عبد المهدي لها الأسبوع الماضي. الرئيس العراقي برهم صالح قام هو الآخر بجولات عدت ناجحة إلى العديد من دول الجوار أعلن من خلالها أن العراق لم يعد جزءا من سياسة المحاور. أما رئيس البرلمان الشاب محمد الحلبوسي فقد تمكن مؤخرا من عقد قمة لرؤساء برلمانات دول الجوار العراقي الست عدت هي الأخرى من أهم النجاحات التي حققها البرلمان خارجيا في وقت لم يتمكن في الداخل من حسم حتى رئاسات اللجان البرلمانية فضلا عن عشرات مشاريع القوانين.

هذا التناقض بين ما يعد نجاحا خارجيا مقابل إخفاق داخلي عبر عنه رجال دين وسياسيون عراقيون بارزون في الآونة الأخيرة. فزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي اختفى عن المشهد السياسي لعدة شهور عاد مجددا إلى انتقاد النظام السياسي عبر التغريدات على حسابه في «تويتر» كان آخرها تغريدته التي عد فيها الدولة العراقية الحالية دولة فاشلة ينخرها الفساد.

من جهته اعتبر وزير الموارد المائية الأسبق، محسن الشمري، أن «المافيات في البلد ما زالت أقوى من الحكومات وتتحكم بقراراتها». الشمري وفي بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه قال إن «بقاء المافيات بنفس قوتها إلى الآن وضعف الحكومات يُنتج انهيارا وشيكاً للنظام السياسي لانفصاله التام عن قضايا الشعب ونذهب إلى الفوضى بغياب البديل». وأضاف أن «سوء الإدارة وغياب الرقابة لا يزال موجودا في الحكومة ويجب على رئيس الوزراء معالجة الظواهر السلبية ‏وضرورة اختيار الكفاءات من النافذة الإلكترونية مثلما وعد»، مشيراً إلى أن «النظام السياسي الحالي يلفظ أنفاسه الأخيرة». وتابع الشمري «يُقاتل أشباه السياسيين على بقاء طرف المعادلة الأيمن ويرفعون الشعارات لمحاربة الطرف الأيسر والشعب العراقي تحت سكاكين الإرهاب وخناجر الفساد».

في مقابل ذلك، يحاول القادة السياسيون في البلاد الخروج من عنق الزجاجة هذا في وقت بدأت مؤشرات الحديث باتجاه تفكك الكتل واحتمال الذهاب إلى المعارضة من قبل كتل أخرى تأخذ طابع التصريح حينا والتلميح حينا آخر. وفي هذا السياق، أجرى الرئيس برهم صالح لقاءات مع عدد من الزعماء السياسيين في البلاد بهدف بلورة موقف موحد حيال القضايا الخلافية. وفي السياق نفسه، التقى زعيم تحالف الفتح هادي العامري مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم للهدف نفسه بينما لم يعلن بعد عن أي نتيجة لمحادثات تجريها أكبر كتلتين في البرلمان العراقي حاليا وهما «سائرون» بزعامة الصدر التي تنتمي إلى كتلة الإصلاح والإعمار و«الفتح» بزعامة العامري التي تنتمي إلى كتلة البناء.

وبينما تقف الصراعات الشيعية - الشيعية حول منصب وزارة الداخلية حائلا دون إتمام الاتفاقات بين السنة حول وزارتي الدفاع والتربية والأكراد حول منصب وزير العدل فإن التفكير باتجاه الذهاب إلى المعارضة لا يزال مجرد رسائل ملغومة من قبل هذا الطرف أو ذاك. وفي هذا السياق يقول القيادي في تحالف القرار أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» بأن «من الواضح أن هناك كتلا في (الإصلاح) تعمل لوحدها الآن وتتفاهم مع البقية في وقت نرى نحن فيه أن جلوسنا في المعارضة أفضل في هذه المرحلة»، مضيفا: «نحاول حسم هذا الموضوع في وقت قريب حيث نرى أن بقاءنا في المعارضة هو الأفضل» مبينا أن «هناك جهات تسعى الآن إلى منع هذا الموضوع لأنهم يعتقدون أن المعارضة ستؤثر عليهم كثيرا ولهذا يحاولون إعطاءها أي شيء من أجل المشاركة في الحكومة في حين أن مسيرة الإصلاح تحتاج إلى إعادة نظر مع ميل إلى التوجه للمعارضة».

وبشأن العلاقة بين «الإصلاح» و«البناء»، يقول النجيفي: «هناك تفاهم كبير بين (الفتح) و(سائرون) لكن هناك عدم وضوح حيث هناك جهات داخل (الإصلاح) تتفاهم مع جهات داخل (البناء) وهذا يؤثر على التفاهم مع الكتل نفسها وبالتالي فإننا نرغب أن تكون الأمور واضحة بحيث يكون هناك حسم لهذا الموضوع».

بدوره، يرى القيادي في تحالف الإصلاح، حيدر الملا، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «كل التحالفات التي تشكلت بعد انتخابات عام 2018 تمتاز بالهشاشة والسبب في ذلك أن تلك التحالفات جرت طبقا لمعايير وأسس تختلف عن كل التفاهمات التي تشكلت بموجبها التحالفات من 2003 إلى 2018»، مبينا أن «التحالفات السابقة كانت تبنى على أساس المثلث الشيعي - السني - الكردي وكانت تسعى لخلق مظلة شيعية لكل الشيعة ومظلة سنية لكل السنة ومظلة كردية لكل الكرد وداخل كل هذه المظلات هناك تفاهمات داخلية لكنها لا تخرج عن الثوابت»، موضحا أنه «بعد انتخابات عام 2018 ظهرت معايير جديدة ومظلات جديدة كسرت الأطر الطائفية والإثنية وبنت تفاهمات جديدة يؤطرها مشروع وطني عام». وأوضح الملا أن «السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل قناعات كل الذين اندرجوا تحت هذه المظلات هم مؤمنون بها؟ الحقيقة أن الجواب سلبي»، مشيرا إلى «أننا حيال أسس جديدة للتحالفات من فضاء طائفي بحت إلى فضاءات وطنية».