|
|
Date: Apr 15, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
السودان نحو حكومة مدنية برئاسة شخصية مستقلة |
رجل الأمن المثير للجدل صلاح قوش... استقالة أم إقالة؟ |
الخرطوم: أحمد يونس
دعا المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان، أمس، القوى المدنية إلى التوافق على شخصية «مستقلة» تتولى رئاسة «حكومة مدنية»، وذلك بعد 3 أيام من إطاحة الرئيس عمر البشير ونائبه عوض بن عوف الذي خلفه الخميس واستقال الجمعة. وأعلن المجلس إحالة بن عوف إلى التقاعد، فيما عيّن الفريق أبو بكر مصطفى مديراً جديداً لجهاز الأمن والمخابرات، خلفاً لصلاح قوش الذي أُقيل أول من أمس باعتباره أحد أكبر رموز النظام السابق.
في غضون ذلك، عبّرت وزارة الخارجية السودانية عن تقديرها للدول العربية التي أيدت وساندت السودان، وذلك استجابة للمواقف الداعمة التي أعلنتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن، وغيرها من الدول العربية، فيما وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتقديم «حزمة من المساعدات الإنسانية للسودان، تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية».
بدوره، وجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بالتواصل مع المجلس العسكري الانتقالي لبحث مجالات المساعدة للشعب السوداني.
وأيدت جامعة الدول العربية في بيان أمس، الخطوات التي أعلنها المجلس العسكري، قائلة، إنها تؤيد «الخطوات المهمة التي أعلنها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان بشأن تحقيق الانتقال السياسي، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها (القوى السياسية والمدنية السودانية)، للتوصل إلى وفاق وطني».
من جانبه، أطلع أمس نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان الملقب بـ«حميدتي»، القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم ستيفن كوتسيس، على الوضع الأمني.
وشهدت ساحة الاعتصام في الخرطوم أمس، إقامة «قداس الأحد» الذي نظمه المسيحيون أسوة بصلاة الجمعة التي يؤديها المسلمون في الميدان، تعبيراً عن التسامح الديني ومشاركة كل معتنقي الديانات في الحراك الشعبي.
المجلس العسكري السوداني يطلب من القوى السياسية اختيار أعضاء الحكومة
عيّن مديراً جديداً لجهاز «الأمن والمخابرات» وأطلق سراح ضباط معتقلين
أعلن المجلس العسكري السوداني، مساء أمس، مجموعة من القرارات، شملت تعيين أبو بكر مصطفى مديراً لجهاز الأمن والمخابرات، خلفاً لصلاح قوش، الذي أُقيل أول من أمس باعتباره أحد أكبر رموز النظام السابق. ودعا المجلس القوى المدنية إلى التوافق على شخصية «مستقلة» تتولى رئاسة «حكومة مدنية»، وذلك بعد 3 أيام من إطاحة الرئيس عمر البشير.
وقال المتحدث باسم المجلس الفريق ركن شمس الدين الكباشي للصحافيين، إن الكرة الآن «في ملعب القوى السياسية، فيما يتعلق باختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة المدنية»، مؤكداً أن حزب «المؤتمر الوطني» (حزب الرئيس المخلوع عمر البشير) لن يشارك في الحكومة الانتقالية. وأضاف أنه كان هناك «قرار لنظام المخلوع بفضّ الاعتصام بالقوة، وهذا ما دعانا للتدخل»، موضحاً أن المجلس سيشكّل «لجنة لتسلم أصول الحزب الحاكم السابق». وفي ردٍ على سؤال حول إمكانية فض الاعتصام بالقوة، قال الكباشي: «لو كنا نود أن نلجأ للقوة لما لجأنا إلى التغيير». وأعلن المجلس إطلاق سراح جميع ضباط الجيش والشرطة الذين شاركوا في الاحتجاجات، بينما أعفى سفيري السودان في واشنطن وجنيف من منصبيهما.
في غضون ذلك، غابت قوى المعارضة الرئيسية عن اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي، الذي يحكم البلاد منذ عزل الرئيس البشير، طلب فيه ترشيح «شخصية» وطنية ذات كفاءة ومقبولة، لتولي رئاسة الوزارة الانتقالية، فيما جدد «تجمع المهنيين السودانيين» تمسكه بحكومة انتقالية مدنية، ومحاسبة رموز النظام ورأسه، وحلّ حزبه، ومصادرة أمواله وأصوله. ودعا عضو المجلس الفريق أول ياسر عبد الرحمن العطا الأحزاب السودانية للتوافق على «شخصية وطنية» لرئاسة الوزارة، وقال: «نفضل أن تكون شخصية مستقلة»، وطلب تكوين «لجنة تنسيقية» مشتركة بين القوى السياسية لتحقيق رغبات الشعب.
بدوره، كشف رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الفريق أول عمر زين العابدين أسرار إطاحة البشير، وقال: «رأت القيادة الأمنية في البلاد عزل البشير، لأنه فشل في تلبية المطالب، واعتمد على (الحلول الأمنية) بمواجهة المحتجين السلميين». وأوضح أن القيادات الأمنية قررت «عزل» البشير، وجاء اقتراح «العزل» من مدير جهاز الأمن صلاح عبد الله، ونائبه جلال الشيخ عضو المجلس العسكري الانتقالي. وشاركت في الاجتماع «أحزاب الحوار»، وهي أحزاب حليفة لحزب المؤتمر الوطني، الذي يترأسه البشير، فيما شوهد الأمين السياسي للحزب، الذي تطالب المعارضة بحلّه، عمر باسان، إلى جانب «خال» الرئيس المعزول الطيب مصطفى، الذي غادر الاجتماع قبل نهايته.
وهتف عدد من الحضور «حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب»، وطلبوا من المجلس حلّ حزب البشير، ومصادرة ممتلكاته ومحاكمة رموزه، وقال مشارك: «هذا الاجتماع يمثل النظام السابق، وكل الوجوه المشاركة فيه هي الوجوه القديمة». فيما وصف سليمان أرو، من حزب «الشرق» الثورة السودانية بأنها «جراحة دقيقة، نفذها أبناؤنا لإزالة ضرس آلمنا طوال 30 سنة»، قاصداً بذلك نظام الإنقاذ.
وحيّا عضو المجلس ياسر العطا الثورة السودانية، وقال: «أحيي كل من خططوا ونفذوا الحراك الشعبي الأصيل داخل السودان وخارجه»، وتابع: «سيتحدث التاريخ عن ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة لدهور من الزمان، لأنها ستضع أسس الدولة السودانية الحديثة».
من جهته، جدّد «تجمع المهنيين السودانيين» تمسكه بمواصلة الاعتصام، وممارسة أشكال الضغوط السلمية كافة، لتحقيق أهداف الثورة الواردة في إعلان «الحرية والتغيير»، وتسليم السلطة فوراً لحكومة انتقالية مدنية. وبحسب بيان صادر عن التجمع الذي قاد الثورة، فإن الحكومة الانتقالية ستلقي القبض على البشير، ومدير جهاز الأمن صلاح قوش الحالي، ومديريه السابقين (نافع علي نافع، محمد عطا المولى، قطبي المهدي)، وقادة حزب المؤتمر الوطني، والوزراء المركزيين والولائيين، ومديري انقلاب الإنقاذ، وكل من أجرم في حق الشعب، وتقدمهم للمحاكمة، تحت تهم تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب على الدولة، وقتل المعارضين والمواطنين، وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور وجبال النوبة والأنقسنا والنيل الأزرق.
وأوضح البيان أن تهماً تتعلق بالخيانة العظمى بفصل جنوب السودان، ورعاية الفساد، والإثراء الشخصي والأسريّ، وتدمير الاقتصاد، وتخريب علاقات السودان الخارجية، ستوجه لهم. وتعهد التجمع بإطلاق سراح المعتقلين، وضباط، وضباط صف، وجنود القوات المسلحة، الذين انحازوا للثورة، إضافة إلى حجز ممتلكات وأصول وحسابات حزب المؤتمر الوطني ودوره ومقراته. وقال البيان إن الحكومة الانتقالية ستقيل النائب العام، ورئيس القضاء، ورؤساء الأجهزة القضائية، وتحل النقابات والاتحادات المهنية، وتضع يدها على أصولها وحساباتها، وتغيّر التمثيل الدبلوماسي الخارجي.
وشهدت ساحة الاعتصام اليوم إقامة «قداس الأحد»، الذي نظمه مسيحيون، أسوة بصلاة الجمعة التي يؤديها المسلمون في الميدان، تعبيراً عن التسامح الديني ومشاركة كل معتنقي الديانات في الثورة.
كما نظّم «تجمع المهنيين» مخاطبة جماهيرية، تلا خلالها رؤيته للمرحلة، فيما نظّم مطربون حفلات غنائية للترفيه عن المعتصمين.
رجل الأمن المثير للجدل صلاح قوش... استقالة أم إقالة؟
كان مقرباً من زعيم «القاعدة» أثناء إقامته في السودان
لندن: مصطفى سري
رحبت القوى المدنية والشارع السوداني بإقالة رئيس جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله، المعروف باسم «قوش»، باعتباره كان رأس الجهاز سيئ الصيت الذي يعتبره السودانيون مسؤولاً عن غالبية الجرائم التي تمت في حقهم.
لكن «استقالة» قوش، أول من أمس، التي قبلها رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان، جاءت بضغط الشارع الذي رفض التعامل مع قوش وطالب بإبعاده فوراً باعتباره كان من أبشع رموز نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، فضلاً عن القمع العنيف الذي مارسه ضد الحراك الشعبي الأخير الذي بدأ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واتهام جهازه بقتل العشرات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. ويرى الكثيرون أن لقوش طموحات جعلته يتطلع إلى كرسي الرئاسة، ربما لاعتقاده أن أصدقاءه في المخابرات الأميركية «سي آي إيه» سيساعدونه في الوصول إلى القصر.
ولد قوش عام 1957 في بلدة «البلل»، شمال السودان، ثم انتقلت أسرته إلى مدينة بورتسودان الساحلية، وتخرج في كلية الهندسة في جامعة الخرطوم، حيث كان له نشاط سياسي ضمن جماعة «الإخوان المسلمين» ودخل اتحاد الطلاب في الجامعة، وعمل في المكتب الأمني التابع لتنظيم «الإخوان» في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لقيادته.
وبعد تخرجه، واصل عمله الاستخباراتي ضمن «الجبهة الإسلامية القومية» بزعامة حسن الترابي، وبعد استيلاء التنظيم على السلطة عبر الانقلاب العسكري في 30 يونيو (حزيران) 1989 التحق قوش بجهاز الأمن والمخابرات برتبة رائد. وتدرج في الرتب حتى وصل إلى منصب نائب مدير العمليات، وهو القسم الذي يقوم بعمليات خاصة توصف بالخطيرة، لكن بعد سنوات تم إبعاده من الجهاز بعد اتهامه بالمشاركة في التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس المصري حينها، حسني مبارك، وتم تعيينه مديراً لمصنع اليرموك الذي قصفته إسرائيل لاعتقادها أن المصنع تابع إلى إيران.
كما يُعتقد أن قوش كان مقرباً من زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن الذي استضافته الخرطوم في منتصف التسعينات حتى عام 1998. وتردد أن قوش كان مسؤولاً عن تحركات بن لادن، كما يُعتقد أنه هو الذي اعتقل الإرهابي الفنزويلي كارلوس في الخرطوم في أغسطس (آب) 1994 رغم أن النظام السابق هو الذي كان استضافه لفترة من الزمن قبل أن يسلمه للحكومة الفرنسية.
وفي تطور مفاجئ أقال البشير مدير استخباراته 2009 وعينه مستشاراً أمنياً له، ثم أبعده لدخوله البرلمان نائباً عن دائرة «مروي». وفي 2012 تم القبض عليه واتهامه بالمشاركة في محاولة لقلب نظام البشير مع 13 ضابطاً من الجيش وجهاز الأمن، الذي عُرف بانقلاب «ود إبراهيم»، قائد الحرس الرئاسي وقتها، العميد محمد إبراهيم. ومكث قوش في المعتقل نحو عام ثم أُطلق سراحه في 2013 وعاد إلى البرلمان مرة أخرى في 2015.
وكان قوش قد لعب دوراً محورياً في الخلاف الذي وقع بين البشير والترابي في عام 1999 حين انحاز إلى البشير وسعى إلى القضاء على مجموعة الترابي، وضيّق عليها الخناق واعتقل كوادر كثيرة مقربة من الترابي.
واشتهر قوش بالفظاظة والبطش ضد القوى السياسية المعارضة، ويعتقد أنه أحد الذين أنشأوا البيوت السرية التي اشتهرت باسم «بيوت الأشباح»، والتي مورست فيها أبشع أنواع التعذيب. كما أنه حوّل جهاز الأمن إلى دولة داخل الدولة من حيث التسليح والميزانية الضخمة التي لا تُعرض على البرلمان، فضلاً عن الشركات التي يملكها الجهاز والتي خلقت له قاعدة اقتصادية كبيرة تعمل في كل المجالات، بما فيها المواد الغذائية.
وبرز اسم قوش عالمياً خلال تعاونه الوثيق مع جهاز المخابرات الأميركي «سي آي إيه» بعد أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 حين سلم ملفات ومعلومات مهمة إلى الولايات المتحدة عن تنظيم «القاعدة».
البرهان يتعهد اجتثاث نظام البشير ورموزه وتشكيل حكومة مدنية
قبِل استقالة قوش وعيّن حميدتي نائباً له وقوى الشارع والمعارضة ستواصل الاعتصام
الأحد 14 أبريل 2019
الخرطوم: أحمد يونس
تعهد رئيس «المجلس العسكري الانتقالي» السوداني الجديد، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بـ«اجتثاث» نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ورموزه، وتشكيل «حكومة مدنية» متفق عليها مع المعارضة، وأعلن فترة انتقالية لمدة عامين حدا أقصى. من جهته، بينما تمسك تحالف «قوى الإجماع الوطني» المعارض، بمواصلة الاعتصام لحين انتقال السلطة لحكومة مدنية، قبل مبدأ التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي الذي يقوده الفريق أول البرهان.
وألغى البرهان حظر التجول الليلي، الذي فرضه سلفه عوض بن عوف. وعين قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان «حميدتي» نائباً له، وقبل استقالة مدير جهاز الأمن صلاح «قوش»، وذلك في أول أيام توليه لمهام منصبه.
وأكد البرهان الذي كان يتولى منصب مفتش عام القوات المسلحة، أنه سيعمل على توفير الخدمات ومحاكمة كل من يثبت تورطه في مقتل المتظاهرين، ووعد بتفكيك الواجهات الحكومية وغير الحكومية والحزبية للنظام البائد، وتعهد بـ«اجتثاث نظام الرئيس البشير». وأضاف: «آمر بإطلاق سراح جميع من تمت محاكمتهم بموجب قانون الطوارئ أو أي قانون آخر بسبب المشاركة في المظاهرات، كل من يثبت تورطه في قتل المتظاهرين ستتم محاكمته».
وتعهد البرهان بتسيير المرحلة الانتقالية التي أعقبت عزل الرئيس السابق عمر البشير، من خلال العمل على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد واجتثاث النظام السابق ورموزه من جذوره. وعين البرهان قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي» نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، بعد أن كان قد رفض المشاركة في المجلس الانتقالي الذي عينه رئيس المجلس السابق عوض بن عوف.
وأكد حميدتي استمرار قواته في العمل على حفظ وحدة السودان واحترام حقوق الإنسان، وانحيازها لمطالب الشعب بنقل السلطة لحكومة انتقالية مدنية، وأن تظل «جزءا من القوات المسلحة»، معلنا رفضه لأي حلول لا ترضي الشعب السوداني.
وأدى الفريق أول عبد الفتاح البرهان أمس اليمين الدستورية، رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي الذي «خلع» الرئيس البشير، وترأسه لأقل من يوم النائب الأول للبشير ووزير دفاعه عوض بن عوف، الذي واجه رفضاً شعبياً واسعاً أجبره على التنحي، وإقالة نائبه رئيس هيئة الأركان السابق كمال عبد المعروف.
كما قبل البرهان الاستقالة التي تقدم بها رئيس جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله الشهير بـ«قوش» أمس، وذلك في أعقاب استقالة ابن عوف وعبد المعروف.
وشغل قوش منصب مدير جهاز الأمن والمخابرات لفترتين، تخللتهما فترة شغل فيها منصب «رئيس مجلس الأمن القومي»، ثم مستشارا أمنيا للبشير، قبل أن يوضع في السجن 2012 بتهمة مشاركته في تدبير انقلاب عسكري ضد حكم الرئيس البشير، وأفرج عنه بعفو رئاسي، قبل أن يعاد تعيينه مديرا لجهاز الأمن في المرة الثانية.
من جهته، تمسك تحالف «قوى الإجماع الوطني» المعارض، بمواصلة الاعتصام لحين انتقال السلطة لحكومة مدنية، بيد أنه قبل مبدأ التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي الذي يقوده الفريق أول البرهان.
وقال التحالف في مؤتمر صحافي أمس، إن على الجيش ضمان انتقال السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية يكونها مجلسه القيادي، وفترة انتقالية مدتها أربع سنوات يتأسس خلالها حكم ديمقراطي، وتفكك «الدولة العميقة».
من جهته، كشف «تجمع المهنيين السودانيين» الذي تنسب له المبادرة بتنظيم وقيادة الاحتجاجات التي أدت لإسقاط حكم الرئيس عمر البشير، تكوين «فريق تفاوض» رسمي، يضم كلا من «محمد ناجي الأصم، وطه عثمان إسحاق، وأحمد ربيع سيد أحمد، وإبراهيم حسب الله عبد المولى، وقمرية عمر محمد حسين، ومحمد الأمين عبد العزيز».
وينتظر أن يلتقي بعض أعضاء الفريق المجلس العسكري الانتقالي والفريق البرهان ضمن فريق مكون من ممثلين من «قوى إعلان الحرية والتغيير».
من جهتها، قالت «قوى الحرية والتغيير»، إنها تلقت دعوة من القوات المسلحة للاجتماع بالقوات المسلحة، وقررت تلبيتها للتفاوض على تنفيذ بنود «إعلان الحرية والتغيير»، وكونت وفدا من كل من «عمر الدقير، ومريم المهدي، وصديق يوسف، وعلي الريح السنهوري، ومحمد ناجي الأصم، والطيب العباسي، وحسن عبد العاطي، ومدني عباس مدني».
ويقود «تجمع المهنيين السودانيين» وأحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء «قوى الحرية والتغيير» الاحتجاجات التي تجتاح البلاد منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأفلحت في إطاحة حكومة الرئيس عمر البشير، بانحياز قوات من الجيش مع الشعب.
وقرر الفريق أول عوض بن عوف، الذي كان يشغل منصب النائب الأول للبشير ووزير الدفاع في حكومته، الاستيلاء على الحكومة صباح الجمعة وتكوين مجلس عسكري انتقالي، ولكن الرجل واجه رفضاً شعبياً و«عسكرياً» كبيراً اضطره للتنحي وترك رئاسة المجلس للفريق عبد الفتاح البرهان.
ورغم إعلان انحياز الجيش للشعب، فإن مئات الآلاف من السودانيين لا يزالون معتصمين في «شارع الجيش» قبالة القيادة العامة للقوات المسلحة منذ السبت الماضي، وهو ما أجبر الجيش للانحياز لهم.
وشهدت ساحة الاعتصام محاولات كثيرة لفضه، وشنت قوات تابعة لجهاز الأمن السوداني، خمس عمليات اقتحام ليلية صبيحة الأربعاء والجمعة الماضيين، أدت إلى مقتل 16 شخصا، بينهم 5 من جنود الجيش تصدوا للقوات المهاجمة لحماية المتظاهرين، في مخالفة واضحة للأوامر العسكرية.
وفي أول رد فعل منذ الإطاحة بحكمه، وصف حزب المؤتمر الوطني، الذي يتزعمه الرئيس المعزول عمر البشير، ما قام به «المجلس العسكري الانتقالي» بأنه «انتهاك للشرعية».
وبحسب بيان نشره المتحدث باسمه إبراهيم الصديق أمس، فإن الحزب أعلن رفضه لما سماه «اعتقال قياداته ورئيسه المفوض وعدد كبير من رموزه»، وطالب بإطلاق سراحهم على الفور.
وتطالب قوى المعارضة وتحالف المهنيين السودانيين، بحل حزب المؤتمر الوطني، ومحاكمة قادته ومصادرة ممتلكاته، باعتباره المسؤول عن مرحلة حكم الرئيس عمر البشير.
وأنشئ الحزب الذي ظل يهيمن على المشهد السياسي في السودان منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كإطار واجهي لحركة «الإخوان المسلمين» باسمها السوداني «الحركة الإسلامية» بقيادة الراحل حسن الترابي، قبل أن تنشق إلى مؤتمرين «الوطني بقيادة البشير، والشعبي بقيادة الترابي»، ثم خاضا مواجهات ساخنة على أثر قرارات التاسع من رمضان 1999 التي حل بموجبها الرئيس البشير المجلس الوطني ووضع عراب الإسلاميين الترابي في السجن.
ولاحقاً عاد الحزبان للعمل معاً، تحت اسم الحوار الوطني، وحتى سقوط حكم البشير، كان حزب الترابي جزءا من الحكومة، ويتبوأ عضو قيادته إبراهيم السنوسي منصب «مساعد البشير»، ويحتكم على وزارات وعدد من نواب البرلمان.
من جهته، طالب السياسي البارز ورئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل المهدي، بتسليم الرئيس المعزول عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية، وحل حزب المؤتمر الوطني، والقبض على قادته وتقديمهم للمحاكمة، واستعادة أموال الدولة منهم.
وقال الفاضل في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن حزبه يطالب بتشكيل مجالس انتقالية رئاسية انتقالية، ومجلس تشريعي وحكم اتحادي من خمسة أقاليم، واستعادة أموال وممتلكات الدولة المنهوبة والقبض على «سارقيها»، والعودة للعمل بدستور 2005 الانتقالي بعد تنقيحه، فضلا عن إلغاء القوانين المقيدة للحريات. |
|