Date: Apr 12, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
محكمة الجنايات الدولية تطالب باسترداد البشير
لندن: «الشرق الأوسط»
طالبت المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية بتسليم الرئيس عمر حسن البشير، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الذي يلزم السلطات السودانية بالتعاون مع المحكمة، حسبما صرح به فادي العبد لله، المتحدث باسم المحكمة التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً لها. ومع إقالة الجيش السوداني البشير واعتقاله، أمس، بعد ثلاثة عقود من إمساكه بالسلطة بقبضة حديدية، فتح الباب واسعاً أمام ملف قديم - جديد، هو إمكانية مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه منذ سنوات بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، قبل عقد من الزمن مذكرتي توقيف بحقه، وطلبت عبثاً من دول كثيرة زارها البشير في السنوات الأخيرة اعتقاله. ففي مارس (آذار) 2005، كلف مجلس الأمن الدولي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق بشأن جرائم يُحتمل أن تكون ارتكبت في دارفور، الإقليم الشاسع في غرب السودان.

أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية في 2002 لمحاكمة المتهمين بارتكاب أفظع الجرائم في العالم، ولكنها لا تملك قوة شرطة خاصة بها للقبض على المتهمين الذين تلاحقهم. وبسبب نقطة الضعف هذه، تجد المحكمة نفسها رهن حسن نيات الدول فيما يتعلق بتنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها. ومنذ 2003 يشهد الإقليم، الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا، نزاعاً مسلحاً بين قوات الخرطوم من جهة ومتمردين من أقليات إثنية يتهمون نظام البشير بتهميشهم. وخلّفت الحرب الدائرة في الإقليم أكثر من 300 ألف قتيل و2.5 مليون مشرد، وفقاً للأمم المتحدة. وخلص التحقيق الذي أجرته المحكمة إلى أن الرئيس البشير ومعه «قادة سودانيون كبار آخرون، اعتمدوا خطة مشتركة لشن حملة لمكافحة التمرد»، الذي خاضته ضد الخرطوم جماعات مسلحة كثيرة في دارفور.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 2009 و2010 مذكرتي توقيف بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وكذلك أيضاً إبادة جماعية، وهي التهمة الأخطر على الإطلاق في القانون الدولي، وذلك خلال النزاع في دارفور بين عامي 2003 و2008.

والبشير هو أول رئيس دولة في العالم تصدر بحقه المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف خلال مزاولته مهام منصبه، كما أنه أول شخص على الإطلاق تتهمه المحكمة بارتكاب إبادة جماعية. ومن بين الجرائم المتهم بها البشير القتل والاغتصاب والتعذيب والنهب والترحيل القسري. وخلصت المحكمة على وجه الخصوص إلى أن «هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن عمر البشير تصرف بنية محددة هي القضاء» على جماعات عرقية مختلفة. ولكن الرئيس المخلوع، البالغ من العمر 75 عاماً، نفى على الدوام وبشدة اتهامات المحكمة.

وخلال العقد الماضي، رفضت دول كثيرة أعضاء في «معاهدة روما» التي أُنشئت بموجبها المحكمة تنفيذ أمر الاعتقال الصادر بحق البشير واعتقاله، مما أتاح للرئيس السوداني مواصلة السفر إلى دول كثيرة من دون أن يساوره أي قلق.

ونظرت المحكمة خصوصاً في حالتين بهذا الشأن تتعلقان بزيارتين قام بهما البشير إلى جنوب أفريقيا والأردن، وهما عضوان في معاهدة روما، من دون أن يعتقله أي من هذين البلدين. وفي 2017 أصدرت الجنائية الدولية قرارين منفصلين اعتبرت فيهما أن بريتوريا وعمان لم تفيا بالتزاماتهما بقرارهما عدم اعتقال البشير عندما كان على أراضيهما، في حكم استأنفه الأردن.

وعندما رفضت جنوب أفريقيا والأردن اعتقال البشير، تذرع البلدان يومها بالحصانة الرئاسية التي يتمتع بها، كونه رئيساً لا يزال في الحكم.

ونظرياً، يفترض أن يساهم خلع البشير في تعزيز فرص تسليمه إلى «الجنائية الدولية» لمحاكمته أمامها في لاهاي. وفي الواقع فإن مصير البشير يتوقف الآن على القادة الجدد للبلاد، بحسب ما تقول فريدريك دي فلامينغ، الباحثة في القانون الجنائي الدولي في جامعة أمستردام. وتوضح الباحثة القانونية بأن القادة الجدد للبلاد «قد يقررون حتى محاكمته» في السودان، وفي هذه الحالة لن يكون للمحكمة الجنائية الدولية أي دور على الإطلاق.