|
|
Date: Apr 8, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
البرلمان الجزائري يستعد لانتخاب رئيس والحراك يطالب باستبعاد البدائل التقليدية |
تزايد الرفض في الشارع لتولي رئيس مجلس الأمة المنصب مؤقتاً |
الجزائر: «الشرق الأوسط»
بدأ البرلمان الجزائري، أمس (الأحد)، سلسلة خطوات لعقد جلسة، غداً (الثلاثاء)، لانتخاب رئيس مؤقت للبلاد، خلفاً لعبد العزيز بوتفليقة الذي تنحى عقب أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة.
في الوقت ذاته، دعا المحامي مصطفى بوشاشي الناشط السياسي الذي يُلقّب بـ«أيقونة الحراك»، خلال محاضرة في جامعة بجاية، إلى التفكير في آليات مباشرة المرحلة الانتقالية في أسرع وقت، لتفادي ما يمكن أن يغير مسار الحراك، الذي اعتبره أكبر مكسب حققه الشعب الجزائري في الداخل والخارج.
وركز بوشاشي في محاضرته التي استقطبت جمعاً غفيراً من الحضور، مساء أول من أمس، على الطابع السلمي للمظاهرات التي «أبهرت العالم».
وقدم بوشاشي عرضاً مفصلاً عن كيفية تسيير المرحلة الانتقالية، واقترح أن تكون البداية بتنصيب رئاسة دولة فردية أو جماعية، مفضلاً أن تكون جماعية متكونة من أربعة إلى خمسة أشخاص من غير المتورطين في الفساد وسوء الإدارة، خلال السنوات العشرين الماضية، على أن يتم اختيار هؤلاء أساساً من المجتمع المدني.
وتثير هذه المطالبات من جانب الحراك مخاوف لدى مراقبين من الخروج عن المسار الدستوري الذي يقتضي اتخاذ إجراءات من داخل البرلمان لانتخاب رئيس موقت للدولة.
وقال بوشاشي إنه ضد سياسة الإقصاء، ودعا إلى حصر مطلب الإقصاء فيمَن وصفهم «عصابة النظام» السابق الذين اتهمهم بتفضيل مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الشعب.
واعتبر بوشاشي أن الجيش «مؤسسة قوية يمكنها أن ترافق الحراك والمرحلة الانتقالية، بشرط أن تواصل في الاستماع للشعب ولا تتدخل في السياسة وحتى تسهم في جعل الشعب هو مَن يختار الرؤساء وليس غيره».
وبرر موقفه من الجيش بإقدامه على المادة 102 من الدستور، وما تبعها من إجراءات، موضحاً رفضه في البداية للاقتصار على تطبيق المادة 102 المقترنة مباشرة بالمادة 104 التي تجعل «الباءات الثلاثة» يبقون في مناصبهم، وهو الأمر المرفوض شعبياً. وأضاف أنه متحفظ حتى على المادة 108 التي تتعلق بالمؤسسات المنتخبة التي لا تعبر اليوم عن رأي الشعب، وبالتالي وجوب حلها.
كما تحدث بوشاشي عن المدة الزمنية للفترة الانتقالية، حيث أبدى معارضة شديدة لدعاة حصرها في ثلاثة أشهر، متهماً هؤلاء بالسعي لقتل الحراك، وقال إن «خطاب هؤلاء لا يستقيم، ولا بد أن يُعطى الوقت الكافي للمجتمع المدني لينظم نفسه من جديد حتى يساير الظرف الجديد». وحذر بوشاشي من إقدام الأحزاب التقليدية على سرقة الثورة الشعبية، لأنها ظلت لأكثر من عشرين سنة وهي في خدمة النظام.
في غضون ذلك، يعقد البرلمان الجزائري بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني)، عند الساعة التاسعة صباح الثلاثاء المقبل، جلسة خاصة للمصادقة على إثبات الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية.
وقبل جلسة البرلمان، تجتمع اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة بإعداد مشروع النظام الداخلي لتسيير أعمال دورة البرلمان.
وقد تم تنصيب «اللجنة البرلمانية المشتركة» من قبل رئيس البرلمان الجزائري عبد القادر بن صالح خلال اجتماع مكتبي غرفتي البرلمان يوم الخميس الماضي، ويرأسها نائب رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، بصفته العضو الأكبر سنّاً.
يُذكر أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أعلن استقالته من منصب رئيس البلاد، الثلاثاء الماضي، على خلفية موجة من الاحتجاجات الواسعة ضد حكمه انطلقت في 22 فبراير (شباط) الماضي إثر إعلان نيته الترشح للولاية الرئاسية الخامسة. وأعقب استقالة بوتفليقة إقرار المجلس الدستوري الجزائري، يوم الأربعاء، بشغور منصب رئيس الجمهورية، بموجب الدستور.
ويتأهب الرئيس الحالي لمجلس الأمة عبد القادر بن صالح ليصبح رئيساً مؤقتاً للجزائر. لكن، شأنه شأن رئيس الوزراء نورالدين بدوي ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي تلقى رسميا استقالة بوتفليقة، يواجه بن صالح ضغوطا من محتجي الحراك الذين يطالبون الرجال الثلاثة بالرحيل باعتبارهم من المؤسسة الحاكمة.
ويريد الحراك هيكلاً سياسياً جديداً بالكامل، ويعتبر بدوي وبلعيز وبن صالح جزءاً من الحرس القديم الذي ساعد على بقاء بوتفليقة في الحكم لمدة 20 عاماً. وخلال الأسابيع التي سبقت الاستقالة، تآكلت الدائرة المقربة من بوتفليقة باستقالة كثير من أقرب حلفائه من مناصب مؤثرة بقطاعي السياسة والأعمال.
«أيقونة الحراك» يطالب بابتعاد قائد الجيش عن السلطة
بوشاشي قال إن على العسكر ألا يتدخلوا في أي خيار سياسي يريده المواطنون
الأحد 07 أبريل 2019
الجزائر: بوعلام غمراسة
قال مراقبون بالجزائر إن إلحاق المخابرات بوزارة الدفاع، بعدما كانت تابعة لرئاسة الجمهورية، سيزيد من إحكام قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، سيطرته على السلطة، ويضعه في «وضع جيد» ليصبح الرئيس الفعلي للبلاد. وفي غضون ذلك شدد المحامي والناشط البارز مصطفى بوشاشي، على أن «يكتفي الجيش بمرافقة المرحلة الانتقالية، وألا يتدخل في أي خيار سياسي يريده الجزائريون».
وأوردت وكالة الأنباء الحكومية، مساء أول من أمس، خبراً مفاده أن مصدراً مقرباً من وزارة الدفاع أعلن عن «إنهاء مهام اللواء عثمان طرطاق، مستشار لدى رئيس الجمهورية، مكلف التنسيق بين المصالح الأمنية». ونقلت الوكالة عن نفس المصدر أن «هذه الهيئة، التي سيّرها السيد طرطاق منذ 2015، صارت تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني».
وتم تعيين طرطاق «منسقاً للمصالح الأمنية»، بمرسوم أصدره الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ولذلك فإن إقالته لا يمكن أن تكون، قانوناً، إلا بمرسوم رئاسي. كما أن الرئيس هو من استحدث «المصالح الأمنية» (عددها ثلاث) عام 2015، وألغى في الوقت نفسه «دائرة الاستعلام والأمن»، التي كانت تابعة لوزارة الدفاع. وإلغاؤها أول من أمس، ثم إعادتها إلى الوزارة نفسها، هو أيضاً من صلاحيات الرئيس، وليس من صلاحيات أي جهة أخرى في الدولة.
ويرجَّح أن قايد صالح، رئيس أركان الجيش والرجل القوي في الجيش، هو مَن أبعد طرطاق وضم مصالحه إلى الدفاع. علماً بأن بين الرجلين خصومة شديدة، وأن صالح كان يخشى أن يُعزل من طرف الرئاسة في عز الحراك الشعبي، لهذا مارس ضغوطاً كبيرة لإبعادهما (بوتفليقة وشقيقه)، وصرح بأنه بذلك «يحقق مطالب الشعب».
ويرى مراقبون أن الخطوة التي أقدم عليها قايد صالح (عزل طرطاق)، تعكس إرادة من جانبه لتعزيز قوته كحاكم فعلي للبلاد، خصوصاً أنه يُعزى إليه «تنحية العصابة من السلطة»، كما قال هو بنفسه في خطاب ناري ضد «جماعة الرئيس»، في الثاني من الشهر الجاري.
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس في مؤتمر صحافي أمس، إنه تعرض «لمضايقات من طرطاق، الذي كلف مجموعة من المخبرين بمراقبتي قرب البيت، ومجموعة أخرى تراقبني قرب الحزب»، الذي يرأسه «طلائع الحريات»، مشيراً إلى أن إقالته «جاءت في إطار التغييرات، التي فرضها الحراك الشعبي».
من جهته، ذكر المحلل السياسي محمد صالحي، وهو برلماني إسلامي سابقاً أن «طرطاق شخص خطير، وكان يجب تنحيته لأنه تآمر على الحراك، وعمل على إجهاضه... أما دستورية طريقة تنحيته من عدمها، فهو أمر جدير بالكلام والأخذ والرد. لكن مكان طرطاق أصلاً هو السجن وذلك بسبب الجرائم الفظيعة، التي ارتكبها في حق الشعب خلال التسعينات (فترة محاربة الإرهاب)، إذ لا يمكن لمجرم أن يكون مسؤولاً عن أمن مواطنيه... فهل يُعقل أن نضع على رأس جهاز الأمن شخصاً لم يكن له همّ سوى ترويع المعارضين بطرق يعرفها الجميع؟ أضف إلى ذلك أن القانون أصلاً لا يسمح بتعيين متقاعد من الجيش على رأس مديرية عسكرية، وبوتفليقة قام بتعيين طرطاق في 2015 نكاية في الجنرال توفيق (مدير المخابرات السابق)، باعتبار أن هذا الأخير هو من طرد طرطاق من المخابرات».
وأضاف صالحي موضحاً: «يبدو أن قيادة الجيش استرجعت صلاحياتها في التعيين وإنهاء المهام، باعتبار أن المنصب تابع للجيش أصلاً وليس للرئاسة. لكن من حق الحراك أن يطالب الجيش بتنحية رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، باعتبار أن هؤلاء يشكلون خطراً على البلاد لأنهم النواة الصلبة لجماعة الرئيس المستقيل».
بدوره، لمح الناشط السياسي مصطفى بوشاشي (أيقونة الحراك) إلى احتمال أن يستأثر صالح بالسلطة، وذلك خلال مؤتمر عقده، أمس، في مدينة بجاية (شرق)، التي تعدّ من أولى المناطق التي ثارت ضد النظام.
فقد صرح بوشاشي بأن الجيش «ينبغي أن يكتفي بمرافقة الانتقال إلى الديمقراطية خلال المرحلة المقبلة. فهو لا يمكنه بأي حال أن يتدخل في السياسة، خصوصاً في ترتيب شؤون السلطة». وعدَّ كلامه موجهاً إلى قايد صالح. مبرزاً أن «الحراك لن يقبل بأي رمز من نظام بوتفليقة أن يتصدر واجهة الأحداث في المستقبل. إذ عليهم أن يرحلوا جميعاً». في إشارة إلى ابن صالح، رئيس الدولة لفترة 90 يوماً حسبما ينص عليه الدستور.
وأيّد بوشاشي مقترح عدد كبير من المتظاهرين بأن يُعهد بقيادة المرحلة الانتقالية إلى «هيئة» تتكون من 5 شخصيات، «مشهود لهم بالنزاهة ونظافة اليد، ولم يسبق لهم أن مارسوا مسؤوليات في الحكومة»، من دون ذكر أي اسم. علماً بأن بوشاشي نفسه من بين الأسماء المطروحة لتولي هذا الدور. غير أنه تحاشى الرد بوضوح على سؤال يخصه هو، طرحه عليه أحد الناشطين في بجاية.
إلى ذلك، اعتقلت الشرطة أمس، عشرات النقابيين في العاصمة، جاءوا من عدة ولايات للتظاهر في مقر «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، لمطالبة أمينه العام عبد المجيد سيدي السعيد بالاستقالة، أسوةً بالرئيس بوتفليقة.
وكان سيدي السعيد طيلة 20 سنة من أشد الموالين لبوتفليقة، وأخضع له النقابة التي ينتسب إليها 3 ملايين عامل، منعهم من تنظيم إضرابات بحجة «الإضرار بالاستقرار الذي تحقق بفضل سياسات الرئيس». |
|