|
|
Date: Apr 6, 2019 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
حفتر يواصل زحفه نحو العاصمة وغوتيريش يغادر «مفطور القلب» بعد لقائه |
هكذا تأهبت طرابلس لـ{الحرب القادمة} |
القاهرة: خالد محمود
واصلت قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، زحفها أمس نحو العاصمة طرابلس، في إطار عملية «طوفان الكرامة»، وذلك في تحدٍ عسكري غير مسبوق لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، والتي يترأسها فائز السراج، وفي غضون ذلك واصلت الأمم المتحدة، والدول الغربية ضغوطها على حفتر لوقف حملته العسكرية الجديدة، التي أطلقها لتحرير العاصمة الليبية طرابلس.
وجرت اشتباكات عنيفة، أمس، في العزيزية قرب العاصمة، بعد معارك كر وفر بين قوات السراج وقوات الجيش التي تقدمت بشكل سريع باتجاه الغرب، وأعلنت سيطرتها على ترهونة، وصولا إلى مطار طرابلس، حسب تقرير إخباري بثته قناة «العربية» الإخبارية أمس.
وفيما قال مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الأسرى لا يتجاوز 68 مقاتلا، نفى الجيش ما أشيع عن سقوط 145 من قواته أسرى في مدينة الزاوية غربي طرابلس. كما تحدث قادة عسكريون في الجيش عن وقوع ما وصفوه بالخيانة من قبل ميليشيات مسلحة موالية لحكومة السراج، يقودها المتشدد أبو عبيدة الزوي، قبل أن تنسحب قوات الجيش ليلا من الموقع، الذي بدا خاليا صباح أمس منها.
واستعادت أمس ميليشيات موالية للسراج من مدينة الزاوية، التي تبعد نحو 20 كيلومترا إلى الغرب، موقع الحاجز المعروف أيضا باسم كوبري 27. بعد «اشتباك قصير». وقال مصدر أمني إنه تمّ أسر عشرات من مقاتلي حفتر ومصادرة آلياتهم، ونشرت صورا لهؤلاء «الأسرى» على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقام السراج رفقة قادة المنطقة الغربية بزيارة إلى الحاجز، الذي سيطرت عليه قواته في موكب مؤلف من نحو عشرين آلية، بينها شاحنات مزودة بمضادات للطائرات، حيث تبادل أطراف الحديث بشكل مقتضب مع المسلحين على الحاجز قبل أن ينطلق باتجاه طرابلس.
وقالت قوة حماية طرابلس الموالية إنها شاركت في استعادة الحاجز، بعدما أعلنت أنها شنت هجوما مضادا لوقف تقدم خصومها. موضحة القوة في بيان عززته بصور فوتوغرافية أن المناطق من الزاوية حتى العزيزية والسراج وإسبيعة هي تحت سيطرة «تجمع قوات المنطقة الدفاعية الغربية وطرابلس والوسطى»، مشيرة إلى أنها استهدفت بعض المواقع لقوات الجيش ودمرت مدرعتين تابعتين لقواته، كما غنمت سيارتين مع وصول التعزيزات لكافة المحاور.
وجاء القتال ليحد من تقدم قوات الجيش أكثر وبوتيرة سريعة من العاصمة طرابلس من عدة محاور، بعدما نجحت في السيطرة على بلدات جنوب طرابلس. وكان اللواء عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليّات المنطقة الغربية في الجيش، قال إن قواته سيطرت من دون قتال على الحاجز العسكري، الواقع على بعد 27 كيلومترا فقط من قلب العاصمة طرابلس عبر مدخلها الغربي، وسط فرار الميليشيات من هناك. كما نشر الجيش مقاطع مصورة لسيطرته على نقطة التفتيش، وشوهد ما لا يقلّ عن 15 شاحنة «بيك - أب» مسلّحة بمضادات للطائرات وعشرات الرجال بملابسهم العسكرية وهم يسيطرون على هذا الحاجز المعروف أيضا باسم «كوبري 27».
وجرت اشتباكات أيضا جنوب مدينة غريان، الواقعة على بعد نحو 100 كلم جنوب العاصمة طرابلس، وزعمت وسائل إعلام محلية أن أحد قيادات الجيش تعرض لإطلاق نار.
ومع ذلك، قال مسؤول عسكري إن قوات الجيش الوطني تواصل ما وصفه بزحفها المنظم إلى محيط وتخوم العاصمة، موضحا أنها وصلت إلى منطقة العزيزية، بعدما سيطرت على بلدتي صبراتة وصرمان الواقعتين على بعد 60 كلم غرب طرابلس.
وإلى جانب هذا التقدم البري على الأرض، نفذت قوات بحرية تابعة للجيش عمليات إنزال بحرية مفاجئة، شملت زوارق القوات البحرية والضفادع البشرية في قاعدة سيدي بلال البحرية، الواقعة 17 كلم غرب العاصمة.
في المقابل، أصدر السراج، باعتباره القائد الأعلى للجيش وفقا لاتفاق «الصخيرات»، أوامره لقادة المناطق العسكرية التابعة له باتخاذ إجراءاتهم برفع درجة الاستعداد القصوى، وإعادة تمركز وحداتهم، كما طالبهم بالتصدي لكل ما يهدد حياة المدنيين والمرافق من الجماعات الإرهابية، والمجموعات الإجرامية والخارجين عن الشرعية.
كما دعا السراج رئيس أركانه الفريق الشريف إلى تكليف رئاسة الأركان الجوية بشكل عاجل بتنفيذ طلعات جوية، واستعمال القوة للتصدي لكل من يهدد حياة المدنيين والمرافق الحيوية، وطالب بقصف «الجماعات الإرهابية والمجموعات الإجرامية والخارجين عن الشرعية والقانون ومهربي الوقود».
ووسط معلومات غير رسمية عن احتمال انضمام قيادات أمنية وعسكرية في حكومة السراج إلى حملة حفتر العسكرية، وتضارب حول سفر وزراء في حكومة السراج إلى الخارج، هدد فتحي باش أغا، وزير الداخلية في الحكومة، بمعاقبة معاونيه من مديري الإدارات بالوزارة حال تعاملهم مع الجيش الوطني. وتوعد أغا في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية، مساعديه باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والتأديبية في حالة الامتثال، أو تنفيذ أي تعليمات أو أوامر، أو قرارات صادرة عن الجيش، الذي وصفه بالقوات الخارجة عن شرعية الدولة أو قياداتها.
في غضون ذلك، طالب المجلس العسكري لثوار مصراتة، في بيان له، السراج بإعطاء أوامر العمليات الفورية، لكافة أمراء المناطق في المنطقة الغربية بهدف مواجهة تحركات حفتر، الذي وصفوه بـالمتمرد المستبد، وقالوا إن أعوانه يتمددون إلى المنطقة الغربية لتنصيبه حاكما على ليبيا، وأنه يمني النفس بدخول العاصمة طرابلس.
وتزامنا مع جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الدولي، أمس، بطلب من بريطانيا، للبحث في الأوضاع الليبية، حسبما أفاد دبلوماسيون، قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، لدى مغادرته ليبيا، بعد مقابلة حفتر: «أغادر ليبيا وقلبي مفطور، وأنا أشعر بقلق عميق. لا أزال آمل بأن نتجنب اندلاع مواجهة دامية داخل طرابلس، وفي محيطها... وهذا أمر ممكن».
ونقلت فضائية العربية أن حفتر أبلغ غوتيريش بأن العملية نحو طرابلس «ستظل مستمرة حتى القضاء على الإرهاب».
في السياق ذاته، دعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في بيان أمس، كافة الأطراف الليبية إلى ضبط النفس، والقيام على الفور بخفض حالة التصعيد الميداني، الناتجة عن التحركات والتحشيدات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا».
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أن تقدم قوات الجيش بقيادة حفتر صوب العاصمة طرابلس يبعث على القلق البالغ، وقال خلال مؤتمر صحافي مع وزيرة خارجية كندا كريستيا فريلاند «إننا نتابع الوضع في ليبيا عن كثب وبكثير من القلق، ونسعى لزيادة التأثير الأوروبي والبريطاني إلى أقصى حد». وأعلن الوزيران أن زحف حفتر على العاصمة سيكون موضع نقاش بين وزراء الدول السبع.
بدورها، قالت ألمانيا التي تولت اعتبارا من الاثنين الماضي، رئاسة مجلس الأمن، على لسان المتحدث باسم حكومتها شتيفن زايبرت، إنه «لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في ليبيا».
في المقابل حذر الكرملين، أمس، من «حمام دم جديد» ودعا إلى حل «سلمي وسياسي» للنزاع. إذ قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «نعتبر أن الأمر الأكثر أهمية هو ألا يؤدي أي عمل إلى حمام دم جديد» في ليبيا، لافتا إلى أن موسكو لا تشارك «بأي شكل» في دعم عسكري لقوات المشير خليفة حفتر.
هكذا تأهبت طرابلس لـ{الحرب القادمة}
نزوح جماعي وارتفاع في الأسعار... ومخاوف من تفاقم الأوضاع
القاهرة: جمال جوهر
عاش سكان العاصمة الليبية طرابلس أمس يوما استثنائيا، اكتسى بالخوف والذعر من احتمال دخول قوات الجيش الوطني مدينتهم، فضلاً عن نزوح جماعي، وارتفاع مفاجئ في أسعار السلع، وسط اصطفاف ملحوظ لعموم الميلشيات المسلحة، التي يتبع بعضها المجلس الرئاسي، بقيادة فائز السراج، والبعض الآخر لما كان يعرف بـ«فجر ليبيا»، استعداداً لمواجهة ما سموه «الحرب القادمة».
وتهيأت العاصمة، التي ينظر إليها على أنها من أكبر مخازن السلاح في البلاد، بعد يومين من العملية التي أطلقها حفتر «لتحريرها من الجماعات الإرهابية» لمواجهة الطارئ الجديد. وأطلع عدد من المواطنين «الشرق الأوسط» على حجم الاستعدادات الأمنية، التي تُجرى من جانب المجموعات المسلحة، خاصة الآتية من مدينة مصراتة الساحلية، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شرق العاصمة.
يقول رائف أمحمد وزاوي، المنتمي إلى ضواحي مصراتة: «هناك تحركات واسعة للواء الصمود، الذي يترأسه صلاح بادي أحد قادة تحالف (فجر ليبيا) السابق، باتجاه جنوب العاصمة، بالإضافة إلى خروج آليات وعتاد بشكل كبير من المدينة إلى وجهات مختلفة».
وأضاف وزاوي، الذي أوضح أنه سبق له أن شارك في الانتفاضة التي أطاحت الرئيس الراحل معمر القذافي في 17 فبراير (شباط) عام 2011، أن السلاح الذي «استحوذوا عليه قبل أكثر من ثمانية أعوام، تم إخراجه بشكل كبير، أمس، قصد استخدامه دفاعاً عن العاصمة». لافتا إلى أن «كثيرا من المواطنين أظهروا أسلحة متوسطة كانت مخبأة في منازلهم، بهدف استخدامها للدفاع عن أنفسهم».
ويوجد في مصراتة ست كتائب تضم أكثر من 200 وحدة، ويمتلك أغلبها عددا من مخازن السلاح والحاويات في مواقع عدة.
وسبق أن رصدت تقارير محلية ودولية حجم السلاح المخزون في مصراتة، وقالت إنها تتنوع ما بين الدبابات والصواريخ بمختلف أنواعها، والأسلحة المتوسطة، بالإضافة إلى قاذفة صواريخ محمولة على شاحنات.
ويقارب عدد سكان طرابلس العاصمة المليون نسمة حسب تعداد عام 2012. ويعاني مواطنوها غالبية الوقت من أزمات اقتصادية، ويشتكون من سطوة الميليشيات المسلحة على مظاهر الحياة العامة، وتغولهم في المصارف، والهيئات القضائية والمؤسسات الحكومية، لكن هناك من يرى أن هذه الحرب التي باتت على الأبواب زادت من مشقتهم».
في هذا السياق، أوضح حميد عبد الوارث أن «المشهد العام في الشارع الطرابلسي يسوده حالة من التخوف وهلع من الحرب»، وقال إن «المواطنين فوجئوا بغلاء الأسعار بشكل مبالغ فيه، أمس، إلى جانب ارتفاع أسعار الدولار مقابل الدينار».
وكشف عبد الوارث، أحد سكان منطقة الشوك (جنوب شرقي طرابلس)، أن «حالة التخوف دفعت بكثير من المواطنين إلى النزوح من جنوب طرابلس باتجاه غرب وشرق العاصمة، لكونها مناطق أكثر أمنا، وأبعد عن الاشتباكات المحتملة». وقال إن «ميليشيات الإخوان دخلت على الخط. فالأزمة وحدت الجميع. كما أن هناك مواطنين بدأوا في حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم».
ويستند السراج في مواجهة الجيش الوطني على 9 ميليشيات مسلحة موالية له، وتقوم منذ توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب نهاية 2015، بحماية الوزارات والمنشآت الحكومية.
ومن أبرز هذه الميليشيات كتيبة «ثوار طرابلس» بقيادة هيثم التاجوري، التي تعد من أكبر الميليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة، بالإضافة إلى كتيبة «النواصي»، بقيادة عائلة قدور، و«قوة الردع الخاصة» بقيادة عبد الرؤوف كارة، ووحدة «أبو سليم» التابعة لجهاز الأمن المركزي، بقيادة عبد الغني الككلي.
ويولي المجلس الرئاسي اهتماماً بدعم «النواصي» و«قوة الردع» الخاصة، وكلتاهما متمركزة في منطقة سوق الجمعة، وتسيطر على المنطقة حول القاعدة البحرية، حيث يوجد المجلس، وتسيطر قوات الردع على المطار العامل الوحيد في العاصمة.
وأمس، أعلنت «قوة حماية طرابلس» عن إطلاق عملية «وادي الدوم 2»، بعدما قالت إن قواتها تمكنت من السيطرة على «كوبري 27 وكامل الطريق الساحلي». وتضم القوة كلا من «قوة الردع الخاصة»، وكتيبة «ثوار طرابلس» والقوة الثامنة (النواصي)، و«قوة الردع والتدخل المشترك أبو سليم»، وكتيبة «باب تاجوراء»، التي تمثل المجموعات المسلحة الرئيسية في طرابلس، والتي اتحدت تحت هذا الاسم خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت في ضواحي الجنوبية للعاصمة في 26 أغسطس (آب) الماضي. |
|