Date: Apr 2, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
«كبار العلماء» بمصر لإقرار مشروع «الأحوال الشخصية» وسط ترقب برلماني
القاهرة: وليد عبد الرحمن
أوشكت هيئة كبار العلماء في مصر على الانتهاء من مراجعة وإقرار باقي مواد مشروع قانون «الأحوال الشخصية»، تمهيداً لإحالته إلى الجهات المعنية. وقالت الهيئة في بيان لها إن «اللجنة الفقهية التي تعمل على مراجعة المواد، سوف تعقد اجتماعها غداً (الأربعاء) للانتهاء من المشروع».

وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قد شكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، لضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة، وصياغة قضايا الأحوال الشخصية الموزعة على أكثر من قانون، في نسق قانوني موحد، يتسم بالتجانس والشمولية.

وأكدت مصادر داخل «كبار العلماء» (أعلى هيئة بالأزهر)، أن «الدكتور الطيب وضع للجنة الفقهية المشكلة الخطوط العريضة، التي كان أبرزها، التأكيد على أن يتضمن مشروع القانون آلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال، بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشكلات الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق».

وانتهت الهيئة برئاسة الدكتور الطيب خلال اجتماعها الأخير مساء أول من أمس، من المراجعة النهائية لثلثي مواد مشروع القانون. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة تضم قامات فقهية وقانونية رفيعة عقدت أكثر من 30 اجتماعاً انتهت خلالها من صياغة مشروع القانون... وتمت معالجة قضايا ومشكلات الواقع».

من جهته، أكد الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن «مقترح مشروع القانون يمنح الفتاة حق اختيار من تريد الزواج به، فضلاً عن وضع شروط لتعدد الزوجات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مشروع القانون يصب في صالح المرأة المصرية، وينص على تقديم نفقة عادلة لها حال الانفصال عن زوجها».

وحدث جدل في البلاد عقب إعلان الدكتور الطيب لرأي في مارس (آذار) الماضي، عَدّ فيه أن «تعدد الزوجات» يمثل «ظلماً للمرأة» ويجب «تقييده بالعدل». وقال خلال برنامجه الأسبوعي على التلفزيون المصري، إن «رخصة تعدد الزوجات لم تأت في آية منفصلة أو حكم مطلق دون تقييد، وإنما وردت في سياق آية قرآنية تدافع عن اليتيمات من الظلم الذي قد يتعرضن له من قبل بعض الأولياء عليهن، وهو ما يجعلنا نستحضر الظلم الذي قد تتعرض له الزوجة الأولى بسبب التعدد، إذا لم يتم الالتزام بالشرط المتعلق به وهو العدل».

وأوضح الطيب حينها أن «التعدد كان موجوداً في المجتمع العربي قبل الإسلام، وجاء الإسلام ليضع حداً لفوضى التعدد التي كانت سائدة، ويضع سقفاً للتعدد، بعدما كان مطلقاً».

ورد الطيب كذلك على الدعوات لتحريم «التعدد بشكل مطلق»، بالتأكيد على أن التعدد في بعض الحالات هو حق طبيعي للرجل، فمثلاً إذا كانت الزوجة لا تنجب والزوج يريد أن تكون له ذرية، فمن حقه أن يتزوج بأخرى؛ لكن عليه ألا يظلم زوجته الأولى، وأن يحرص على أن تنال الاحترام نفسه الذي كانت تلقاه قبل أن يتزوج عليها، كما أن لهذه الزوجة أن تطلب الطلاق للضرر إذا لم تقبل العيش مع زوجة أخرى، ولا يجوز للزوج أن يحبسها. وقال الطيب في لقاء آخر، إن «تناول حقوق المرأة أو الزوجة لا يعني انحيازه أو محاباته لها على حساب الرجل؛ لكنه يحاول تسليط الضوء على بعض النصوص التراثية التي انتبهت لتلك الحقوق».

في حين رجح مراقبون أن يشهد مشروع القانون المقدم من «كبار العلماء» جدلاً داخل مجلس النواب (البرلمان). وقال مصدر في البرلمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «أعضاء المجلس ينتظرون مشروع القانون المقترح للتعرف على مواده»؛ لكنه أكد أن «أعضاء البرلمان يكنون كل التقدير لهيئة كبار العلماء». وسبق أن اعترض النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، على إعداد الأزهر لمشروع القانون، قائلاً في تصريحات له: «الأزهر جهة استطلاع رأي في المسائل الدينية، وقانون الأحوال الشخصية قانون مدني بالدرجة الأولى، فيه مواد تتماس مع الدين، وطبقاً للدستور والمادة الثانية يتم استطلاع رأي الأزهر فيه فقط». كما طالب الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، البرلمان من قبل، باستئناف المناقشات حول قوانين «الأحوال الشخصية» المقدمة من النواب، خاصة أن المجتمع بحاجة لإعادة الاستقرار والسيطرة على ارتفاع معدلات الطلاق. وأشار «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في يوليو (تموز) الماضي، إلى ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 3.2 في المائة لتسجل 198.2 ألف حالة في 2017 مقابل 192 ألف حالة طلاق عام 2016.