| | Date: Mar 18, 2019 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | اتساع نطاق المقاطعة لمشاورات الحكومة الجزائرية | التحضير لـ«مليونية» جديدة الجمعة | الجزائر: بوعلام غمراسة
رفض تكتل يجمع غالبية نقابات التعليم بالجزائر (الذي يمتلك قدرة هائلة على التجنيد)، دعوة رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي للتشاور بهدف تشكيل حكومة جديدة لتجاوز المأزق السياسي الذي تسبب فيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رغم أنه سحب ترشحه لفترة جديدة. وواجه بدوي ونائبه، رمضان لعمامرة نفس الموقف، من رموز الحراك الشعبي الذي يحضر لـ«مليونيات جمعة» جديدة للتعبير عن رفضه حكومة لها صلة ببوتفليقة.
وجاء في وكالة الأنباء الحكومية أن بدوي ونائبه لعمامرة، العائد أمس من موسكو، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين: «بدآ مشاورات لتشكيل حكومة جديدة تضم كفاءات وطنية بانتماءات سياسية ومن دون، على ضوء توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة».
ونقلت الوكالة عن «مصدر مطلع»، أن الحكومة المنتظرة «ستعكس بشكل معتبر الخصوصيات الديموغرافية للمجتمع الجزائري»، من دون توضيح ماذا يعني بـ«خصوصيات ديموغرافية». وبحسب نفس المصدر: «سيتم توسيع المشاورات الجارية لممثلي المجتمع المدني والتشكيلات والشخصيات السياسية، الراغبة في ذلك بغية التوصل إلى تشكيل حكومة منفتحة بشكل واسع».
وقال مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن 6 نقابات من التعليم الثانوي والتقني رفضت لقاء بدوي أمس، بينما وافقت 4 منها على التشاور بشأن الطاقم التنفيذي الجديد. وتتميز هذه النقابات بقدرة كبيرة على تجنيد عمال قطاع التعليم، وشنت عشرات الإضرابات في السنين الأخيرة، وفرضت نفسها كفاعل في الساحة النقابية، بعدما كانت الحكومة تتحاشى التحاور مع قادتها.
وذكر نفس المصدر أن النقابات التي صدت الباب أمام المشاورات، أبلغت بدوي أنها «تسير مع الحراك الشعبي في مطالبه، المتمثلة في رحيل بوتفليقة ورموز النظام، كشرط لأي خطوة أخرى بما في ذلك مسألة تشكيل الحكومة». وفي الحقيقة فإن الحراك الشعبي، الذي اندلع في 22 فبراير (شباط) الماضي، يرفض أيضا أن يكون لبدوي كوزير داخلية سابق، ولعمامرة كوزير خارجية ومستشار لدى الرئيس سابقا، أي دور في الفترة المقبلة.
وحاول بدوي الاقتراب من المحامي البارز مصطفى بوشاشي، ليعرض عليه وزارة، غير أنه لم ينجح. وكان بوشاشي رفض أن يكون ناطقا باسم الحراك. كما رفض كريم طابو رئيس «الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي»، الذي ترفض الحكومة الترخيص له منذ نشأته عام 2012 أن يتحدث باسم الملايين الذين خرجوا إلى الشارع لثلاث جمعات متتالية.
وقال الناشط الإسلامي محمد صالحي، إن حديثا جمعه برموز الحراك «وطرحتُ عليهم ما يُتداول في الشارع، من أنهم يتواصلون مع جهات في السلطة للحديث باسم الحراك، فكذبوا تكذيبا قاطعا أي تواصل مع السلطة التي تقف خلفها الجماعة الحاكمة، وشددوا على أنهم يعتبرون أنفسهم مواطنين عاديين لا يحق لهم أن يتكلموا باسم الحراك، وأن المرحلة تقتضي جذب المزيد من المواطنين والمواطنات إلى الشارع، لتكثيف الضغط على العصابة لتسلّم مقاليد الأمور إلى الشعب».
وكان الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، سابقا، حاول جس نبض قادة سياسيين قريبين من نشطاء الحراك، بغرض ضمهم إلى مسعى تشكيل حكومة، وإقناعهم في وقت لاحق بالمشاركة في «ندوة وطنية» يريدها بوتفليقة لبحث تاريخ رئاسية جديدة، لكنه فشل. ولتحقيق ذلك، التقى بمرشح رئاسية 2004 الطبيب سعيد سعدي، ووزير الإعلام سابقا عبد العزيز رحابي. وبدا واضحا أن الرئيس بوتفليقة عجز عن تنفيذ خطته، بخصوص الاعتماد على الإبراهيمي كشخصية ذات سمعة، لوقف هدير الشارع ضده، أملا في فسحة من الوقت لترتيب نقل السلطة لرئيس جديد. فمئات الشباب الغاضبين، يعتبرون الإبراهيمي منتوج النظام الفاسد.
وتساءل أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «يا ترى ماذا يمكن أن يكون وراء زيارة لعمامرة إلى روسيا الأسبوع الماضي؟ لنتذكر أن أويحيى (رئيس الوزراء المقال) كان قد هدّد، أياما قبل اختفائه: «هل تريدونها أن تكون سوريا؟». ألا تندرج الزيارة في هذا السياق ما دام الأمر متعلقا بإفادة روسيا بالمستجدات على الساحة الجزائرية مباشرة؟ وعليه، الخوف كل الخوف من لجوء الطغمة الحاكمة إلى حماية روسية في سياق خطة قمعية واسعة النطاق مثل تلك التي شهدتها سوريا».
وذكرت ليلى حداد الصحافية الجزائرية المقيمة ببلجيكا، التي أثارت أزمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بسبب بثها فيديو من مقرات الاتحاد عد مسيئا لبوتفليقة: «كيف يستطيع الأخضر الإبراهيمي أن يتحاور مع شباب الحراك وهو في آخر عمره؟ هؤلاء الشباب ليسوا في سنه ولا في سن أبنائه بل في سن أحفاده وأبناء أحفاده. وكيف يُمكنه، وهو الذي قضى ثلاثة أرباع عمره في الخارج أن يحاور شباباً يعيشون في عهد سنابشات وانستغرام؟ ».
في باريس, تجمع آلاف من معارضي النظام الجزائري أمس، وأكدوا أن مظاهرات الأحد ستتواصل حتى «يصغي (النظام الجزائري) للشعب».
وكتب على لافتة بألوان العلم الوطني الجزائري رفعها محتجون في ساحة الجمهورية بباريس: «النصر بشكل سلمي أو السقوط بكرامة». وقدم كثير من المحتجين مع أفراد أسرهم، ملتفين بالعلم الوطني الجزائري، أو ملونين جباههم بألوان العلم.
وإضافة إلى تجمع باريس، نظمت تجمعات مماثلة في مدن فرنسية أخرى. وتجمع نحو 500 محتج تحت المطر في سانت - إتيان (وسط)، رافعين شعار: «حرروا الجزائر». وفي بوردو (جنوب غرب)، تجمع نحو 300 محتج، للأحد الثاني على التوالي، للمطالبة برحيل «النظام»، فيما تظاهر ما بين 200 و250 شخصاً في تولوز. وفي مرسيليا (جنوب شرق)، سجلت مشاركة نحو 200 متظاهر.
ويعيش في فرنسا 760 ألف جزائري، بحسب معهد الإحصاء الفرنسي، ويبلغ عددهم 1.7 مليون نسمة، إذا أضيف إليهم أبناؤهم.
ممثلو الحراك الجزائري يصعّدون احتجاجاتهم... ويرفضون لقاء الإبراهيمي
جمعيات تدعو إلى «تأطير» الغضب الشعبي لبلورة مطالب الشارع بشكل منظم
الأحد 17 مارس 2019
صعّد ممثلو الحراك الجزائري احتجاجاتهم، واستمروا في التظاهر أمس (السبت)، حيث نظم أمس مئات الأشخاص بخراطة (250 كلم شرق) مظاهرة، طالبوا فيها برحيل الرئيس عن الحكم، وعبروا خلالها عن رفضهم تمديد عهدته الرابعة. أما في تيزي وزو (100 كلم شرق)، فقد غادر عدد كبير من العمال شركاتهم وتجمعوا بالساحات العامة، مطالبين بـ«إسقاط النظام».
وخلال مظاهرات أمس (السبت) ندد المتظاهرون بـ«حاشية الرئيس»، وهي محل شبهات فساد، وذكروا بالاسم علي حداد رئيس أكبر تكتل لرجال أعمال، وسيدي السعيد أمين عام النقابة المركزية، الذي واجه أمس بمقرها بالعاصمة ظرفا حالكا، بسبب مظاهرة نظمها ضده كوادر نقابيون طالبوا باستقالته.
في غضون ذلك، رفض أمس ممثلون عن الحراك الشعبي الجزائري مقابلة الأخضر الإبراهيمي في إطار ترتيب انتقال السلطة لرئيس جديد، كما أعلن حزب رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس أنه لن يشارك في «الندوة الوطنية»، التي يفترض أن تعقد قبل نهاية العام لبحث صياغة دستور جديد، وتحديد تاريخ رئاسية جديدة.
وواجه الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية سابقا، صعوبات كبيرة في إقناع رموز المظاهرات الأخيرة بلقائه داخل مقر إقامته بفندق شهير بالعاصمة، حيث رفض العديد منهم أن يؤدي دور ممثل لملايين الجزائريين ممن خرجوا في ثلاث جمع متتالية إلى الشوارع، لمطالبة بوتفليقة بعدم الترشح لولاية خامسة، ثم مطالبته بعد ذلك بالعدول عن محاولة تمديد ولايته الرابعة بعد سحب الترشح. كما رفضوا كل القرارات التي أعلن عنها في 11 من الشهر الجاري، ومنها تنظيم «ندوة وطنية»، زيادة على رفض التعامل مع رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي، ونائبه رمضان لعمامرة.
من جهتها، نفت لويزة حنون، رئيسة «حزب العمال» اليساري ومرشحة انتخابات 2014. في بيان، أخبارا تحدثت عن لقائها بالدبلوماسي الأممي المتقاعد. وقالت إن حزبها «لا يحتاج إلى التذكير بمواقفه التاريخية في اللحظات الحساسة، والمحطات الفارقة في تاريخ الجزائر».
من جانبه، قال العقيد المتقاعد أحمد عظيمي، إن «الحل موجود وبسيط، يتمثل في استقالة الرئيس، وحل البرلمان بغرفتيه، وتعيين شخصية سياسية مستقلة نظيفة ونزيهة، وذات تجربة لتسيير شؤون البلاد لمدة ستة أشهر. ويعين الرئيس المؤقت حكومة من شخصيات مستقلة، تتولى تسيير الشؤون العادية للبلاد، وتحضر الانتخابات الرئاسية تحت إشرافها. وعلى الرئيس المنتخب عقد ندوة وطنية تحضرها كل الأطياف، ويعين لجنة من الخبراء لصياغة مسودة دستور، تعرض للنقاش العام عبر وسائل الإعلام، كما تناقشها الندوة الوطنية، قبل إعادة صياغتها وعرضها للاستفتاء العام. وعلى إثر ذلك يتم انتخاب أعضاء المجلس الوطني، الذي يتولى مناقشة مشاريع مختلف القوانين التي يجب إعادة صياغتها». بدوره، ندد حزب «طلائع الحريات»، الذي يقوده رئيس الوزراء سابقا علي بن فليس، في بيان صدر عقب اجتماع لكوادره بـ«المناورة الهادفة للاستيلاء على المطالب الشعبية، بتحويلها عن مقصدها وإفراغها من محتواها؛ ويقف ضد التحايل المتمثل في الإعلان عن تغييرات جذرية في الحكومة، بينما جاءت التعيينات الأولى معبرة عن إرادة استفزازية، بعيدة كل البعد عن تطلعات الجماهير الشعبية ومناقضة لها».
وأوضح «طلائع الحريات» أن «مضمون الرسالة المنسوبة للرئيس في 11 مارس (آذار)، ينفي كل شرعية للندوة الوطنية المعلن عنها، والموصوفة بالمستقلة لصياغة دستور جديد... دستور لا يمكن أن يصدر سوى عن مجلس منتخب، يحمل تكليفا وتفويضا من الشعب». ويفهم من ذلك أن بن فليس لن يشارك في «الندوة الوطنية» إن عقدت. كما أشار البيان إلى أن «قيمة وشرعية النصوص القانونية، المتعلقة بالإصلاحات المزعومة باطلة، خاصة أنها ستعرض على برلمان فاقد للمصداقية وللشرعية وللتمثيل الشعبي، وراضخ لأوامر النظام السياسي القائم».
في سياق ذي صلة، طالب ممثلو نحو مائة جمعية جزائرية، محسوبة على النظام، خلال اجتماع بالعاصمة أمس بـ«حوار وطني جامع، يهدف إلى تأطير الحراك الشعبي، وبلورة مطالب الشارع الجزائري في إطار منظم وبطريقة فعالة».
وقال طيب قاسمي، الأمين العام «لاتحاد الحركة الجمعوية والمواطنين»، وهو تنظيم يضم عددا كبيرا من الجمعيات تعيش على مساعدة الحكومة، إن المنظمة «رفضت إعداد توصيات للقاء حتى لا يتم اتهامنا بأننا نحاول ركوب موجة الحراك الشعبي، أو أن نكون أوصياء على الشعب الجزائري أو ممثلين عنه». | |
|