Date: Mar 9, 2019
Source: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: نصرالله يلوّح "بكل شيء في المعركة"!
مع ان "معركة مكافحة الفساد" تحولت شعاراً "وطنياً" جامعا يتردد على ألسنة كل المسؤولين والزعامات والقادة السياسيين بما لا يفاجئ أحداً بأي خطاب أو موقف يشدد على التزام هذا الشعار، فان خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس في الذكرى الثلاثين لتأسيس "هيئة دعم المقاومة" اكتسب دلالات مختلفة عن الابعاد التي تتصل بمواقف القوى الاخرى. فاذا كان التزام الحزب عملية مكافحة الفساد لا يلقى أي تحفظ من الناحية المبدئية الصرفة حتى من خصومه، فان المواقف التي اطلقها السيد نصرالله تركت اصداء وظلالاً ملتبسة نظراً الى عامل أساسي أثار تساؤلات عميقة عن الاهداف البعيدة والعميقة للحزب من رفع شعار مكافحة الفساد كمعركة توازي تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي من منطلق التهديدات المبطنة التي أبقت هذا الاتجاه للحزب في اطار استقوائه بميزان القوى المختل لمصلحته. ولم يكن ادل على استقواء السيد نصرالله بعامل القوة الضاغطة الذي غالباً ما لوح به في كل الملفات الداخلية، من ربطه الضمني للمضي في معركة مواجهة الفساد كما يطرحها الحزب بما وصفه في الشق الاول من خطابه بانتصارات محور المقاومة في كل ميادين المنطقة ولا سيما منها لبنان حيث تباهى السيد بـ"الانتصار الكامل ".

وتبعا لذلك تفاوتت التفسيرات لخطاب الامين العام للحزب وتخصيصه الحيز الاكبر منه لموضوع معركة مواجهة الفساد بين الاهداف الداخلية الصرفة المتصلة بتحقيق نقلة نوعية يحتاج اليها الحزب وسط متغيرات يتعرض لتداعياتها اقليمياً ومالياً في ظل حصار العقوبات الاميركية الآخذ في التشدد على ايران والحزب، وأهداف أخرى تتصل باستكمال مد نفوذ الحزب داخلياً وتوسيعه تحت شعار مكافحة الفساد. وبرز الربط الضمني في خطاب نصرالله بين عوامل "الضيق المالي" والاستقواء بالنفوذ الداخلي والاتجاه الى تصعيد النبرة ضد الخصوم في مبادرة الامين العام للحزب أولاً الى السخرية من الذين "راهنوا على رؤية جثة الحزب عند ضفة النهر الاخرى" وقال إن "احزاب المقاومة حسمت المعركة في العراق وفي سوريا كما حسمتها في شكل كامل في لبنان...". وأكد انها "معركة طويلة"، و"إننا أمام مفصل وجود وحالة تهدد البلد. في معركة المقاومة كنا ندافع عن السيادة وخيرات البلد وكرامته وحريته، لكن الانهيار والإفلاس يعني ذهاب الدولة والبلد". وقال إن "لبنان غال لدينا ونحن قدمنا أغلى شبابنا وأبنائنا وقادتنا من أجل العزة والكرامة والسيادة وبقاء هذا الوطن وهذه الدولة، ولا يمكن أن نقف متفرجين من أجل ألا يزعل حزب أو تيار أو فرد، ونترك بلدنا يسير نحو الانهيار". وشدد على أن "هذه واحدة من معاركنا المركزية، فلا تراهنوا على تعبنا. نحن نعرف أننا أمام معركة طويلة ولا نتوقع انجازات سريعة، والشعب يجب أن يعرف أن هذه معركة صعبة وطويلة وتحتاج الى الصبر والصمود، ولا تهمنا السباب والشتائم".

وأضاف: "لا تراهنوا على خوفنا ولا اخافتنا من فتنة وحرب لنسكت أو نتراجع، لكل من يظن أو يشكك أننا في هذه المعركة سنتوقف ولن نمضي الى آخر الخط، عندما نضمن أن بلدنا عبر مرحلة الخطر، فنحن ماضون الى النهاية وبصوت عال أقول يمكنكم أن تتوقعوا من "حزب الله" كل شيء في هذه المعركة ".

وكان لافتاً في خطاب نصرالله دعوته الى "الجهاد بالمال" بسبب صعوبات مالية قد يواجهها الحزب نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليه، متوقعاً ان تتخذ هذه العقوبات منحى متصاعداً. وقال: "أنا أعلن اليوم أن المقاومة في حاجة إلى المساندة والاحتضان الشعبي"، مشيراً الى أن على الهيئة أن تواصل "عملها لتوفر فرصة الجهاد بالمال".

واعتبر أن العقوبات ولوائح الإرهاب هي "جزء من الحرب المالية الاقتصادية والمعنوية" ضد الحزب و"يجب أن نتعاطى معها وكأننا في حرب... قد نواجه بعض الصعوبات وبعض الضيق". وخلص الى أن الدول التي تمارس ضغوطاً على الحزب لن تتمكن "من إفقارنا ولا من تجويعنا ولا من حصارنا"، وأن "من يدعمنا مستمر في دعمنا سواء كانوا دولاً أم شعوباً".

غراندي وعقبات العودة

في غضون ذلك، أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أنه "رغم ان اللاجئين بمعظمهم يرغبون في العودة إلا ان ثمة مخاوف لديهم، ونحن نعمل مع الحكومة السورية بدعم من روسيا ودول أخرى لمعالجة بعض العقبات أمام هذه العودة، خصوصاً في الاطار القانوني وتأمين المسكن والمسائل المتعلقة بالاملاك وتوفير الخدمات، مما يمثل تحديا كبيرا لنا". وقال: "سنواصل العمل لإزالة هذه العقبات وتعزيز وجودنا في سوريا، والصبر مطلوب لأن هذا المسار سيكون تدريجياً ولاننا سنعالج جدياً مخاوف اللاجئين الموجودين خارج سوريا".

وجال غراندي أمس وممثلة المفوضية في لبنان ميراي جيرار على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزيري الخارجية والمغتربين جبران باسيل والشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم.

ودعا الرئيس عون المفوضية السامية الى "مواكبة لبنان في عملية تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم وتعجيلها"، مؤكداً على "استمرار التعاون مع المفوضية والتنسيق مع الادارات اللبنانية المعنية في ملف العودة"، و"أهمية تقديم المساعدات الى النازحين السوريين بعد عودتهم".

وفي قصر بسترس أوضح غراندي أنه "أطلق نداء صارخاً في دمشق للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمات الاخرى، كي تكون في اماكن العودة، مما يرخي جواً من الثقة نحتاج اليه في ظل عودة طوعية كريمة وآمنة".

انتخابات طرابلس

ووسط هذه الاجواء وقع رئيس الجمهورية مرسوماً يقضي بدعوة الهيئات الناخبة في الدائرة الصغرى في طرابلس، الى انتخاب نائب عن المقعد السني الذي شغر بموجب قرار المجلس الدستوري الرقم 10 تاريخ 21/2/2019، يوم الاحد في 14 نيسان المقبل حسب النظام الاكثري. ووقع المرسوم الذي حمل الرقم 4384 تاريخ 7 آذار 2019، رئيس الوزراء سعد الحريري ووزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن.